دخل «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» في المغرب على خط فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية (شمال شرقي المغرب)، التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائرية الذخيرة الحية، مساء يوم الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى وفاة شابين مغربين، لا يزال جثمان أحدهما بالجزائر، فيما لا يزال شاب ثالث في غرفة الإنعاش بوجدة، بينما جرى اعتقال رابع تقررت إدانته من طرف محكمة جزائرية بالسجن مدة 18 شهراً.
في سياق ذلك، قام وفد يضم محمد العمارتي، رئيس اللجنة الجهوية لـ«المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان» بجهة الشرق، وعدداً من أعضاء اللجنة وطاقمها الإداري، بتكليف من رئيسة المجلس، بتجميع المعطيات والاستماع للناجي محمد قيسي، ولأفراد أسرة الضحية بلالقيسي، الذي ووري جثمانه الثرى بالمغرب، وأسرة الضحية عبد العالي مشيور، الذي ما زال جثمانه موجوداً بالجزائر.
واعتماداً على ما تم تجميعه من معطيات أولية، «المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي» أدان «استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، تجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالمياً، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، وذلك في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان».
وتساءل المجلس، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط»، الأحد، نسخة منه، عن أسباب «لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة».
وعدّ المجلس ما تعرض له الضحايا «انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق، تجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خصوصاً أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها». وذكر أن «إنقاذ حياة إنسان في البحر يعدّ مبدأ أساسياً في القانون الدولي لا يحتمل التقييد، ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى».
واعتبر المجلس «أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد انتهاكاً خطيراً للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، ولا سيما مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر، المعتمدة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1974، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار، المعتمدة في 27 أبريل (نيسان) 1979، كما تم تعديلها في 2004، وخصوصاً الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلاً عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 ديسمبر (كانون الأول) 1982».
وشدد المجلس «على الحق المشروع لأسرة عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب». واستغرب السرعة التي طبعت «محاكمة» إسماعيل الصنابي في الجزائر، الذي تقرر إدانته بالسجن مدة 18 شهراً، وشدد على «مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية». وقال: «إن المجلس سيتابع حق الناجي محمد قيسي وأسر الضحايا في الانتصاف والولوج إلى العدالة».
في غضون ذلك، راسل «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، في سياق الفاجعة، «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر»، من أجل العمل على تمتيع إسماعيل الصنابي الموجود رهن الاعتقال بالجزائر «بكل ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية، والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية».
وخلص المجلس إلى أنه «سيواصل تتبعه عن كثب لتطورات هذه الفاجعة، وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في كل ما يرتبط بها، صوناً للعدالة والحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم».