مصر: واقعة «عروس طنطا» تُجدد المطالب بتوعية المقبلين على الزواج

قتلها زوجها بعد يومين من «الزفاف»

مبادرة «مودّة» تهدف إلى تثقيف الشباب والفتيات المصريين بمفهوم الزواج  (وزارة التضامن الاجتماعي)
مبادرة «مودّة» تهدف إلى تثقيف الشباب والفتيات المصريين بمفهوم الزواج (وزارة التضامن الاجتماعي)
TT

مصر: واقعة «عروس طنطا» تُجدد المطالب بتوعية المقبلين على الزواج

مبادرة «مودّة» تهدف إلى تثقيف الشباب والفتيات المصريين بمفهوم الزواج  (وزارة التضامن الاجتماعي)
مبادرة «مودّة» تهدف إلى تثقيف الشباب والفتيات المصريين بمفهوم الزواج (وزارة التضامن الاجتماعي)

بينما لا تزال واقعة مقتل «عروس طنطا» في مصر على يد زوجها بعد 48 ساعة فقط من الزفاف، تثير جدلاً بين المصريين، تجددت مطالب نشطاء ومغردين على مواقع التواصل الاجتماعي بـ«توعية المقبلين على الزواج من الجنسين، وتأهيلهم لمفهوم الزواج لتأسيس علاقة صحيحة بين الزوجين».

وبرر الزوج المتهم في تحقيقات النيابة المصرية إقدامه على قتل عروسه بطعنها في مناطق متفرقة من الجسد، إلى «خلافات زوجية». فيما تم تداول روايات مختلفة حول الواقعة خلال الأيام الماضية؛ إلا أن الاتفاق كان على «ضرورة تثقيف طرفي العلاقة على الزواج نفسياً واجتماعياً ودينياً وجنسياً».

وشهدت الأعوام القليلة الماضية نشاطاً من جانب مؤسسات مصرية لتقديم دورات تأهيلية حول أساسيات الحياة الزوجية، عبر التأهيل الكافي لتشكيل الأسرة وحل أي خلافات محتملة. وتعد مبادرة «مودّة» (المشروع القومي للحفاظ على كيان الأسرة المصرية) هي أبرز المبادرات الحكومية في مصر في هذا الشأن، التي ترعاها وزارة التضامن الاجتماعي بمصر، سعياً إلى وحدة الأسرة المصرية، والحد من نسب الطلاق. وقبل يومين، كشفت وزارة التضامن أن عدد متلقي تدريبات «مودّة» بلغ 520 ألف شاب وفتاة، فيما تخطى عدد المترددين على منصة «مودّة» الإلكترونية 4.6 مليون زائرة. وأشارت الوزارة إلى أن المحتوى التدريبي للمشروع يشمل الجانب النفسي والاجتماعي ويشمل كيفية اختيار شريك الحياة، وفقاً لعوامل ثقافية وعوامل نفسية كتقبُّل الآخر، والعوامل الاجتماعية كالعادات والتقاليد، فضلاً عن العوامل الثقافية كمستوى التفكير وإيجاد وسيلة مشتركة لإدارة الحوار بين الطرفين، والجانب الصحي ويشمل التعريف بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج. كما تقدم دار الإفتاء المصرية، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، دورات تدريب للمقبلين على الزواج، للتعرف على المفاهيم الدينية والمجتمعية واكتساب مهارات التعامل بين الزوجين. وينشط المجلس القومي للمرأة في مصر أيضاً في مجال التأهيل للزواج، من خلال وجود مركز تأهيلي بفروع المجلس في المحافظات المصرية، يقدم برنامجاً تأهيلياً توعوياً للمقبلين وحديثي الزواج بعنوان «معاً لنبقى»، لتحقيق استقرار المجتمع.

بالتوازي، تعمل مصر على زيادة عدد مراكز الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، وشهدت البلاد انطلاق مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لفحص المقبلين على الزواج تحت شعار «100 مليون صحة». وأعلنت وزارة الصحة المصرية، أخيراً، زيادة عدد مراكز العمل بالمبادرة إلى 319 مركزاً على مستوى مصر، لافتة إلى إجراء الفحص الطبي لـ194 ألف شاب وفتاة من المصريين وغير المصريين، منذ بدء المبادرة في 26 فبراير (شباط) الماضي.

