القضاء التونسي يشدد عقوبة الغنوشي في قضية «تمجيد الإرهاب»

«النهضة» عدَّت الحكم «رغبةً من السلطة في التنكيل بمعارضيها السياسيين»

راشد الغنوشي يتوسط اثنين من قيادات «النهضة» (غيتي)
راشد الغنوشي يتوسط اثنين من قيادات «النهضة» (غيتي)
TT

القضاء التونسي يشدد عقوبة الغنوشي في قضية «تمجيد الإرهاب»

راشد الغنوشي يتوسط اثنين من قيادات «النهضة» (غيتي)
راشد الغنوشي يتوسط اثنين من قيادات «النهضة» (غيتي)

أصدرت الدائرة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية، ليلة الاثنين، حكماً بسجن راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» لمدة 15 شهراً، وتغريمه ألف دينار تونسي (نحو 3333 دولار)، مع إخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة 3 أعوام، وذلك في القضية المرفوعة ضده بتهمة نعت قوات الأمن بـ«الطواغيت»، خلال مراسم دفن أحد قيادات حركة «النهضة».

وقالت مصادر حقوقية تونسية، إن الغنوشي لم يحضر الجلسة، ولم يدفع عنه التهم الموجهة إليه، وذلك بسبب قراره مقاطعة الجلسات القضائية، لاعتباره أن «القضاء موجه»، وأن الأحكام القضائية «جاهزة وذات خلفية سياسية، هدفها التخلص من المنافسين السياسيين للرئيس قيس سعيد، قبل سنة واحدة من إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس»، على حد تعبيره.

تظاهرة لأنصار «النهضة» بعد اعتقال الغنوشي في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

وكانت المحكمة الابتدائية بالعاصمة قد أصدرت في وقت سابق حكماً بالسجن في القضية نفسها لمدة سنة واحدة (12 شهراً)، غير أن محكمة الاستئناف أعلنت مساء أمس تشديد العقوبة، ورفع مدتها في الحكم القضائي ليصبح 15 شهراً، بدل 12 شهراً.

وتعود القضية إلى سنة 2021، حين تقدم نقابي أمني بشكوى اتهم فيها الغنوشي بتمجيد الإرهاب، والإشادة به، والتحريض على الكراهية والتباغض، خلال مراسم تأبينه أحد قيادات حركة «النهضة» بولاية (محافظة) قابس (جنوب شرق)؛ حيث قال إنه قاوم خلال حياته «الطواغيت» في عهدَي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. وعدَّ الشاكي عبارة «الطاغوت» موجهة ضد قوات الأمن التونسية.

صورة أرشيفية للغنوشي وهو يحيي أنصاره بعد استجوابه من قبل قوات الأمن (إ.ب.أ)

وكان الغنوشي قد أحيل في السابق بحال سراح في هذه القضية، غير أن محكمة الاستئناف قررت إقرار إدانة الغنوشي، مع الترفيع في عقوبة السجن من عام واحد إلى 15 شهراً.

يذكر أن الغنوشي وعدداً من الناشطين السياسيين، سواء من قيادات «النهضة»، أو من الأحزاب السياسية التي نشطت قبل سنة 2021، يقبعون حالياً في سجن المرناقية (غربي العاصمة) لعدة أسباب وتهم، أهمها تهمة «التآمر ضد أمن الدولة». كما سبق أن أصدرت إحدى محاكم العاصمة أمراً بسجن الغنوشي يوم 17 أبريل (نيسان) الماضي، إثر اتهامه بالتحريض على حرب أهلية في تونس.

كما يقبع علي العريض ونور الدين البحيري، نائبا الغنوشي في رئاسة حركة «النهضة»، في السجن، وتم تمديد مدة إيقافهم من جديد إثر انقضاء حكم بالسجن لمدة 6 أشهر أولى.

وفي أول رد فعل على هذا القرار، قالت حركة «النهضة» في بيانها: «اليوم الاثنين 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ومن دون حضور الأستاذ راشد أو فريق الدفاع، أصدرت محكمة الاستئناف بتونس العاصمة حكماً بالسجن لمدة 15 شهراً، وغرامة 1000 دينار، ومراقبة إدارية مدة 3 سنوات في قضية ما يعرف بـ(الطاغوت)». وأكد الحزب أن هذه التهمة «باطلة وتخلو من أي أركان قانونية لإثبات جريمة التكفير ضد الأستاذ راشد، باستعمال مصطلح (الطاغوت)، وأن الكلمة تم إخراجها تعسفاً من سياقها»، معتبراً أن الحكم جاء «ليفضح مرة أخرى خضوع أجزاء مهمة من القضاء التونسي لأجندة السلطة التنفيذية، ورغبتها في التنكيل بمعارضيها السياسيين، واستعمالها القضاء سلاحاً ضد كل صوت حر».


