دمشق تطمح إلى «شراكة استراتيجية قوية جداً» مع واشنطن

الانعكاسات المتوقعة لزيارة الشرع إلى الولايات المتحدة على الساحتين الداخلية والإقليمية

TT

دمشق تطمح إلى «شراكة استراتيجية قوية جداً» مع واشنطن

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره السوري أحمد الشرع بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض في مايو الماضي (واس)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره السوري أحمد الشرع بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض في مايو الماضي (واس)

قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأحد، إن دمشق تسعى إلى بناء «شراكة قوية جداً» مع الولايات المتحدة الأميركية، وأكد في الوقت نفسه، رغبتها في «الحفاظ على مسافة متساوية مع جميع الدول، وبناء علاقات تقوم على التعاون والانفتاح».

وقال الوزير السوري، في مؤتمر صحافي في العاصمة البحرينية المنامة، إن الرئيس أحمد الشرع سيزور واشنطن قريباً. وذلك بينما قالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تهدف لاستكمال «استحقاق» تم التوافق عليه سابقاً، وإن الوضع بات الآن جاهزاً لإعلان «الشراكة الاستراتيجية»، وإن من شأن هذه الشراكة، أن تنعكس بشكل إيجابي على عدد من الملفات، لا سيما ملفي التفاوض داخلياً مع «قوات سوريا الديمقراطية»، وإقليمياً مع إسرائيل.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (رويترز)

وأوضح الوزير الشيباني أن هناك كثيراً من المواضيع التي يمكن لدمشق بحثها «بداية من رفع العقوبات، وفتح صفحة جديدة بين البلدين»؛ حيث «لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار العقوبات»، معبراً عن رغبة دمشق، في أن «تكون هناك شراكة قوية جداً بين أميركا وسوريا» مع التأكيد على أن بلاده تريد «علاقات متوازنة» مع كل الدول، و«تواصل مدّ يد التعاون إلى الحلفاء والأصدقاء في المنطقة»، لافتاً إلى أن سوريا «واجهت خلال الفترة الماضية تحديات كبيرة لكنها لم تستسلم، وبقيت متمسكة بتحقيق العدالة».

وأضاف أن «سوريا لن تكون مركزاً للاستقطاب، وإنما تسير في مسار واحد يضم الجميع»، وأكد التزام الحكومة بـ«تعزيز السلم الأهلي، وجعل القانون هو الأساس في العلاقة بين جميع مكونات الشعب السوري»، كما أعرب عن «الفخر بالتنوع الثقافي والعرقي السوري».

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

وفيما يخص ملف المفاوضات مع إسرائيل، أكد وزير الخارجية السوري أن بلاده تتعامل بدبلوماسية مع «الاستفزازات الإسرائيلية، وتحرص على حماية مصالحها من دون الانجرار نحو التصعيد أو المواجهة».

وقال الشيباني: «نحن قلنا إننا ملتزمون باتفاقية 1974، وملتزمون أيضاً ببناء اتفاقية تضمن السلام والتهدئة بيننا وبين إسرائيل. لا نريد لسوريا أن تدخل حرباً جديدة وليست سوريا أيضاً اليوم في وضع تهديد لأي جهة بما فيها إسرائيل». وأضاف: «أعتقد أنه توجد مفاوضات اليوم، أو مسارات تسير باتجاه الوصول إلى اتفاق أمني لا يهز اتفاقية 1974، ولا يقر واقعاً جديداً قد تفرضه إسرائيل في الجنوب».

وتعد زيارة الشرع إلى البيت الأبيض الزيارة الرسمية الأولى من نوعها لرئيس سوري في تاريخ العلاقة بين البلدين. وقال الباحث والمدير التنفيذي في «مركز دراسات جسور» وائل علوان لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تهدف إلى «استكمال استحقاق سبق أن تم التوافق عليه، وكان يفترض أن يعلَن عنه في وقت سابق على هامش حضور الرئيس السوري اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، لكن كانت هناك ترتيبات سورية لا بد من إتمامها... والآن أصبح الوضع جاهزاً لإعلان الشراكة الاستراتيجية».

