دعوة أممية لتسوية «القضايا الخلافية» في قانوني الانتخابات الليبية

هزة أرضية تثير ذعر سكان طرابلس

تكالة مستقبلاً في طرابلس نورلاند المبعوث الأميركي (المجلس الأعلى للدولة)
تكالة مستقبلاً في طرابلس نورلاند المبعوث الأميركي (المجلس الأعلى للدولة)
TT

دعوة أممية لتسوية «القضايا الخلافية» في قانوني الانتخابات الليبية

تكالة مستقبلاً في طرابلس نورلاند المبعوث الأميركي (المجلس الأعلى للدولة)
تكالة مستقبلاً في طرابلس نورلاند المبعوث الأميركي (المجلس الأعلى للدولة)

أظهرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قدراً من المرونة حيال التعاطي مع قانونَي الانتخابات النيابية والرئاسية، اللذين أصدرهما مجلس النواب بداية الشهر الحالي، ودعت إلى «تسوية سياسية للقضايا الخلافية» المتبقية بهما، و«إبداء حسن النية، والدخول في حوار بنّاء لمعالجة هذه القضايا بشكل نهائي وحاسم»، في وقت حضّت فيه واشنطن على توحيد الجهود لعقد الاستحقاق المُنتظر.

وفي أول رد فعل على حديث البعثة الأممية بشأن موقفها من قانونَي الانتخابات، رأى المرشح الرئاسي، رئيس حركة «إحياء ليبيا»، الدكتور عارف النايض، أن البيان الصادر عن البعثة جاء «مخيباً للآمال» في كثير من بنوده.

وقالت البعثة الأممية، أمس (الخميس)، إنها «أكملت المراجعة الفنية الأولية لقانونَي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، اللذين تلقتهما رسمياً من رئيس مجلس النواب، مساء الخميس الماضي، مشيدة بجهود اللجنة المشتركة «6+6» في صياغتهما، وتقديرها لـ«التقدم المحرز». ورأت أن القانونين «يشكلان أساساً للعمل على إجراء الانتخابات»، لكنها قالت إنه «لا تزال هناك قضايا خلافية، من الضروري معالجتها وحلها عبر تسوية سياسية». ومن بين هذه القضايا، التي قالت إنها «تشكل دلالة أخرى على انعدام الثقة» بين الفاعلين السياسيين والعسكريين والأمنيين في ليبيا، «النص على إلزامية جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المرشحون»، و«الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما يجعل الثانية مرهونة بنجاح الأولى».

وأضافت البعثة لتلك القضايا التي علقت عليها، قضية «تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد إلى الانتخابات»، و«ضرورة شمول الليبيين جميعاً بشكل كامل، بمَن في ذلك النساء والمكونات الثقافية جميعها».

ودافعت البعثة عن رؤيتها، بالقول إن هذه القضايا «ذات طبيعة سياسية، وتستلزم تسوية وطنية للسير بالبلاد إلى الانتخابات»، داعية الأطراف الرئيسية إلى «إبداء حسن النية، والدخول في حوار بنّاء لمعالجة هذه القضايا، التي طال أمدها، بشكل نهائي وحاسم».

وفنّد النايض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما ورد في بيان البعثة الأممية بشأن قانونَي الانتخابات، اللذين قال إن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أصدرهما «حسب الأصول في جلسة علنية، ثم تسلمهما رئيس مفوضية الانتخابات الدكتور عماد السايح». ووجه حديثه للمبعوث الأممي عبد الله باتيلي، قائلاً: «تسعى (سعادتكم) لإعادة فتح القضايا التي تم إغلاقها بالفعل في مناقشات (6+6)، ما يعد انتهاكاً للسيادة الليبية».

وبشأن «الحوار» الذي اقترحته البعثة لمناقشة ما تبقى من القضايا الخلافية في قانونَي الانتخابات، قال النايض: «هذا الحوار اكتمل فعلاً من خلال مداولات لجنة (6+6)، والطرف الوحيد الغائب فيه هي حكومة طرابلس»، التي رأى أن «لها مصلحة في عدم تطبيق تلك القوانين؛ لأنها خالفت وعودها في جنيف، وعرقلت بالفعل عملية الانتخابات».

