الجيش السوداني يستأنف مفاوضات جدة مع دخول الحرب شهرها الرابع

عضو مجلس السيادة ياسر العطا لـ«الشرق الأوسط»: ستنتهي الحرب قريباً

مواطن سوداني يتفقد الدمار الذي لحق أحد المنازل في حي «الأزهري»، جنوب الخرطوم، الثلاثاء (أ.ف.ب)
مواطن سوداني يتفقد الدمار الذي لحق أحد المنازل في حي «الأزهري»، جنوب الخرطوم، الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستأنف مفاوضات جدة مع دخول الحرب شهرها الرابع

مواطن سوداني يتفقد الدمار الذي لحق أحد المنازل في حي «الأزهري»، جنوب الخرطوم، الثلاثاء (أ.ف.ب)
مواطن سوداني يتفقد الدمار الذي لحق أحد المنازل في حي «الأزهري»، جنوب الخرطوم، الثلاثاء (أ.ف.ب)

عاد ممثلون للجيش السوداني إلى مدينة جدة السعودية لاستئناف المفاوضات مع قوات الدعم السريع، بالتزامن مع دخول الحرب بين الطرفين شهرها الرابع يوم السبت. ولم تعلق قوات الدعم السريع على استئناف مفاوضات جدة، التي أعلن راعياها السعودية والولايات المتحدة الشهر الماضي «تعليقها» إلى أجل غير مسمى بسبب فشل الطرفين في الالتزام بوقف إطلاق النار بينهما.

غير أن مصدر حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، كشف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «وفد الجيش عاد إلى جدة لاستئناف المفاوضات» مع قوات الدعم السريع. كما نقلت «رويترز» عن مصادر «وصول ممثلي الحكومة السودانية إلى مدينة جدة لاستئناف المفاوضات».

ياسر العطا

في غضون ذلك، قال مساعد قائد الجيش ياسر العطا إن العمليات العسكرية تمضي «بصورة ممتازة، والحرب ستنتهي قريباً، ويصبح السودان أفضل مما كان عليه».

وقال العطا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش مؤمن بحتمية النصر... ونطمئن الشعب السوداني بأنه مستمر في تحقيق إنجازات في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وأن معنويات الجيش عالية جداً لأن الشعب يقف معه بصلابة». وحول الكمين الذي تعرض له الجيش في منطقة بحري يوم الجمعة، قال العطا: «نعم، تعرض الجيش لخسائر قليلة، لكن قوات الدعم السريع تعرضت لخسائر كبيرة جداً، وعناصرها تواصل هروبها من المعركة إلى غرب البلاد، وهي تستغل الميديا في تزييف الحقائق، لكن الشعب السوداني عرف ألاعيبها ولا تمر عليه سياسة الفيديوهات المفبركة». ووصف قوات الدعم السريع بالمتمردة، وأنها ارتكبت جرائم كبيرة في حق الشعب، وأن الجيش يقوم بواجبه في حماية البلاد والمواطنين.

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في 21 مارس (رويترز)

عودة للتفاوض

ويعكس إيفاد الجيش ممثلين إلى مفاوضات جدة عودته إلى المشاركة في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار بعدما قاطع الأسبوع الماضي محادثات دعت إليها منظمة دول شرق أفريقيا «إيغاد»، واستضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. لكن وزارة الخارجية السودانية أعلنت اعتراضها على رئاسة الرئيس الكيني، وليام روتو، للجنة الرباعية المنبثقة من «إيغاد»، متهمة كينيا بالانحياز لقوات الدعم السريع.

وقبل تعليق مفاوضات جدة، أعرب الوسطاء الأميركيون عن خيبة أملهم بسبب إحجام الطرفين عن العمل على هدنة حقيقية.

ويقول خبراء إن البرهان ودقلو اختارا خوض حرب استنزاف، ويأمل كل منهما في الحصول على تنازلات أكبر من الطرف الآخر على طاولة المفاوضات.

سلاح المهندسين

ميدانياً، أفاد شهود عيان أن قوات الدعم السريع قصفت بالمسيرات، يوم السبت، السلاح الطبي «المستشفى العسكري» بمدينة أمدرمان، ما أدى إلى مقتل وإصابة 8 من المدنيين، بالتزامن مع شن هجوم كبير على مقر سلاح المهندسين القريب من المستشفى العسكري، وهو أحد أهم الأسلحة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، ويُعتقد أن به قيادات عسكرية كبيرة، من بينها الفريق ياسر العطا مساعد قائد الجيش.

وقالت وزارة الصحة، في بيان، إن استهداف المستشفى العسكري نتج عنه مقتل 4 مدنيين وإصابة 4 آخرين. وأكد البيان أن الاستهداف تم بمسيرات تابعة لقوات الدعم السريع. ووفقاً للشهود، فإن المسيرات انطلقت من منطقة المقرن، وسط العاصمة الخرطوم، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على معسكر «الاستراتيجية» الذي استولت عليه بعد معركة ضارية ضد الجيش الشهر الماضي.

