دعا وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي إلى «تبادل التجارب بين الدول، وربط أواصر التعاون بين مختلف السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، بهدف توحيد المساطر والإجراءات التي تسهل رصد وتتبع ومصادرة عمليات غسل الأموال».
جاء ذلك في كلمة ألقاها وهبي خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي، الاثنين، في مدينة سلا المجاورة للرباط، حول موضوع: «تعزيز التعاون القضائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا... من أجل مقاربة متكاملة مندمجة للتحقيقات والمتابعات في مجال مكافحة غسل الأموال». وحث وهبي، على إرساء «تعاون إقليمي أكثر نجاعة من أجل تطويق هذه الجريمة العابرة للحدود ما سيسهم لا محالة في دفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».
وأشار وهبي إلى «أن التعاون الدولي في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال يتحقق من خلال الرقابة المتبادلة ما بين الدول على عمليات تحويل ونقل الأموال والأوراق المالية بين مختلف البلدان، الذي يجري بداية من خلال إرساء قوانين داخلية متلائمة مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال تسمح بذلك ليس فقط من حيث التجريم والعقاب، بل حتى من خلال إرساء قواعد استثنائية كعدم الاعتداد بالسر المهني أو البنكي أمام الهيئات المتخصصة في الرقابة المالية أو البنكية».
وقال وزير العدل المغربي إن المملكة المغربية «استطاعت بفضل جهود الكثير من المؤسسات والفاعلين الوطنيين ونتيجة احتكاكها مع تجارب أجنبية في بناء نموذج متميز للتعاون القانوني والقضائي الدولي سواء مع محيطه العربي والأفريقي أو مع دول الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم، سواء من حيث انخراطها في الممارسات الاتفاقية الدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة، خصوصاً المنظمة أو من خلال تفاعلها مع الآليات الدولية».
وافتتح المؤتمر الذي ينعقد على مدى ثلاثة أيام، بحضور عدد من المسؤولين المغاربة منهم وزيرة الاقتصاد والمالية؛ نادية فتاح، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ محمد عبد النباوي، ورئيس النيابة العامة؛ الحسن الداكي، ووالي بنك المغرب؛ عبد اللطيف الجواهري، وبحضور (عن بعد)، للأمين التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (GAFIMOAN)، كما حضرت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب؛ ورئيس الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي الجنائي (Eurojust)؛ ومدير مشروع البرنامج العالمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للاتحاد الأوروبي (EU AML/CFT)؛ ورئيس معهد سيراكوزا الدولي للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان.
وأوضح وهبي، في كلمته أن تنظيم هذا المؤتمر الإقليمي يكتسي أهمية بالغة من نواحٍ متعددة، سواء من حيث ظرفيته التي تتصادف ومجموعة من التحولات التي يشهدها العالم وتأثيرها على المجالين المالي والاقتصادي، أو من حيث حجم الحضور بفعل التمثيلية الواسعة رفيعة المستوى لـ21 دولة عضواً في مجموعة العمل المالي، أو من حيث الشراكة؛ إذ يأتي في إطار تعاون متميز مع البرنامج العالمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للاتحاد الأوروبي و«معهد سيراكوزا الدولي للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان» ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما ينعقد المؤتمر في سياق تفعيل التوصية 15 لمؤتمر المنامة المنعقد في مارس (آذار) 2022، الذي أكد ضرورة مناقشة التحديات التي يطرحها التعاون القضائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتبادل الآراء حول السبل الكفيلة لمواجهتها.
ورأى وهبي «أنه انطلاقاً من كون حركة العائدات الجرمية وأنشطة غسل الأموال تجري في معظم الأحوال داخل محيط دولي، أو عبر الحدود الوطنية، فإن سبل المواجهة يجب أن تجري أيضاً في المحيط الدولي، ومن خلال شبكة مكافحة متكاملة ومتناسقة من الترتيبات والتدابير، والمتابعات القضائية العالمية والإقليمية والثنائية والوطنية، التي تكفل قيام تعاون فعال ومتكافئ بين الدول المعنية، في مختلف مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة، وتسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام القضائية».