لماذا يثير عدد ضحايا «إعصار درنة» جدلاً حاداً وسط الليبيين؟

السلطات تتمسك بتسجيل 4200 قتيل فقط… وتقديرات تفيد بأن الرقم الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير

اجتماع الصديق الصور مع لجنة تحقيقات كارثة درنة (النيابة العامة)
اجتماع الصديق الصور مع لجنة تحقيقات كارثة درنة (النيابة العامة)
TT
20

لماذا يثير عدد ضحايا «إعصار درنة» جدلاً حاداً وسط الليبيين؟

اجتماع الصديق الصور مع لجنة تحقيقات كارثة درنة (النيابة العامة)
اجتماع الصديق الصور مع لجنة تحقيقات كارثة درنة (النيابة العامة)

تجدد الجدل في ليبيا حول العدد الحقيقي لضحايا إعصار «دانيال»، حيث تمسكت السلطات الرسمية بتسجيل 4200 قتيل فقط، رغم تقديرات غير رسمية تفيد بأن الرقم الحقيقي للقتلى يتجاوز هذا الرقم بكثير.

ونفى أسامة علي، المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لحكومة الوحدة «المؤقتة» في العاصمة طرابلس، تصريحات متداولة له (مساء الأربعاء) بأن الحصيلة الحقيقية لفيضانات درنة «أكثر من 16 ألف وفاة، واتهامه للجنة الطوارئ التابعة للحكومة الموازية، برئاسة أسامة حماد، بإخفاء العدد الحقيقي لضحايا انهيار سدي درنة». وقال علي لـ«الشرق الأوسط» موضحا: «رسميا فإن العدد المسجل لدى لجنة الطوارئ هو 4200 لضحايا الإعصار»، مؤكداً أن «مهمة فرق وعناصر جهاز الإسعاف والطوارئ لم تنتهِ على الأرض، وما زلنا نقوم بتطعيم العناصر التي تقوم بعمليات الانتشال لحين إعلان انتهاء المهمة بشكل رسمي من قبل الحكومة».

وكان جهاز الإسعاف قد أوضح أن كافة التصريحات، التي يتم نقلها أو تداولها إعلاميا، والتي تحتوي على أرقام أو معلومات جديدة منسوبة له، غير صحيحة إلا في حالة نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

عمال الإغاثة يواصلون استخراج الجثث من وسط أنقاض درنة (رويترز)
عمال الإغاثة يواصلون استخراج الجثث من وسط أنقاض درنة (رويترز)

بدوره، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، لـ«الشرق الأوسط»: «نقدم الإحصائيات حسب عدد عمليات الدفن الرسمي المعتمدة من آمر منطقة درنة الأمنية»، لافتا إلى أن «رقم الضحايا يتزايد بشكل يومي... هذه هي الحقيقة، وما ننشره من أرقام هو للضحايا الذين تم دفنهم رسميا بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة، بحضور النيابة العامة، مثل أخذ عينات لتحليل الحمض النووي».

ونفى المسماري، الذي أعلن قبل يومين أن إجمالي عدد الضحايا وصل إلى 4120 فقط، تعمد عدم ذكر العدد الحقيقي للضحايا، قائلا: «لا يوجد رقم حقيقي وغير حقيقي، هذه كارثة طبيعية مثلها مثل الزلازل وغيرها».

وكان محمد الجارح، المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ بالحكومة الموازية، قد أعلن استقالته من منصبه بسبب ما وصفه بـ«استحالة المهمة، والعجز عن إيصال المعلومات الدقيقة للمواطنين». وقال إن «المهمة تقع الآن على عاتق لجنة الأزمة، باعتبارها المسؤولة أمام الشعب لإطلاعه على تطورات الوضع في درنة المنكوبة».

تقديرات غير رسمية تفيد بأن الرقم الحقيقي للقتلى يظل غير معروف بسبب استمرار اكتشاف مزيد من الجثث يوميا (رويترز)
تقديرات غير رسمية تفيد بأن الرقم الحقيقي للقتلى يظل غير معروف بسبب استمرار اكتشاف مزيد من الجثث يوميا (رويترز)

من جانبها، أكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، مساء (الأربعاء)، أن إجمالي المباني المتضررة في درنة من جراء الفيضان بلغ 1500 مبنى، مشيرة إلى أن إجمالي المباني المدمرة بشكل كامل بلغ 891 مبنى، في حين أن عدد المباني التي غمرها الوحل بلغت 398 مبنى.

بدورها، قالت الأمم المتحدة إنها وبعد أسبوعين من فيضانات شمال شرقي ليبيا، التي أودت بحياة الآلاف، وجرفت أحياء بكاملها، تواصل مع شركائها العمل على الأرض لتقديم المساعدة الإنسانية الحيوية، ودعم منكوبي درنة وبنغازي والبيضاء وشحات وسوسة.

