مشاورات مكثفة جرت في مصر لتثبيت «اتفاق شرم الشيخ» للسلام والتحضير لمؤتمر إعادة إعمار غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع، وشملت لقاءات عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع زعماء عدد من دول العالم.
وعلى هامش افتتاح «المتحف المصري الكبير»، مساء السبت، شهدت القاهرة لقاءات متواصلة تناولت مستجدات الأوضاع في قطاع غزة؛ حيث استقبل السيسي، الأحد، رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية فرنك فالتر شتاينماير، وأعرب عن تطلع بلاده للتنسيق الوثيق مع الجانب الألماني في إطار التحضير للمؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار القطاع المقرر انعقاده في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
فيما وجّه الرئيس الألماني الشكر إلى السيسي «على ما قامت به مصر من جهود للوساطة، أسفرت عن التوصل لاتفاق وقف الحرب في غزة، وعقد قمة شرم الشيخ للسلام».
وأكد الرئيسان على أن «حل الدولتين» هو السبيل الوحيد للتوصل إلى السلام الدائم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقال الرئيس الألماني إن الحكومات الألمانية المتعاقبة سعت إلى الدفع بحل الدولتين.
وقبل لقائه مع السيسي، قال شتاينماير: «هناك أمل في ألا تكتفي دول العالم بانتظار ما ستسفر عنه المرحلة المقبلة، بل أن تسهم في تحويل وقف إطلاق النار الهش إلى استقرار دائم».
وفي لقاء آخر بالقاهرة، الأحد، أكد السيسي خلال محادثات مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان «وجود توافق كبير في الرؤى والمواقف تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الوضع في قطاع غزة، وسُبل تنفيذ اتفاق وقف الحرب، وجهود تسوية الأزمة السودانية، ومكافحة الهجرة غير المشروعة، وغيرها من الملفات الحيوية».
فيما لفت رئيس الوزراء المجري إلى تقدير بلاده للجهود المصرية في مكافحة الهجرة غير المشروعة، «فضلاً عن الدور المصري المحوري في ترسيخ السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، واستضافتها لنحو عشرة ملايين لاجئ ونازح من مناطق النزاعات».

في السياق ذاته، أطلع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي نظيره السلوفاكي يوراى بلانار خلال لقاء في القاهرة، مساء السبت، على مستجدات الأوضاع في قطاع غزة في أعقاب «قمة شرم الشيخ للسلام»، والجهود الجارية لتثبيت اتفاق وقف الحرب، وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية، إلى جانب التحضيرات الخاصة بالمؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة.
ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الأحد، وجّه عبد العاطي الشكر لنظيره السلوفاكي على المساعدات الإنسانية التي أرسلتها بلاده إلى مصر لدعم جهود الإغاثة وتخفيف المعاناة الإنسانية في كل من غزة والسودان.

كما التقى عبد العاطي وزيرة خارجية النمسا بياتا ماينل رايزنجر، وتطرق اللقاء لعدد من القضايا الإقليمية فى مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة. وأكد وزير الخارجية المصري «أهمية التنفيذ الكامل لاتفاق إنهاء الحرب في غزة، وبدء خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بكميات تتناسب مع احتياجات القطاع».
وأشار في هذا السياق إلى «التطلع للمشاركة الفعالة للنمسا في المؤتمر الدولي للتعافي المبكر، وإعادة الإعمار والتنمية في غزة، بما يلبي احتياجات الشعب الفلسطيني».

وكان عبد العاطي قد أكد في وقت سابق «أهمية البدء في أقرب وقت في تنفيذ خطط التعافي المبكر، وإعادة الإعمار في غزة، في إطار رؤية متكاملة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ووفقاً للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار التي أُقرت في مارس (آذار) الماضي، وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط التي طُرحت في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي».
وتشير تقديرات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة قد تتجاوز 70 مليار دولار، بعد أن دمّرت إسرائيل أكثر من 300 ألف وحدة سكنية كلياً و200 ألف وحدة جزئياً، وأخرجت 25 مستشفى من الخدمة، ودمّرت 95 في المائة من مدارس القطاع.
من جانب آخر، نقلت صحيفة «واشنطن بوست»، الأحد، عن مسؤولين عرب وفلسطينيين القول إن ثمانية فصائل فلسطينية، على رأسها حركة «حماس»، ستعمل خلال اجتماع يعقد هذا الأسبوع في القاهرة على التوصل إلى توافق بشأن العناصر الأساسية لإدارة انتقالية لقطاع غزة.
ومن المنتظر، وفقاً للمسؤولين والأشخاص المطلعين على سير المحادثات، أن تخوض الفصائل نقاشاً حول من ينبغي أن يتولى رئاسة اللجنة التكنوقراطية المقترحة لإدارة القطاع غزة، وما إذا كان ينبغي أن تعمل هذه الحكومة الفعلية تحت مظلة السلطة الفلسطينية، في حال استمرار وقف إطلاق النار الحالي.
