كشف تقرير سري أعده مكتب المفتش العام لدى وزارة الخارجية الأميركية أن وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت في غزة مئات الانتهاكات لقوانين الولايات المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، في إقرار هو الأول من نوعه من إدارة الرئيس دونالد ترمب بما يتعرض له الفلسطينيون في القطاع.
ونشرت «واشنطن بوست» أن ما قامت به إسرائيل يندرج ضمن نطاق «قانون ليهي»، وهو تشريع تاريخي سُمي تيمناً بالسيناتور الديمقراطي السابق باتريك ليهي، الذي سنّه لفرض عقوبات على الوحدات العسكرية الأجنبية التي تتلقى تمويلًا من الولايات المتحدة وترتكب عمليات قتل خارج نطاق القضاء وتعذيباً وفظائع أخرى.
ونقلت عن مسؤولين أميركيين، طلبوا عدم نشر أسمائهم، أن نتائج تقرير المفتش العام أثارت شكوكاً حيال احتمالات مساءلة إسرائيل عن أفعالها نظراً إلى تراكم الحوادث وطبيعة عملية المراجعة، التي تراعي مصالح الجيش الإسرائيلي، ويمكن أن تحتاج إلى «سنوات عدة».
وأورد مكتب المفتش العام على موقعه الإلكتروني أن «هذا التقرير يحتوي على معلومات سرّية وغير متاحة للعموم».
وأُنجز التقرير قبل أيام قليلة من اتفاق إسرائيل و«حماس» على وقف النار وإطلاق الرهائن الإسرائيليين مقابل سجناء فلسطينيين. وهو يعرض لحرب السنتين التي أدت إلى مقتل نحو 70 ألف فلسطيني.
وفي اختبار لصدقية تطبيق قوانين ليهي، أشارت إدارة الرئيس السابق جو بايدن إلى مقتل أكثر من 100 فلسطيني كانوا متجمعين حول شاحنات مساعدات في فبراير (شباط) 2024، ومقتل سبعة عمال من منظمة «وورلد سنترال كيتشن» بهجوم إسرائيلي في أبريل (نيسان) 2024، لكنها أفادت بأنها لم تتوصل إلى «استنتاجات قاطعة» في شأن ما إذا كانت أسلحة أميركية استخدمت في الهجومين.
عشرات المليارات
تقدم الولايات المتحدة ما لا يقل عن 3.8 مليارات دولار مساعداتٍ لإسرائيل سنوياً، وقدمت في السنوات الأخيرة عشرات المليارات من الدولارات أكثر، مما يجعلها أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية في العالم.
ويشير التقرير إلى أن البروتوكول الخاص بمراجعة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات أميركية، يضم مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى وعملية أطول من المراجعات الخاصة بالدول الأخرى، موضحاً أن هناك عملية بيروقراطية مصممة خصيصاً وضعتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة تمنح إسرائيل ميزة على الدول الأخرى التي تواجه ادعاءات مماثلة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ونقلت «واشنطن بوست» عن المسؤول السابق في وزارة الخارجية جوش بول، قوله إنه في ظل الفحص العادي، يكفي اعتراض واحد من مسؤول لحجب المساعدة. أما بالنسبة الى إسرائيل، فيجب على مجموعة عمل «التوصل إلى توافق في الآراء في شأن ما إذا كان قد حدث انتهاك جسيم لحقوق الإنسان».
وتضم مجموعة العمل ممثلين عن السفارة الأميركية في القدس ومكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية. بعد ذلك، تُستشار الحكومة الإسرائيلية وتسأل عما إذا كانت قد اتخذت أي إجراءات. إذا وجدت المجموعة أن وحدة ما ارتكبت انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، يمكنها التوصية باعتبار تلك الوحدة «غير مؤهلة» للحصول على المساعدة الأميركية. وبعد ذلك، يجب على وزير الخارجية الموافقة على قرار عدم الأهلية.
تعرضت إدارة بايدن لانتقادات لرفضها وقف المساعدات عن وحدات إسرائيلية متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك وحدة متورطة في مقتل الأميركي عمر أسعد (78 عاماً) الذي احتجز عند نقطة تفتيش في الضفة الغربية عام 2022.
واتبعت إدارة ترمب نهجاً مماثلاً في عدم التدخل تجاه جيش الدفاع الإسرائيلي، لكن دون تكرار تصريحات الإدارة السابقة المبتذلة حول وضع «حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية الأميركية».
وتجمع هيئة الرقابة حالياً أدلةً عن المخالفات في الأمم المتحدة وعاملين آخرين في مجال الإغاثة، حول سرقة «حماس» وجماعات مسلحة أخرى للمساعدات.

