الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

شبه قطيعة بين البلدين بسبب المغرب ونزاع الصحراء

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
TT

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

رغم نفي الحكومة الجزائرية أخباراً عن «فرض قيود على التجارة مع فرنسا» جراء خلافات سياسية بينهما، فإن مصادر اقتصادية أكدت أن صادرات فرنسا من القمح إلى مستعمرتها القديمة «شهدت عراقيل كبيرة منذ يوليو (تموز) الماضي»، أي في الشهر نفسه الذي سحبت فيه الجزائر سفيرها من باريس، احتجاجاً على دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

وكانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن من القمح الفرنسي كل عام؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت، بشكل لافت في السنوات الأخيرة، لتصل إلى نحو 1.8 مليون طن في موسمي 2021 - 2022 و2022 و2023، ثم إلى 1.6 مليون طن في موسم 2023 - 2024.

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وبالنسبة إلى الموسم الحالي، فتعود آخر عملية استيراد قمح فرنسي من طرف الجزائر إلى شهر يوليو الماضي، بكمية لا تتجاوز 31.5 ألف طن، وفقاً لمواقع إخبارية فرنسية مختصة لاحظت أن الجزائر «تتجه منذ أشهر بعيداً عن القمح الفرنسي»، بعد أن كانت زبوناً رئيسياً في هذا المجال.

وصرح بنيوا بيترمان، الخبير الفرنسي البارز في ميدان الزراعات الكبرى، لمنصة «أرض.نت»، الفرنسية المختصة، بأن العلاقات الدبلوماسية بين باريس والجزائر «معقدة لأسباب لا علاقة لها بالحبوب (...). هكذا؛ فقدنا هذه السوق، ولكن يجب أن نكون مستعدين لدخول أسواق أخرى، مثل المغرب ودول أفريقيا جنوب الصحراء، وأحياناً توجد حاجة إلى بيع منتجات بشكل محدد، مع أسواق قد تُفتح في بعض الأحيان».

وأضاف: «يجب أن نراقب تطور الوضع على المدى الطويل. فقبل بضع سنوات، كانت العلاقات بالمغرب معقدة لأسباب أخرى، لكن عادت لتصبح جيدة للغاية... بالتأكيد يجب ألا نستسلم».

وتعدّ الجزائر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وكانت فرنسا لسنوات طويلة أكبر مورد لها بفارق كبير عن المورد التالي. وفي السنتين الأخيرتين، وجهت الجزائر اهتمامها إلى بلدان شرق أوروبا بشأن شراء الحبوب، خصوصاً القمح اللَّيِّن.

يأتي قرار الجزائر بوقف استيراد القمح الفرنسي، في سياق إنتاج منخفض للقمح في فرنسا بموسم التسويق 2024 - 2025؛ إذ شهدت صادرات القمح اللين الفرنسي إلى البلدان غير الأوروبية تراجعاً.

اجتماع سابق لإطار «ميديف» الفرنسي و«مجلس التجديد الاقتصادي» الجزائري في مايو 2022 (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

وكانت «مصادر تجارية» في فرنسا صرحت لوكالة «رويترز»، في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأن الجزائر استبعدت الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد القمح نظمتها في الأسبوع الأول من الشهر ذاته. كما نقلت الوكالة الإخبارية عن المصادر نفسها أن الجزائر «اشترطت ألا تعرض الشركات المشاركة في المناقصة قمحاً فرنسي المنشأ». ووضعت «رويترز» القضية في إطار «تجدد التوتر الدبلوماسي بين البلدين»، على أثر احتجاج الجزائر بشدة على القرار الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن اعتراف باريس بمخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط لحل نزاع الصحراء، علماً بأن الجزائر تسند موقف جبهة «البوليساريو» لتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الإقليم بإشراف الأمم المتحدة.

والمعروف أن الجزائر أوقفت التجارة مع إسبانيا في 2022؛ بسبب إعلانها تأييد المقترح المغربي نفسه. ومنذ أسبوعين عادت العمليات التجارية بين البلدين إلى النشاط، من دون تغيير في موقف مدريد السياسي.

وفي 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، نددت الحكومة الجزائرية بـ«معلومات لا أساس لها على الإطلاق من الصحة» كتبها في الإعلام الاجتماعي السفير الفرنسي سابقاً لدى الجزائر، غزافييه دريانكور، تفيد بأنها «فرضت قيوداً على التجارة مع فرنسا»، واضعاً لذلك صلة بالخلافات السياسية بين البلدين.

وقال الدبلوماسي الفرنسي تحديداً: «من أجل شكر فرنسا، الجزائر تقرر منع كل الواردات الفرنسية والصادرات نحو فرنسا. نحن عميان بالتأكيد». وجاء في رد الجزائر أن دريانكور، من دون ذكره بالاسم، «يروّج في جنونه المعتاد لادعاءات كاذبة»، وكانت تشير ضمناً إلى كتاب وسلسلة مقالات له تناول فيها شؤون الحكم في الجزائر.


مقالات ذات صلة

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر بهدف زعزعة استقرار البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.