وقالت مصادر محلية، تحدثت لــ«الشرق الأوسط»، إن حشوداً كبيرة لقوات الجيش والدعم السريع في مناطق متفرقة من أمدرمان. وقال الطريفي عبد العظيم، من سكان مدينة أمدرمان القديمة: «يبدو أن هناك مواجهات قوية تدور بين الطرفين، لأننا نسمع منذ الصباح الباكر أصوات اشتباكات بالأسلحة الثقيلة ودوي المدافع حول مقر سلاح المهندسين».

وشنت قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو، الشهير باسم «حميدتي»، خلال الفترة الماضية، كثيراً من الهجمات على السلاح الطبي وسلاح المهندسين، اللذين يقعان بالقرب من مدخل جسر النيل الأبيض الذي يربط مدينة أمدرمان بالخرطوم.

اشتعال النيران في مستودع للغاز قرب مصنع اليرموك للأسلحة، جنوب الخرطوم، في يونيو الماضي (أ.ف.ب)

الرئيس الكيني

في غضون ذلك، التقى وفد من القيادات السياسية والمدنية السودانية، بالرئيس الكيني ويليام روتو، ضمن جولة لدول الجوار تهدف إلى وقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقال الوفد، في بيان، يوم السبت، إنه تلقى تأكيدات من الرئيس الكيني على التزام بلاده بمواصلة الجهود الإقليمية لوقف الحرب في السودان، وإيجاد حل سياسي للأزمة.

وأضاف روتو أن بلاده ومنظمة الإيغاد «مستمران مهما كانت التحديات في التركيز على قضايا الحرب والسلام والانتقال الديمقراطي في السودان».

وشدّد الوفد السوداني، الذي يضم قيادات بارزة في تحالف «الحرية والتغيير»، على أهمية تنسيق الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية، وتوحيد المنبر التفاوضي، والإسراع في الوصول إلى وقف حقيقي لإطلاق النار. ويرأس روتو الآلية الرباعية التي كونتها منظمة «الإيغاد» لإيجاد حل لوقف الحرب وإعادة الاستقرار في السودان.

ودعت مبادرة «الإيغاد» طرفي القتال في السودان؛ الجيش وقوات الدعم السريع، إلى التوقيع على اتفاق غير مشروط لوقف إطلاق النار فوراً، فيما سيواصل الوفد السوداني خلال الأيام المقبلة زياراته إلى كل من السعودية، وجنوب السودان، وتشاد، لحشد الدعم من دول المنطقة لوقف الحرب، والبدء في عملية سياسية لعودة الحكم المدني.

قتال متواصل

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، لم يمر يوم واحد على سكان الخرطوم من دون أن تهتز منازلهم بفعل القتال والقصف. وللهرب من هذا القتال في العاصمة وعمليات النهب المتصاعدة، فرّ 1.7 مليون شخص من الخرطوم. لكن ملايين لا يزالون داخل منازلهم من دون أي مؤشرات إلى إمكان توقف القتال.

في 15 أبريل (نيسان)، اندلع صراع على السلطة بين قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» الذي يقود قوات الدعم السريع. وأوقعت المعارك 3 آلاف قتيل على الأقل، وأدت إلى نزوح ولجوء أكثر من 3 ملايين آخرين.

ونزح أكثر من 2.4 مليون سوداني من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل السودان حيث يعانون بسبب الطرق المغلقة وانهيار النظام المصرفي وندرة الخدمات الصحية. وطالبت منظمات الإغاثة الانسانية مراراً بفتح ممرات آمنة لنقل المساعدات والعاملين، وسبق أن حذرت من أن موسم الأمطار الذي بدأ في يونيو (حزيران) يمكن أن يتسبب في انتشار الأمراض.

وأعلن عاملون في منظمات الإغاثة والمنظمات الصحية خلال اجتماع يوم الخميس الماضي ظهور حالات حصبة في 11 ولاية من ولايات السودان الـ18، إضافة إلى «إصابة 300 شخص بالكوليرا ووفاة 8 منهم»، وفق بيان أصدرته منظمة الإغاثة الإسلامية.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه «من الصعب تأكيد التقارير عن انتشار الكوليرا بالنظر إلى أن معامل الصحة العامة لا تعمل». وتخشى الدول المجاورة للسودان، التي فرّ إليها 740 ألف لاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، من اتساع نطاق النزاع.

جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور (أ.ف.ب)

قتال خارج العاصمة

ورغم أن العاصمة الخرطوم تشهد احتدام الاشتباكات بجميع أنواع الأسلحة منذ يوم الجمعة، التي أدت إلى تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود في أكثر من منطقة، فإن معارك عنيفة أيضاً وقعت في إقليم دارفور، غرب البلاد، حيث يعيش ربع سكان السودان، البالغ عددهم 48 مليوناً.

