حقوقيون يطالبون بتسليم سجناء «داعش» في ليبيا إلى دولهم

بعد استعادة تونس دفعة من أطفال ونساء مقاتلي التنظيم

من جلسة سابقة لمحاكمة متهمين بالانتماء لـ«داعش» بمحكمة الاستئناف في مصراتة (وكالة الأبناء الليبية)
من جلسة سابقة لمحاكمة متهمين بالانتماء لـ«داعش» بمحكمة الاستئناف في مصراتة (وكالة الأبناء الليبية)
TT

حقوقيون يطالبون بتسليم سجناء «داعش» في ليبيا إلى دولهم

من جلسة سابقة لمحاكمة متهمين بالانتماء لـ«داعش» بمحكمة الاستئناف في مصراتة (وكالة الأبناء الليبية)
من جلسة سابقة لمحاكمة متهمين بالانتماء لـ«داعش» بمحكمة الاستئناف في مصراتة (وكالة الأبناء الليبية)

جددت عملية تسليم الأجهزة الأمنية في ليبيا إلى نظيرتها في تونس أربع نساء وتسعة أطفال من زوجات وأبناء مقاتلي «داعش»، تساؤلات كثيرة حول مصير ما تبقى من مقاتلي التنظيم المتطرف من العناصر غير الليبية داخل البلاد، ووضعيتهم في السجون حالياً.

وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، إن ما لا يقل عن عشر سيدات تونسيات من زوجات مقاتلي «داعش» يوجدن حالياً في سجن معيتيقة بطرابلس، تنفيذاً لأحكام قضائية صدرت بحقهن.

وطالب الحقوقي التونسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سلطات بلاده بالتواصل والتنسيق مع الأجهزة الليبية للسماح للسجينات التونسيات بقضاء ما تبقى من مدة عقوبتهن في بلاده «تحت إشراف مشترك من البلدين». موضحاً أن «هؤلاء السجينات حصلن على أحكام بالسجن، تتراوح ما بين 6 إلى 16 عاماً، ويوجد بصحبتهن 19 طفلاً»، ورأى أن «من مصلحة الأطفال العيش بدولتهم ليكونوا تحت رعاية مؤسساتها الرسمية».

وسلمت السلطات الليبية في الخامس من مايو (أيار) الحالي أربع سيدات حصلن على أحكام قضائية بالبراءة، وكان بصحبتهن تسعة أطفال، وذلك عبر منفذ رأس الجدير الحدودي.

وحول وضعية هؤلاء السجينات التونسيات العشر القابعات في سجن معيتيقة، قال الحقوقي التونسي إن «أزواج بعضهن يقضون مدة عقوبتهم أيضاً بسجون ليبيا، وبعضهن قُتل أزواجهن في عمليات التنظيم بالمنطقة، مثل زوجة مفتاح مانيطة أحد العناصر المشاركة في الهجوم على مقار أمنية وعسكرية بمدينة بن قردان التونسية على الحدود مع ليبيا في مارس (آذار) 2016.

وأوضح الكبير أن بلاده ودولاً أخرى، من بينها السودان، تسلمت بعض زوجات مقاتلي وأطفال «داعش» خلال السنوات الماضية، وهؤلاء الزوجات كن موجودات بالسجون الليبية أو لدى «الهلال الأحمر» الليبي.

وبدوره، رأى جلال حرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، أن أغلب المشتبه بكونهم من مقاتلي «داعش» يوجدون تحديداً بسجن معيتيقة بطرابلس، وقال إن هذا السجن يضم قرابة 3 آلاف سجين من مقاتلي (داعش) وفئات أخرى كثيرة»، موضحاً أنه «لا يمكن لأحد تقديم رقم دقيق لمن يشتبه بكونهم من مقاتلي (داعش) من العناصر غير الليبية داخل هذا السجن الكبير، وبالتالي فقد يتراوح عددهم ما بين 200 إلى 700 عنصر».