ووصفت جورجيت غانيون، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، في ختام زيارتها الثانية إلى درنة منذ الفيضانات، ما عاناه الناس في المدينة المنكوبة والمناطق المحيطة بها بأنه «مأساوي». ودعت لتوفير إمكانيات الوصول الكامل للعاملين في المجال الإنساني. مشددة على الحاجة لتنسيق قوي بين الشركاء الوطنيين والدوليين. كما شددت على الحاجة إلى تسريع جهود الإنعاش المبكر، من أجل تعزيز عملية إعادة الإعمار على المدى الطويل.

وشكرت غانيون عمال البحث والإنقاذ الليبيين والدوليين على جهودهم الدؤوبة للعثور على ناجين في ظروف بالغة الصعوبة. وأثنت على عمليات البحث والإنقاذ، حيث دعم نحو 800 امرأة ورجل من 12 دولة الجهود الليبية في البر والبحر، على مدى الأسبوعين الماضيين.

وطبقا لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم تأكيد 4255 حالة وفاة بسبب الفيضانات، في حين لا يزال 8540 شخصا في عداد المفقودين.


مقالات ذات صلة

​خلافات أفرقاء ليبيا «لا تزال تعرقل» التوصّل لـ«ميزانية موحدة»

شمال افريقيا جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المجلس)

​خلافات أفرقاء ليبيا «لا تزال تعرقل» التوصّل لـ«ميزانية موحدة»

يتصاعد الجدل في ليبيا راهناً بشأن مدى إقرار «ميزانية موحدة» لضبط عملية الإنفاق المالي بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة

جاكلين زاهر
شمال افريقيا جانب من محادثات المنفي وتيتيه (المجلس الرئاسي)

«الأوروبي» لدعم البعثة الأممية لتحقيق الاستقرار في ليبيا

بحث رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه تكثيف المساعي الرامية إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة بالبلاد

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا لجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي برئاسة عيسى (المصرف المركزي الليبي)

حجم إنفاق حكومتي ليبيا يثير تساؤلات حول إنجازاتهما

وسط مطالب بسرعة تشكيل «حكومة موحدة»، وإقرار ميزانية عامة لكل ليبيا، لا تزال صدمة «الإنفاق الكبير» للحكومتين تلقي بظلالها على البلاد.

جاكلين زاهر (القاهرة)
تحليل إخباري من اجتماع سابق للمشير خليفة حفتر مع المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي وعقيلة صالح (الجيش الوطني)

تحليل إخباري ما أسباب تعقّد الأزمة الليبية رغم توالي المبعوثين الأمميين؟

منذ قدوم الخطيب وزير الخارجية الأردني الأسبق، إلى ليبيا مروراً بتسعة مبعوثين آخرين وصولاً إلى الدبلوماسية الغانية تيتيه، والليبيون يعتصرون الصبر علّهم يجدون حلا

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء الدبيبة مع تيتيه (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يتهم خصومه السياسيين بـ«تفجير الأزمة الاقتصادية» في ليبيا

وجّه الدبيبة حديثه لصالح والبرعصي وبلقاسم حفتر، ومن وصفه بـ«الكومبارس» الرابع المعروف، وقال: «حربكم على حكومتنا حرب على الدولة الليبية التي ستنهار بسببكم».

خالد محمود (القاهرة)

تزايد الجهود الدولية لدعم السودان في مواجهة الأزمات الإنسانية

جانب من المساعدات الدولية (الشرق الأوسط)
جانب من المساعدات الدولية (الشرق الأوسط)
TT
20

تزايد الجهود الدولية لدعم السودان في مواجهة الأزمات الإنسانية

جانب من المساعدات الدولية (الشرق الأوسط)
جانب من المساعدات الدولية (الشرق الأوسط)

في ظل استمرار الأزمة الإنسانية بالسودان وتصاعُد الاحتياجات الأساسية للسكان داخل البلاد وفي دول الجوار، تتزايد أهمية الجهود الدولية في دعم الشعب السوداني بمحنته المتواصلة منذ اندلاع النزاع، عام 2023.

وقد أظهرت تقارير أن السودان بات بحاجة ماسَّة إلى مساعدات إنسانية عاجلة تشمل الغذاء، والرعاية الصحية، والإيواء، والتعليم، خصوصاً مع تزايد أعداد المتضررين واللاجئين داخل وخارج البلاد.

المنظمات الإنسانية

وخلال العام الماضي، وصلت المنظمات الإنسانية إلى أكثر من 15.6 مليون شخص في جميع أنحاء السودان، بدعم قدره 1.8 مليار دولار. وشملت المساعدات المقدمة دعم الغذاء وسبل العيش لأكثر من 13 مليون شخص، بالإضافة إلى دعم المياه والصرف الصحي والنظافة والصحة والتغذية ومساعدة المأوى.

وقدمت المنظمات الإنسانية العاملة في البلدان المجاورة مساعدات مُنقِذة للحياة، من خلال توصيل الغذاء لأكثر من مليون شخص، والدعم الطبي لنصف مليون شخص، وخدمات الحماية لأكثر من 800 ألف شخص.

