«الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب» تؤكد تراجع الانتهاكات داخل السجون

قالت إن معاملة المعتقلين في قضية التآمر على أمن الدولة «حسنة»

جانب من احتجاجات نظمها حقوقيون وسط العاصمة ضد تجاوزات الأمن في أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
جانب من احتجاجات نظمها حقوقيون وسط العاصمة ضد تجاوزات الأمن في أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
TT

«الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب» تؤكد تراجع الانتهاكات داخل السجون

جانب من احتجاجات نظمها حقوقيون وسط العاصمة ضد تجاوزات الأمن في أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
جانب من احتجاجات نظمها حقوقيون وسط العاصمة ضد تجاوزات الأمن في أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

أكد فتحي الجراي، رئيس الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب (هيئة مستقلة)، أن معاملة السياسيين المعتقلين في قضية «التآمر على أمن الدولة» داخل سجن المرناقية (غرب العاصمة)، كانت «حسنة»، كما أن ظروف إقامة الناشطين السياسيين المعتقلين «تعتبر إيجابية»، على حد تعبيره.

وقال الجراي في تصريح إعلامي إن الهيئة استقبلت نحو 800 ملف منذ تأسيسها سنة 2013، من بينها نحو مائة شكوى على خلفية تعرض أصحابها لانتهاكات في مراكز الأمن وفي أثناء التحقيق، وأكد أن ظاهرة التعرض للتعذيب في تونس «ما زالت موجودة». معتبرا أن الأرقام المقدمة لا تعكس مدى انتشار الظاهرة، وذلك بسبب تكرر حوادث الإفلات من العقاب. لكنه أوضح في المقابل تراجع ظاهرة التعذيب داخل السجون التونسية.

يذكر أن عددا من الناشطين السياسيين ورؤساء أحزاب سياسية معارضين للمسار السياسي، الذي أقره قيس سعيد منذ 25 من يونيو (حزيران) 2021، صدرت بحقهم أوامر بالسجن، بعد أن وجهت لهم تهم مختلفة، أخطرها التآمر على أمن الدولة، ومن بين هؤلاء المعتقلين راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل، ونائباه في حزب النهضة علي العريض ونور الدين البحيري، وعصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري، وغازي الشواشي الرئيس السابق لحزب التيار الديمقراطي. علاوة على قيادات في جبهة الخلاص الوطني المعارضة، الذين صنفتهم السلطات ضمن المتهمين في قضايا حق عام، ولم تعترف بهم بوصفهم سجناء سياسيين، وهو ما تطالب به هيئات الدفاع عنهم.

راشد الغنوشي ضمن المتهمين في ملف التآمر على أمن الدولة (إ.ب.أ)

في السياق ذاته، طالبت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، أمس (الاثنين)، بضمان معاملة إنسانيّة لكلّ المجرّدين من حرّيتهم، بما يحفظ حرمتهم الجسديّة والمعنويّة، ويحترم كرامتهم، داعية إلى اعتماد عقوبات بديلة للعقوبات السّالبة للحرّية، كلّما كان ذلك ممكنا. وعبّرت، في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، عن إدانتها الشديدة لجرائم التعذيب وامتهان الذات البشريّة، مؤكدة مساندتها الثابتة واللّامشروطة لجميع ضحايا التعذيب.

كما دعت «الهيئة» إلى ضرورة تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب لضمان عدم تكرار الانتهاكات، وحثت على ضرورة إنفاذ الضّمانات الأساسيّة التي يكفلها القانون الوطني والقانون الدّولي للمتهمين في أثناء إلقاء القبض عليهم، وعند إيقافهم والاحتفاظ بهم في مراكز الأمن.

وأشارت «الهيئة» في بيان حمل عنوان «من أجل حقوق تكتب لتحترم»، إلى أنها تحيي اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي أقرّته الأمم المتحدة من أجل دعم الضّحايا، والعمل على وضع حدّ للتعذيب، وغيره من الممارسات المهينة للذات البشريّة وعدم تكرارها.

وكان الصحافي التونسي زياد الهاني قد علق على فترة إيقافه بثكنة الحرس الوطني بالتأكيد على تعرضه لمعاملة إنسانية، وصفها بأنها «تُشرّف تونس ومؤسسة الحرس الوطني التونسي»، وقال إن موظفي الحرس الوطني عاملوه «معاملة حسنة، واشتروا لي الماء والياغورت من مالهم الخاص، وتصرّفوا معي بكل إنسانية... وكانوا حريصين كل الحرص على صحتي؛ خصوصاً بعد أن علموا أنني مريض».

في غضون ذلك، قضت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الفساد المالي، أمس (الاثنين)، بالعاصمة التونسية، بإيقاف محاكمة وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية الأسبق، زهير المظفر، ووزير الفلاحة الأسبق عبد السلام منصور، ومسؤول سابق بوزارة الفلاحة بموجب قانون المصالحة الإدارية.

وتوبع هؤلاء المسؤولون الحكوميون السابقون بارتكاب تجاوزات، عبر منح ضيعات وأراض فلاحية، ترجع ملكيتها للدولة، لأقارب الرئيس السابق زين العابدين بن علي.


مقالات ذات صلة

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أفريقيا الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

كشف القاضي فريد بن جحا، الناطق باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية الساحليتين، عن أن قوات حرس الخوافر اكتشفت مؤخراً نحو 20 جثة لفظها البحر نحو محافظة المهدية.

كمال بن يونس (تونس)
شمال افريقيا سنية الدهماني عرفت بانتقادها الشديد للسلطات (الشرق الأوسط)

محكمة تونسية تقضي بسجن إحدى أبرز منتقدات الرئيس

أصدرت محكمة تونسية، الخميس، حكماً بسجن المحامية والمُعلِّقة بوسائل الإعلام سنية الدهماني لمدة عامين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، أكدت فيه أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، ستتم معاينته بصفة قانونية».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)

سعيّد لولاية رئاسية ثانية بغالبية 89 %

صوّت أكثر من 2.7 مليون ناخب، حسب ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاماً 65 في المائة من نسبة المشاركين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».