واستغرب النايض من الطرح الأممي «بعدم رغبتها في الربط بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية». وقال إن هذا «يعطي انطباعاً بأنها تتجه إلى موقف حكومة طرابلس مرة أخرى، المتمثل في الميل إلى إجراء الانتخابات البرلمانية فقط، حتى يتمكنوا من الاستحواذ عليها. وإعادة تعيين أنفسهم».

وفي حين انتهى النايض بالتعبير عن شعوره بـ«خيبة أمل شديدة»، قالت البعثة الأممية، إن الشعب الليبي «يستحق السلام والاستقرار والتقدم»؛ و«الانتخابات تعد السبيل الأوحد لتحقيق ذلك المستقبل الأكثر إشراقاً للبلاد، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم تحقيق هذا الطموح الذي طال انتظاره».

من جانبه، حث المبعوث الأميركي وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، القادة السياسيين في ليبيا على توحيد الجهود لإجراء الاستحقاق الانتخابي، خلال لقائه رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، مساء الأربعاء، بمقر المجلس بالعاصمة طرابلس.

ونقل المكتب الإعلامي للمجلس أن نورلاند، الذي ترأس وفداً أميركياً رفيع المستوى، ناقش مع هيئة مكتب المجلس أهم الملفات السياسية الجارية في البلاد، وسبل الدفع بالعملية السياسية، وإيجاد حلول تحقق الاستقرار في ليبيا. بالإضافة إلى «توحيد الجهود للوصول إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، تأسيساً على نتائج أعمال اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية (6+6)».

وشملت جولة الوفد الأميركي في طرابلس لقاءين منفصلين مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة. وتمحور اللقاءان حول سُبل الدفع بالعملية السياسية للوصول إلى انتخابات «حرة ونزيهة في أقرب الآجال»، والتأكيد على دعم المجتمع الدولي لعمل «اللجنة المالية العليا»، وما يصحبه من إجراءات لتحقيق التنمية والإعمار في أنحاء ليبيا كافة، خصوصاً مدن درنة ومناطق الجبل الأخضر المتضررة من السيول، التي اجتاحتها خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

في شأن مختلف، أعلن المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، وقوع هزة أرضية شعر بها سكان طرابلس، مساء أمس الخميس، وأحدثت ذعراً بين المواطنين.


مقالات ذات صلة

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
TT

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، ركزت على أزمة المصرف المركزي في البلاد، وجاءت هذه الزيارة في وقت تلقَّى فيه محافظه الجديد طلباً رسمياً من عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، بعدم الاستجابة لقرار المجلس بشأن تخفيض قيمة الضريبة على سعر النقد الأجنبي.

وقال صالح إنه قدم خلال اجتماعه مساء الاثنين، بمقر وزارة الخارجية الأميركية بواشنطن، مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، شرحاً مفصلاً لتطورات الأزمة الليبية، واقترح جملة من الحلول التي تتطلب دعم المجتمع الدولي ومساندته، لتنفيذها على أرض الواقع، من أجل تحقيق إرادة الشعب الليبي، بتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال، وإنهاء الانقسام السياسي والمؤسساتي.

مباحثات صالح في أميركا ركزت على أزمة المصرف المركزي في ليبيا (رويترز)

ونقل صالح عن باس إشادته بدور مجلسي النواب والدولة في معالجة الأزمة التي عصفت بالمصرف المركزي، والتي كادت أن تعصف بالاقتصاد الليبي وبأكبر مؤسسة مالية في البلاد، مؤكداً ضرورة تشكيل مجلس إدارة للمصرف من عناصر تتمتع بقدر كبير من الكفاءة، بهدف إعادة الثقة بين المصرف والمؤسسات المالية الدولية.

