اغتيال الطبطبائي... بين العملاء والتكنولوجيا

تبدو آثار الصواريخ التي أُطلقت على المبنى حيث تم اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي (الشرق الأوسط)
تبدو آثار الصواريخ التي أُطلقت على المبنى حيث تم اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي (الشرق الأوسط)
TT

اغتيال الطبطبائي... بين العملاء والتكنولوجيا

تبدو آثار الصواريخ التي أُطلقت على المبنى حيث تم اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي (الشرق الأوسط)
تبدو آثار الصواريخ التي أُطلقت على المبنى حيث تم اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي (الشرق الأوسط)

طرحت عملية اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، أكثر من علامة استفهام حول كيفية نجاح تل أبيب في تحديد هويته وموقع وجوده والتوقيت الدقيق، خاصة في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي يتخذها قياديو الحزب وعناصره لتفادي اغتيالهم.

هيثم علي الطبطبائي (إ.ب.أ)

وفور تنفيذ العملية، بعد ظهر الأحد، أعلن الإعلام الإسرائيلي أنه تم استهداف الطابقين 4 و5 من مبنى مؤلف من 10 طوابق في الشارع العريض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، مشيراً إلى أن الهجوم نُفذ على الضاحية خلال دقائق من ورود المعلومات الاستخبارية حول وجوده بشقة سكنية في المنطقة.

المنظومة المعقّدة

ويرجح الأستاذ المحاضر في الجيوسياسة العميد المتقاعد خليل الحلو أن تكون عملية الاغتيال تمت عبر طائرة حربية، و«إن كان احتمال استخدام طائرة مسيّرة وارداً أيضاً، ‏فالإسرائيليون قالوا إن الوقت الفاصل بين معرفتهم بالمعلومة وتنفيذ العملية هو ساعة، ما يجعل احتمال استخدام المسيّرة ضعيفاً؛ لأنها تحلق ببطء»، موضحاً أن «ما استهدف المبنى ليس صاروخاً، إنما قنبلة دقيقة جداً وزنها 110 كلغ، وهي من نوع (GPU39) كما أعلن الإسرائيليون، ويمكن رميها عن بُعد 20 أو 30 أو 40 كلم عبر طائرة (F15) أو (F16)».

أما بالنسبة لتحديد الهدف، فيشرح الحلو لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يتم عبر عميل واحد، إنما هم يتأكدون من المعلومة من أكثر من مصدر؛ أي إن التأكد من الهدف وموقع وجوده يحصل عبر أكثر من عميل، كما عبر التكنولوجيا؛ أي نبرة صوته والذكاء الاصطناعي (لديهم أربعة أنظمة يستخدمونها في استهدافات مماثلة) وغيرها من التقنيات»، مضيفاً: «كما أنّ الإسرائيليين لا شك مسحوا المنطقة المستهدفة عشرات المرات منذ سنوات، ويعرفون من يدخل إليها ويخرج منها، وقاموا باستطلاعات جوية متكررة».

‏ويعتبر الحلو أن «منظومة استخباراتية معقدة تعتمد عليها تل أبيب، واليد الطولى أو العنصر الأساسي فيها والذي يسمح بنجاح عمليات الاغتيال ليس العملاء، إنما الاستعلام الإلكتروني الذي يسمح لهم بمقارنة المعطيات بين يومنا الحالي حتى عشرين عاماً مضى».

ويلفت إلى أن «الأثر الذي تركته القذائف في المبنى يدل على أنها من النوع الذي لا ينفجر فور الملامسة، إنما بعد أعشار من الثانية، ما يحقق نتائج أكثر فاعلية، ويعكس دقة في تحديد الموقع المستهدف».

أنظمة متطورة

من جهته، يتحدث الخبير في تقنيات التكنولوجيا والاتصالات عامر الطبش عن «عملية تطوير كبيرة لأجهزتها عملت عليها إسرائيل منذ سريان اتفاق وقف النار؛ أي قبل عام، بحيث طوّرت أجهزة الرصد والمراقبة والتجسس الإلكتروني. أما (حزب الله) فلم ينجح في بناء أي قدرات تمكنه من مواكبة التطور الإسرائيلي».

ويوافق الطبش الحلو في أن «عنصر العملاء غير كافٍ للتفوق الحاصل باعتبار أن الإسرائيلي يستخدم كل أنظمة التكنولوجيا الموجودة لديه ويطورها، وهي تعمل كلها بالتوازي، سواء الطائرات من دون طيار المعنية بالرصد والحرب الإلكترونية أو الستالايت أو الذكاء الاصطناعي، وكلها تصب في مكان واحد لتحقيق النتائج التي نراها على الأرض».

ويرى الطبش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن اللافت هو أنه «لم يتم حصراً تحديد وجود الشخص المطلوب بالمبنى، إنما تم تحديد الطابق والغرفة التي يوجد فيها»، لافتاً إلى أن «الكاميرات الموجودة في المسيّرات تم تحديثها بحيث أصبحت شديدة الدقة وتسمح بالرصد الحراري والتصوير بأشعة ما فوق الحمراء، حتى إن بعضها مجهز بميكروفونات، ما يمكنها من السماع وليس حصراً المشاهدة، ما يحولها أشبه بعمود اتصالات».

المبنى الذي استُهدف في عملية اغتيال رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي (الشرق الأوسط)

ومنذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واصلت إسرائيل استهداف مسؤولين وعناصر بـ«حزب الله» من دون توقف، وقد تجاوز عددهم 300 منذ فترة، علماً أنها كانت قد اغتالت وقتلت ما بين 4 و5 آلاف قائد وعنصر، وأصابت نحو 9 آلاف آخرين خرجوا من دائرة القتال.

وقد تمت معظم عمليات الاغتيال في الأشهر الماضية خلال تنقل العناصر على الطرقات، وبشكل أساسي في مناطق جنوب لبنان.


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».