من لقاء ترمب والشرع بالرياض في مايو الماضي (أ.ب)

ورأى الباحث القريب من الحكومة أن هذه الخطوة هي من «أهم الخطوات التي ستعتمد عليها الحكومة السورية في إعادة تموضعها على المستويين الإقليمي والدولي». وقال: «هذه الخطوة المتفق عليها بين سوريا والولايات المتحدة تعني أن سوريا لم تعد تقف في المحور الذي يطلق عليه الغرب اسم محور الشر، ولم تعد في محور يعد مصدر إزعاج وقلق للمنطقة»، بالنسبة لتركيا ودول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، بل على العكس تماماً «أصبحت سوريا حليفاً في مكافحة الإرهاب، وضمان أمن واستقرار المصالح المشتركة ـ العربية والتركية والغربية ـ والتي تتقاطع جميعها مع مصالح سورية الجديدة».

ولكن في المقابل قال علوان: «إن سوريا الجديدة لا تريد بذلك الذهاب إلى محور المواجهة مع المحور الآخر، وإنما تريد بناء علاقات متوازنة» مع الجميع.

استقبل الشرع في دمشق في الرابع من أكتوبر المبعوث الأميركي براك وقائد القيادة المركزية الأدميرال براد كوبر (حساب الرئاسة السورية)

وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، قد أعلن في وقت سابق أن الرئيس الشرع سيوقِّع في واشنطن يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اتفاقاً مع الرئيس دونالد ترمب، لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، الذي تأسس عام 2014 ويضم 88 دولة، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل «تحولاً تاريخياً في العلاقات بين دمشق وواشنطن».

ومن المتوقع أن يكون لدخول دمشق في التحالف ضد «داعش»، أثر كبير في مستوى العلاقات الخارجية مع أميركا ودول الغرب، وأثر عميق على مستوى السياسة الداخلية، بحسب الباحث علوان، الذي يرى أن الشراكة مع الولايات المتحدة «تعني منح دمشق ورقة مهمة جداً». وقال: «كثيراً ما كانت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعتمد على هذه الورقة على طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية، إلا أنها أصبحت بيد الحكومة السورية أيضاً، ولم تعد (قسد) وحدها الشريك المحلي في مكافحة الإرهاب، بل صارت الحكومة السورية هي الشريك الرسمي، والوحدات المسؤولة عن مكافحة الإرهاب ضمن قوات (قسد)، ستعمل تحت مظلة الحكومة السورية».

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي بعد توقيع اتفاق 10 مارس الماضي (أ.ب)

وأشار إلى أن هذا «كفيل بتسريع المفاوضات بين الحكومة السورية و(قسد) باتجاه الاندماج»، مع استدراك أن الأمور لن تكون «سهلة، فلا تزال هناك تحديات وصعوبات كثيرة، إلا أن الفرص باتت أكبر بكثير لإنجاح الاندماج خصوصاً مع توجه الدعم الدولي للضغط على (قسد) لتحقيق ذلك، وعلى الحكومة السورية لتكون أكثر واقعية ومرونة في المفاوضات».

ورأى الباحث علوان أن تمتين العلاقة السورية ـ الأميركية من شأنه «أن يكون محفزاً إضافياً للتدخل الإيجابي من قِبل الولايات المتحدة لإنجاح المفاوضات والضغط على إسرائيل لتبدي مرونة أعلى للتوصل إلى تفاهم مع سوريا»... وقال: «ربما تعطي الشراكة مع الولايات المتحدة ضمانات على المستويين الإقليمي والدولي، بأن سوريا تتجه لأن تكون داعمة للغرب وليست متحالفة مع من يصدر الشرور في المنطقة».


مقالات ذات صلة

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.