كما أكد صالح على دور التنمية وإعادة الإعمار في إنهاء الصراع وإحلال السلام؛ مشيراً إلى زيارة المدير العام لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، للولايات المتحدة، ودعوته للشركات الأميركية للمساهمة في تنفيذ مشاريع التنمية والإعمار، ولافتاً إلى ما وصفه –برؤيته- بأن المشاريع الاستراتيجية الضخمة تتطلب إمكانات وخبرات كبيرة، كما أكد ضرورة الإسراع في إطلاق المنتدى الليبي- الأميركي للتنمية والإعمار، بهدف بناء شراكات استراتيجية تعود بالنفع على الشعبين الليبي والأميركي.

بلقاسم حفتر دعا الشركات الأميركية للمساهمة في تنفيذ مشاريع التنمية والإعمار في ليبيا (أ.ف.ب)

من جهته، جدد باس -وفق بيان للسفارة الأميركية- التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم جميع الأطراف الليبية المشاركة في الجهود التي تسهلها الأمم المتحدة لضمان سيادة ليبيا وازدهارها.

وكان صالح قد ناقش مع السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، في واشنطن، تعزيز الدعم الأميركي للنزاهة التكنوقراطية للمصرف المركزي، بالإضافة إلى سبل حلحلة الأزمة الليبية.

واستغل صالح اللقاء الذي ناقش الإعمار الذي تشهده مدن ليبيا، في الإشادة مجدداً بجهود بلقاسم، نجل حفتر، باعتبار أنه يقود الصندوق بذكاء -حسب تعبيره- مقدماً شكره لكل الشركات الأجنبية والمحلية التي تقوم بتنفيذ هذه النهضة العمرانية. وأوضح صالح أنه سيلتقي عدداً من أعضاء الكونغرس ومسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، خلال الزيارة التي لم يسبق الإعلان عنها، أو توضيح مدتها.

وبالتزامن مع هذه الزيارة، بحث فوزي النويري، النائب الأول لصالح، في بنغازي، مساء الاثنين، مع القائم بأعمال السفارة الأميركية جيرمي برنت، آخر مستجدات الأزمة السياسية في ليبيا، وسُبل الدفع نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن.

وطبقاً للمتحدث باسم المجلس، عبد الله بليحق، فقد تناول اللقاء أيضاً ضرورة تقديم المساعدة والدعم من قبل البعثة الأممية، في الحد من التدخلات الخارجية في الأزمة ليبيا، ودعم الحلول والتوافقات الليبية- الليبية، ومنها ما توّجت أخيراً بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة بشأن اختيار محافظ المصرف ونائبه.

صورة وزعتها خوري للقائها مع غوتيريش

بدورها، قالت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال البعثة الأممية، إنها ناقشت مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، مشيرة إلى إعرابه عن دعمه القوي لجهود البعثة لتيسير العملية السياسية، الرامية إلى حل الجمود الراهن.

وفي إطار المناكفات السياسية بين مجلس النواب الليبي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، طلب رئيسها عبد الحميد الدبيبة من محافظ المصرف المركزي، ناجي عيسى، عدم تنفيذ قرار مجلس النواب بشأن خفض ضريبة بيع النقد الأجنبي إلى 20 في المائة، ودعاه لإلغائها بالكامل.

وقال محمد حمودة، الناطق باسم حكومة الدبيبة، إنه طالب بالاستمرار في بيع النقد الأجنبي لجميع الأغراض، دون فرض الضريبة على سعر الدولار التي حددت بنسبة 20 في المائة، لافتاً إلى أنه أوضح للمحافظ أن قرار فرض الضريبة أثَّر سلباً في معيشة المواطن.

الدبيبة طالب محافظ المصرف المركزي بعدم تنفيذ قرار مجلس النواب بشأن خفض ضريبة بيع النقد الأجنبي (الوحدة)

وقالت حكومة «الوحدة» إن وزيرها للمالية، خالد المبروك، بحث مع النائب العام الصديق الصور، سبل التعاون لحماية المال العام، من خلال إحكام الرقابة على الإنفاق الحكومي، وإرساء قواعد سيادة القانون، وآلية اعتماد جدول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية.