كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

أدلى بتصريحات «مستفزة للسلطات» تخص خلافات الجزائر مع فرنسا والمغرب

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT
20

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)
الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يسلّم الرئيس الجزائري رسالة خطية من السيسي

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

وزير الخارجية المصري يسلّم الرئيس الجزائري رسالة خطية من السيسي

سلّم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع في الجزائر العاصمة اليوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية (وزير العدل حالياً) ورئيسة الوزراء الفرنسيين في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

فرنسا تطرد 12 موظفاً دبلوماسياً جزائرياً

أعلنت الرئاسة الفرنسية أمس (الثلاثاء) أنها ستطرد 12 دبلوماسياً وموظفاً يعملون في السفارة الجزائرية في باريس وفي قنصليات المناطق، وذلك رداً على إجراء مماثل.

ميشال أبونجم (باريس ) «الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صوفيا بن لمان مع المحامي فريدريك ليلارد (أ.ف.ب)

السجن مع وقف التنفيذ لمؤثرة فرنسية-جزائرية

حُكم على مؤثرة فرنسية-جزائرية في مدينة ليون (وسط شرقي فرنسا) بالسجن 9 أشهر مع وقف التنفيذ، بتهمة توجيه تهديدات بالقتل لمعارضين للنظام الجزائري.

«الشرق الأوسط» (ليون (فرنسا))
شمال افريقيا الرئيس ماكرون قرر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر بسبب تفاقم الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)

باريس تطرد 12 موظفاً من الشبكة القنصلية والدبلوماسية رداً على إجراءات الجزائر

توترت العلاقات أكثر فأكثر بين فرنسا والجزائر بعد قرار الأخيرة طرد 12 دبلوماسياً وموظفاً فرنسياً في السفارة الفرنسية بالعاصمة الجزائرية والمدن الكبرى.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في لقاء سابق مع وزير خارجية روسيا بالجزائر (الرئاسة)

الجزائر وروسيا تبحثان التعاون العسكري

استقبل محمد الصالح بن بيشة، الأمين العام لوزارة الدفاع الجزائرية يوري فاليائيف، نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية، ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الجزائرية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

قُتل عشرات المدنيين في مدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان، وفق ما أفاد مصدر طبي ونشطاء محليون، الخميس، في ظل تصاعد الاشتباكات، ووسط مخاوف من اقتحام «قوات الدعم السريع» للمدينة.

وأوضحت «لجان المقاومة في الفاشر» أن المدنيين قُتلوا الأربعاء في اشتباكات وقصف نفذته «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل (نيسان) 2023.

ووقعت أعمال العنف بعد أيام من مقتل أكثر من 400 شخص في هجمات لـ«الدعم السريع» على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ومخيمات نازحين قريبة، وفقاً للأمم المتحدة.

وقدّر الجيش السوداني عدد القتلى الأربعاء بـ62 شخصاً، بينهم 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين ثلاث وعشر سنوات، فضلاً عن إصابة العشرات.

صورة قمر اصطناعي تُظهر نيراناً مشتعلة في مخيم «زمزم» للاجئين (أرشيفية - رويترز)
صورة قمر اصطناعي تُظهر نيراناً مشتعلة في مخيم «زمزم» للاجئين (أرشيفية - رويترز)

وقال الجيش في بيان إنه صد «الهجوم الشرس» على شرق المدينة، في رد منسق مع «القوة المشتركة من حركات الكفاح المسلح، والمخابرات، والشرطة، والمستنفرين، والمقاومة الشعبية». وأضاف أن «قوات الدعم السريع» قد «قامت بقصف عشوائي للمدينة خلال فترات متقطعة».

وتدافع عن الفاشر مجموعات مسلحة متحالفة مع الجيش تُعرف باسم «القوات المشتركة»، وقامت في الأشهر الماضية بقطع خط إمدادات «الدعم السريع» مراراً.

ويصف خبراء معركة الفاشر بـ«الحيوية» بالنسبة للجيش السوداني وحلفائه.

وتحاصر «الدعم السريع» الفاشر منذ أشهر في محاولة للسيطرة عليها، حيث تظل آخر مدينة رئيسية في دارفور تحت سيطرة الجيش، في حين تسيطر «الدعم السريع» على معظم الإقليم ذي المساحة الشاسعة غرب السودان.

مائة قذيفة يومياً

بحسب محمد، أحد المتطوعين النازحين من مخيم «زمزم» إلى الفاشر، لم يتوقف القصف على الفاشر خلال الأيام الماضية.

وقال محمد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه أصيب بطلق ناري أثناء الهجوم على «زمزم» الأسبوع الجاري. ولعدم وجود منشآت طبية، تلقى محمد ومئات المصابين علاجاً أولياً في أحد منازل المخيم، إلى أن نزح محمولاً إلى داخل مدينة الفاشر.

وأشار محمد إلى نفاد الأدوية من الفاشر التي لم يعد فيها «مسكنات آلام أو مواد حيوية... ونستخدم الكي بالنار لتضميد الجروح وتطهيرها».

ويتلقى وسط الفاشر «مائة قذيفة يومياً»، بحسب محمد الذي طلب عدم نشر اسم عائلته حفاظاً على أمنه، بلا ملاجئ للمدنيين.

وحذرت الأمم المتحدة من توابع وخيمة في حال اقتحام «الدعم السريع» للمدينة التي تعاني انعداماً حاداً للأمن الغذائي.

ويعيش في محيط الفاشر 825 ألف طفل في «جحيم على الأرض»، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة.

فارون من مخيم «زمزم» للاجئين يبحثون عن مأوى في العراء (أرشيفية - أ.ف.ب)
فارون من مخيم «زمزم» للاجئين يبحثون عن مأوى في العراء (أرشيفية - أ.ف.ب)

مئات آلاف النازحين

أدت الحرب التي دخلت عامها الثالث الثلاثاء الماضي، إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح 13 مليون شخص، في ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.

كما أدى النزاع إلى تقسيم البلاد إلى قسمين عملياً؛ إذ يسيطر الجيش على الوسط والشمال والشرق، في حين تسيطر «الدعم السريع» على كل دارفور تقريباً، بالإضافة إلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.

وبعد الهجوم الكبير الذي شنته الجمعة في دارفور، أعلنت «الدعم السريع» الأحد سيطرتها الكاملة على مخيم «زمزم» للاجئين الذي كان يضم نحو مليون لاجئ، حسب مصادر إغاثية.

وأدى الهجوم إلى نزوح 400 ألف على الأقل من سكان المخيم إلى المدن المجاورة. وقالت «غرفة الطوارئ»، وهي مجموعة متطوعة مدنية بمدينة طويلة القريبة من الفاشر، إن النازحين الجدد «يعانون نقصاً في الغذاء ومياه الشرب ومواد الإيواء»، مع عدم توافر أي مساعدات إنسانية في المنطقة.

وكان مخيم «زمزم» أول منطقة في السودان أُعلنت فيها المجاعة في أغسطس (آب) الماضي. وبحلول ديسمبر (كانون الأول) امتدت المجاعة إلى مخيمين آخرين في دارفور، وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الكثير من النازحين ربما ما زالوا عالقين في «زمزم».

عاجل الجيش الإسرائيلي: منظومات الدفاع الجوي تعمل على اعتراض صاروخ تم إطلاقه من اليمن