لماذا تعقّدت عملية تسليم جثامين المختطفين الإسرائيليين في غزة؟

TT

لماذا تعقّدت عملية تسليم جثامين المختطفين الإسرائيليين في غزة؟

خلال دفن جثة الجندي الإسرائيلي محمد الأطرش الذي قُتل في 7 أكتوبر 2023 بقرية للبدو قرب بئر السبع الخميس (أ.ف.ب)
خلال دفن جثة الجندي الإسرائيلي محمد الأطرش الذي قُتل في 7 أكتوبر 2023 بقرية للبدو قرب بئر السبع الخميس (أ.ف.ب)

تشهد عملية تسليم جثامين المختطفين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة، تعقيدات تتعلق بشكل أساسي بالأماكن التي فُقدوا فيها خلال فترة أسرهم.

وهناك العديد من المختطفين قُتلوا في غارات إسرائيلية، وهو ما أثبتته الفحوص الطبية التي أجراها معهد «أبو كبير» الإسرائيلي بعد أن تم فحص إحدى جثث المختطفين، التي أعيدت في الأيام الماضية، في حين كان آخرون اختُطفوا وهم مصابون بحالات خطيرة وقُتلوا لاحقاً، وهناك آخرون اختُطفوا بالأساس وهم عبارة عن جثث.

وأعلنت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، مساء الأربعاء، أنها سلمت كل ما لديها من جثث معروف مكان دفنها، في وقت تشكك إسرائيل في هذه الرواية وتقول إنها (أي الحركة) تعرف أماكن الآخرين.

صورة من الجو لمنطقة أبراج سكنية دمرتها إسرائيل بمدينة غزة (أ.ف.ب)

 

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادة «القسام» سلمت الجثث التي كانت تحتفظ بها في بعض المناطق، في حين ما زالت أخرى بحاجة لعملية واسعة للبحث في مناطق يُحتمل أنها كانت مدفونة فيها.

وبينت المصادر أن بعض الفصائل الفلسطينية سلمت فعلياً لقيادة «القسام» بعض الجثث المحتجزة لديها، وقد سُلمت فعلياً للجانب الإسرائيلي.

وحول أسباب عدم معرفة أماكن وجود الجثث الأخرى، أوضحت أن جميع المختطفين كانت أماكنهم معروفة لدى الجهات المختصة في «كتائب القسام»، وأن قادة كل منطقة لديهم معرفة تامة بأماكنهم. وبينت أن الاغتيالات التي طالت المسؤولين عن حماية المختطفين الأحياء والجثث عقّدت بعض الأمور الفنية، مشيرة إلى أنه وقعت عدة اغتيالات مؤخراً قبل انتهاء الحرب طالت بشكل أساسي بعض الناشطين الميدانيين البارزين المسؤولين عن الاحتفاظ بتلك الجثث.

وقالت المصادر إن هناك العديد من الجثث كانت مدفونة بأماكن معينة ومعروفة، وما زال المسؤولون عنها أحياء، لكن دخول القوات الإسرائيلية لتلك المناطق وتجريف بعض الأماكن المدفونة فيها عقّد عملية الوصول إلى تلك الجثامين بسهولة؛ لاختلاطها بجثامين أخرى، مثل بعض المقابر الميدانية التي فُتحت اضطراراً في بعض المواقع والأماكن.

صورة التقطتها مسيّرة للدمار في حي سكني بمدينة غزة (رويترز)

وقالت المصادر إن هناك مربعات سكنية بأكملها قُصفت وكان بها أسرى إسرائيليون أحياء، وقُتلوا مع الآسرين، ولا تُعرف أماكن جثثهم، وهي بحاجة لمعدات ثقيلة لإزالة الأنقاض للبحث عنهم، وتحديد هوياتهم من هويات الآسرين، وكل ذلك يحتاج لمعدات خاصة ليس بمقدور أي جهة فلسطينية أن توفرها؛ ولذلك تشكلت اللجنة المشتركة من تركيا ومصر وقطر، للمشاركة في تحديد أماكنهم وهوياتهم بعد العثور على جثثهم أو ما تبقى منها.

وأكدت المصادر أن المسؤولين عن حماية المختطفين سواء من الأحياء أو جثثهم، حاولوا قدر المستطاع الحفاظ عليهم، وعملوا وفق بروتوكول معين لمعرفة أماكن الجثث وتحديد مهام الحفاظ عليها وحمايتها، إلا أن الظروف الميدانية كانت أكبر من أي قدرات للحفاظ عليهم بطريقة منظمة، كما كان الحال حتى استئناف إسرائيل الحرب في الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي.

وأفادت صحيفة «فاينانشال تايمز»، الخميس، بأن إسرائيل سمحت لعمال إنقاذ أتراك بدخول قطاع غزة للمساعدة في الوصول لجثث مختطفين إسرائيليين.

ونقلت الصحيفة عن مصادر القول إن الخطوة حظيت بموافقة إسرائيل رغم التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين إدارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضحت الصحيفة أن أنقرة سترسل فرق الإنقاذ إلى غزة للمساعدة في جهود الاستجابة الطارئة وإجراء عمليات بحث وإنقاذ، بما في ذلك البحث عن جثث الرهائن الإسرائيليين.

