كيف قرأ خصوم «حزب الله» رسالته إلى البابا؟

عنصر في «كشافة المهدي» التابعة لـ«حزب الله» يرفع صورة البابا ليو الرابع عشر أثناء استقباله على طريق القصر الجمهوري في بيروت (أ.ف.ب)
عنصر في «كشافة المهدي» التابعة لـ«حزب الله» يرفع صورة البابا ليو الرابع عشر أثناء استقباله على طريق القصر الجمهوري في بيروت (أ.ف.ب)
TT

كيف قرأ خصوم «حزب الله» رسالته إلى البابا؟

عنصر في «كشافة المهدي» التابعة لـ«حزب الله» يرفع صورة البابا ليو الرابع عشر أثناء استقباله على طريق القصر الجمهوري في بيروت (أ.ف.ب)
عنصر في «كشافة المهدي» التابعة لـ«حزب الله» يرفع صورة البابا ليو الرابع عشر أثناء استقباله على طريق القصر الجمهوري في بيروت (أ.ف.ب)

واكب «حزب الله» زيارة البابا ليو الرابع عشر إلى لبنان بمجموعة من النشاطات، لعل أبرزها توجيه رسالة إليه تمنى فيها اتخاذ مواقف ضد «الظلم والعدوان» الإسرائيلي، كما وكّل الحزب كشافة «المهدي» تجهيز نقاط لاستقباله على طريق المطار في الضاحية الجنوبية لبيروت التي انتشرت فيها أعلام لبنان والفاتيكان ولافتات تُرحّب بـ«بابا السلام».

عناصر من «كشافة المهدي» التابعة لـ«حزب الله» يرفعون أعلام لبنان والفاتيكان خلال استقبال البابا ليو الرابع عشر على طريق القصر الجمهوري (أ.ب)

وفيما قرأ متابعون عن كثب لمواقف الحزب بأدائه هذا «محاولة لردم الهوة التي اتسعت مع القوى المسيحية بعد قراره الأحادي بإسناد ودعم غزة، وإشارة إيجابية لحرصه على الوحدة الوطنية»، انتقد حزب «القوات اللبنانية» بشدة مضمون رسالة الحزب واتهمه بـ«تزوير الوقائع».

رسالة الحزب

وأكد الحزب، في متن الرسالة، تمسكه ‏«بالعيش الواحد المشترك، وبالديمقراطية التوافقية، وبالحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي، وبالسيادة الوطنية وحمايتها، وبالوقوف مع جيشنا وشعبنا لمواجهة أيّ عدوان أو احتلال لأرضنا ‏وبلدنا».

وأوضح مسؤول الملف المسيحي ‏في «حزب الله»، محمد سعيد الخنسا، في حديث تلفزيوني، أن الأنشطة التي تم إعدادها هي «للتأكيد على دورنا في هذه المناسبة، وترحيبنا الشديد بزيارة البابا إلى لبنان».

رؤية جديدة للبنان

وأشار الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير، المطلع عن كثب على موقف «حزب الله»، إلى أن «الحزب حرص على التعاطي الإيجابي مع زيارة البابا عبر الترحيب الرسمي على لسان أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، ومن خلال الرسالة التي وجهها له، وكذلك عبر مشاركة كشافة الإمام المهدي بالاستقبال، وهذا حرص من الحزب على تأكيد رؤيته الجديدة للبنان على أساس الوحدة الوطنية والتعاون، ونظراً للعلاقة الإيجابية التي تربطه مع الفاتيكان».

واعتبر قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتراض القواتي على رسالة الحزب محاولة لقطع الطريق على الأجواء الإيجابية بين الحزب والفاتيكان ولمنع الحزب من إيصال صوته الصريح للفاتيكان، لكن الاعتراض لا يفيد».

