​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)
النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)
TT

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)
النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

دفع حُكم قضت به محكمة الجنايات بالعاصمة طرابلس على سفير سابق لدى إيطاليا، بالسجن 10 سنوات بعد إدانته تهمة «التربح والإضرار بالمال العام»، قطاعاً واسعاً من الليبيين إلى مطالبة النائب العام بمزيد من تعقّب «قضايا الفساد» التي تعاني منها البلاد.

وأعلن مكتب النائب العام الليبي، مساء الأحد، أن محكمة الجنايات في طرابلس، حكمت بالسجن 10 سنوات على رئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا: «بعد التحقيق في وقائع فساد تورط فيها، والتثبت من إساءة استعمال سلطات الوظيفة المسندة إليه».

وأوضح أن «القضاء تصدى للوقائع المنسوبة إلى مسؤول البعثة لدى الدولة المعتمد لديها؛ فتولت المحكمة التحقيق في أدلة إثبات إساءة استعمال سلطات الوظيفة المسندة إليه، ودلائل تحصله على كسب مالي غير مشروع وصل إليه من خلال أعمال وظيفته»، مشيراً إلى أن المحكمة قضت في آخر جلساتها، بإدانة المحكوم عليه، فأنزلت به عقوبة السجن مدة عشر سنوات، وإلزامه رد متحصلات الوقائع الـمُجَرَّمة، كما اتخذت النيابة الإجراءات الكفيلة بتنفيذ العقوبة المقضي بها عبر آليات التعاون الدولي في المسائل الجنائية.

خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي مستقبلاً الدبيبة (المكتب الإعلامي لديوان المحاسبة)

وليست هذه المرة الأولى التي يسجن فيها رئيس لبعثة ليبية، إذ سبق وحكم على كثيرين من بينهم رئيسة البعثة السياسية لدى مملكة بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى، السفيرة أمل الجراري، سبع سنوات بعد إدانتها بتهمة «الاستيلاء على المال العام»، وغرّمتها ضعف المبلغ المختلس.

وتعاني ليبيا بشكل لافت من انتشار الفساد، فمنذ عام 2012 تراجع ترتيبها إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين «الدول العشر الأكثر فساداً»، وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام.

ويثمن ليبيون كثر «جهود النيابة العامة في تتبع عمليات التطاول على المال العام واستغلال المناصب في تحقيق مكاسب»، إلا أنهم يشيرون إلى ضرورة توسيع هذه الجهود لتطال عمليات «نهب ثروات البلاد بشكل منظم من قبل مسؤولين وعسكريين كبار».

وتحدث سياسي ليبي بغرب البلاد لـ«الشرق الأوسط» عما سماه «التصدير المنظّم للنفط» خارج إطار المؤسسة الوطنية، وذلك خلال فترة التوقف الرسمي لعمليات ضخ الخام، والتي انتهت في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، واستمرت أكثر من شهر.

حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

وقال المسؤول السياسي، الذي رفض ذكر اسمه: «ننتظر من النيابة العامة أن تحقق في هذا الأمر الذي يضر بثروات البلاد، وإجلاء الحقيقة للشعب، والضرب على أيدي لصوص أموال الشعب»، وعدّ المسؤول ما كشفه مكتب النائب العام خلال العام الماضي من كشف قضايا فساد «إنجازاً كبيراً»، لكنه يرى «ضرورة توسيع هذه الدائرة لتطول أيضاً كبار المسؤولين».

وتعد قضية السفير الليبي السابق لدى إيطاليا، الذي لم يأت مكتب النائب العام، على اسمه، واحدة من «وقائع الفساد» التي شغلت الرأي العام، منذ توقيفه في مارس (آذار) عام 2022، إثر تقارير لديوان المحاسبة في طرابلس تشير إلى ارتكابه «تجاوزات مالية جسيمة أضرت بالمال العام»، بعضها يتعلق بالتحايل لتغطية تكاليف علاج والد زوجته الذي تبين أنه توفي قبل عامين من تاريخ علاجه.

ويتضمن التقرير السنوي لديوان المحاسبة (أكبر جهاز رقابي يتخذ من طرابلس مقراً له)، كثيراً من وقائع الفساد التي تطال غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، والتي انتهت بمقتضاها حينها إلى حبس مسؤولين، من بينهم مسؤول ديوان «هيئة صياغة الدستور» احتياطياً على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه في وقائع «فساد».

وللعلم، فإن جُل المسؤولين الليبيين يتحدثون بشكل لافت عن ضرورة مكافحة «الفساد المستشري في جميع مناحي المؤسسات». وسبق لنائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، القول إن ليبيا «أصبحت في قمة قائمة الفساد عالمياً، وإن هذا مؤسف جداً ويتنافى مع أخلاق الشعب الليبي».

وتضمن التقرير الأخير «وقائع فساد» كثيرة، بداية من «اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية»، «والتوسع في إبرام عقود للتوريد»، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء السيارات، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.