ترقب مع انطلاق جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة»

مصر تطالب بـ«اتفاق قانوني مُلزم»... وإثيوبيا تتعهد بـ«نتيجة ودية»

الوفد المصري خلال الاجتماع برئاسة وزير الموارد المائية (وزارة الموارد المائية والري - مصر)
الوفد المصري خلال الاجتماع برئاسة وزير الموارد المائية (وزارة الموارد المائية والري - مصر)
TT
20

ترقب مع انطلاق جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة»

الوفد المصري خلال الاجتماع برئاسة وزير الموارد المائية (وزارة الموارد المائية والري - مصر)
الوفد المصري خلال الاجتماع برئاسة وزير الموارد المائية (وزارة الموارد المائية والري - مصر)

وسط ترقب وتوجس خلفته «الخبرات السابقة»، أثار إعلان القاهرة بدء جولة جديدة من المفاوضات بشأن «سد النهضة» بمشاركة كل من مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة المصرية، (الأحد)، تساؤلات حول مصير تلك الجولة، والنقاط الخلافية، وما إذا كان يمكن التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف؟

وبدت حالة الترقب لمسار المفاوضات الجديدة في إفادة رسمية لوزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم أكد فيها «أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث»، وشدد الوزير المصري قبيل بدء المفاوضات على «أهمية التوقف عن أي خطوات أحادية في هذا الشأن»، وأن «استمرار ملء وتشغيل السد في غياب اتفاق يعد انتهاكا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015»، ووفقا لبيان رسمي لوزارة الري المصرية.

ولفت الوزير إلى أن «مصر تستمر في بذل أقصى الجهود لإنجاح العملية التفاوضية، انطلاقا من إيمانها بوجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح تلبية مصالح الدول الثلاث، والتوصل للاتفاق المنشود».

فيما أكد بيان لوفد إثيوبيا في المفاوضات أنها «ستواصل العمل من أجل الوصول إلى نتيجة ودية للمفاوضات»، وشدد البيان على «حق إثيوبيا في الاستفادة من مياه نهر النيل»، معتبرا التفاوض «يعزز التعاون بين الدول الثلاث».

وتأتي جولة المفاوضات الجديدة تفعيلا للبيان المشترك الذي صدر عن كل من مصر وإثيوبيا في 13 يوليو (تموز) الماضي، عقب لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على هامش قمة «دول جوار السودان» التي استضافتها القاهرة، حيث أكد البيان حينها على «ضرورة التوصل لاتفاق نهائي خلال أربعة أشهر».

وأثار إعلان استئناف المفاوضات حول أزمة «سد النهضة» تساؤلات عدة بين المراقبين والخبراء حول مدى إمكانية التوصل لاتفاق يرضي الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا»، وقال نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر الدكتور أيمن عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «التوصل لاتفاق مرض حول سد النهضة قد يكون أمرا صعبا، خاصة مع (الخبرات السلبية) لجولات التفاوض السابقة، حيث يعتمد الجانب الإثيوبي على التسويف وفرض سياسة الأمر الواقع»، حسب تعبيره، لكن على الجانب الآخر وفق عبد الوهاب، فإن «الجيد في جولة المفاوضات الجديدة أنها لن تنطلق من الصفر بل من جولات التفاوض السابقة وخاصة (مفاوضات واشنطن)»، وبحسب عبد الوهاب «يجب أيضا أن تكون هناك ضمانات لالتزام إثيوبيا بأي اتفاق يتم توقيعه، وذلك عن طريق وسيط إقليمي أو دولي، أو الاتحاد الأفريقي».

ومنتصف يوليو الماضي، بدأت أديس أبابا التخزين الرابع للسد الكهرومائي العملاق، الذي تبنيه منذ عام 2011. وأنجزت إثيوبيا ثلاث مراحل من عملية ملء السد، خلال موسم الفيضان في أعوام 2020 و2021 و2023.

ولم يستبعد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، إمكانية التوصل لاتفاق نهائي خلال الجولة الراهنة. وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» من «المتوقع التوصل لاتفاق مرض لكل من مصر والسودان، خاصة أنه تم بالفعل الاتفاق على عدد من النقاط خلال مفاوضات واشنطن عام 2020».

وأكد الخبير المصري أن «جولة المفاوضات الجديدة ستتضمن عددا من النقاط الفنية، أبرزها قواعد الملء والتخزين، والتشغيل، ووضع آليات محددة لحل أي خلافات قد تنشأ بين الدول الثلاث حول أي تفاصيل فنية عقب التشغيل الكامل للسد»، موضحا أن «الملء الرابع (الحالي) لا يشكل مشكلة، فهو وثلاث مرات الملء السابقة اسمها جميعا (الملء الأول) إذ إنه عقب الملء الكامل للسد والذي قد يتطلب مرة خامسة، ويبدأ تشغيل التوربينات، ستعاود إثيوبيا ملء السد سنويا بشكل دائم، وهو ما يستلزم الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل».