وتشرف على سجن معيتيقة المركزي قوات «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، بقيادة عبد الرؤوف كاره، الذي يعد من أبرز قادة التشكيلات المسلحة الموالية لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة.

ولفت حرشاوي إلى أنه ليس «هناك ما يشير إلى أن جهاز الردع يسعى لتسليم غالبية هؤلاء السجناء».

وتواصل محكمة الاستئناف في مدينة مصراتة (غرب البلاد) محاكمة أكثر من 50 شخصاً، يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» الذي اتخذ من مدينة سرت معقلاً له خلال عامي 2015 و2016، بعضهم من عناصر ليبية، والباقون من تونس وسوريا والسودان.

وعلى الجانب الآخر، أي في المنطقة الشرقية من ليبيا، قال مسؤول بـ«الجيش الوطني» إن مقاتلي «داعش» من العناصر غير الليبية يتوزعون على عدد من سجون القائمة شرق وجنوب البلاد، وذلك منذ انتهاء عمليات «تحرير» الجيش لكل من مدينتي بنغازي ودرنة في 2017 و2018.

واكتفى المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، بالتأكيد على أن مقاتلي «داعش» من العناصر الليبية «هم الأكثر عدداً بطبيعة الحال، يليهم في المرتبة الثانية عناصر عربية، وأخرى منتمية لدول غربية، رافضاً الكشف عن أعدادهم وتحديد جنسياتهم بشكل دقيق أو مواقع احتجازهم.

وفيما يتعلق بعمليات التسليم، قال المسؤول العسكري: «لم يجرِ تسليم سوى الإرهابي هشام عشماوي للسلطات المصرية، الذي ترأس إحدى الجماعات الإرهابية بمدينة درنة، ونفذ بالفعل عدداً من العمليات الإرهابية ضد مصر وليبيا، وجرت عملية التسليم بعد استكمال التحقيقات معه نهاية مايو (أيار) 2019».

ولفت المسؤول إلى أن بعض مقاتلي التنظيم صدرت بحقهم أحكام قضائية، وأنهم يوجدون بالسجون لتنفيذها، والبعض الآخر لا تزال إجراءات التقاضي الخاص به مستمرة، مبرزاً أن «أغلبية هذه العناصر لا يوجد من يطلب زيارتهم».

ويشير بعض النشطاء الحقوقيين إلى أن سجن قرنادة العسكري (شمال شرقي بنغازي) يأوي مئات الموقوفين من المقاتلين من تنظيمات متطرفة.

أما الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فيرى أن عناصر «داعش» الذين يجري إلقاء القبض عليهم خلال أي عملية إرهابية، أو بشكل عام، يكونون موضع عناية شديدة من قبل قياداتهم، وأنهم يحاولون دائماً التواصل معهم، أو إيصال رسائل تفيد باستمرار الاهتمام بأمرهم.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

حوادث انهيار بنايات القاهرة تجدد الجدل حول «إهمال المحليات»

من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
TT

حوادث انهيار بنايات القاهرة تجدد الجدل حول «إهمال المحليات»

من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)

جدد حادث انهيار عقار في حي العباسية بالقاهرة حديث المصريين حول «الإهمال في المحليات»، بعدما تسبب انهيار العقار في مقتل ثمانية أشخاص وإصابة ستة آخرين، وذلك بعد أيام من انهيار عقار بحي مصر القديمة.

وبحسب معاينة النيابة المصرية لمقر عقار العباسية، تبين أن تشققات وتصدعات كبيرة أدت لانهياره وسقوطه على السكان، فيما شكلت «لجنة هندسية» للتأكد من عدم وجود تصدعات، أو شروخ في المباني المجاورة بالمنطقة، التي شهدت فرض طوق أمني على المبنى المنهار.

وقال عدد من شهود العيان بالمنطقة إن العقار المنهار «كان في حاجة لعملية ترميم منذ تسعينات القرن الماضي، وصدر قرار بذلك بالفعل؛ لكنه لم ينفذ، ولم تتم متابعته من قبل مسؤولي الحي».

