استمرار القطيعة بين الجزائر ومدريد بسبب نزاع الصحراء

«تضارب المصالح» أدى إلى ارتفاع سعر الغاز المصدَر لإسبانيا

منشأة غازية بصحراء الجزائر 2 (سوناطراك)
منشأة غازية بصحراء الجزائر 2 (سوناطراك)
TT

استمرار القطيعة بين الجزائر ومدريد بسبب نزاع الصحراء

منشأة غازية بصحراء الجزائر 2 (سوناطراك)
منشأة غازية بصحراء الجزائر 2 (سوناطراك)

في حين تستمر القطيعة التجارية، ذات الخلفية السياسية، بين الجزائر ومدريد، ارتفعت أسعار الغاز الجزائري المصدَر إلى إسبانيا بـ3 مرات خلال عامي 2022 و2023، قياساً إلى ما كانت عليه في 2021. وبات قطاع الطاقة الجزائري محطَ اهتمام غالبية دول الاتحاد الأوروبي، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لحاجتها إلى تعويض الإمدادات الروسية من الغاز بعد قطعها.

وأكدت القناة الإذاعية الإسبانية «كنار سور مار»، في تقرير حديث نشرته بموقعها الإلكتروني، أن أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا، شهدت خلال العامين الماضي والحالي، ارتفاعاً بنحو 3 مرات، مقارنة مع الأسعار في عام 2021. وأبرز التقرير أن قيمة واردات إسبانيا من الطاقة الجزائرية، التي تتم عن طريق خط الأنبوب «ميدغاز» الذي يعبر المتوسط، تبلغ 650 يورو للطن (نحو 688 دولاراً أميركياً)، وهو السعر نفسه المطبق العام الماضي، وبذلك بات أغلى بـ3 مرات مقارنة بـ2021.

الوزير الأول الجزائري مع وزيرة التحول البيئي الإسبانية بالجزائر في 27 أكتوبر 2021 (رئاسة الحكومة الجزائرية)

وأوضح التقرير أن الزيادة في الأسعار، انجرَ عنها ارتفاع كبير في فاتورة استيراد الطاقة من الجزائر: من 1.17 مليار يورو (1.24 مليار دولار) عام 2021، إلى 3 مليارات يورو (3.17 مليار دولار) عام 2022. وتستورد إسبانيا الغاز من الجزائر بطريقتين: خط الأنابيب، والبواخر التي تنقله من ميناء أرزيو غرب الجزائر، إلى ميناء ألميريا جنوب إسبانيا.

وربط تقرير الإذاعة الإسبانية الاتجاه التصاعدي لأسعار الطاقة، بـ«تداعيات الحرب في أوكرانيا، وتضارب المصالح بين المغرب والجزائر وإسبانيا»، من دون تقديم تفاصيل.

والمعروف أن كثيراً من دول الاتحاد الأوروبي، لجأ إلى الجزائر في بداية حرب روسيا على أوكرانيا، طلباً لإمدادها بالغاز بسبب انقطاع الغاز الروسي عنها. أما حديث التقرير عن «تضارب المصالح» بين إسبانيا والجزائر والمغرب، فهو تلميح إلى غضب الجزائر الشديد من مدريد، عندما غيَرت موقفها من نزاع الصحراء في مارس (آذار) 2022، معلنة دعم خطة الحكم الذاتي المغربية. وعلَقت الجزائر، إثر هذا الموقف، «معاهدة الصداقة» مع إسبانيا (أبرمها البلدان في 2002) وأوقفت التجارة معها بشكل كامل.

وصرَح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في أبريل (نيسان) الماضي، لقناة تلفزيونية، بأن بلاده «لن توقف مدَ إسبانيا بالغاز» رغم انتقاده الشديد لحكومة بيدرو سانشيز بشأن نزاع الصحراء. وأشار إلى أن «مشكلة الجزائر مع رئيس حكومة إسبانيا، وليس مع الشعب الإسباني الصديق».

الرئيس الجزائري (الرئاسة)

ووفق المنصة العربية المتخصصة «الطاقة»، كانت أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا من ضمن العقود التي طُرحت على طاولة مفاوضات «سوناطراك» الجزائرية للمحروقات مع عملائها، مشيرة إلى أن مدريد «تعد من أبرز عملاء الجزائر، ما أدى إلى اتفاق بين الشركة الحكومية وشركة ناتورجي الإسبانية، حول مراجعة أسعار البيع عبر خط ميدغاز بالبحر المتوسط، وذلك خلال العام الحالي».

وتعد الجزائر أكبر مصدر للغاز في شمال أفريقيا، بنحو 100 مليار متر مكعب سنوياً، يُصدر نصف هذا الحجم ويُستهلك الباقي محلياً. وبناء على تقارير لشركة «سوناطراك»، بإمكان الدولة توفير 110 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز للتصدير والاستعمال محلياً، على مدى السنوات الـ5 المقبلة. وطرح متخصصون، في ضوء تفاؤل الحكومة بشأن وفرة الطاقة، شكوكاً حول مدى قدرة الإنتاج على تلبية الحاجيات المزدادة لزبائن الجزائر الأوروبيين من الغاز، وكذلك الطلب الداخلي المرتفع في ضوء تسليم عشرات الآلاف المساكن الجديدة التي ستكون بحاجة إلى ربطها بالطاقة.


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.