العراق: أزمة «الرئاسات الثلاث» تُعرقل خطط الإسراع في تشكيل الحكومة

عراقيون يتابعون إعلان نتائج الانتخابات الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
عراقيون يتابعون إعلان نتائج الانتخابات الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

العراق: أزمة «الرئاسات الثلاث» تُعرقل خطط الإسراع في تشكيل الحكومة

عراقيون يتابعون إعلان نتائج الانتخابات الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
عراقيون يتابعون إعلان نتائج الانتخابات الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

لم يعد منصب رئيس الوزراء، المخصص للمكون الشيعي (الأكبر)، هو العقدة الأكبر في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، بدءاً من مفهوم «الكتلة الأكبر» الذي جرى التلاعب به من قبل المحكمة الاتحادية خلال انتخابات 2010.

ففي الوقت الذي تتضارب فيه تصريحات قياديي «الإطار التنسيقي» الشيعي بشأن مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، يبقى الخلاف الكردي-الكردي قائماً حول منصب رئيس الجمهورية، وهو منصب يشهد أيضاً نزاعاً بين العرب السنّة والكرد.

سنياً، فإن الخلاف السني-السني لا يزال قائماً، في ظل محاولات جارية بين تشكيل إطار سني على غرار «الإطار التنسيقي» الشيعي، أو المُضي نحو تشكيل أغلبية سنية داخل المكون السني نفسه تُشبه الكتلة الشيعية الأكبر داخل قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي لحسم منصب رئاسة البرلمان بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، الرئيس السابق للبرلمان، وعدد من الأحزاب السنية التي حلّت في المرتبة الثانية بعد حزب «تقدم» الذي جاء في المرتبة الأولى بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي جرت في الحادي عشر من هذا الشهر، والتي لا تزال تواجه أكثر من 800 طعن أمام مفوضية الانتخابات، ويُخشى من إمكانية إعادة نتائج الانتخابات في حال صحت بعض الطعون لجهة حصول عمليات تزوير واسعة النطاق.

الأكراد و«خطأ» المالكي

في الليلة التي توجه فيها رئيس الوزراء الأسبق وزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي إلى أربيل، ارتكب حزب «الدعوة» الذي يتزعمه خطأ وصفه قادته بأنه «خطأ تكتيكي»، تمثّل في إعلان شورى الحزب ترشيح المالكي لمنصب رئيس الوزراء.

وطبقاً للمراقبين السياسيين، فإن إعلان ترشيح المالكي مسبقاً لمنصب رئيس الوزراء، في وقت يتطلّب إقناع الزعيم الكردي مسعود بارزاني بحسم تشكيل الحكومة، تحوّل إلى «خطأ كبير». فقد ارتكبه مجلس شورى الحزب لأنه أظهر للقيادة الكردية كأن المطلوب منها فقط تأييد هذا الترشيح مسبقاً، في وقت لم يُحسم فيه الاتفاق على باقي المناصب السيادية، وهما رئاستا الجمهورية والبرلمان.

وعلى الرغم من قيام حزب «الدعوة» بحذف منشوره المتعلّق بالترشيح المسبق لنوري المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة، الذي بدا كأنه رسالة إلى الكرد بضرورة الموافقة دون شروط، فإن إعادة نشر البيان الخاص بترشيح المالكي بعد انتهاء مباحثاته مع القيادة الكردية فسّرها المراقبون السياسيون على أنها مؤشر إلى أن تلك المباحثات لم تكن ناجحة بالقدر الذي كان يتمناه المالكي شخصياً، والذي فوّضه «الإطار التنسيقي» لبحث الأمر مع بارزاني. كما لم تكن بالقدر الذي كانت تأمله قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، التي أرادت الحصول على موقف كردي داعم للمرشح الذي يختاره الشيعة لرئاسة الوزراء.

