هيمنت السياسة على برنامج اليوم الثالث من الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، الذي تحتضنه حالياً مدينة مراكش المغربية، وتستمر حتى 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وظهر ذلك بشكل جلي في المؤتمر الصحافي، الذي عقدته صباح اليوم (الأربعاء) جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، حيث تطرقت للأحداث الأخيرة والمتواصلة في إسرائيل وغزة، وحرب أوكرانيا، والعلاقات الأميركية - الصينية.
وقالت يلين: إن واشنطن تدين الهجوم المروع الذي شنّه «إرهابيو حماس» من غزة السبت الماضي بأشد العبارات الممكنة، وتقف بحزم إلى جانب الشعب الإسرائيلي. مشيرة إلى أن اجتماعات مراكش الحالية هي الأولى من نوعها في أفريقيا منذ 50 عاماً، وأنه «من المناسب أن نوجد في مراكش؛ لأن أفريقيا سوف تشكل مستقبل الاقتصاد العالمي».
كما تطرقت المسؤولة الأميركية إلى الاقتصاد الكلي العالمي. مشيرة إلى أن بعض التشاؤم «الذي تم التعبير عنه عندما التقينا العام الماضي لا يزال غير مبرر». وقالت بهذا الخصوص: إن الاقتصاد العالمي «ما زال في وضع أفضل مما تصوره كثيرون، وتوقعات النمو العالمي هي نفسها تقريباً كما كانت في يوليو (تموز)» الماضي.
وذكرت يلين، أن صندوق النقد الدولي «يتوقع أن يستمر التضخم العالمي في الانخفاض. ورغم أن بعض البلدان لا تزال تعاني تباطؤ النمو، فإننا لا نرى أي علامات على وجود آثار غير مباشرة واسعة النطاق تؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي»، بحسب وزيرة الخزانة الأميركية، التي استدركت قائلة: «لكننا بالطبع نواصل مراقبة المخاطر السلبية على التوقعات الاقتصادية من كثب». في سياق ذلك، أفادت يلين بأن الولايات المتحدة شهدت انتعاشاً قوياً تاريخياً، مدفوعاً بالخطة الاقتصادية لإدارة جو بايدن»، مشيرة إلى أن معدل البطالة بلغ الآن 3.8 في المائة، كما انخفض التضخم بشكل كبير. وقالت في هذا السياق: «نحن نقوم أيضاً باستثمارات طويلة الأجل. وقانون البنية التحتية، الذي أقرّه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وقانون تشيبس والعلوم، وقانون الحد من التضخم، تعمل على بناء القوة الاقتصادية الأميركية». مشيرة إلى أن التأثير «سيكون محسوساً خارج نطاق الولايات المتحدة».
وبخصوص الأزمة الأوكرانية، ذكرت الوزيرة الأميركية، أنه «بينما نبحر في المخاطر التي تهدد الاقتصاد الكلي العالمي، نرى أن حرب روسيا ضد أوكرانيا بمثابة رياح معاكسة كبرى، وإهانة لقيمنا والقانون الدولي ومبدأ السلامة الإقليمية». وقالت: إن إدارة بايدن «ملتزمة بدعم أوكرانيا بقدر ما يتطلبه الأمر. وأفعالنا مهمة بالنسبة للشعب الأوكراني، ولمصالح أمننا القومي، وللقيم التي نتقاسمها مع حلفائنا وشركائنا». مضيفة: «نحن نتقاسم العبء مع هؤلاء الحلفاء والشركاء، الذين قدموا لأوكرانيا مساعدات اقتصادية قوية، ويركزون بالمثل على ضمان المساءلة»، وأشارت في هذا السياق إلى أن برنامج صندوق النقد الدولي في أوكرانيا «يشكل أيضاً عنصراً أساسياً في تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز الإصلاحات».
وبالنظر إلى المستقبل، تضيف يلين: «أريد أن أوضح أنه لا يمكننا السماح بانقطاع دعمنا لأوكرانيا. ويمكن لحلفائنا والشعب الأوكراني أن يطمئنوا إلى أن إدارة بايدن - وبدعم من أغلبية الحزبين في الكونجرس والشعب الأميركي - ستعمل على تمكين أوكرانيا من الحصول على المساعدة، التي تحتاج إليها للفوز في هذه الحرب». موضحة أن بلادها ستواصل العمل على التخفيف من الآثار الأخرى للحرب، بما في ذلك على الأمن الغذائي، خاصة منذ انسحاب روسيا القاسي من مبادرة حبوب البحر الأسود. وقالت بهذا الخصوص: «نحن نواصل التركيز على العمل مع تحالف عالمي لحرمان روسيا من التمويل، الذي تحتاج إليه لشنّ هذه الحرب الظالمة. وقد وضعنا سياسة جديدة للحد الأقصى للسعر؛ مما أدى إلى انخفاض كبير في الإيرادات الروسية على مدى الأشهر العشرة الماضية، مع تعزيز أسواق الطاقة المستقرة. ولم تتغير أسعار الطاقة العالمية إلى حدٍ كبير، بينما اضطرت روسيا، إما إلى بيع النفط بخصم كبير، أو إلى إنفاق مبالغ ضخمة على نظامها البيئي البديل». وفي هذا السياق، أعلنت يلين تأييدها تسخير العائدات غير المتوقعة من الأصول السيادية الروسية المجمدة في غرف المقاصة على وجه الخصوص، واستخدام الأموال لدعم أوكرانيا. وقالت: إن الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا «تسبب في معاناة إنسانية وأضرار اقتصادية لا توصف». مضيفة: «يجب علينا أن نستمر في فرض تكاليف باهظة ومتزايدة على روسيا، ومواصلة الجهود لضمان أن تدفع روسيا ثمن الأضرار التي تسببت فيها».
في غضون ذلك، أشارت وزيرة الخزانة الأميركية إلى أن تركيز الولايات المتحدة على الاقتصاد الكلي العالمي، وعلى معالجة التحديات العالمية، من خلال النظام المالي الدولي، يواصل أيضاً تشكيل نهجها تجاه علاقتها مع الصين. وقالت في هذا السياق: «بينما نحمي مصالح أمننا القومي، فإننا نسعى إلى إقامة علاقة اقتصادية صحية تعود بالنفع على الجانبين، والتعاون في إعادة هيكلة الديون والتحديات العالمية، مثل تغير المناخ».
كما تطرقت المسؤولة الأميركية لزيارتها للصين، وذكرت أنه في أعقاب الزيارة الصيف الماضي «أعلنا عن مجموعات العمل الاقتصادية والمالية، وهي خطوة أخرى مهمة على طريق مواصلة تعميق اتصالاتنا. وإنني أتطلع إلى الاجتماع مع محافظ بنك الشعب الصيني، بان غونغ شنغ، لمناقشة قضايا الاقتصاد الكلي والمالية أثناء وجودي في مراكش هذا الأسبوع، بما في ذلك كيفية قيام وزارة الخزانة الأميركية وبنك الشعب الصيني بمتابعة مجموعة العمل المالية».
على صعيد آخر، قالت يلين إنها عاينت بنفسها التقدم المثير للإعجاب، الذي يحرزه المغرب للتعافي من التأثير المدمر للزلزال الذي وقع الشهر الماضي، مشيرة إلى أن قرار المضي قدماً في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش «هو شهادة على صمود الشعب المغربي».
مؤكدة أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم جهود الإنعاش التي تبذلها الحكومة المغربية، ومشيرة إلى أن المغرب يعمل على تقديم المساعدة الإنسانية الفورية المنقذة للحياة للمحتاجين.