تحذيرات إسرائيلية من «فقدان السيطرة» مع تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية

شرطي إسرائيلي يصرخ في وجه أحد المتظاهرين في أثناء تفكيك بؤرة استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين (رويترز)
شرطي إسرائيلي يصرخ في وجه أحد المتظاهرين في أثناء تفكيك بؤرة استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين (رويترز)
TT

تحذيرات إسرائيلية من «فقدان السيطرة» مع تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية

شرطي إسرائيلي يصرخ في وجه أحد المتظاهرين في أثناء تفكيك بؤرة استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين (رويترز)
شرطي إسرائيلي يصرخ في وجه أحد المتظاهرين في أثناء تفكيك بؤرة استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين (رويترز)

تشهد الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة موجة غير مسبوقة من اعتداءات المستوطنين اليهود ضد بلدات وقرى فلسطينية، ما أثار حالة قلق في أوساط القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وسط تحذيرات من انزلاق الأوضاع نحو «فقدان السيطرة»، واتساع دائرة العنف، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

تصعيد ميداني واتساع رقعة الهجمات

وتزامنت هذه المخاوف مع حوادث اعتداء واسعة نفذتها مجموعات من المستوطنين الملثمين، شملت اقتحام قرى فلسطينية والاعتداء على سكانها، وحرق مسجد، إضافة إلى مهاجمة قوات من الجيش الإسرائيلي كانت تشارك في إزالة بؤرة استيطانية غير قانونية قرب الخليل.

ويرى مراقبون أن تلك الهجمات تعكس حجم المساحة التي يحظى بها المستوطنون للتحرك في الضفة الغربية، كما تكشف عن اتساع الشرخ بين تيار المستوطنين الأكثر تطرفاً، الذي يعتقد بامتلاكه «حقاً دينياً» في الأرض، والمؤسسة الأمنية التي تتعامل مع هذه الهجمات باعتبارها تهديداً مباشراً للاستقرار الداخلي وهيبة الدولة.

انتقادات داخلية وتحذيرات من انفلات الأوضاع

وخلال الأيام الماضية، صدرت إدانات رسمية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، وصفوا خلالها منفذي هذه الهجمات بأنهم «قلة متطرفة». وهزّ هرتسوغ رأسه محذراً من «تجاوز خط أحمر»، فيما تعهّد كاتس بتخصيص موارد إضافية لبرامج تهدف إلى الحد من اعتداءات المستوطنين عبر القنوات المدنية والحوار.

لكن أصواتاً سياسية وأمنية وازنة رأت أن الحكومة الحالية تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية، سواء عبر سياسات تشجع على التمدد الاستيطاني، أو عبر غض الطرف عن معظم الاعتداءات وعدم ملاحقة منفذيها.

قوات الأمن الإسرائيلية تتفقد مركبة في موقع عملية دهس وطعن مزعومة بمنطقة غوش عتصيون بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

إسرائيل تحصد ما زرعته

وقال الجنرال الاحتياطي إسرائيل زيف، الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي: «إسرائيل تحصد ما زرعته... سياسة عنصرية تدفع إلى إيذاء الفلسطينيين، في وقت يحصل فيه الإرهاب اليهودي على حرية حركة كاملة. بالصمت حيناً وبالتشجيع حيناً آخر، فقدت الدولة السيطرة».

سياسات توسعية وتأجيج للتوتر

وتتبنى حكومة نتنياهو منذ عودته إلى السلطة عام 2022 سياسة توسعية واضحة في الضفة الغربية، عبر تسريع الموافقات على مشاريع بناء استيطانية، وتكثيف عمليات الهدم بحق منشآت فلسطينية، إلى جانب ضعف التحقيق في اعتداءات المستوطنين، وفق منظمات حقوقية محلية ودولية.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، شهد عام 2025 أعلى معدل لاعتداءات المستوطنين أو الجنود على المزارعين الفلسطينيين منذ بدء توثيق هذه الهجمات عام 2006، بما في ذلك تخريب آلاف الأشجار وحرق مركبات ومعدات زراعية.