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، يصنّف واقعة «عروس طنطا» تحت جرائم العنف ضد المرأة، التي تجد المرأة فيها نفسها ضحية ثقافات ذكورية. ويلفت إلى أن هناك جرائم عديدة تشبه واقعة «عروس طنطا»، لكن لا يلقى عليها الضوء، وجميعها من أسباب انهيار الزيجات وارتفاع معدلات الطلاق بمصر. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الوصول إلى (القتل) في واقعة (عروس طنطا) هو الوجه الأحدث لهذه الوقائع، مع وجود تبرير من الزوج بالإقدام على قتل عروسه بسبب (خلافات زوجية)، وبالتالي نحن أمام عدم تفهم وتقبل للطرف الآخر واحتياجاته». ويرى صادق أن «دورات تأهيل المقبلين على الزواج (غير كافية)، خاصة أنها غير إجبارية للطرفين»؛ لكنه طالب بـ«التوسع فيها مع التوعية من خلال دورات أخرى تأهيلية، إلى جانب عدة مستويات أخرى تتوازى مع ذلك مثل وسائل الإعلام التي يقع عليها دور كبير»، مشيراً إلى «أهمية التعليم في التثقيف والتأهيل للزواج، لا سيما في الجانب الجنسي، والتوعية الدينية في التعامل مع القضايا الزوجية، وأيضاً القوانين والتشريعات بشرط أن تكون (حازمة) لإيقاف العنف الذكوري ضد المرأة». وهنا يشير صادق إلى «أهمية التوسع في تأهيل المقبلين على الزواج من خلال مختلف المؤسسات، التي يكون لكل منها خطابها التوعوي، وأدواتها المختلفة للوصول إلى المستهدفين، مما يؤسس لأولى خطوات الحياة الزوجية بطريقة صحيحة».


مقالات ذات صلة

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

الخليج عَلم الإمارات (رويترز)

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية أن السلطات الأمنية المختصة بدأت إجراء التحقيقات الأولية مع ثلاثة جناة أُلقي القبض عليهم لاتهامهم بارتكاب جريمة قتل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أوروبا منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية، إذ تعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)

مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

حُكم على امرأة في تايلاند بالإعدام، بعدما اتُّهمت بقتل 14 من أصدقائها بمادة السيانيد.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا ماريوس بورغ هويبي نجل ولية العهد النرويجية الأميرة ميته ماريت (أ.ف.ب)

توقيف نجل أميرة النرويج بشبهة الاغتصاب

أعلنت الشرطة النرويجية، الثلاثاء، توقيف نجل ولية العهد الأميرة ميته ماريت للاشتباه في ضلوعه في عملية اغتصاب.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية»، وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل، ومطالبات بوقف إطلاق النار ضمن جهود القاهرة للعمل على تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

الدعم المصري لبيروت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، نابع من «اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وضمن رؤيتها في عدم توسيع نطاق الحرب، ويأتي استمراراً لوقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود»، وسط توقعات بـ«دور أكبر للقاهرة في إعمار جنوب لبنان بعد الدمار الإسرائيلي».

ومع تفاقم الضربات الإسرائيلية على لبنان رغم محادثات اتفاق الهدنة، واصل الموقف المصري مساره السياسي بخلاف الإنساني في تأكيد دعم بيروت، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا «آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتمسك الوزير المصري بـ«ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بعناصره كافة، وتمكين المؤسسات اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من بسط نفوذها بالجنوب اللبناني»، وهو الموقف الذي أكد عليه أيضاً في اجتماع آخر في روما مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «تناول آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في لبنان، والمفاوضات الجارية للتوصل لوقف إطلاق النار»، وفق المصدر ذاته.

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره اللبناني خلال مشاركتهما في فعاليات منتدى «حوارات روما المتوسطية» (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير المصري «حرص بلاده على استمرار تقديم الدعم للبنان الشقيق في ظل الظرف الحرج الراهن، الذي كان آخره تسليم شحنة جديدة من المساعدات الإغاثية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، تضمنت 21 طناً من المواد الغذائية، ومستلزمات الإعاشة اللازمة للتخفيف عن كاهل النازحين».

وفي تلك الزيارة، أجرى عبد العاطي 8 لقاءات ومحادثات، مع مسؤولين لبنانيين، على رأسهم، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث تم تناول «مجمل الاتصالات التي تقوم بها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتمكين الجيش اللبناني وعودته إلى الجنوب».

