«مجلس حقوق الإنسان المغربي» يدخل على خط مقتل مغربيين واعتقال ثالث من طرف الجزائر

عدّ ذلك «انتهاكاً للحق في الحياة على خط حدودي غير واضح ومنطقة غير متنازع عليها»

مقر المجلس (الشرق الأوسط)
مقر المجلس (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس حقوق الإنسان المغربي» يدخل على خط مقتل مغربيين واعتقال ثالث من طرف الجزائر

مقر المجلس (الشرق الأوسط)
مقر المجلس (الشرق الأوسط)

دخل «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» في المغرب على خط فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية (شمال شرقي المغرب)، التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائرية الذخيرة الحية، مساء يوم الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى وفاة شابين مغربين، لا يزال جثمان أحدهما بالجزائر، فيما لا يزال شاب ثالث في غرفة الإنعاش بوجدة، بينما جرى اعتقال رابع تقررت إدانته من طرف محكمة جزائرية بالسجن مدة 18 شهراً.

في سياق ذلك، قام وفد يضم محمد العمارتي، رئيس اللجنة الجهوية لـ«المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان» بجهة الشرق، وعدداً من أعضاء اللجنة وطاقمها الإداري، بتكليف من رئيسة المجلس، بتجميع المعطيات والاستماع للناجي محمد قيسي، ولأفراد أسرة الضحية بلالقيسي، الذي ووري جثمانه الثرى بالمغرب، وأسرة الضحية عبد العالي مشيور، الذي ما زال جثمانه موجوداً بالجزائر.

مشهد من الرباط (مواقع التواصل)

واعتماداً على ما تم تجميعه من معطيات أولية، «المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي» أدان «استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، تجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالمياً، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، وذلك في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

وتساءل المجلس، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط»، الأحد، نسخة منه، عن أسباب «لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة».

وعدّ المجلس ما تعرض له الضحايا «انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق، تجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خصوصاً أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها». وذكر أن «إنقاذ حياة إنسان في البحر يعدّ مبدأ أساسياً في القانون الدولي لا يحتمل التقييد، ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى».

من الرباط (مواقع التواصل)

واعتبر المجلس «أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد انتهاكاً خطيراً للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، ولا سيما مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر، المعتمدة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1974، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار، المعتمدة في 27 أبريل (نيسان) 1979، كما تم تعديلها في 2004، وخصوصاً الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلاً عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 ديسمبر (كانون الأول) 1982».

وشدد المجلس «على الحق المشروع لأسرة عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب». واستغرب السرعة التي طبعت «محاكمة» إسماعيل الصنابي في الجزائر، الذي تقرر إدانته بالسجن مدة 18 شهراً، وشدد على «مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية». وقال: «إن المجلس سيتابع حق الناجي محمد قيسي وأسر الضحايا في الانتصاف والولوج إلى العدالة».

في غضون ذلك، راسل «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، في سياق الفاجعة، «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر»، من أجل العمل على تمتيع إسماعيل الصنابي الموجود رهن الاعتقال بالجزائر «بكل ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية، والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية».

وخلص المجلس إلى أنه «سيواصل تتبعه عن كثب لتطورات هذه الفاجعة، وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في كل ما يرتبط بها، صوناً للعدالة والحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم».


مقالات ذات صلة

وفاة الممثلة المغربية نعيمة المشرقي... سفيرة يونيسيف للنوايا الحسنة

يوميات الشرق الممثلة المغربية نعيمة المشرقي (الخدمة الإعلامية لمهرجان مالمو)

وفاة الممثلة المغربية نعيمة المشرقي... سفيرة يونيسيف للنوايا الحسنة

توفيت الممثلة المغربية نعيمة المشرقي اليوم السبت عن عمر يناهز 81 عاماً بعد مشوار حافل بالعطاء في المسرح والسينما والتلفزيون امتد لأكثر من خمسة عقود.

«الشرق الأوسط» (الرباط )
شمال افريقيا أطفال من قرية سيدي بوشتة يتزودون بالمياه الصالحة للشرب بعد تحليتها (أ.ف.ب)

بعد 6 سنوات من الجفاف... المغاربة يروون عطشهم من مياه البحر

بدأ سكان قرية سيدي بوشتة المغربية يروون عطشهم بمياه المحيط الأطلسي بعد تحليتها بفضل محطات متنقلة.