حرق مسجد واعتداءات على القرى

وفي قرية ديرستيا شمال الضفة، أضرم مستوطنون النار في مسجد وتركوا رسالة موجّهة لقائد المنطقة الوسطى في الجيش: «لن نخاف... سنعود يا آفي بلوث».

كما شهد جنوب الضفة مواجهات بين مستوطنين وقوات الأمن خلال هدم بؤرة استيطانية، أعقبها هجوم على قريتين فلسطينيتين. وفي قرية أم البطم، اقتحم مستوطنون منزل سيدة ستينية واعتدوا عليها بالضرب بالعصي.

أما في قرية جبعة قرب بيت لحم، فوثقت كاميرات المراقبة حرق سيارات ومهاجمة منازل بالحجارة. وقال عضو المجلس المحلي محمد أبو صبيح إن المستوطنين أحرقوا أربع مركبات ومبنيين، وهددوا بحرق منزل قريبته.

بطء في التدخل وانتقادات للجيش

وأشار أبو صبيح إلى أن الجيش وصل بعد ساعات من انتهاء الاعتداءات رغم أن حاجزاً عسكرياً يقع على بُعد 100 متر فقط من القرية، مضيفاً: «لو كان هدف الجيش منع الهجوم لفعل ذلك بسهولة».

ويرى محللون أن تركيبة الحكومة الحالية، التي تضم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أسهمت في تشجيع المستوطنين على التصعيد، في ظل خطاب يدفع نحو تعزيز الوجود الاستيطاني ورفض أي قيود على المستوطنين.

ودعا يائير غولان، نائب رئيس الأركان السابق، إلى تسمية الأحداث بمسماها: «إرهاب يهودي».

وقال: «لو ارتكب الفلسطينيون هذه الأعمال، لوُصفوا بالإرهاب فوراً. الدولة التي تفشل في حماية مواطنيها وتطبيق القانون تحكم على نفسها بالانهيار».

تطورات أمنية موازية

وأفادت تقارير بأن الموقوفين خلال هدم بؤرة تسور مسغاف أُفرج عنهم سريعاً، ولم تُسجّل اعتقالات على خلفية اعتداءات جبعة. وفي المقابل، أعلن الجيش قتله منفذَيْ عملية دهس وطعن قرب غوش عتصيون، أدت إلى مقتل رجل إسرائيلي (71 عاماً) وإصابة ثلاثة آخرين. وأشادت حركة «حماس» بالعملية، واعتبرتها «رداً طبيعياً على الاعتداءات المتواصلة».

وقال أحد طلاب المدارس الدينية في المنطقة تعليقاً على الهجمات: «حين يشعر الناس بعدم الأمان في بيوتهم، يأخذ البعض القانون بيده كي يستعيد شعوره بالأمان».



إسرائيل تسابق لتعميق المنطقة العازلة في غزة

الدخان يتصاعد بعد إقدام الجيش الإسرائيلي على هدم منزل في مدينة غزة أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد إقدام الجيش الإسرائيلي على هدم منزل في مدينة غزة أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تسابق لتعميق المنطقة العازلة في غزة

الدخان يتصاعد بعد إقدام الجيش الإسرائيلي على هدم منزل في مدينة غزة أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد إقدام الجيش الإسرائيلي على هدم منزل في مدينة غزة أمس (أ.ب)

أظهرت تحركات ميدانية تسابقاً إسرائيلياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الخط الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة الاحتلال (شرق الخط الأصفر)، والمواقع التي تعمل فيها حركة «حماس» (غرب الخط).

ووفق مصادر ميدانية في فصائل تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإن المساعي الإسرائيلية تستهدف تثبيت الأوضاع الميدانية الجديدة، قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، مستشهدةً بعمليات نسف المنازل وتسوية الأراضي، بما يسمح لقوات الاحتلال بكشف المواقع التي تريدها منطقة عازلة.

