لا يزال الغموض في ليبيا يحيط بموقف المجلس الأعلى للدولة ورئيسه الجديد محمد تكالة بشأن مصير توافقات المجلس السابقة مع مجلس النواب، المتعلقة بالقوانين الانتخابية، وتنفيذ «خريطة طريق» تتضمن تشكيل حكومة جديدة بالبلاد.
وفي ظل قلة تصريحات تكالة، وتركيزها على ملامح عامة لا خلاف عليها، كالاستعداد للعمل مع جميع مؤسسات الدولة، والسعي للتجهيز للانتخابات، باتت أطراف عدة بالساحة السياسية تترقب الإعلان عن موعد الجلسة القادمة للمجلس الأعلى للدولة لمعرفة مواقفه من عدد من القضايا على نحو أكثر دقة.
وعلى الرغم مما هو معلن عن تكالة بانتمائه للكتلة الرافضة داخل مجلسه للتعديل الـ(13) للإعلان الدستوري ومخرجات اللجنة المشتركة «6+6» من مشاريع قوانين انتخابية، و«خريطة طريق» للمسار التنفيذي لتلك القوانين، استبعد عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، تراجع تكالة عن كافة ما أقره مجلسه خلال رئاسة خالد المشري الرئيس السابق للمجلس. ورأى الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اعتماد (الأعلى للدولة) للتعديل الـ13 للإعلان الدستوري، أو لخريطة الطريق للمسار التنفيذي للقوانين الانتخابية، تم في جلسات صوّت عليها الأعضاء، وليس بناء على قرار من المشري، ليتم نقضها برحيله».
وأشار الزرقاء إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بأنه تواصل مع تكالة عقب فوزه، وأبدى استعداده للتفاهم من أجل إجراء الانتخابات. ورجح أن «يسعى تكالة في الفترة الراهنة لتكثيف جهوده لتقريب وجهات النظر بين أعضاء مجلسه حيال كافة النقاط الخلافية التي أثارت انقساما خلال الفترة الماضية». وقال بهذا الخصوص: «قد يتم التوافق بين المجلسين بشأن التعديلات التي طالب البرلمان مؤخرا بإدخالها على بعض بنود القوانين الانتخابية... ثم يستكمل المجلسان إجراءات تنفيذ خريطة الطريق، بالتمهيد لإجراء الانتخابات خلال 240 يوما من تاريخ إقرار البرلمان للقوانين، والعمل على تشكيل حكومة جديدة».
وتركزت تعديلات أعضاء البرلمان في مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة على تعديل المادة (12)، التي تنص على «خوض المرشح لجولة ثانية من التصويت بغض النظر عن نسبة الأصوات التي حققها في الجولة الأولى، والمطالبة بعودة العسكريين إلى مناصبهم في حال عدم فوزهم في الانتخابات».
من جهته، توقع عضو الأعلى للدولة، عادل كرموس، أن يتركز النقاش بين مجلسه والبرلمان «حول خريطة الطريق فقط، فيما تظل إمكانية إحداث تغييرات ببنود بالقوانين الانتخابية من عدمه رهينة بموافقة أعضاء لجنة (6+6) من المجلسين». وأشار كرموس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا توجد أي مؤشرات تنبئ بموقف تكالة حيال التوافق مع (النواب) بشأن تشكيل حكومة جديدة، تتولى الإشراف على إجراء الانتخابات بعموم البلاد، وهو ما يعني الاصطدام الحتمي بحكومة (الوحدة الوطنية) المؤقتة».
وينص التعديل الـ(13) للإعلان الدستوري، الذي تم إقراره من قبل مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، على أن قرارات لجنة (6+6) نهائية ونافذة، وتحال إلى مجلس النواب لإقرارها دون تعديل.
وأضاف كرموس أن أعضاء المجلس الأعلى للدولة «حريصون على إنهاء تلك الضبابية بموقف مجلسهم حيال قضية الحكومة، ولكنهم يقدرون أن مثل هذه القرارات المصيرية من الصعب اتخاذها خلال أيام قليلة، في ظل انشغال تكالة، بمتابعة تسلم المهام من الرئاسة السابقة».
وانتهى كرموس إلى أن تكالة وعلى عكس ما يردد كثيرون «منفتح على التغيير بالسلطة التنفيذية، وإن كان من الموضوعية الإقرار بأن موقعه الراهن سيجعله عرضة لضغوط كتل وازنة داخل المجلس».
من جانبها، أكدت عضو المجلس الأعلى للدولة، ماجدة الفلاح، على أن موعد وجدول أعمال الجلسة القادمة للمجلس «لم يحددا بعد، ولا أحد يعلم إذا كان سيتم التطرق خلالها بالنقاش من عدمه للقضايا الخلافية، التي أحدثت انقساما واسعا بين أعضاء الأعلى للدولة، وفي مقدمتها التعديل الـ13 للإعلان الدستوري بوجود كتلة قوامها (55) عضوا رافضة له، وأخرى مكونة من (52) عضوا مؤيدة له».
وقالت الفلاح لـ«الشرق الأوسط» إن قيام مجلس النواب بإرسال ملاحظاته على بعض بنود القوانين الانتخابية «يعد مخالفة لما تم النص عليه بالتعديل الـ13 للإعلان الدستوري»، متوقعة أن تكون تلك التعديلات، التي قال البرلمان إنه سيرسلها للأعلى للدولة، أحد البنود التي ستتم مناقشتها بالجلسة القادمة».
بدوره، توقع المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ «توقف مسار اللجنة ومخرجاته بشكل نهائي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إرسال البرلمان لتعديلات على القوانين الانتخابية أغضب بشدة أغلبية أعضاء الأعلى للدولة. ومن المتوقع أن تقوم الكتلة العريضة داخل الأعلى، التي رفضت منذ البداية إقرار هذا التعديل الدستوري، بتوظيف هذا الإجراء البرلماني، والمطالبة بطرح مخرجات اللجنة للتصويت عليها في أول جلسة برئاسة تكالة».
ورأى محفوظ أن تكالة «لن يستطيع معارضة هذه الكتلة، وذلك لرغبته في تفادي الصدام معها، خاصة أن جزءا كبيرا من المنتمين لها صوتوا له في الانتخابات التي انتهت بفوزه». وانتهى محفوظ إلى أن «النتيجة المتوقعة لهذا التصويت هي رفض تلك المخرجات من قوانين و(خريطة طريق)».