أكد أعضاء وفد حكومي أميركي رفيع في ختام زيارة للجزائر أمس الثلاثاء أن المحادثات التي جمعتهم بمسؤوليها «بحثت تفعيل أهداف إقليمية مشتركة ذات صلة بالاستقرار ومحاربة الإرهاب في أفريقيا وتجفيف منابعه».
والتقت آنا موريس، نائبة وكيل وزارة المالية للشؤون الدولية، وغرغوري دي لوجيرفو، مسؤول بمكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية، وديفيد كيت، المدير الرئيسي للشؤون الأفريقية بمكتب وزير الدفاع الأميركي، في الخامس والسادس من يونيو (حزيران) الحالي بمسؤولين جزائريين من وزارتي الدفاع والمالية، وأطر بأجهزة أمنية، في إطار اجتماعات دورية لـ«حوار أمني» يجري بين الحكومتين منذ سنوات، يخص تقييم أعمال مشتركة لمكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات حول المتطرفين بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وقطع الشرايين التي يتغذى منها، وتتبع آثار تحويل الأموال ذات المصادر المشبوهة.
وفي لقاء مع صحافيين أمس الثلاثاء بالعاصمة، حضرته «الشرق الأوسط»، قدر أعضاء البعثة الأميركية أن مبادلاتهم مع نظرائهم الجزائريين كانت «مثمرة». ومن بين الذين التقوهم اللواء عبد الحفيظ بخوش، مدير العلاقات الخارجية والتعاون بوزارة الدفاع، وسيد أحمد سعيدي، رئيس خلية معالجة المعطيات المالية بوزارة المالية. وقال ديفيد كيت إن المباحثات «تناولت التحديات الأمنية بمنطقة الساحل، كما تحدثنا عن الأنشطة العسكرية، وتعزيز التعاون العسكري والأمن بالمنطقة». مبرزا أن «هناك رؤية مشتركة بخصوص البحث عن حلول للمشكلات الأفريقية، بالعمل على تطوير قدرات التنمية بالمنطقة، بغية تحقيق الازدهار». ومؤكدا أن «هذا النوع من المشكلات لا ينبغي التعامل معه بالحلول العسكرية».
كما لفت المسؤول الأميركي الرفيع إلى «أهمية الاستقرار في أنظمة الحكم حتى يمكن القيام بالأنشطة المضادة للإرهاب والقضاء على الفقر... ولا بد من حكامة أفريقية تتحلى بالمسؤولية».
من جهته، ذكر دي لوجيرفو أن الجزائر والولايات المتحدة «شريكان فيما يخص البحث عن حلول للمشاكل الأمنية والساحل، بغية تحقيق الازدهار ونشر الأمن والاستقرار»، مبرزا أنه يشتغل، ضمن هذا التوجه مع حكومات مالي وموريتانيا وتوغو منذ أكتوبر (تشرين الثاني) 2022، «واليوم نحن في الجزائر لذات الغرض». وشدد على أن واشنطن «شريك موثوق به... وبيننا وبين الجزائر شراكة ممتازة، ونحن نتقاسم الرؤية بشأن ما يجري في مالي وبوركينافاسو»، موضحا أن زياراته للجزائر تتكرر منذ 2015. والمعروف أن مواقع عسكرية ومدنية في مالي وبوركينافاسو تعرضت في المدة الأخيرة لهجمات متطرفين، يتخذون من مناطق تفلت من مراقبة الحكومات قواعد خلفية لتجنيد المسلحين، ومحاولة كسب تأييد السكان المحليين، ما يشجعهم على تنفيذ اعتداءات على أهداف مركزة. وأفاد المسؤولون الثلاثة بأن قطاع الدفاع الأميركي «مهتم بتوسيع الشراكة مع دول أفريقيا في إطار محاربة الإرهاب. ونحن على استعداد لمدهم بالأدوات التي لا يمكنهم توفيرها لحل مشاكلهم الأمنية». مبرزين أن الحكومة الأميركية تريد أن تفهم من المسؤولين الأفارقة كيف تتم تمويلات الإرهاب وتحويل الأموال المشبوهة للخارج، وعلى ضوء ذلك يتم حسبهم، تحديد آليات التصدي لهذا التهديد.
بدورها، أكدت نائبة وكيل وزارة المالية الأميركي للشؤون الدولية أن حكومتها «تشكر الجزائر لسياستها الفعالة في محاربة مصادر تمويل الإرهاب». فالجزائر، وفق تصريحاتها، «تملك آليات توفر الحماية للنظام المالي ضد كل أشكال تمويل الإرهاب، وذلك يوفر حماية أيضا للنظام المالي الدولي، ومنه الأميركي». وبشأن مسعى الجزائر تنويع مشترياتها من السلاح الحربي، وما إذا بحثت الزيارة طلبا جزائريا على العتاد العسكري الأميركي، أكد أعضاء الوفد أن حكومتهم ترحب بطلب مفترض بهذا الشأن، غير أن لقاءاتهم بالمسؤولين الجزائريين لم تتطرق إلى هذا الجانب، حسبهم.