عبد العاطي خلال لقاء سابق مع قائد الجيش اللبناني ضمن زيارته لبيروت (الخارجية المصرية)

ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن الموقف المصري إزاء لبنان منذ التصعيد الإسرائيلي ومع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «قوي ومتقدم ونابع من اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وفكرة عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بالشكل العنيف الذي تقوم به إسرائيل».

ولم يكن الدعم المصري وفق العرابي على «الصعيد الإنساني فقط، لكن كان قوياً دبلوماسياً وسياسياً، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كل المحافل يؤكد على موقف منحاز لسيادة وأمن لبنان، بخلاف اتصالات ولقاءات وزير الخارجية وأحدثها لقاء وزير خارجية لبنان في روما، وهذا يعبّر عن اهتمام واضح ومهم يُظهر لإسرائيل أن مصر رافضة توسعها في تهديد أمن المنطقة، ورافضة لأي مساس باستقرار لبنان».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

ويعد الموقف المصري المتواصل، وفق الكاتب السياسي اللبناني بشارة خير الله: «رسالة دعم مهمة في توقيت خطير يمر به لبنان»، مضيفاً: «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً وإغاثياً بارزاً في الوقوف بجانب لبنان، ونحن هنا في لبنان نعوّل على الدور المصري ونجاحه في تعزيز جسر المساعدات، والتوصل لوقف إطلاق نار».

ووفق خير الله، فإن «التحرك المصري المتواصل يأتي ضمن جهود عربية كبيرة مع لبنان»، لافتاً إلى أن «هذا الوقوف العربي مهم للغاية في ظل محنة لبنان الذي يدفع ثمناً كبيراً».

دور محوري

يتفق معهما، المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، الذي أكد أن «مصر لها دور محوري في لبنان والمنطقة، من حيث دعمها لترسيخ الاستقرار في لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود، حيث قدمت مساعدات عند حادثة انفجار بيروت (2020) وأيضاً عند انتشار فيروس (كورونا)، ودعمت لبنان ولا تزال، ومستمرة في تقديم الدعم منذ بداية الحرب».

وبالنسبة للموقف السياسي، فإن مصر «تدعم وقف إطلاق النار في لبنان من خلال تنفيذ القرار (1701)، وتضغط بكل ما لديها من قوة في العالم العربي والمجتمع الدولي من أجل إنقاذ لبنان ووقف العدوان»، وفق أبو زينب الذي أكد أن «التعاون والتنسيق بين البلدين تاريخي بحكم العلاقات التاريخية والوطيدة بين مصر ولبنان، والتواصل مستمر، وهناك زيارات دائمة على صعيد المسؤولين لتقديم الدعم للبنان في الظروف الصعبة قبل الحرب، وأثناء العدوان أيضاً».

وسبق أن زار وزير الخارجية المصري لبنان في 16 أغسطس (آب) الماضي، قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتقى آنذاك في بيروت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، وسط تأكيده على إجراء اتصالات رئاسية ووزارية متواصلة لبحث التوصل لتهدئةٍ، لا سيما منذ تحويل جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزة.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن «تلك الخطوات المصرية تجاه لبنان نتاج علاقات تاريخية ومستقرة، أضيفت لها مساندة سياسية وإنسانية متواصلة، وستكون بعد وقف الحرب محل تقدير من حكومة وشعب لبنان»، متوقعاً أن يكون لمصر دور في إعمار جنوب لبنان بعد التخريب الإسرائيلي له، مع اهتمام بدعم جهود لبنان في حل الفراغ الرئاسي.

وتلك الجهود تأتي «ضمن رؤية الرئيس المصري، كون العمل العربي المشترك مهم من أجل إنقاذ المنطقة من التطرف الصهيوني، سواء في غزة أو حالياً في لبنان، خصوصاً أن الأوضاع الكارثية حالياً في غزة ولبنان تتطلب مزيداً من الجهد والتعاون والعمل، وهو ما نقوم به حالياً مع الأشقاء العرب»، وفق المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب.

والوصول لاتفاق تهدئة في لبنان «سيشجع جهود الوساطة المصرية على إبرام هدنة في غزة»، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب.

عبد العاطي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

وكما سعت القاهرة في ملف لبنان، فإنها ستعزز جهودها في ملف غزة، خصوصاً أن «حماس» تؤيد اتفاق لبنان، ولن يرغب أي طرف فلسطيني في لوم «حزب الله» الذي دفع ثمناً كبيراً أبرزه مقتل غالبية قياداته، وفق الرقب.