انتقادات برلمانية تلاحق عروض التنقيب عن النفط الليبي

مسؤول نفطي لـ«الشرق الأوسط»: مشاورات فنية أولية تجري مع شركات عالمية

عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)
عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)
TT

انتقادات برلمانية تلاحق عروض التنقيب عن النفط الليبي

عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)
عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)

تلاحق انتقادات برلمانية عروضاً للتنقيب عن النفط والغاز في ليبيا أعلنت عنها المؤسسة الوطنية للنفط، بعدما أطلقت مطلع العام الحالي مجموعة تراخيص للتنقيب، هي الأولى منذ 17 عاماً.

وتتضمن تلك التراخيص عطاءً عاماً في 22 منطقة استكشافية برية وبحرية، أُتيح أمام الشركات العالمية، بما فيها التركية، قبل إجراء مناقصات وتوقيع العقود في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وبدأت الانتقادات تتصاعد عقب تصريحات لوزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، نقلتها وسائل إعلام عديدة، تحدث فيها عن «اتفاقيات تنقيب عن النفط في ليبيا من المتوقع إبرامها قريباً».

وأمام هذه الانتقادات، قال مدير إدارة التواصل في المؤسسة الوطنية للنفط عيسى رشوان لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم الإعلان من الجانب الليبي عن إبرام أي اتفاقية نهائية مع الجانب التركي حتى الآن».

وأشار إلى وجود مباحثات أولية ومشاورات فنية جارية مع العديد من الشركات العالمية، بما فيها التركية، وذلك لتقييم فرص الاستثمار المتاحة.

وتحفظ رشوان عن الخوض في تفاصيل المفاوضات الجارية، لكنه أكد «التزام المؤسسة الوطنية للنفط بالشفافية والإفصاح عن أي اتفاقيات يتم إبرامها في حينه، وفقاً للإجراءات القانونية المتبعة».

ونقل المسؤول الليبي ترحيب مؤسسة النفط «بأي تعاون استثماري في قطاع النفط والغاز مع الشركات العالمية، بما فيها الشركات التركية، بما يتماشى مع القوانين واللوائح الليبية المنظمة لهذا القطاع».

لكن الحديث عن تراخيص نفطية، في هذه المرحلة التي تشهد فيها ليبيا انقساماً حكومياً، قوبل بانتقادات برلمانية؛ خصوصاً من أعضاء في لجنة الطاقة بمجلس النواب أعادوا التذكير بقرار سابق لمجلسهم «يحظر المساس بثروات البلاد السيادية، وأهمها النفط، إلى حين انتخاب حكومة جديد واحدة».

دول «تطمع في الثروات»

وتحدثت النائبة عائشة الطبقلي، العضو بلجنة الطاقة، عن «دول تطمع بثروات الشعب الليبي»، دون أن تسميها، وقالت: «نأمل عدم استغلال الوضع غير المستقر بسبب تعدد وانقسام المؤسسات».

وأضافت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت غير مناسب للتعاقدات والاتفاقات والعطاءات»، مشيرة إلى أن لجنة الطاقة «سيكون لها موقف بهذا الشأن»، دون مزيد من التفاصيل.

وانضم عضو لجنة الطاقة بالبرلمان، علي التكبالي، إلى الأصوات المنتقدة لمجموعة التراخيص النفطية، مشككاً في أي اتفاق يخص المال العام خصوصاً «مع حالات الفساد والإثراء غير المشروع في ليبيا»، حسبما ذكر لـ«الشرق الأوسط».

والثروة النفطية هي إحدى معضلات ليبيا التي تعيش انقساماً حكومياً وأمنياً منذ عام 2011. وتتنازع إدارتها حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد التي يرأسها أسامة حماد والمدعومة من البرلمان.

حالة «اللادولة»

أما من وجهة النظر الفنية، فقد استبعدت رئيسة قسم العقود السابقة بالمؤسسة الوطنية للنفط، نجوى البشتي، أن تستقطب العطاءات شركات عالمية كبرى ذات ثقل في ظل الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا.

وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عما يمكن أن يضمن «عدم لجوء بعض الشركات الأجنبية الصغيرة التي ربما يرسو عليها العطاء إلى الانخراط في شراكات مع شخصيات محلية نافذة في ظل السطوة المعروفة للميليشيات».

واستناداً لعملها السابق في مجال التعاقدات النفطية، تعتقد نجوى البشتي أنه «لا وجه للمقارنة بين التعاقدات قبل 2011 التي تواكبت مع استقرار الدولة الليبية وفرض هيبتها، وما بين أي تعاقدات محتملة في ظل حالة (اللادولة) الحاصلة حالياً».