وتم تدمير قرى وأحياء بكاملها في هذا الإقليم، فيما دفن مدنيون في مقابر جماعية، وتم اغتيال قادة محليين بسبب انتمائهم العرقي الأفريقي من قبل ميليشيات ذات أصول عربية. وأفادت تقارير عن وقوع فظاعات، بما فيها عنف جنسي، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إعلان فتح تحقيق في جرائم حرب محتملة.

ورغم أن القتال يتركز في الخرطوم ودارفور، فإن جبهات جديدة تشتعل بين حين وآخر، خصوصاً في الجنوب، حيث قال شهود إن مجموعة متمردة سيطرت على قاعدة للجيش في جنوب إقليم كردفان يوم الجمعة.


مقالات ذات صلة

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

شمال افريقيا إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

اتهم زريبة مباشرة حزب «المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية»، بإشعال شرارة الحرب بمهاجمة قوات «الدعم السريع» في المدينة الرياضية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

الموفد الأميركي يتعهد بالوقوف ضد «الذين يخوضون الحرب»، ويَعدّ تمسكهم باستمرارها «إهانة للحُلم السوداني واستهانة بشجاعة السودانيين ووقفتهم السلمية»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

تواصلت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وحلفائه و«قوات الدعم السريع» في حاضرة ولاية شمال دارفور (الفاشر) لليوم الرابع على التوالي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم بالقضارف (أ.ف.ب)

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر، جنوب غربي السودان، حيث أُفيد بأن «قوات الدعم السريع» تشنّ هجوماً، في حين أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

السودان: تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»

تجدّدت المعارك العنيفة السبت في الفاشر جنوب غربي السودان حيث تشن «قوات الدعم السريع» هجوماً أدانته واشنطن، وفق ما أفاد شهود «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

هل يعمّق تنقيب تركيا عن النفط الخلافات الليبية الداخلية؟

خطوط الأنابيب ورصيف التحميل بميناء مرسى الحريقة النفطي في مدينة طبرق شرق طرابلس بليبيا (رويترز)
خطوط الأنابيب ورصيف التحميل بميناء مرسى الحريقة النفطي في مدينة طبرق شرق طرابلس بليبيا (رويترز)
TT

هل يعمّق تنقيب تركيا عن النفط الخلافات الليبية الداخلية؟

خطوط الأنابيب ورصيف التحميل بميناء مرسى الحريقة النفطي في مدينة طبرق شرق طرابلس بليبيا (رويترز)
خطوط الأنابيب ورصيف التحميل بميناء مرسى الحريقة النفطي في مدينة طبرق شرق طرابلس بليبيا (رويترز)

دفع حديث تركي يتعلق بالتنقيب عن النفط الليبي بالبحر المتوسط، هذا الملف إلى واجهة الأحداث في البلد المنقسم سياسياً، يأتي ذلك في ظل سعي أنقرة والقاهرة لإعادة تشغيل النفط المُعطل.

وسبق لوزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، القول الأسبوع الماضي، إن أنقرة «مهتمة» بعرض من طرابلس للتنقيب عن الطاقة قبالة سواحل ليبيا، الأمر الذي يجدد التساؤل حول موقف جبهة شرق البلاد، التي سبق أن عارضت هذا التوجه.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة أبريل 2021 (إ.ب.أ)

وأبرمت سلطات طرابلس مع أنقرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019، أثارت حينها خلافاً مع مصر واليونان. وفي 2022، وقعت أنقرة وطرابلس اتفاقاً مبدئياً بشأن استكشاف الطاقة، وقبول ذلك بمعارضة من القاهرة وأثينا أيضاً.

وفي أول رد فعل على تصريحات الوزير التركي، قال ميلود الأسود، عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي، إن «استخدام الموارد الوطنية، خصوصاً النفط، ورقة سياسية لصالح أي طرف من أجل البقاء في السلطة أو الحصول على الدعم الدولي، أمر مرفوض قطعاً».

ومن دون أن يأتي النائب البرلماني، على ذكر سلطات طرابلس، التي أبرمت الاتفاق السابق، قال في حديث إلى «الشرق الأوسط» الاثنين، إن ليبيا «بحاجة إلى الخبرات العالمية في مجال التنقيب عن النفط والغاز براً وبحراً، وبحاجة إلى تطوير مواردها النفطية والرفع من الطاقة الإنتاجية»، لكنه شدد على «عدم الإخلال بالقوانين، مع ضرورة تحقيق مصلحة ليبيا».

