لبنان: «حزب الله» يفتتح معركة مع وزير العدل وحاكم «المركزي»

محتجاً على تعاميم لمكافحة «الاقتصاد النقدي»

صورة لأمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال تجمع كشفي أقامه الحزب في المدينة الرياضية في بيروت يوم 12 أكتوبر الجاري (د.ب.أ)
صورة لأمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال تجمع كشفي أقامه الحزب في المدينة الرياضية في بيروت يوم 12 أكتوبر الجاري (د.ب.أ)
TT

لبنان: «حزب الله» يفتتح معركة مع وزير العدل وحاكم «المركزي»

صورة لأمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال تجمع كشفي أقامه الحزب في المدينة الرياضية في بيروت يوم 12 أكتوبر الجاري (د.ب.أ)
صورة لأمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال تجمع كشفي أقامه الحزب في المدينة الرياضية في بيروت يوم 12 أكتوبر الجاري (د.ب.أ)

افتتح «حزب الله» معركة سياسية جديدة في لبنان ضد تدابير قانونية اتخذها وزير العدل عادل نصار وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد من أجل تقويض «الاقتصاد النقدي» في سياق المعالجات والإصلاحات النقدية والإدارية التي تنفذها السلطة، إلى جانب معركته لرفض تسليمه سلاحه، تنفيذاً لقرار «حصرية السلاح» الذي اتخذه مجلس الوزراء وكلف الجيش اللبناني تنفيذه.

وقال الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، في خطاب الثلاثاء، إنّ «حاكم مصرف لبنان ليس موظفاً عند أميركا كي يُضيّق على المواطنين بأموالهم، وعلى الحكومة أنْ تضع له حداً»، مؤكّداً كذلك أنّ «وزير العدل ليس ضابطة عدلية عند أميركا وإسرائيل، وعليه أنْ يتوقّف عن منع المواطنين في معاملاتهم».

وسأل قاسم: «هل لبنان سجن لمواطنيه بإدارة أميركية؟ وزير العدل أو حاكم مصرف لبنان هل هما موظفان عند الإدارة الأميركية في السجن الأميركي في لبنان؟».

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة مساء الثلاثاء (إعلام الحزب)

وتابع: «نحن لا نقبل أنْ يكون لبنان سجناً، ولا أنْ يكون أحد تحت إمرة وإدارة أميركا. عليهم أنْ يكونوا تحت إمرة وإدارة الحكومة اللبنانية لمصلحة الشعب اللبناني والمواطنين اللبنانيين».

خلفية الهجوم

وانفجر الخلاف مع حاكم مصرف لبنان بعد إصدار الحاكم كريم سعيد، التعميم رقم 170، القاضي «بمنع دخول أي أموال، بشكل مباشر أو غير مباشر، مصدرها هيئات أو منظمات لبنانية خاضعة لعقوبات دولية، ولا سيما العقوبات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي (OFAC)، إلى القطاع المصرفي اللبناني الشرعي»، ما يعني أن التعميم يطال جمعية «مؤسسة القرض الحسن» مباشرة ويحظر التعامل معها.

وزير العدل اللبناني عادل نصار (الوكالة الوطنية للإعلام)

أما الخلاف مع وزير العدل، فجاء بعد إصداره تعميماً يطلب فيه من كتّاب العدل، وعند تنظيم الوكالات والمعاملات، التحقق من أن كل أطراف الوكالة غير مدرجين على لوائح العقوبات الوطنية والدولية، والامتناع عن تنظيم المعاملات في حال حصول العكس، وإعلام وزارة العدل وهيئة التحقيق الخاصة بالأمر.

كما يطلب منهم التحقق من مصدر الأموال وذكره في المعاملة أو العقد المنظّم لديه. ويعني هذا القرار أنه بات محظوراً على كُتّاب العدل إجراء معاملات للمدرجين في لوائح العقوبات الدولية، ويطال هذا القرار عدداً من الشخصيات السياسية والعسكرية في «حزب الله»، وآخرين يتعاملون مالياً وتجارياً مع الحزب.

