لبنان: صلاحيات بري الواسعة تهدد مسار انتخابات المغتربين

بعد إلقاء الحكومة مشروع القانون في مرمى البرلمان

الرئيس جوزيف عون مترئساً جلسة الحكومة التي اتخذ خلالها قرار تعليق العمل بالمادة 112 وأحيل مشروع القانون إلى البرلمان (رئاسة الجمهورية)
الرئيس جوزيف عون مترئساً جلسة الحكومة التي اتخذ خلالها قرار تعليق العمل بالمادة 112 وأحيل مشروع القانون إلى البرلمان (رئاسة الجمهورية)
TT

لبنان: صلاحيات بري الواسعة تهدد مسار انتخابات المغتربين

الرئيس جوزيف عون مترئساً جلسة الحكومة التي اتخذ خلالها قرار تعليق العمل بالمادة 112 وأحيل مشروع القانون إلى البرلمان (رئاسة الجمهورية)
الرئيس جوزيف عون مترئساً جلسة الحكومة التي اتخذ خلالها قرار تعليق العمل بالمادة 112 وأحيل مشروع القانون إلى البرلمان (رئاسة الجمهورية)

عاد ملف انتخاب المغتربين إلى ملعب البرلمان اللبناني بعد إحالة الحكومة الخميس مشروع قانون معجّل مكرر لتعديل المادة المرتبطة بحصر أصواتهم بـ6 مقاعد نيابية ومنحهم مجدداً حق التصويت للنواب الـ128 حسب دوائرهم الانتخابية.

ويمهد اعتراض وزراء «الثنائي الشيعي» («أمل» و«حزب الله») على هذا المشروع لدخوله في متاهة اللجان النيابية، خاصة أن المواد الدستورية والنظام الداخلي لمجلس النواب يتركان صلاحيات واسعة لرئيس البرلمان بالتعامل مع مشاريع واقتراحات القوانين، فيمرر ما يراه مناسباً، كما يستطيع أن يترك ما يريد من القوانين معلقاً.

ويعارض «حزب الله» و«أمل» ومعهما «التيار الوطني الحر» تعديل قانون الانتخاب المعتمد راهناً بما يسمح للمغتربين اللبنانيين بالتصويت حسب دوائرهم الانتخابية في لبنان، خلافاً للقانون النافذ الذي يحصر أصواتهم بـ6 مقاعد إضافية. مع العلم أن نحو 67 نائباً (أي أكثرية نيابية) كانوا قد وقعوا على اقتراح قانون سابق لتعديل القانون، لكن رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفض وضع الاقتراح على جدول الأعمال، وأحاله إلى لجنة نيابية تدرس الاقتراحات المرتبطة بقوانين الانتخاب.

ولكن وبعد تدخل الحكومة وتبنيها مشروع قانون مماثل، يعتبر النواب الذين يتبنون التعديل وأبرزهم نواب «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«الاعتدال الوطني» و«التغيير» وعدد من المستقلين أن ذلك يفترض أن يجعل الضغط على الرئيس بري أكبر لإدراج مشروع القانون على جدول الأعمال. إلا أنه وبحسب مصادر نيابية، فإن «المواد القانونية «الملتبسة» والقراءات المتناقضة لما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب وصلاحيات الرئيس بري الواسعة تترك له مساحة للتحرك والمناورة، ما يضع مصير انتخابات المغتربين بين يديه.

إلى اللجان أو الهيئة العامة؟

ويعتبر النائب في تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص أنه «لا يحق لبري إحالة مشروع الحكومة إلى اللجان، لأن المشروع أتى معجلاً مكرراً، وبالتالي وفي حال لم يفعل ذلك يكون خالف الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «المطلوب منه اليوم الدعوة لجلسة هيئة عامة يكون هذا المشروع على رأس جدول الأعمال كما جرت العادة أن يفعل». ويضيف: «صحيح أن في القانون لا شيء يجبره على ذلك، لكن المنطق وحسن النية والتدبير والإدارة الصحيحة للدولة تحتم إقرار القانون قبل أن تنتهي المهلة المعطاة للمغتربين في القانون الحالي للتسجيل، أي قبل 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، باعتبار أن القانون الجديد مدّد مهلة التسجيل حتى نهاية العام».

