«سد النهضة»: ترقب لبدء المفاوضات... والقاهرة تؤكد قدرتها على الدفاع عن مصالحها

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في القاهرة الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في القاهرة الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
TT

«سد النهضة»: ترقب لبدء المفاوضات... والقاهرة تؤكد قدرتها على الدفاع عن مصالحها

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في القاهرة الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في القاهرة الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)

بعد أيام من البيان المصري- الإثيوبي المشترك بالعودة إلى طاولة المفاوضات حول «سد النهضة»، عقب جمود دام أكثر من عامين، يترقب المصريون بدء المفاوضات، وسط تأكيد رسمي على «قدرة القاهرة على الدفاع عن مصالحها».

وتعثرت آخر عملية تفاوض جمعت مصر والسودان وإثيوبيا، في العاصمة الكونغولية كينشاسا، في أبريل (نيسان) 2021، في حين يؤكد خبراء لـ«الشرق الأوسط»، ضرورة «الإسراع نحو خوض الجولة الجديدة من المفاوضات لأسباب فنية».

وفي لقاء تلفزيوني، مساء الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، إن مصر «دولة قادرة دائماً على الدفاع عن مصالحها، وعن مصالح شعبها، وملف المياه يخضع لمتابعة دقيقة ويومية على مدار الساعة».

وفي الثالث عشر من يوليو (تموز) الجاري، أعلنت مصر وإثيوبيا، في بيان مشترك، اتفاق الجانبين على «الشروع في مفاوضات (عاجلة) للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء (سد النهضة)، وقواعد تشغيله». واتفقا على «بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال 4 أشهر».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان المواطن المصري باستطاعته الاطمئنان بألا يُفرض على بلده أمر واقع متعلق بمياه النيل من أي طرف، أجاب متحدث «الخارجية المصرية»، مساء الاثنين: «في السياسة الخارجية، الدولة القادرة على الدفاع عن مصالحها لا يُفرض عليها أمر واقع؛ لكن هناك تحديات حقيقية مرتبطة بهذا الملف، نتعامل معها بالقدر الكامل من الجدية كي نجتازها».

وعن مسار المفاوضات الجديدة بشأن «سد النهضة»، أوضح متحدث «الخارجية المصرية» أنها مرتبطة بـ«إطار زمني محدد، ونأمل أن نصل خلاله إلى (الاتفاق المنشود)». ولم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» (الثلاثاء) الحصول على إفادة من «الخارجية المصرية» بشأن «توقيت بدء المفاوضات، أو محدداتها الأساسية، أو المكان المقرر لها».

وبينما تشير تقارير إلى بدء إثيوبيا عملية الملء الرابع لـ«السد» هذا الشهر، يرى خبير الموارد المائية المصري، المستشار السابق لوزير الري المصري، الدكتور ضياء الدين القوصي، أنه «لا بد من الإسراع في خوض المفاوضات لأسباب متعلقة بالملء الرابع». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لو انتظرنا مدة الأشهر الأربعة المحددة للمفاوضات، فقد يتم احتجاز 27 مليار متر مكعب من المياه التي ترد إلى مصر والسودان من النيل الأزرق، وهو ما يزيد عن نصف حجم ما يصل إلى الدولتين من هذا النيل بشكل طبيعي». ويرى أن «هذه الكمية الهائلة من المياه قد تؤدي إلى مشكلات إنشائية في السد نفسه، وسيكون احتجازها خصماً من موارد مصر والسودان».

وحول النقاط التقنية العالقة في «سد النهضة»، قال القوصي إن «النقاط يتمثل بعضها في تحديد آلية ووتيرة الملء الرابع هذا العام، ثم الملء الخامس العام المقبل، وما يلي ذلك من عمليات ملء في الأعوام المقبلة، ثم بند يتعلق بالمشاركة في تشغيل وإدارة (السد) بشكل دائم، وكذلك إيجاد آلية لفض المنازعات في المستقبل».

وشدد القوصي على «ضرورة ضمان استمرار تدفق الموارد المائية لمصر والسودان من النيل الأزرق، بواقع 50 مليار متر مكعب»، فهذا هو ما يعنيه «عدم إحداث ضرر جسيم للبلدين»، على حد قوله.

في حين قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «قضية (سد النهضة) معادلة بسيطة؛ فإذا كان (السد) بالنسبة لإثيوبيا قضية تنمية، فإنه بالنسبة لمصر مسألة حياة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا حدث ما يهدد الحياة في مصر فسيكون هناك موقف آخر».

وحول كيفية احتساب مدة الأربعة أشهر المنصوص عليها في البيان المشترك، أوضح حسن -وهو عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية- أن سريان هذا الأجل المنصوص عليه «يبدأ من تاريخ إعلانه». وأضاف: «إذا كان لدى إثيوبيا (النية الصادقة)، فقد يحتاج المفاوضون إلى مدة أقل من الأشهر الأربعة حتى يصلوا إلى اتفاق».


مقالات ذات صلة

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية اللاعب المصري السابق محمد زيدان تحدث عن رفضه المراهنات (يوتيوب)

النجم المصري السابق محمد زيدان يفجِّر جدلاً بشأن «المراهنات»

فجَّر المصري محمد زيدان -اللاعب السابق بمنتخب مصر لكرة القدم، والذي كان محترفاً في الخارج- جدلاً بشأن المراهنات، بعد قيامه بدعاية لإحدى الشركات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث غرق كثيرة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.