وتطرح جولة التراخيص النفطية تساؤلات حول مدى قانونية أي اتفاق ينبثق عنها، في غياب برلمان وحكومة منتخبة.

وهنا يستعرض الدبلوماسي وأستاذ القانون الدولي محمد الزبيدي، رؤيته القائمة على «قاعدة راسخة بالقانون الدولي بأن أي معاهدة دولية لا يصدق عليها البرلمان تعتبر كأنها لم تكن».

وهو لا يستبعد أن «يراجع البرلمان والحكومة المنتخبان مستقبلاً المعاهدات أو الاتفاقيات المبرمة، وإلغاءها تحت بند أنها تضيف أعباء اقتصادية أو تمس سيادة الدولة».

وسبق لوزير الطاقة التركي الحديث في سبتمبر (أيلول) الماضي عن اهتمام بلاده بعرض من طرابلس للتنقيب عن الطاقة قبالة سواحل ليبيا.

وكان البلدان قد وقعا اتفاقاً مبدئياً بشأن استكشاف الطاقة في عام 2022 بعد ثلاثة أعوام من اتفاق لترسيم الحدود البحرية.

ويبلغ إنتاج ليبيا الحالي من النفط 1.4 مليون برميل يومياً حسب أحدث أرقام رسمية، وتعفيها منظمة (أوبك) من قرار تخفيض الإنتاج. ويعتمد تمويل الميزانية بنسبة 90 في المائة على مبيعات النفط.


مقالات ذات صلة

البعثة الأممية تواصل استطلاع رأي الليبيين حول سبل حلحلة «معضلة» الانتخابات

شمال افريقيا جانب من اجتماعات تيتيه وخوري مع ممثلي المجتمع المحلي في الزنتان ومصراتة (البعثة الأممية)

البعثة الأممية تواصل استطلاع رأي الليبيين حول سبل حلحلة «معضلة» الانتخابات

واصلت البعثة الأممية استطلاع رأى المدن الليبية، بمن في ذلك ممثلو المجتمع المحلي في الزنتان ومصراتة، بشأن توصيات لجنتها الاستشارية لحسم خلافات قوانين الانتخابات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات العارمة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة للمطالبة برحيل كل الأجسام السياسية (إ.ب.أ)

تصاعد المطالب الغربية بحماية الليبيين والالتزام بوقف إطلاق النار

دعا المجلس الرئاسي الليبي إلى «مواصلة التعبير السلمي الراقي في مختلف المدن، من أجل بناء دولة عصرية تُعبر عن آمال الجميع».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عقيلة صالح وحماد خلال لقاء سابق (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)

ما مصير حكومة حمّاد في ظل توجه البرلمان الليبي إلى تشكيل «وزاري جديد»؟

بينما يواصل مجلس النواب الليبي مشاوراته لتشكيل «حكومة جديدة»، تساءل سياسيون ومحللون عن مستقبل الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا انتشار كثيف لقوات الأمن داخل طرابلس لمنع أي أحداث عنف أو مواجهات (أ.ب)

ليبيون يتظاهرون للمطالبة برحيل كل «الأجسام السياسية»

وضع حراك سوق الجمعة ما يُشبه خريطة لتحرك المتظاهرين، والطرق التي يسلكونها من المدن الليبية حتى ميدان الشهداء بطرابلس، للمشاركة فيما أطلق عليها «جمعة الخلاص».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

«جرائم قتل غامضة» تتكشّف في العاصمة الليبية بعد مقتل الككلي

تعرض وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية ما أسمته بـ«اعترافات» لمتهم يلقب بـ«الفاكو»، وهو أحد ميليشيا «دعم الاستقرار»، يقرّ فيها بـ«التورط في ارتكاب جرائم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: قائد ميداني في مكافحة الإرهاب على رأس مديرية الأمن الداخلي

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
TT

الجزائر: قائد ميداني في مكافحة الإرهاب على رأس مديرية الأمن الداخلي

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)

تسلَّم قيادة جهاز الأمن الداخلي الجزائري، اليوم السبت، الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، العائد إلى الخدمة بعد مشاكل مع القضاء، خلفاً للجنرال عبد القادر حداد، الذي قضى 11 شهراً فقط على رأس المخابرات.