وتتوافق تلك التطورات الميدانية، مع تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الأحد الماضي، من داخل قطاع غزة خلال تفقده قواته، إذ قال إن «الخط الأصفر يشكل خط حدود جديداً، وخط دفاع متقدماً للمستوطنات، وخط هجوم».

لكن القيادي في «حماس» حسام بدران، رأى أن تصريحات زامير «تكشف بوضوح عن عدم التزام الاحتلال بنود اتفاق وقف إطلاق النار»، وأكد في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أمس، أن الحركة تشترط وقف الخروق الإسرائيلية التي تنتهك وقف النار قبل بدء المرحلة الثانية من الاتفاق.


توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
TT

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)

ألقت قوى الأمن الداخلي في اللاذقية القبض على العميد الطيار فائق أيوب مياسة الذي كان عضواً في اللجنة العسكرية لدى النظام البائد، التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة ضد الشعب السوري الأعزل.

ونقلت وكالة «سانا» الرسمية، عن قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، أن وحدات مديرية الأمن الداخلي في منطقة الحفة، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، نفذت عملية أمنية نوعية، بعد رصد وتتبع دقيق استمر عدة أيام، أسفرت عن إلقاء القبض على العميد الركن الطيار فائق أيوب مياسة المتحدر من قرية لقماني في ريف اللاذقية.

وأشار الأحمد إلى أن مياسة تدرج في المناصب العسكرية، حيث تخرج برتبة ملازم طيار، وعمل في مطار حماة العسكري عام 1982، وعُيّن قائد أركان للواء 63 في مطار تفتناز العسكري بداية الثورة السورية، وتولى مهام تحديد بنك الأهداف بالاشتراك مع غرفتي العمليات الجوية والبرية، الواقعتين في معسكر المسطومة بريف إدلب، لتستهدف تلك المواقع لاحقاً بالطيران المروحي.

برميل أسقطه النظام السوري في بلدة إنخل في درعا جنوب سوريا (أرشيف - رويترز)

وأقر مياسة خلال التحقيقات الأولية بأنه كان عضواً في اللجنة العسكرية التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة، كما تولّى مسؤولية تحديد عدد من المواقع في مختلف المحافظات؛ لاستهدافها بالبراميل المتفجرة والألغام البحرية.

وأكد قائد الأمن الداخلي باللاذقية الالتزام ببذل قصارى الجهد لسوق كل مجرم تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة؛ لضمان محاسبته وفقاً للقانون.

وتأتي هذه العملية في إطار جهود وزارة الداخلية والجهات المعنية في ملاحقة ومحاسبة مسؤولي النظام البائد المتورطين بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق الشعب السوري، انطلاقاً من تطبيق العدالة الانتقالية، وضمان حقوق الضحايا وأسرهم، وعدم إفلات أي مجرم من المساءلة.


تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة، سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة الاحتلال (شرق الخط الأصفر)، والمواقع التي تعمل فيها حركة «حماس» (غرب الخط).

ووفق مصادر ميدانية في الفصائل الفلسطينية في غزة، فإن إسرائيل تسابق الزمن قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، عبر تثبيت حقائق ميدانية جديدة على الأرض عبر نسف المنازل وتسوية الأراضي بما يسمح لها بكشف المنطقة التي تريد أن تصبح منطقة عازلة جديدة في القطاع.

وتتوافق تلك التطورات الميدانية، مع تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الأحد الماضي، من داخل قطاع غزة خلال تفقده قواته، إذ قال إن «الخط الأصفر يشكل خط حدود جديداً، وخط دفاع متقدماً للمستوطنات، وخط هجوم».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

لكن القيادي في «حماس» حسام بدران، رأى أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي «تكشف بوضوح عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار»، ومشيراً إلى أن «مواصلة هدم منازل الفلسطينيين داخل الخط الأصفر تمثل امتداداً للأعمال العسكرية التي كان يفترض أن تتوقف منذ اليوم الأول للاتفاق».

