وزير خارجية تونس يزور الجزائر بعد «فتور» في علاقات البلدين

الزيارات الرسمية بين البلدين تقلصت منذ أكثر من 9 أشهر

من لقاء وزيري خارجية تونس والجزائر في العاصمة الجزائر (موقع الخارجية التونسية)
من لقاء وزيري خارجية تونس والجزائر في العاصمة الجزائر (موقع الخارجية التونسية)
TT

وزير خارجية تونس يزور الجزائر بعد «فتور» في علاقات البلدين

من لقاء وزيري خارجية تونس والجزائر في العاصمة الجزائر (موقع الخارجية التونسية)
من لقاء وزيري خارجية تونس والجزائر في العاصمة الجزائر (موقع الخارجية التونسية)

خلفت زيارة وزير الخارجية التونسية نبيل عمار، محملا برسالة من الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تساؤلات كثيرة حول فحوى تلك الرسالة ومضمونها، خاصة أنها جاءت بعد مرور نحو تسعة أشهر عن زيارة أحد كبار المسؤولين التونسيين إلى الجزائر.

وأعلنت الرئاسة التونسية بشكل مفاجئ أمس الأربعاء عن تكليف الرئيس سعيد لوزير خارجيته بالقيام بزيارة إلى الجزائر كمبعوث خاص، وتكليفه بحمله رسالة إلى الرئيس تبون، وهو ما جعل المتابعين للشأن السياسي المحلي يتساءلون عن أهداف هذه الزيارة، التي جاءت بعد أشهر من «الخلاف الصامت» بين البلدين، بسبب الأزمة العميقة التي خلفها ملف أميرة بوراوي، الناشطة الحقوقية والصحافية الفرنسية - الجزائرية التي تم تهريبها إلى فرنسا عبر التراب التونسي، رغم دخولها بشكل غير قانوني إلى تونس.

وتعود آخر زيارة لأحد كبار المسؤولين التونسيين إلى الجزائر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما قامت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية السابقة بزيارة قصيرة إلى الجزائر. وتعد هذه أول زيارة لنبيل عمار وزير الخارجية التونسية إلى الجزائر، منذ توليه منصبه في فبراير (شباط) الماضي، خلفا لعثمان الجرندي.

واكتفت وزارة الخارجية التونسية بالإشارة إلى اللقاء الذي جمع الوزير التونسي نبيل عمار بنظيره الجزائري أحمد عطاف، وتباحثهما حول أبرز ملفات التعاون القائم بين البلدين، والاستحقاقات الهامّة المنتظرة خلال الأشهر المقبلة، لكن غياب الزيارات الرسمية بين الجزائر وتونس منذ نحو تسعة أشهر ما يزال يخلف تساؤلات سياسية كثيرة عما إذا كان هناك استمرار للفتور في التواصل السياسي بين البلدين، رغم تأكيدات مستمرة من قبل الرئيسين، تبون وسعيّد، على جودة العلاقات بين البلدين.

وخلال اللقاء دعا وزير الخارجية التونسية إلى «تعزيز التعاون مع الجزائر في المجالات كافة، وترسيخ التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». واتفقا على «ضرورة استنباط آليات تعاون ثنائي جديدة تستجيب للتطلعات المنتظرة لقيادتي البلدين والشعبين الشقيقين، بما يسهم في إدخال مزيد من الديناميكية على التعاون الثنائي. كما تبادلا وجهات النظر بشأن المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية»، وفق بيان الخارجية التونسية.

المهاجرون الأفارقة

في السياق ذاته، يرى مراقبون أن ملف المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، وتدفقهم بالآلاف على تونس، وصدور تقارير إعلامية محلية عن دخول الأفارقة عبر التراب الجزائري، وتأكيدها أن السلطات التونسية نقلتهم عبر حافلات إلى الحدود التونسية - الجزائرية ثم أطلقت سراحهم، قد أثر على العلاقات التونسية - الجزائرية حتى وإن لم يتم تناول هذا الموضوع بشكل رسمي بين مسؤولي البلدين، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية تونسية بمثابة «عقوبة غير معلنة من السلطات الجزائرية تجاه تونس».

وفي انتظار الوقوف على نتائج هذه الزيارة السريعة، يبقى مضمون رسالة سعيد إلى الرئيس الجزائري مجهولا، وقد تتضح معالمه من خلال السياسات والتصريحات التي ستعقب زيارة وزير الخارجية التونسية إلى الجزائر.


مقالات ذات صلة

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أفريقيا الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

كشف القاضي فريد بن جحا، الناطق باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية الساحليتين، عن أن قوات حرس الخوافر اكتشفت مؤخراً نحو 20 جثة لفظها البحر نحو محافظة المهدية.

كمال بن يونس (تونس)
شمال افريقيا سنية الدهماني عرفت بانتقادها الشديد للسلطات (الشرق الأوسط)

محكمة تونسية تقضي بسجن إحدى أبرز منتقدات الرئيس

أصدرت محكمة تونسية، الخميس، حكماً بسجن المحامية والمُعلِّقة بوسائل الإعلام سنية الدهماني لمدة عامين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، أكدت فيه أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، ستتم معاينته بصفة قانونية».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)

سعيّد لولاية رئاسية ثانية بغالبية 89 %

صوّت أكثر من 2.7 مليون ناخب، حسب ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاماً 65 في المائة من نسبة المشاركين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.