الجزائر لاستقبال مقررين أمميين رداً على «الانتقادات الحقوقية»

ترقب زيارة المقرر الأممي الخاص بحرية التعبير وخبراء في أوضاع النشطاء

السلطات الجزائرية تلقت عدة انتقادات في ملف حقوق الإنسان منذ اندلاع الحراك الشعبي (الشرق الأوسط)
السلطات الجزائرية تلقت عدة انتقادات في ملف حقوق الإنسان منذ اندلاع الحراك الشعبي (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر لاستقبال مقررين أمميين رداً على «الانتقادات الحقوقية»

السلطات الجزائرية تلقت عدة انتقادات في ملف حقوق الإنسان منذ اندلاع الحراك الشعبي (الشرق الأوسط)
السلطات الجزائرية تلقت عدة انتقادات في ملف حقوق الإنسان منذ اندلاع الحراك الشعبي (الشرق الأوسط)

قررت الحكومة الجزائرية دعوة مقررين، تابعين للأمم المتحدة، لمعاينة أوضاع حقوق الإنسان وممارسة الحريات، في خطوة تدل حسب مراقبين على رغبتها في مواجهة الانتقادات التي تلاحقها في هذا الملف بشكل مكثف، وذلك منذ اندلاع الحراك الشعبي الذي دفع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019.

ويرتقب أن يزور الجزائر قبل نهاية العام المقرر الأممي الخاص بحرية التعبير، وزميله الخبير في مجال التجمعات السلمية وتأسيس الجمعيات. وأفادت صحيفة «الخبر» بأن الزيارتين ستكونان على الأرجح في سبتمبر (أيلول) المقبل. فيما سيحل بالبلاد المقرر المختص في مراقبة أوضاع نشطاء حقوق الإنسان، ما بين 15 من نوفمبر (تشرين الثاني) والخامس من ديسمبر (كانون الأول) المقبلين، حسب الصحيفة ذاتها.

وتلقت الجزائر طلباً من مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، للموافقة على زيارة مقرر حرية الرأي والتعبير، قياساً إلى كثرة المساءلات، التي وجهها لحكومتها في الفترة الأخيرة، على خلفية الأحداث التي رافقت الحراك، خصوصاً اعتقال النشطاء ومتابعتهم قضائياً بتهمة «المس بالأمن العام في البلاد»، وكذا متابعة صحافيين وقادة أحزاب معارضين في القضاء.

وفي أجندة بعثات الأمم المتحدة الحقوقية مطالب لمقررين آخرين يريدون التنقل إلى الجزائر، منهم المقررة الخاصة بحقوق كبار السن، التي وافقت الجزائر على استقبالها، والمقررون المعنيون بالحقوق الثقافية والحق في الغذاء، والخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان والتضامن الدولي. كما تبحث الحكومة أيضاً طلباً يخص زيارة الخبير الأممي المستقل لإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف.

وتم العام الماضي في الجزائر، استقبال خبراء معنيين بمحاربة العنق ضد المرأة، وبالحق في السكن والتعليم والصحة البدنية والعقلية. كما صرح رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الثانية في البرلمان)، إبراهيم بوغالي، مؤخراً، بأن تعاطي حكومة بلاده إيجابياً مع طلبات زيارة المقررين الأمميين «دليل على شفافية من جانب السلطات الجزائرية في التعامل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان».

بوغالي أكد أن تعاطي حكومة بلاده إيجابياً مع طلبات زيارة المقررين الأمميين «دليل على شفافية السلطات في التعامل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان» (البرلمان الجزائري)

وواجهت الجزائر انتقادات شديدة في المدة الأخيرة، بعد حل «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، وتنظيم «تجمع - عمل - شباب»، المعروف اختصاراً بـ«راج»، الذي عرف بحدته الشديدة ضد الحكومة. وتم اتخاذ هذا الإجراء ضدهما عن طريق المحكمة بذريعة أنهما كانا «ينشطان خارج القانون»، بعكس ما يقوله نشطاؤهما.

والمعروف أن «الرابطة الحقوقية» كانت منقسمة إلى ثلاثة أجنحة، وشهدت صراعاً داخلياً كبيراً، الأمر الذي شجع وزارة الداخلية على إيداع شكوى للقضاء بغرض حلها. وبخصوص سجن صحافيين وأعضاء في أحزاب سياسية، أكدت السلطات في مناسبات عديدة أن متابعتهم «لم تتم بسبب كتابات صحفية، ولا التعبير عن آراء معارضة، ولكن بسبب تجاوزات يعاقب عليها القانون، منها السب والشتم».

الصحافي المسجون إحسان القاضي المعروف بحدة مقالاته ضد الحكومة (الشرق الأوسط)

ومن أشهر الصحافيين المسجونين، إحسان القاضي المعروف بحدة مقالاته ضد الحكومة، الذي حكم عليه القضاء بالسجن سبع سنوات، منها سنتان موقوفتا التنفيذ، وذلك على أساس تهمة «تلقي أموال من الخارج بغرض الدعاية السياسية»، إضافة إلى المعارض كريم طابو الذي تعرض للاعتقال عدة مرات بسبب مواقفه المنتقدة للسلطة.

الناشط المعارض كريم طابو (الشرق الأوسط)

كما تلقت الجزائر ملاحظات شديدة اللهجة من طرف خبراء حقوق الإنسان في المجلس الحقوقي الأممي (مقره جنيف)، بسبب إدراج مادة في قانون العقوبات (87 مكرر)، تنص على استحداث لائحة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية. وضمت اللائحة أساساً تنظيم «رشاد» الإسلامي المعارض، الذي يوجد قادته في الخارج، والتنظيم الانفصالي «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

وجرى اعتقال عدد كبير من الأشخاص بشبهة الانتماء إلى التنظيمين، وحاكمهم القضاء بتهم الإرهاب. وردت الجزائر على هذه الانتقادات بأن مسعى إطلاق اللائحة «متطابق تماماً مع القواعد الأوروبية، وقواعد مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالإرهاب»، وأن الأمر «لا يتناقض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.