وباشرت النيابة المصرية التحقيق في الواقعة، اليوم الأربعاء، وأجرت معاينة أولية لموقع العقار المنهار، كما باشرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الحادث.

وأكد عضو لجنة «الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أسامة الأشموني، اعتزامه التقدم بطلب إحاطة للحكومة حول الحادث، حيث قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر قد يدرج قريباً على أجندة المجلس ليتم فيه الاستماع لوزيرة التنمية المحلية، باعتبارها المسؤولة عن ملف المحليات، وما يحدث من إهمال في بعض الحالات.

مسؤولون مصريون يتابعون عمليات الإنقاذ أمام العقار المنهار (محافظة القاهرة)

وأضاف الأشموني موضحاً أن «متابعة حالات المباني والتأكد من استمرار سلامتها الإنشائية، وعدم حاجتها لأعمال ترميم، مسؤولية الأحياء والمحافظات، وهي المعنية بمتابعة التنفيذ على أرض الواقع»، لافتاً إلى «عدم وجود إحصائية بأرقام محددة بخصوص المباني التي تحتاج إلى ترميم ولم ينفذها ملاكها، أو الآيلة للسقوط لدى مجلس النواب».

وكانت عضوة مجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، قد تقدمت بطلب إحاطة بالمجلس في سبتمبر (أيلول) الماضي حول العقارات الآيلة للسقوط، التي تحتاج إلى ترميم عاجل، لكنها لم تتلق رداً بشكل رسمي حينها، وفق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، والتي أكدت أن الملف بات يدرس الآن بشكل أوسع ضمن الخطوات المتخذة بشأن تعديل قانون «الإيجار القديم».

وأضافت النائبة موضحة أن المجلس راسل الحكومة بشأن هذا الملف لتحديد العديد من الأمور، منها العقارات القديمة والمتهالكة، بما يسمح بحصرها لبحث آلية التعامل معها، لافتة إلى أن تكرار حوادث انهيار العقارات أصبح أمراً «مزعجاً» على جميع المستويات، ويحتاج إلى تحركات سريعة لحلحلته، خاصة أنه «بسبب إهمال في المحليات».

من جهته، عَدّد المحامي المصري، محمد عبد المطلب لـ«الشرق الأوسط» مشكلات «قانونية» عدة تجعل هناك تأخر في عدم تنفيذ قرارات ترميم المنازل، خاصة في ظل وجود عدد غير هين من المنازل التي تحتاج لترميم، وهي مؤجرة وفق قانون «الإيجارات القديم»، الذي يجعل ملاك العقار غير قادرين على تحمل تكلفة الترميم، مقارنة بالإيجارات التي يقومون بتحصيلها من العقارات، مع رفض المستأجرين تحمل تكلفة بالترميم، مشيراً إلى أن «المحليات ليست لديها سلطة إلزامية في إخلاء المنازل المهددة بالانهيار، في ظل عدم القدرة على توفير منازل بديلة لقاطني البنايات المعرضة للانهيار».

وبحسب عبد المطلب، فإن تعدد الأطراف التي يجب أن تتعامل مع هذه المشكلة، ورغبة ملاك العقارات الشاغرة وفق قانون «الإيجارات القديم» بانهيار العقار لإخلاء المستأجرين، «من الأمور التي تزيد من تعقيدات التعامل من ناحية السلامة الإنشائية، فضلاً عن الوقت الطويل الذي تتطلبه إجراءات الموافقة على هدم عقار، واللجان المختلفة التي تشكل لضرورة وجود مساكن بديلة للأسر التي سيتم إخلاؤها من هذه الشقق».

وهنا تشير النائبة إيرين سعيد إلى صعوبات تواجه الدولة المصرية في العمل على حلحلة هذه الإشكالية، في ظل الأرقام الكبيرة للمباني التي تحتاج لترميم أو إزالة.