كما كان الموقف الكردي واضحاً بأن المسألة لا تتعلق بمنصب رئيس الوزراء وحده، بل تشمل أيضاً منصب رئيس الجمهورية، المختلف عليه داخل البيت الكردي، ومنصب رئيس البرلمان، الذي يشهد نزاعاً مزدوجاً؛ مرة بين العرب السنّة والكرد، ومرة داخل البيت السنّي نفسه. وهذا يعني أن أربيل لم تقدّم للمالكي «الهدية الثمينة» التي كان يتطلع إليها، بل إنها لا تزال تصرّ على بحث الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، ومنها القوانين المؤجّلة وقضايا الرواتب والشراكة.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور صلاح العرباوي السياسي العراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الساحة السياسية العراقية تشهد حراكاً قوياً بعد كل انتخابات عامة، زعامات تذهب وأخرى تجيء، البورصة السياسية والمالية للمواقع السيادية تقفز إلى أعلى مستوياتها، مزاد النواب والانتقالات (من وإلى) بين الكتل السياسية ينشط بشكل كبير، قاآني وسافايا يدخلان على الخط أيضاً».

ويضيف العرباوي أن «الديمقراطية في الدولة توافقية؛ ولذلك فالكل يحتاج إلى الكل، تُنسج التحالفات على أساس المصالح الحزبية بالدرجة الأولى، وتتم عملية التوزيع الاسترضائي للسلطة بين الأحزاب الفائزة».

ويرى أنه «من الناحية الواقعية لا توجد لدينا أزمة شخصيات أو حتى أزمة برامج حكومية ومناهج وزارية، الأزمة الحقيقية تكمن في الاشتراطات التي تضعها القوى الحاكمة لشغل المواقع الأولى في الدولة، فهم لا يريدون رؤساء أقوياء، إنما يبحثون عن شخصيات ضعيفة يمكن التحكّم بها».

واختتم العرباوي تصريحه بالقول «إنهم لا يبحثون عن شخصيات بحجم الوطن إنما يختارون شخصيات بحجم الحزب. الولاء الحزبي مقدّم على الكفاءة».

من جهته، قال الدكتور غالب الدعمي، أستاذ الإعلام، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة داخل الكتل السياسية هي أزمة برامج وأزمة اختيار رئيس وزراء ورئيس جمهورية، لكن من الواضح أن المشكلات الخاصة باختيار رئيس الجمهورية داخل كردستان ربما هي أقوى من المشكلات الخاصة باختيار رئيس الوزراء شيعياً».

ويضيف الدعمي أن «الصراع على تشكيل حكومة كردستان يمكن أن ينسحب على اختيار رئيس الجمهورية المختلف عليه بين الحزبين، علما بأن انتخاب رئيس الجمهورية يحتاج إلى ثلثي أعضاء البرلمان وليس النصف زائد واحد، مثلما هو انتخاب رئيس الوزراء؛ ولذلك نحن حيال أزمة رئاسات، لا رئاسة واحدة هذه المرة».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يعقد اليوم أولى جلساته في الدورة البرلمانية السادسة

المشرق العربي إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)

البرلمان العراقي يعقد اليوم أولى جلساته في الدورة البرلمانية السادسة

يعقد البرلمان العراقي الجديد في دورته السادسة، ظهر اليوم (الإثنين)، أولى جلساته بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا في البلاد على نتائج الانتخابات البرلمانية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي هيبت الحلبوسي (صورة من صفحته على إكس)

ترشيح هيبت الحلبوسي لرئاسة البرلمان العراقي

ذكرت وكالة الأنباء العراقية اليوم الأحد أن المجلس السياسي الوطني أعلن ترشيح هيبت الحلبوسي لرئاسة البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد وزير النفط العراقي خلال حديثه في جلسة هيئة الرأي الأحد 28 ديسمبر (وزارة النفط العراقية)

74 % نسبة استثمار الغاز المصاحب في الحقول العراقية

أعلن وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، أنه تم الوصول إلى معدلات بلغت 74 في المائة في مجال استثمار الغاز المصاحب، من نحو 53 في المائة عند تسلّم الحكومة مهامها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

السوداني: نعمل على استضافة حوار أميركي - إيراني في بغداد

«خلال أيام ستتسلم قواتنا المسلحة قاعدة عين الأسد بالكامل، والمرحلة الثانية تتعلق بقاعدة حرير، ولا نخضع لأي آراء أو رغبات، أو أمزجة الآخرين».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

انتخاب رئيس البرلمان لا يزال موضع تنافس شديد داخل القوى السنية بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي.