وأكد بدران، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء، أن الحركة تشترط وقف الخروقات الإسرائيلية قبل بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع دعوتها الوسطاء للضغط على إسرائيل.

السيطرة على شارع صلاح الدين

وشرح أحد المصادر من الفصائل لـ«الشرق الأوسط» أن ما تم رصده مؤخراً بشأن نطاق العمل الإسرائيلي في مواقع مختلفة من القطاع بات يؤكد أن «المخطط الحقيقي هو السيطرة على مسافة تقارب 3 كيلومترات من حدود مستوطنات غلاف غزة ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وحتى شارع صلاح الدين الرئيس، وتحديداً قبالة خان يونس، ومدينة غزة وصولاً إلى حدود جباليا وبيت لاهيا».

وشارع صلاح الدين طريق حيوي ورئيسي، ويمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، وكانت مسألة السيطرة عليه ذات أهمية عسكرية كبرى خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، وركزت التحركات الإسرائيلية على قطعه بمحاور مختلفة.

شارع صلاح الدين في قطاع غزة

وذكر المصدر أن مدينتي رفح (أقصى جنوب غزة) وبيت حانون (أقصى الشمال)، محتلتان بالكامل، وفي حال انسحبت إسرائيل منهما، فإنها ستتركهما مدمرتين تماماً، وتواصل حالياً الإجهاز على ما تبقى فيهما.

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية تهدف من خلال الاستهدافات المتكررة يومياً دون توقف، سواء بالتقدم براً أم عمليات القصف الجوي والمدفعي والنسف وغيرها، إشعار السكان الذين يحاولون العودة بالقرب من الخط الأصفر، بعدم قدرتهم على البقاء في تلك المناطق وأن حياتهم ستبقى في خطر دائم، وأنهم يجب أن يبقوا في عمق المناطق الغربية للقطاع من دون أن يتقدموا أكثر من ذلك.

منطقة عازلة أعمق

وقبيل الحرب الأخيرة، كانت المنطقة العازلة بين مستوطنات غلاف غزة والقطاع تصل إلى نحو 300 متر فقط من السياج، وفي بعض المناطق تكون أقل في ظل اعتماد القوات الإسرائيلية على أدوات تكنولوجية لكشف أي خطر، الأمر الذي أسهم، وفق بعض التقديرات، في تمكين «حماس» من الهجوم المباغت في السابع من أكتوبر.

وحسب المصادر، تسعى القوات الإسرائيلية حالياً إلى تثبيت سيطرتها الأمنية داخل قطاع غزة، من خلال إظهار قدرتها على توسيع المنطقة العازلة لتصل إلى مسافة شاسعة عبر استخدام وسائل تكنولوجية، وبما «يسمح لها لاحقاً بتثبيت قواعد إطلاق نار جديدة والتعامل مع أي هدف يتحرك في تلك المناطق، وبما يحرم السكان من العودة إليها لاحقاً حتى لو انسحبت إلى مساحات أخرى».

وقال مصدر إن «إسرائيل ستسيطر على تلك المنطقة العازلة الجديدة نارياً عن بُعد، وقد تقوم بعمليات مباغتة عبر قوات خاصة تنصب كمائن فيها، أو من خلال عمليات توغل برية من حين إلى آخر بالتقدم والتراجع كما تفعل حالياً بهدف إشعار السكان بعدم وجود أي أمان بوجودهم في تلك المناطق».

تمركزات استراتجية جديدة

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية حالياً لا تتمركز عند الخط الأصفر تماماً، وهي في حالة حركة مستمرة، تارةً بالتقدم إلى خارجه وتوسيع سيطرتها، وأخرى عبر التراجع إلى مناطق بعيدة أو من خلال التنقل من مكان إلى آخر بما يسمح لها بتجريف مساحات جديدة، أو وضع عربات مفخخة ثم تفجيرها بتلك المناطق.

