مع إطلاق السلطات المصرية، الخميس، سراح كل من الباحث باتريك زكي، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، غداة إصدار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفواً عنهما من أحكام قضائية غير قابلة للطعن، «استجابة لمناشدة من مجلس أمناء (الحوار الوطني)»، يُبدي حقوقيون، وسياسيون بارزون تطلعهم إلى «الإفراج عن المزيد من المحبوسين».
وتثير التطورات الأخيرة، تساؤلات، في الأوساط السياسية المصرية، حول مستقبل جهود «الحوار الوطني» في حل أزمة هؤلاء النشطاء «نهائياً».
ويجمع «الحوار الوطني»، قوى سياسية متنوعة، تجتمع لمناقشة قضايا عامة، منذ الثالث من مايو (أيار) الماضي. وفي ملف الحريات، يطغى على النقاش في أروقة «الحوار»، «الحاجة إلى إغلاق ملف النشطاء المحبوسين»، بحسب الحقوقي نجاد البرعي.
وتجيز المادة 155 من الدستور المصري، «لرئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها»، وهي آلية يحتاجها كل سجين صدر بحقه حكم بالعقوبة، بينما تصدر قرارات الإفراج عن المحبوسين احتياطياً من النائب العام. وقال البرعي، وهو عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني»، لـ«الشرق الأوسط»: «الحوار الوطني يتحدث دائماً عن المحبوسين».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يتوقع الإفراج عن المزيد من النشطاء، بعد قرار العفو الرئاسي الأخير، أجاب: «بالطبع نعم، هناك المزيد سيتم الإفراج عنهم. نحن نريد إغلاق هذا الملف».
وفي تصريح تلفزيوني، قال المنسق العام للحوار الوطني، ضياء رشوان، الأربعاء، إن مجلس أمناء «الحوار الوطني»: «يتطلع إلى مزيد من القرارات الجمهورية بالعفو عن المحبوسين». وأشار إلى أن عدد المفرج عنهم، من المحبوسين احتياطياً، منذ تشكيل لجنة العفو الرئاسي حتى الآن 1500 فرد. وتابع رشوان أنه «لا يوجد أحد من المنتسبين للعمل الحقوقي في مصر موجود بالسجن الآن».
يعود تاريخ تشكيل لجنة «العفو الرئاسي» إلى عام 2017، حيث جاءت ضمن مخرجات «المؤتمر الوطني للشباب» بشرم الشيخ، في ذلك العام. وتستهدف «مراجعة ملفات وقضايا المحبوسين احتياطياً من السياسيين غير المتورطين في أعمال عنف، ليتم الإفراج عنهم بقرار رئاسي»، وقد أعيد تشكيل اللجنة، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، في أبريل (نيسان) من العام الماضي.
ويقول عضو اللجنة، ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، عن «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، طارق الخولي، إن قرارات العفو الرئاسي «كان لها إسهام قوي في الحفاظ على مناخ يسمح بحالة الحوار ويقلل من أي توتر ما بين القوى المختلفة». ورداً على سؤال حول ما إذا كان «الحوار الوطني» بصدد «إنهاء ملف النشطاء المحبوسين»، قال الخولي، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن قرارات العفو قوة دفع لنجاح الحوار الوطني وقدرته على أن ينتج حلولاً جذرية لكل التحديات والقضايا».
ويقدر المتحدث الإعلامي باسم «الحركة المدنية الديمقراطية»، خالد داود، عدد النشطاء الذين تطالب الحركة بالإفراج عنهم، بما يتراوح بين 30 و40 ناشطاً، منهم 3 يحتاجون إلى «عفو رئاسي»، وهم: «محمد أكسجين، وعلاء عبد الفتاح، وأحمد دومة».
ويشير داود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الباقين من المحبوسين احتياطياً يملك النائب العام المصري الإفراج عنهم مباشرة.
وذكر أن «الحركة المدنية»، قدّمت، منذ حفل إفطار الأسرة المصرية، العام الماضي، قائمة بأسماء النشطاء الذين تطالب بإطلاق سراحهم، إلى الجهات المعنية كافة.
وتعليقاً على قرار العفو الرئاسي الأخير، يقول داود: «هذا ما كنا نأمله منذ اشتركنا في (الحوار الوطني). وكان هذا أحد المطالب الرئيسية منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإفطار الأسرة المصرية، في أبريل (نيسان) 2022، ونحن نطالب بالإفراج عن النشطاء، ورفع الحجب عن المواقع الإلكترونية».
واستطرد: «هذه كلها من الإجراءات العاجلة التي يمكن أن تمنح ثقة للناس بأن (الحوار الوطني) عملية مجدية، لتحقيق الانفتاح في المجال السياسي، وتغيير الأجواء التي عشناها على مدار السنوات التسع أو العشر الماضية. سعداء جداً بالقرار السريع الذي صدر بحق باتريك زكي، ومحمد الباقر، ونتمنى خروج الباقين».
ويقول داود، وهو المقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية في «الحوار الوطني»، إن «إغلاق ملف النشطاء المحبوسين، والاستجابة للمطالب الخاصة بالحريات العامة، يمنحانا، كمعارضة، مصداقية بأن مشاركتنا في (الحوار الوطني) مجدية».