حمزة مصطفى (بغداد)

4 قتلى و108 جرحى باعتداء فلول النظام السابق على الأمن والمدنيين في اللاذقية

نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
TT

4 قتلى و108 جرحى باعتداء فلول النظام السابق على الأمن والمدنيين في اللاذقية

نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)
نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)

أعلنت مديرية الصحة في محافظة اللاذقية السورية، الاثنين، ارتفاع عدد الوفيات عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات إلى 4 أشخاص و108 مصابين.

وكان قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، قد صرح، الأحد، بوقوع اعتداء من «بعض العناصر الإرهابية التابعة لفلول النظام البائد على عناصر الأمن الداخلي في اللاذقية وجبلة خلال المظاهرات التي دعا لها المدعو غزال غزال»؛ ما أدى لإصابة بعض العناصر الأمنية وتكسير سيارات تتبع للمهام الخاصة والشرطة.

وأضاف الأحمد: «تم رصد عناصر ملثمة ومسلحة خلال الاحتجاجات في دوار الأزهري في اللاذقية ودوار المشفى الوطني في جبلة»، مضيفاً أن هذه العناصر تتبع لما يُسمى خلية «سرايا درع الساحل» وخلية «سرايا الجواد» الإرهابيتين، المسؤولتين عن عمليات تصفية ميدانية وتفجير عبوات ناسفة على أوتوستراد M1، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).

أحد المصابين في مستشفى باللاذقية عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات في المدينة (إ.ب.أ)

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، الأحد، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات بمراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات.

ونقل التلفزيون السوري عن إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع القول إن نشر المجموعات العسكرية جاء بعد «تصاعد عمليات الاستهداف من قبل مجموعات خارجة عن القانون باتجاه الأهالي وقوى الأمن». وأضافت الإدارة أن مهمة القوات هناك «حفظ الأمن وإعادة الاستقرار بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي».


البرلمان العراقي يعقد اليوم أولى جلساته في الدورة البرلمانية السادسة

إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

البرلمان العراقي يعقد اليوم أولى جلساته في الدورة البرلمانية السادسة

إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (أرشيفية - إ.ب.أ)

يعقد البرلمان العراقي الجديد في دورته السادسة، ظهر اليوم (الإثنين)، أولى جلساته بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا في البلاد على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق في الحادي عشر من الشهر الماضي.

وأعلنت الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي أن الجلسة ستعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وسيؤدي النواب اليمين القانونية، ومن ثم يُفتَح باب الترشيح لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه للأعوام الأربعة المقبلة.

وأعلنت قوى المجلس السياسي الوطني الذي يضم الأغلبية السنية في البرلمان ترشيح هيبت الحلبوسي لمنصب رئيس البرلمان، بينما أعلن رئيس تحالف العزم مثنى السامرائي الترشح لرئاسة البرلمان.

وسيكون أمام النواب في جلسة اليوم مرشحان من القوى السنية للتنافس على منصب رئاسة البرلمان، وبذلك ستجري عملية اقتراع سري مباشر لإعلان اسم الفائز بالمنصب.

وأعلن صفوان الجرجري، الأمين العام للبرلمان العراقي، أن جلسة البرلمان الأولى ستقتصر على المرشحين الفائزين ولا يسمح بدخول الضيوف والصحافيين إلى قاعة البرلمان.


سماع دوي انفجار بمحيط منطقة المزة في دمشق

عناصر من قوات الأمن السورية خلال عمليات أمنية في ريف دمشق (الداخلية السورية)
عناصر من قوات الأمن السورية خلال عمليات أمنية في ريف دمشق (الداخلية السورية)
TT

سماع دوي انفجار بمحيط منطقة المزة في دمشق

عناصر من قوات الأمن السورية خلال عمليات أمنية في ريف دمشق (الداخلية السورية)
عناصر من قوات الأمن السورية خلال عمليات أمنية في ريف دمشق (الداخلية السورية)

أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء الرسمية (سانا)، الاثنين، بسماع دوي انفجار بمحيط منطقة المزة بدمشق، ويجري التحقق من طبيعته.