تونس: «اتحاد الشغل» يطالب الحكومة بـ«برامج للخروج من الأزمة»

الطبوبي في تجمع عمالي (الشرق الأوسط)
الطبوبي في تجمع عمالي (الشرق الأوسط)
TT

تونس: «اتحاد الشغل» يطالب الحكومة بـ«برامج للخروج من الأزمة»

الطبوبي في تجمع عمالي (الشرق الأوسط)
الطبوبي في تجمع عمالي (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر نقابية تونسية عن وجود اتصالات مباشرة بين نور الدين الطبوبي رئيس «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال)، وأحمد الحشاني رئيس الحكومة المعين قبل نحو شهر ونصف، وأكدت أن المكتب التنفيذي للاتّحاد وجّه مراسلة رسمية إلى رئاسة الحكومة، طلب من خلالها «برمجة جلسة عمل لطرح كل القضايا العالقة، والاستماع إلى برنامج الحكومة وتصوراتها بشأن حل الملفات العالقة بين الطرفين، وكيفية الخروج من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية».

وتأتي هذه الخطوة إثر انسداد قنوات الحوار بين مؤسسة الرئاسة ونقابة العمال، وتأثير ذلك على العلاقة الرابطة بين الحكومة و«اتحاد الشغل» التي ظلت متوترة نتيجة اتهام القيادات النقابية بالتدخل في الشأن السياسي.

الرئيس سعيد خلال لقاء مع رئيس الحكومة التونسية (الرئاسة)

كما طالب المكتب التنفيذي الحكومة التونسية «بضرورة توضيح برنامجها والتوجه برسائل طمأنة حقيقية للتونسيين، وعدم الاكتفاء بشعارات غير واضحة ولا يمكن اعتبارها خطة حكومية، لتجاوز مجمل الأزمات المستفحلة».

وفي هذا الشأن، قال سمير الشفي، الرئيس المساعد لـ«اتّحاد الشّغل» في تجمع عمالي بولاية باجة (شمال غربي تونس)، إن الرسائل الحكومية «يجب أن تتضمن رؤية متكاملة ذات معنى، ولها القدرة على القبول من قبل التونسيين، والنفاذ لحل المشكلات، وهذا لن يكون إلا بتشريك كل الفاعلين»، على حد تعبيره.

وبشأن «مبادرة إنقاذ تونس»، التي بلورها «اتحاد الشغل» بمعية «رابطة حقوق الإنسان»، و«عمادة المحامين»، و«المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، قال الشفي إنها «جاهزة»، وقد تحتاج إلى تدقيق بعض المسائل، «ولكن المناخ لا يشجّع على تقديمها إلى الرئيس التونسي قيس سعيد والبوح بها في الفترة الحالية».

وأضاف أن القيادات النقابية تأمل في «انفراج قريب، واستعادة العقل السياسي الجماعي في تونس، للحاكمين أو للمعارضين، والقدرة على الاستماع إلى صوت العقل بما ينفع الناس».

تحقيق قضائي

على صعيد آخر، أعلن محمّد زيتونة المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس، عن فتح تحقيق قضائي من قبل النيابة العامة بشأن خروقات في إسناد قروض مالية من قبل البنك الوطني الفلاحي (حكومي)، قائلاً: «إن الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية المتشعّبة بإدارة الشرطة العدلية تعهدت بالملف، وهي التي ستجري الأبحاث والإجراءات الفنيّة اللازمة للوقوف على حقيقة تلك الاتهامات».

الرئيس سعيد (الرئاسة)

يأتي هذا الاهتمام بموضوع القروض البنكية التي لا تستوفي الشروط، خصوصاً منها الضمانات القانونية، إثر زيارة الرئيس التونسي سعيد يوم الخميس الماضي، إلى مقر «البنك الوطني الفلاحي» بالعاصمة، حيث عرض على المسؤولين في البنك، ملفاً يؤكد «خرقه للقانون وإهدار المال العام»، مؤكدا أنّ اللجنة التونسية للتحاليل المالية (البنك المركزي التونسي ستقوم بعملها، وتتأكد من تلك التهم».

وذكّر سعيّد أن الهدف من إحداث هذا البنك «هو دعم قطاع الفلاحة وصغار الفلاحين، غير أنّ البنك أقرض أموالاً طائلة لعدد من الأشخاص والشركات الوهمية من دون أية ضمانات»... من ذلك حصول شخص على قرض سنة 2023، بنحو 24 مليون دينار تونسي (نحو 8 ملايين دولار) دون ضمانات رغم عدم وجود معاملات له لدى البنك».

ورأى سعيد «أنّ إهدار المال العام لا يمكن أن يستمرّ»، وقال: «تنهب الأموال من الدّاخل، ثم يقال إنّ الدولة على وشك الإفلاس». ودعا «إلى الوقوف صفّاً واحداً لتطهير الإدارة، وتطهير البلاد من الفساد».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.