الأوضاع المتدهورة

وفي هذا السياق، قدمت السعودية والإمارات دعماً للسودان مند بدء الأزمة الإنسانية؛ حيث قدمت المملكة دعماً للسودان بأكثر من 3 مليارات دولار، شمل مساعدات إنسانية بلغت قيمتها 132 مليون دولار موزعة على العديد من المناطق الجغرافية والقطاعات الإنسانية؛ حيث كانت ضمن جهود «مركز الملك سلمان للإغاثة»، التي كانت تميل قبل اندلاع الأزمة في أبريل (نيسان) 2023 نحو تنفيذ تدخلات أكثر استدامة.

وبيَّن المركز، في وقت سابق، أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة بسبب هذا الصراع بدَّدت تلك المكاسب؛ الأمر الذي اضطر للعودة لتقديم المساعدة الفورية، وضاعف المركز جهوده في نطاقات الاحتياج بالسودان، حيث نفذ، منذ أبريل (نيسان) 2023، أكثر من 70 مشروعاً إنسانياً، بتكلفة تجاوزت 73 مليون دولار بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى.

مساعدات سعودية تُنقل جواً للسودان (الشرق الأوسط)
مساعدات سعودية تُنقل جواً للسودان (الشرق الأوسط)

مشاريع تنموية

إلى ذلك، كشفت إحصاءات حديثة صادرة عن وزارة الخارجية الإماراتية عن تقديم دولة الإمارات مساعدات إنسانية وتنموية بقيمة 3.5 مليار دولار خلال الفترة من عام 2014 وحتى عام 2025، بما في ذلك 600.4 مليون دولار تم تخصيصها منذ اندلاع النزاع في 2023. استفاد منها بشكل مباشر أكثر من مليوني شخص.

وتعهَّدت الإمارات، ضمن هذه الجهود، بمبلغ 200 مليون دولار في المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل السودان الذي عُقِد في أديس أبابا، فبراير (شباط) 2025، كما ساهمت الإمارات في إيصال المساعدات من خلال 162 طائرة وشحنة بحرية واحدة، شملت 12.6 ألف طن من المواد الغذائية والطبية والإغاثية، منها 6388 طناً داخل السودان، و280 طناً من المساعدات الطبية.

كما تم إرسال 6 آلاف طن إلى تشاد لدعم اللاجئين السودانيين، و200 طن إلى أوغندا، إضافة إلى توفير دعم لمركز صحي، وحفر 3 آبار، وإنشاء 10 مرافق صحية. وقدمت الإمارات أيضاً 300 طن من المساعدات إلى اللاجئين في جنوب السودان.

قطاع الرعاية الصحية

وفي قطاع الرعاية الصحية، أنشأت الإمارات مستشفيين ميدانيين في تشاد (في أمدجراس وأبشي)، قدَّما الخدمات الطبية لأكثر من 90889 حالة، إلى جانب افتتاح مستشفى في منطقة مادول بولاية بحر الغزال، جنوب السودان. كما تم دعم 127 منشأة صحية في 14 ولاية سودانية.

وأوضحت الإحصاءات أن الإمارات قدمت 70 مليون دولار لوكالات ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في السودان، و30 مليون دولار أخرى للاجئين السودانيين في الدول المجاورة. وقد شملت هذه المساعدات 25 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي.

المساعدات الإماراتية شملت مواد متنوعة لمساعدة المتضررين في السودان (وام)
المساعدات الإماراتية شملت مواد متنوعة لمساعدة المتضررين في السودان (وام)

وتوزعت المساهمات المالية على عدد من البرامج والجهات، حيث قدمت لبرنامج الأغذية العالمي 25 مليون دولار، وللمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 20 مليون دولار، ولـ«منظمة الصحة العالمية» نحو 8 ملايين دولار، بالإضافة إلى تقديم «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)» مبلغ 7 ملايين دولار، و«منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)» نحو 5 ملايين دولار، و«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» نحو 5 ملايين دولار.

دعم إضافي

كما قدمت الإمارات دعماً إضافياً بقيمة 10.25 مليون دولار لصالح اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة؛ حيث قدمت لـ«منظمة الصحة العالمية» نحو 3 ملايين دولار، ولـ«المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» نحو 3 ملايين دولار، ومليوني دولار لـ«صندوق الأمم المتحدة للسكان»، ومثلها لـ«صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني»، بالإضافة إلى 250 ألف دولار لـ«برنامج الاستجابة المبنية على النوع الاجتماعي» في تشاد.

وفي إطار دعم التعليم، وقّعت الإمارات اتفاقاً مع منظمة «يونيسف» لتقديم دعم بقيمة 4 ملايين دولار لصالح تعليم اللاجئين السودانيين في تشاد.

وتؤكد هذه الجهود أن السودان لا يزال بحاجة إلى المزيد من الدعم الدولي المنسق لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية، وسط تفاقم الظروف المعيشية لملايين الأشخاص، سواء داخل البلاد أو في مخيمات اللجوء.