ميلود الأسود عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي (الشرق الأوسط)

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا راهناً؛ الأولى هي «الوحدة» التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية يقودها أسامة حمّاد بشرق ليبيا. ويسود خلاف بينهما بشأن «إبرام الصفقات» من دون موافقة مجلس النواب. وينظر إلى هذا الإعلان التركي بشأن التنقيب على أنه قد «يزيد الخلاف» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها، علماً بأن غالبية الحقوق النفطية مغلقة إثر صراع على إدارة «المصرف المركزي».

وهنا، يربط سياسي مقرب من حكومة شرق ليبيا، تصريح الوزير التركي بالتقارب الحاصل بين أنقرة والقاهرة، وتُرجم ذلك مؤخراً بتبادل الزيارات الرسمية بين الرئيسين رجب طيب إردوغان، وعبد الفتاح السيسي، مذكراً باعتراض مصر السابق على توقيع طرابلس وأنقرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية.

ويرى السياسي الليبي - الذي رفض ذكر اسمه، أن «التوافقات السياسية بين الجانبين احتوت مثل هذه الخلافات في إطار المصالح المشتركة بينهما»، لكنه لمح إلى رفض حكومة حمّاد «أي اتفاقيات أو قرارات تتخذها سلطات طرابلس بعيداً عن البرلمان تتيح لتركيا التنقيب عن النفط في ليبيا».

حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

وأمام ما تعانيه ليبيا من انقسام سياسي وعدم وجود سلطة موحدة، يرى عضو لجنة الطاقة البرلمانية أن الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها بلاده «جعلتها في موقف تفاوضي ضعيف أمام شركات عالمية»، كما تحدث عن دول «تسعى بكل جهدها لاستغلال هذا الوضع للحصول على عقود طويلة الأجل بشروط هزيلة لا تحقق مصلحة ليبيا»، دون إشارة إلى تلك الدول.

وتابع: «لهذا السبب، أصدر مجلس النواب القرار رقم (15) لسنة 2023 بمنع المساس بالثروات السيادية إلى حين انتخاب حكومة من الشعب الليبي».

وسبق للرئيس التركي القول في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إن بلاده ستبدأ استكشاف النفط والغاز في المياه الليبية، بموجب مذكرة تفاهم تم توقيعها مع رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

وكانت تركيا ومصر على جانبين متعارضين في الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس عام 2019، لكن تركيا زادت مؤخراً اتصالاتها مع سلطات بنغازي، وتسعى إلى إعادة تشغيل قنصليتها المغلقة هناك.

ويتوقع الدكتور صقر الجيباني أستاذ الاقتصاد في جامعة درنة، أن ينعكس التقارب المصري - التركي «إيجابياً» على الأوضاع السياسية والاقتصادية بليبيا، «في ظل ما نسمع به من صفقات» في مجال النفط، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التفاهمات «سيكون لها مردود على العلاقات الداخلية الإقليمية، على عكس التوتر الذي كان سائداً بينهما».

وكان الاتفاق البحري السابق الموقع بين طرابلس وأنقرة أكد حقوق الأخيرة في مناطق واسعة بشرق البحر المتوسط، الأمر الذي أثار حينها استياء اليونان والاتحاد الأوروبي أيضاً.

وتطرق الأسود إلى «التعاقدات المباشرة» في مجال النفط، وذهب إلى أنها «سياسة انتهجتها المؤسسة الوطنية للنفط بضغوط من حكومة الدبيبة».

ويرى أنه «إذا كانت هناك حاجة للتطوير النفطي أو الغازي، فالأولى أن يكون بعطاء مفتوح وفق القوانين؛ ولو كانت هناك ضرورة لعطاء مباشرة في حالة محددة، فعلى المؤسسة مخاطبة مجلس النواب لتوضيح الأمر لتحصل على استثناء من قرار المنع».

وتسببت النزاعات حول التنقيب عن الطاقة في توتر العلاقات بين أنقرة وأثينا والاتحاد الأوروبي، لكن العلاقات تحسنت في السنوات القليلة الماضية مع انحسار التوتر.

ليبيون غاضبون يغلقون حقل «108» النفطي في منتصف يوليو 2023 (جهاز حرس المنشآت النفطية بالجنوب الشرقي)

وانتهى عضو لجنة الطاقة إلى أن مجلسه «لن يكون ضد مصلحة ليبيا، شرط أن تكون العقود مدروسة وعادلة وتحقق مصلحة ليبيا».

ويشار إلى أن تركيا ومصر تسعيان راهناً للضغط على حكومتي «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والمكلفة من مجلس النواب، للتوصل إلى اتفاق ينهي حصار تصدير النفط في ليبيا، وفق وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية.

وأقدمت حكومة حمّاد على وقف إنتاج وتصدير النفط الليبي، رداً على تعيين «المجلس الرئاسي» بقيادة محمد المنفي، إدارة ومحافظ جديدين لـ«المصرف المركزي» خلفاً للصديق الكبير وإدارته.