وأكد بيان لوزارة الدفاع أن الفريق أول سعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، أشرف على مراسيم تولي آيت وعرابي مهامه الجديدة بمقر المديرية العامة للأمن الداخلي بالعاصمة، خلفاً للعميد حداد. مؤكداً أن التنصيب «كان فرصة سانحة للفريق أول للالتقاء بأطر هذه المديرية، الذين قدم لهم جملة من التعليمات والتوجيهات العملية، لا سيما في مجال السهر على أداء المهام الجسيمة الموكلة لهم، التي تقتضي بذل المزيد من الجهود المثابرة والمخلصة وأدائها على الوجه الأمثل».

مدير الأمن الداخلي المعزول على اليمين (متداولة)

ولم يذكر البيان أي شيء عن أسباب هذا التغيير، ولا عن مصير حداد (56 سنة)، علماً أن خبر عودة آيت وعرابي (73 سنة) إلى الجهاز الأمني جرى تداوله في حسابات ناشطين سياسيين بالإعلام الاجتماعي منذ أيام.

وقاد العميد عبد القادر آيت وعرابي، الشهير بـ«الجنرال حسان»، فصيلاً أمنياً ميدانياً تابعاً لجهاز المخابرات العسكرية بين 1995 و2015، وعرف عنه إشرافه على فريق من الضباط على درجة كبيرة في الفعالية في تنفيذ سياسة مكافحة الإرهاب. وأطلق هذا الفريق عمليات عدة ضد «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وهي أخطر التنظيمات المسلحة، أسفرت عن مقتل واعتقال المئات من أفرادها. ومن ضمن هذا الفريق برز عبد القادر حداد، الشهير بـ«ناصر»، ويقول عارفون بالجهاز الأمني إن حداد كان المساعد الرئيسي لآيت وعرابي في أخطر العمليات الأمنية، التي تمت ضد الجماعات الإرهابية.

عبد القادر حداد قاد الأمن الداخلي لمدة 11 شهراً (متداولة)

لكن رغم المكانة التي وصل إليها آيت وعرابي في المخابرات، اتهمته النيابة العسكرية عام 2015 بـ«عدم احترام التعليمات العسكرية»، و«إتلاف وثائق عسكرية رسمية دون ترخيص»، ودانته محكمة عسكرية بغرب البلاد بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ.

وتعود خلفية القضية إلى عملية اختراق لجماعة متطرفة تنشط بين مالي وليبيا عام 2012، انتهت بمصادرة كميات كبيرة من السلاح بإشراف شخصي من آيت وعرابي ومدير الأمن الداخلي يومها، الفريق محمد مدين الشهير بـ«توفيق». وبحكم أن المحاكمة تمت في جلسة مغلقة، لم تعرف أسباب ملاحقة «الجنرال حسان»، فيما كانت مصادر مطلعة أكدت أن رئيس أركان الجيش الراحل قايد صالح هو مَن حرَّك الدعوى العسكرية ضده، بسبب إخفاء أمر العملية الأمنية عنه. وبعد انتهاء العقوبة أعيدت محاكمة آيت وعرابي، وحصل على البراءة مع «إعادة الاعتبار».

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)

أما حداد فقد غادر البلاد عام 2019، إثر حملة اعتقال أطلقها قايد صالح ضد عدة ضباط محسوبين على مدين وآيت وعرابي، ثم عاد في 2021 وعيَنه رئيس البلاد عبد المجيد تبون مديراً للأمن الداخلي في 2024.

ويأتي هذا التغيير في ظروف سياسية وأمنية دقيقة تواجهها الجزائر، بسبب توتر العلاقات مع مالي إثر إسقاط سلاح الجو الجزائري طائرة مسيَّرة مالية، بداية أبريل (نيسان) الماضي، حيث عدت باماكو الحادثة «إعلان حرب ضدها». وأعلنت النيجر، الجارة الجنوبية للجزائر، وبوركينافاسو تضامنهما مع مالي في هذه الخلاف، الذي ما زال مستمراً.

رئيس الأركان الراحل قايد صالح ومعه قائد الجيش الحالي سعيد شنقريحة (وزارة الدفاع)

كما يأتي هذا التغيير في ظرف سياسي وأمني حساس تمر به الجزائر، حيث تتواصل الأزمة مع المغرب منذ قطع العلاقات في 2021، في وقت تبقى الحدود مع ليبيا مصدر قلق، بسبب نشاط الجماعات المتطرفة والتهريب والهجرة غير النظامية. وإلى جانب ذلك، تشهد العلاقات الجزائرية - الفرنسية مؤخراً تدهوراً ملحوظاً.