مقالات ذات صلة

أفريقيا الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

كشف القاضي فريد بن جحا، الناطق باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية الساحليتين، عن أن قوات حرس الخوافر اكتشفت مؤخراً نحو 20 جثة لفظها البحر نحو محافظة المهدية.

كمال بن يونس (تونس)
شمال افريقيا سنية الدهماني عرفت بانتقادها الشديد للسلطات (الشرق الأوسط)

محكمة تونسية تقضي بسجن إحدى أبرز منتقدات الرئيس

أصدرت محكمة تونسية، الخميس، حكماً بسجن المحامية والمُعلِّقة بوسائل الإعلام سنية الدهماني لمدة عامين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، أكدت فيه أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، ستتم معاينته بصفة قانونية».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)

سعيّد لولاية رئاسية ثانية بغالبية 89 %

صوّت أكثر من 2.7 مليون ناخب، حسب ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاماً 65 في المائة من نسبة المشاركين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
TT

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار في البشر، قبيل تهريبهم عبر البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا.

وتتكرر في ليبيا عملية اعتقال مهاجرين جرى إعدادهم للهرب عبر سواحل ليبيا، من بينها صبراتة (غرب)، كما يجري الكشف عن «تحرير» العشرات من المهاجرين، الذين كانوا مخطوفين في «مخازن وزنازين سرية» تديرها عصابات للاتجار بالبشر.

عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

غير أن العمليات المتكررة لضبط واعتقال أعداد من المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، أو توقيفهم وإعادتهم من البحر المتوسط، تطرح أسئلة كثيرة تتعلق بمدى حقيقة الجهود المبذولة للحد من تسرّبهم إلى أوروبا، والأسباب التي تقف وراء استمرار تدفق المهاجرين عبر الحدود الليبية المترامية.

السلطات الأمنية في غرب ليبيا خلال إنقاذ مهاجرين ضلّوا بالصحراء (وزارة الداخلية)

في سياق ذلك، قالت مديرية أمن صبراتة، الثلاثاء، إن «دوريات التحري والقبض» بمديرية الأمن تمكنت من إحباط عملية تهريب لمهاجرين سريين من جنسيات مختلفة «إثر مداهمة الوكر المُعد لتجميعهم قبل الانطلاق بهم إلى شاطئ البحر». وأوضحت المديرية أن القوات ضبطت 90 شخصاً ينتمون إلى دول أفريقية عدة؛ وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».

وأمام كثرة عمليات التهريب، وازدياد نشاط الاتجار بالبشر، عبَّر مكتب الشؤون الأمنية بمديرية أمن صبراتة عن أمله من المواطنين كافة «التعاون التام، والوقوف مع الجهات الضبطية لمحاربة هذه الظاهرة، من خلال تقديم المعلومة عبر الهاتف، أو الحضور الشخصي إلى قسم البحث الجنائي».

وتعاني ليبيا من التأثيرات السلبية لملف الهجرة غير النظامية، وتعمل مع «المنظمة الدولية للهجرة» بشكل موسع على ترحيل آلاف المهاجرين إلى بلدانهم، وفق برنامج «الهجرة الطوعية». وقد رصدت المنظمة، في وقت سابق ترحيل 80 ألف مهاجر غير نظامي، ينتمون إلى 49 دولة أفريقية وآسيوية، من ليبيا إلى دولهم الأصلية منذ عام 2015، بدعم من البرنامج الأممي.

اعتقال مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

في شأن آخر، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن دورية أمنية تابعة للقاطع الأمني الصحراوي القريات تمكنت من إنقاذ 13 مهاجراً غير نظامي من جنسيات أفريقية مختلفة، مشيرةً إلى أنهم كانوا تائهين في منطقة (الحمادة الحمراء)، بعد أن تقطّعت بهم السبل.

ونوهت الوزارة إلى أنه تم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، ونقلهم إلى مقر القاطع الأمني بالقريات، حيث سيتم إحالتهم إلى جهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وسبق أن عثرت السلطات الليبية غير مرة على جثث لعابري الحدود تقطعت بهم السبل في الصحراء، بعد أن ضلوا طريقهم. ويمثل المهاجرون غير النظاميين العدد الأكبر في هؤلاء الضحايا، نظراً لإقدامهم على الهروب إلى ليبيا عبر الصحراء المترامية.