تضييق على الحزب

وينظر «حزب الله» إلى الإجراءين على أنهما «جزء من الحصار على (حزب الله)». ويقول مقربون منه إن التعميم «يخلق تمييزاً بين المواطنين»، وإنه «يُجرد البعض من حقوقهم المدنية دون أي حكم قضائي». كما يرى أن هذا التعميم «ينتهك مبدأ السرية المصرفية، من خلال طلبه من الأطراف التصريح عن مصدر أموالهم».

غير أن هذه التقديرات القانونية، تجتزئ السياق السياسي، إذ يتهم الحزب، الولايات المتحدة، بالتضييق على الحزب مالياً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية، وبالضغط على السلطات اللبنانية لتنفيذ الإجراءات والتدابير الدولية بحق الحزب والمقربين منه، خصوصاً أنها تلتقي مع توجهات دولية لمعالجة ملف «القرض الحسن»، وصولاً إلى بعض المطالب الدولية بإغلاقه، حسبما تقول مصادر لبنانية مطلعة على المناقشات والمطالب الدولية.

مكافحة الاقتصاد النقدي

وتستغرب مصادر وزارية الاتهامات لوزارة العدل، وتؤكد أن التعميم «يتصل بمكافحة الاقتصاد النقدي» الذي تفاقم في البلاد بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي انفجرت في عام 2019، وقوضت ثقة الناس بالمصارف.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تعميم وزير العدل «يستهدف من يخالف القانون، والتزامات لبنان بالمعايير الدولية»، كما «يسعى لضبط الانفلات القائم على أساس الاقتصاد النقدي الشائع».

ولفتت إلى أن هناك بياناً مفصلاً سيصدر قريباً، يشرح تقنيات التعميم وكيفية تنفيذه، خصوصاً أن هناك جانباً منه يطلب من كتّاب العدل الالتزام بلوائح هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي التي يفترض أن تعمم أسماء الخاضعين للعقوبات، حيث يُحظّر على كتاب العدل إنجاز معاملات إدارية لهم قبل مراجعة المصرف المركزي أو وزارة العدل.

ضبط النظام المالي

وتأتي الإجراءات في سياق مساعٍ لبنانية لإعادة ضبط النظام المالي الذي يتولاه حاكم مصرف لبنان، تجنباً لانزلاق تصنيف لبنان الائتماني إلى القائمة السوداء، وذلك قبل أسابيع قليلة من الاجتماع نصف السنوي لمجموعة العمل المالي الدولية الذي يُعقد في باريس، والاجتماع الإقليمي للمجموعة الذي يُعقد في البحرين.

مقر المصرف المركزي في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

وقالت مصادر مالية لـ«الشرق الأوسط» إن التحركات اللبنانية تتم تحت سقف «الالتزام بالتعليمات الدولية»، كما أنها تقارب ملفين، أولهما الجهود لإعادة هيكلة القطاع المالي في لبنان، وتقديم الدلائل على التحركات لتجنب خفض التصنيف الائتماني للبنان.

وأضافت المصادر: «سيقوم حاكم المصرف المركزي بتقديم تقرير هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان حول الإجراءات والالتزامات، وما أنجزته، وستكون عبارة عن 11 إجراء، من بينها التعميم الصادر عن وزارة العدل»، موضحة أن تقديم تلك الإنجازات «ستعتبره المجموعة بدءاً بالاستجابة للمطالب الدولية، وبالتالي سيبقي لبنان في اللائحة الرمادية، من دون مخاطر انزلاق إلى اللائحة السوداء». وشددت المصادر على أن لبنان «يلتزم باللوائح الدولية، كما يلتزم باللوائح السيادية التي تصدر عن الولايات المتحدة».

وتتضمن اللوائح الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وأميركا، ومن بينها لوائح «أوفاك»، واللوائح الأوروبية والعربية، آلاف الأسماء حول العالم التي يحظر التعامل معها، ومن ضمنها لبنانيون، بعضهم ينتمي لـ«حزب الله»، والبعض الآخر لا ينتمي إليه. وتطال الإجراءات جميع هؤلاء المعاقبين.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.