نبيه بري

ويرى عقيص أن «عدم الدعوة لجلسة لمناقشة وإقرار مشروع القانون يعني أنه يقف ضد الأكثرية النيابية والوزارية»، كاشفاً أن «اجتماعات تُعقد بعيداً عن الأضواء بين أركان القوى السيادية لدراسة الخطوات التصعيدية في حال رفض الرئيس بري القيام بواجباته الدستورية».

قراءة دستورية

من جهته، يعتبر الخبير القانوني والدستوري الدكتور سعيد مالك أنه «عندما يكون الرئيس بري راضياً على مشروع قانون معين يطرحه فوراً على جدول أعمال أول جلسة يعقدها المجلس النيابي عملاً بأحكام المادة 109 من النظام الداخلي لمجلس النواب، أما عندما لا يكون راضياً على مشروع قانون معين فهو يحيله إلى اللجان النيابية، لأن المادة 106 من النظام تجيز له أن يحيل إلى اللجان مشاريع القوانين المعجلة، لكن اللجان تكون ملزمة خلال 15 يوماً بإنجاز مناقشة ودراسة المشروع وإحالته إلى الهيئة العامة، وهو ما تنص عليه المادة 38 من النظام الداخلي».

ويرجح مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يعمد الرئيس نبيه بري إلى إحالة المشروع الجديد إلى اللجان، وضمه إلى مجموعة اقتراحات القوانين المعجّلة المطروحة أمام اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة، لاعتقاده أنه بذلك يخفّف من وطأة المشروع، ويجعله وكأنه لم يكن».

توجه بري

ولا يستبعد النائب ميشال موسى، عضو تكتل «التنمية والتحرير» هذا السيناريو، مرجحاً أن «يحيل الرئيس بري مشروع القانون الذي سيصل من الحكومة إلى اللجنة التي تدرس اقتراحات القوانين الانتخابية، باعتبار أن الإحالة إلى اللجان أو الإدراج مباشرة على جدول الأعمال من صلاحية رئيس المجلس»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود «ستة اقتراحات متعلقة بالقوانين تتم دراستها، ولا شيء في النظام الداخلي يعطي الأفضلية لقانون على آخر».

ويرجح موسى «الوصول إلى قواسم مشتركة وحلول في الربع ساعة الأخير قبل انتهاء المهل، كما جرت العادة».

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

قبلان: أي قانون يخالف مصالحنا لن يمرّ

ووجه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان يوم الجمعة الماضي «رسالة حاسمة إلى الداخل اللبناني» قائلاً: «رغم أن البلد يمر بأعقد مرحلة مصيرية، فإن هناك للأسف من يعيش عقدة الانتحار التاريخي، والحقد الانتخابي، ولهذا البعض أقول: لن يمر أي قانون انتخاب يخالف مصالح أهل الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الذين يشكلون نصف لبنان، والقوانين الانتخابية التي هي عدوّ لبنان لا محل لها في هذا البلد، وسكوتنا فقط هو للمصلحة الوطنية، لكن لن نقبل للبعض أن ينحر لبنان انتخابياً، كما لن نقبل بتجاوز الحقوق الانتخابية الجذرية للطائفة الشيعية».

وأضاف: «جماعة السيادة المستوردة من وراء البحار يدفعون البلد نحو كارثة داخلية، وحركة (أمل) و(حزب الله) هما صمام أمان هذا البلد، ولبنان بلا هذا الثنائي الوطني المقاوم لن يكون لبنان».


مقالات ذات صلة

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

المشرق العربي أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

ألقت وحدات حرس الحدود السورية، في وقى متأخر من يوم أمس (الجمعة)، القبض على 12 شخصاً بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام السابق على الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «يونيفيل» يقدمون الرعاية الصحية لمواطنة في جنوب لبنان (يونيفيل)

العيادات النقالة... خيار سكان جنوب لبنان للحصول على رعاية طبية

يلجأ غالبية سكان قرى الحافة الأمامية والخلفية، لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً «أكثر أماناً وأقل تكلفة»

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.