وأشار أحد المصادر، وهو في منطقة قريبة من وسط قطاع غزة إلى أن القوات الإسرائيلية تحافظ على مسافات معينة في وسط القطاع «ولم تتقدم فيها بشكل كبير حتى الآن، وتحافظ على وجودها عند الخط الأصفر بنسب متفاوتة»، مرجحاً «حفاظها على قوة نارية عند الضرورة».

جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

وقال المصدر إن القوات الإسرائيلية تلجأ إلى استحداث مواقع عسكرية في مناطق استراتيجية ذات طبيعة جغرافية مرتفعة لكشف مساحات كبيرة، كما هي الحال في جبل الصوراني شرق حي التفاح لكشف مناطق واسعة من الحي ومناطق قرب جباليا (شمال غزة)، إلى جانب تلة المنطار التي تكشف حيي الشجاعية والزيتون.

وكشفت المصادر أن القوات الإسرائيلية استحدثت، الأحد الماضي، موقعاً استراتيجياً جديداً على تبة الظهرة، بمنطقة معن شرق خان يونس (جنوب القطاع) يكشف غالبية المدينة بما فيها أجزاء من غربها، ما يظهر سيطرتها الأمنية على غالبية هذه المناطق.

وتسمح هذه المرتفعات العالية، للقوات الإسرائيلية بكشف أي تحركات، وإطلاق النار يومياً تجاه أقرب نقاط ممكنة خاصةً عند شارع صلاح الدين الذي تخطط تلك القوات ليكون بداية المنطقة العازلة بالنسبة لها، كما تشرح المصادر.

ترمب يضغط

وأظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عزمه على المضي قدماً في المرحلة الثانية من خطته في قطاع غزة، بما قد يشمل تنفيذ إسرائيل انسحابا ثانياً محتملاً، بحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وذلك على الرغم من محاولة إسرائيل جعل الخط الأصفر الحالي حدوداً جديدة لغزة.

وقال المحلل العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل إن «ترمب يعتزم إجبار الأطراف على الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي قد تشمل انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من القطاع».

ويقدر هارئيل أن ترمب سيضغط نحو اتفاق ينشر بموجبه الجيش الإسرائيلي قواته على مقربة من الحدود في مساحة أقل، لكنه لأكد ان ذلك سيكون رهن بنتائج لقاء ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو نهاية الشهر الحالي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست بالقدس يوم 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وقالت مصادر عسكرية لـ«هيئة البث الإسرائيلي» (كان) إن الجيش سيبقى متمركزاً على امتداد هذا الخط خلال المرحلة الثانية أيضاً، مع قدرة مراقبة وسيطرة نارية على عموم القطاع دون العودة إلى إدارة شؤون سكانه.

وبحسب المصادر، فإن الانتشار الجديد يحقق لإسرائيل تفوقاً ميدانياً دون تحمل أعباء مدنية تتعلق بالغذاء والمياه والدواء والخدمات الصحية. ووصف مصدر عسكري هذه الصيغة بأنها «إنجاز عملياتي كبير».

لكن التقييم في إسرائيل بحسب محادثات ورسائل أميركية نُقلت إلى تل أبيب أن ترمب لن يوافق على ذلك، وسيطلب من الجيش تنفيذ انسحاب ثاني بحسب خطته.

وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية، أن ترمب بدأ فعلاً بزيادة الضغط للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة. وبحسب القناة فإن نتنياهو الذي سيلتقي ترمب سيكون أمام اختبار بعدما عقد زامير مهمته. وأضافت: «عرض زامير احتياجات إسرائيل الأمنية قبل التقدم في الاتفاق، ووضع رئيس الوزراء نتنياهو في مأزق مع الرئيس ترمب».