وبحسب شراقي فإنه «توجد نقطة خلافية ذات أهمية، وهي مطالبة إثيوبيا بتحديد حصة لها من المياه، وهو أمر غير منطقي، وقد يعرقل المفاوضات».


مقالات ذات صلة

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

العالم العربي سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

أثار تعرض أراضٍ زراعية بمصر للغرق إثر ارتفاع منسوب مياه النيل تساؤلات حول مدى تأثير «سد النهضة» الإثيوبي على السياسات المائية المصرية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مصر والسودان إلى الحوار بشأن قضية «سد النهضة» في وقت تصر القاهرة على ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

أبدى وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، قلق بلاده من احتمال انهيار «سد النهضة» الإثيوبي، متحدثاً عن مؤشرات تثير القلق بشأن متانة السد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر والسودان يحذران من استدراج دول حوض النيل إلى نزاع «سد النهضة»

أكدت مصر والسودان، إصرارهما على التوصل إلى «حلول سلمية وسياسية»، في النزاع القائم حول «سد النهضة» الإثيوبي، مع ضرورة إبقاء الخلاف بين الدول الثلاث.

أحمد إمبابي (القاهرة)

«الدعم السريع» تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى

شاحنات محملة بمساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي تصل إلى طويلة في شمال دارفور بالسودان في 27 أبريل 2025 (رويترز)
شاحنات محملة بمساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي تصل إلى طويلة في شمال دارفور بالسودان في 27 أبريل 2025 (رويترز)
TT
20

«الدعم السريع» تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى

شاحنات محملة بمساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي تصل إلى طويلة في شمال دارفور بالسودان في 27 أبريل 2025 (رويترز)
شاحنات محملة بمساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي تصل إلى طويلة في شمال دارفور بالسودان في 27 أبريل 2025 (رويترز)

استهدفت «قوات الدعم السريع»، الخميس، القصر الجمهوري في وسط العاصمة السودانية الخرطوم بقصف مدفعي بعيد المدى، وفق مصدر عسكري.

وقال المصدر العسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن القصف انطلق من منطقة الصالحة جنوب أم درمان بالخرطوم الكبرى، وطال كذلك مقر وزارة المعادن في المنطقة الحكومية في العاصمة.

وكانت «قوات الدعم السريع» قصفت السبت مقر القيادة العامة للجيش السوداني بقذائف مدفعية بعيدة المدى. وأتى استهداف مواقع تابعة للجيش بعد أسابيع من إعلان الأخير إخراج قوات الدعم السريع من الخرطوم. وأطلق الجيش السوداني في مارس (آذار) عملية واسعة من وسط البلاد أفضت إلى استعادة السيطرة على القصر الجمهوري ومطار الخرطوم ومواقع حيوية أخرى انتهت بإعلان قائد الجيش «الخرطوم حرة»، وما زالت «قوات الدعم السريع» تحتفظ بمعاقلها في جنوب وغرب أم درمان التي تنطلق منها هجماتها الأخيرة على الجيش السوداني.

في سياق متصل، قُتل 165 مدنياً على الأقل في هجمات شنّتها «قوات الدعم السريع» في الأيام العشرة الأخيرة على مدينة الفاشر التي تحاصرها في إقليم دارفور في غرب البلاد، وفق ما أفاد نشطاء الأربعاء «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً في مواجهة الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، دكّت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بأكثر من 750 قذيفة «هاون» وراجمات ودبابات ومدافع ثقيلة، وفق «تنسيقية لجان المقاومة» في الفاشر، وهي مجموعة تطوعية تنشط في تنسيق المساعدات في السودان.

وقالت «التنسيقية» إن حصيلة القتلى وثّقتها «المرافق الصحية التي استقبلت الجرحى والضحايا» الذين سقطوا فيما وصفته بأنه «مجزرة دموية بحق مدينة الفاشر وسكانها العزل».

ولفتت «التنسيقية» إلى أن شهادات ميدانية لديها تشير إلى أن «أعداد الشهداء الفعلية تفوق ذلك بكثير، إذ سقط كثيرون على الفور في مواقع القصف، ولم يتمكن أحد من نقلهم إلى المستشفيات».

وأسفرت الحرب التي اندلعت في 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن سقوط عشرات آلاف القتلى، وعن أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة، وفق الأمم المتحدة.