«الشرق الأوسط» (بدوزة (المغرب))
شمال افريقيا الملك محمد السادس مستقبلاً الرئيس ماكرون خلال زيارته للرباط في نوفمبر 2018 (رويترز)

ماكرون يزور المغرب لإعادة إطلاق العلاقات الثنائية

أعلن قصر الإليزيه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور المغرب في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مهاجرون ينزلون من زورق مطاطي على شاطئ ديل كانويلو بإسبانيا بعد عبورهم مضيق جبل طارق إبحاراً من سواحل المغرب (رويترز)

المغرب منع 45 ألف مهاجر من العبور إلى أوروبا منذ بداية العام

أحبط المغرب محاولات 45 ألفاً و15 شخصاً الهجرة بطريقة غير شرعية إلى أوروبا منذ يناير الماضي، كما فكك 177 شبكة لتهريب المهاجرين، حسب بيانات وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
TT

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

تباينت آراء برلمانيين وأكاديميين ليبيين بشأن إمكانية تحريك عملية «المصالحة الوطنية» مرة ثانية، في ظل دخول مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، مجدداً على خط الملف في مواجهة المجلس الرئاسي، الذي كان يرعاه قبل تعثره.

وكان صالح قد دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن «النواب» يضطلع بملف المصالحة منذ شهور طويلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي يدرسه المجلس حالياً «يأتي في إطار اهتمامه بهذا الملف». مشدداً على أن أعضاء لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، المعنية بدراسة المشروع، تعمل كي يرى القانون النور خلال الأشهر المقبلة، وهم منفتحون على استطلاع آراء الشرائح والتيارات السياسية والمجتمعية كافة بالبلاد، سواء من أنصار النظام السابق، أو المؤيدين للملكية الدستورية، أو زعامات قبلية.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)

وكان مجلس النواب قد ألغى قانون العزل السياسي عام 2015، الذي كان يحرم شخصيات عملت مع نظام الرئيس الراحل معمر القذافي من تولي مناصب عامة، كما أقر قانون العفو العام.

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، «حدوث أي تقدم بهذا الملف الوطني مع تغير الجهات الراعية له».

وكان المجلس الرئاسي يرعى عملية المصالحة الوطنية، وظل يمهد لعقد مؤتمر جامع في سرت، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن المؤتمر تعثر قبل أن يعقد متأثراً بتعقيدات الأزمة السياسية.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وجوهاً معروفة منذ سنوات، من شيوخ وزعماء عشائر ونشطاء وسياسيين، «يتصدرون ملف المصالحة، ويدعون أنهم يمثلون قبائل ومناطق بالبلاد»، موضحاً أن هؤلاء «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم يتاجرون بالقضية لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة».

ويرى التكبالي أن مَن وصفهم بـ«المتاجرين» يتصلون بالأفرقاء المتصارعين في ذات التوقيت، أي مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» والبرلمان، والقيادة العامة للجيش الوطني، «أملاً في أن ترعى أي جهة مؤتمراتهم وجلساتهم العرفية، التي ينشدون بها الخطب والأشعار». وقال إنه «لم تحدث أي مصالحة حقيقة حتى الآن؛ وكل ما تم كان عبارة عن معالجات ضعيفة»، مطالباً بـ«وجود شفافية بالخطط والبرامج، التي تطرحها أي جهة تدعي رعاية المصالحة، ككيفية توفير الموارد المالية المطلوبة لتقديم التعويضات للمتضررين، ومن قِبَلها إقرار المذنب بخطئه».

وحذر التكبالي من أن غياب هذه الشفافية «كفيل بأن يرسخ بعقول الليبيين أن ما يحدث ليس سوى صراع بين الأجسام والمؤسسات على اقتناص الأموال، التي تخصص سنوياً لهذا الملف، فضلاً عن التباهي برعايته أمام الرأي العام الدولي».

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تشكيل مفوضية تعني بملف المصالحة الوطنية، أعقبها بالإفراج عن بعض رموز نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم نجله الساعدي.

المنفي أرجع بطء وتيرة مشروع المصالحة إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد (رويترز)

وفي كلمته أمام الدورة 79 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، أرجع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بطء وتيرة مشروع المصالحة للتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد. كما قال إن «بعض الأطراف السياسية تحاول عرقلة هذا الملف بكل السبل».

من جهته، قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، الدكتور مجدي الشبعاني، لـ«الشرق الأوسط» إن تعثر ملف المصالحة هو جراء «تنازع أطراف عدة على إدارته وإقحامه في صراعاتهم السياسية».

وذهب الشبعاني إلى أنه «أمام عدم سيطرة أي من أفرقاء الأزمة وافتقاد الثقة بينهم، واختلاف مشاريعهم السياسية، لا يمكن لأي منهم امتلاك برنامج أو قانون قابل للتطبيق بشأن المصالحة»، مقترحاً أن يتم رعاية هذا الملف من قِبَل البعثة الأممية، وهيئة مدنية يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة. كما انتقد مؤتمرات المصالحة التي عقدت خلال العامين الماضيين داخل وخارج البلاد، عاداً أنها افتقدت إلى مشاركة «القوى الفاعلة على الأرض من قيادات الأجهزة المختلفة والكيانات المسلحة بعموم البلاد، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الكثير من توصياتها».