محاولة لتبييض الصفحة

بالمقابل، رأى رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، النائب السابق فارس سعيد، برسالة الحزب «محاولة لتبييض الصفحة من قِبَل حزبٍ يعتبره الغرب تنظيماً إرهابياً، ويعتبره اللبنانيون في هذه اللحظة مصدراً لعدم الاستقرار ومصدراً لغياب الثقة بدولتهم. وبالتالي يحاول الالتفاف على هذا الاعتراض الوطني والعربي والدولي من خلال إرسال إشارة إلى البابا بأنه يشبه الجميع ويستقبله، ويقول إن (كشافة المهدي) استقبلته في الضاحية الجنوبية».

موكب البابا ليو الرابع عشر يخترق جسر الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء عبوره إلى القصر الرئاسي وسط حشود من مناصري «حزب الله» (رويترز)

وأوضح سعيد قي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في بعض القرى الجبلية الشيعية لاحظنا تراجعاً في الصور الحزبية لمصلحة صور البابا ليون الرابع عشر ولافتات الترحيب، ما يعني أن هناك قراراً سياسياً من قِبَل (حزب الله) ببعث رسالة للفاتيكان وللكنيسة بأن الحزب ليس حزباً إرهابياً، وليس هو المسؤول عن المشاكل التي يعاني منها لبنان»، مضيفاً: «لكن لا أعتقد أن الفاتيكان سيأخذ هذا الموضوع في الاعتبار، فهو يعرف تماماً دقّة الوضع الداخلي في لبنان. ونحن بصفتنا مسيحيين لبنانيين نرحّب بهذا الشكل من أشكال الترحيب واستقبال البابا، إنما لا يظن أحد أننا قد نغيّر أو نبدّل موقفنا تجاه الحزب الذي يبقى قبل زيارة البابا، وخلال الزيارة كما بعدها، أي أنه يشكّل بالنسبة لنا الحالة المتمرّدة على تنفيذ الدستور والقانون وعلى قيام الدولة في لبنان».

«التيار الوطني الحر»

أما نائب رئيس «الوطني الحر»، الدكتور ناجي حايك، فوصف مواكبة «حزب الله» لزيارة البابا بـ«الرسالة الإيجابية»، مثنياً على الاستقبال الذي نظمه الحزب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أياً كان الطرف الذي قام بذلك، كنا لنرحب بدوره في هذا المجال، فهو يعزز بذلك الوحدة الوطنية ليبقى الأهم أن يستمر هذا الأداء ولا تبقى خطوة يتيمة».

وساءت علاقة «حزب الله» بمعظم القوى السياسية والمسيحية منذ قرار الحزب مساندة غزة عسكرياً ما استدعى حرباً إسرائيلية مدمرة على لبنان. وبعدما جمع الحزب تفاهماً سياسياً منذ عام 2006 مع «التيار الوطني الحر» انهار هذا التفاهم، ولم يبقَّ للحزب أي حليف مسيحي.

حملة «قواتية»

وشن حزب «القوات» في الساعات الماضية حملة على «حزب الله»، منتقداً مضمون رسالته للبابا. فاعتبر في بيان رسمي، أن الرسالة «تضمّنت مجموعة مغالطات باعتبارها حاولت تقديم الحزب بوصفه مدافعاً عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، فيما هو نفسه لا يعترف بالشرعية الدولية ولا بالشرعية العالمية لحقوق الإنسان، ويصادر حقوق اللبنانيين وحرياتهم وقرارهم، فارضاً ثقافة تتناقض مع قيم الحياة والكرامة التي يجسّدها لبنان». واستغرب بيان «القوات» تطرق رسالة الحزب إلى «العيش المشترك والديمقراطية، وهما مفهومان يسقطان حكماً حين يُفرض السلاح على الحياة الوطنية والسياسية، وحين تعتبر جهة نفسها (أشرف الناس) وتتعامل مع شركائها في الوطن بوصفهم ملحقين بها».

كما اتهم عضو كتلة «القوات»، النائب غياث يزبك، الحزب برسالته بـ«تزوير الوقائع والاستخفاف بالضيف الكبير ما ينطوي على نية لارتكاب المزيد في حق اللبنانيين، وهذا أمر مستهجن وخطر ويبشر بأيام حالكة يستعد (حزب الله) لاستحضارها إلى لبنان».


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».