جنود إسرائيليون يحملون تابوت تامير نيمرودي الذي قُتل بغزة خلال دفنه في بئر السبع الخميس (د.ب.أ)

ويأتي ذلك في وقت أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عزمه على تأمين عودة رفات كل المختطفين الذين احتجزتهم حركة «حماس»، غداة تهديد وزير دفاعه باستئناف الهجوم على قطاع غزة.

واتهمت إسرائيل «حماس» بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على إعادة كل الرهائن، الأحياء والأموات، في مهلة 72 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ؛ أي ظهر الاثنين.

وطالب منتدى عائلات الرهائن والمفقودين، الخميس، الحكومة الإسرائيلية بتأخير تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق الذي أُبرم مع «حماس»، إن لم تسلم جثث الرهائن الـ19 المتبقية.

ودعا المنتدى في بيان الحكومة الإسرائيلية إلى «وقف تنفيذ أي مراحل أخرى من الاتفاق فوراً ما دامت (حماس) مستمرة في انتهاك التزاماتها بشكل صارخ فيما يتعلق بإعادة جميع الرهائن وجثث الضحايا».

وأطلقت «حماس» سراح الرهائن الأحياء البالغ عددهم 20 مقابل إطلاق سراح نحو ألفَي معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية، لكنها لم تسلم سوى تسعة جثامين لرهائن تُوفوا من أصل 28 لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز.

وقال نتنياهو أثناء إحياء الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «نحن مصممون على إعادة كل الرهائن». وأضاف: «المعركة لم تنتهِ بعد، لكنْ هناك أمر واحد واضح: كل من سيرفع يده علينا يدرك أنه سيدفع الثمن غالياً»، معتبراً أن إسرائيل «تقف في الخط الأول للمواجهة بين الهمجية والحضارة».


مقالات ذات صلة

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

تحليل إخباري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

تصاعدت لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وحملت تلميحات متبادلة تزامناً مع حراك سياسي وعسكري في بحر إيجه، فيما اعتبره البعض جزءاً من ضغوط لإبرام «صفقة».

نظير مجلي (تل أبيب) سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ) play-circle

واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

أعربت أوساط أمريكية رفيعة عن امتعاضها من التصريحات الإسرائيلية المتلاحقة حول الاستيطان في قطاع غزة والضفة الغربية، وعدّتها «استفزازية».

نظير مجلي (تل أبيب)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
الخليج تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح الحدودي)

عصابات غزة تُمهّد لتوسيع المنطقة العازلة

فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
TT

عصابات غزة تُمهّد لتوسيع المنطقة العازلة

فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)

في تمهيد لتوسيع إسرائيل للمنطقة العازلة التي تسيطر عليها في قطاع غزة، وفي حادث غير مسبوق منذ بدء الحرب، أجبرت عصابات مسلحة تنشط في الأحياء الشرقية لمدينة غزة، أمس، قاطني مربع سكني مجاور للخط الأصفر (الفاصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»)، بحي التفاح شرق المدينة، على إخلائه بالكامل.

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن مجموعة تتبع لما تُعرف بـ«مجموعة رامي حلس»، اقتربت، فجر أمس (الخميس)، مما تبقى من منازل المواطنين في منطقتي الشعف والكيبوتس، وأطلقت النار في الهواء، قبل أن تغادر المكان، لكنها عادت من جديد، ظهر اليوم نفسه، وطالبت السكان بالإخلاء، وأمهلتهم حتى غروب الشمس، مهددة بإطلاق النار على كل من لا يلتزم ذلك.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن عناصر تلك المجموعة المسلحة كانوا يطالبون السكان، الذين يقدر عددهم بأكثر من مائتي شخص، من على بُعد مئات الأمتار عبر مكبر صوت صغير، بالإخلاء التام من المكان.

ونقل شهود أن المسلحين أبلغوا السكان أن الإخلاء جاء وفق أوامر من الجيش الإسرائيلي الموجود شرق «الخط الأصفر»، وعلى بعد أكثر من 150 متراً عن مكان سكن تلك العائلات، التي اضطرت إلى النزوح باتجاه غرب مدينة غزة.

ووفقاً للمصادر الميدانية، فإن القوات الإسرائيلية ألقت مساء الثلاثاء والأربعاء، براميل صفراء اللون لا تحتوي على أي متفجرات في تلك المناطق، لكن من دون أن تطالب السكان بإخلائها.


موسكو تتوسط سراً بين دمشق وتل أبيب

أعضاء في الكشافة السورية يعزفون في شوارع مدينة دمشق القديمة احتفالاً بعيد الميلاد أمس (أ.ف.ب)
أعضاء في الكشافة السورية يعزفون في شوارع مدينة دمشق القديمة احتفالاً بعيد الميلاد أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو تتوسط سراً بين دمشق وتل أبيب

أعضاء في الكشافة السورية يعزفون في شوارع مدينة دمشق القديمة احتفالاً بعيد الميلاد أمس (أ.ف.ب)
أعضاء في الكشافة السورية يعزفون في شوارع مدينة دمشق القديمة احتفالاً بعيد الميلاد أمس (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بينهما، وذلك بمعرفة وموافقة الإدارة الأميركية.

وقالت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية «كان 11» إنّ أذربيجان تستضيف وتقود حالياً الاجتماعات والمحادثات التي يقوم بها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين في العاصمة باكو.

ولفت مصدر أمني مطّلع إلى الفجوة القائمة بين إسرائيل وسوريا، رغم الوساطة الروسية، لكنه تحدث عن إحراز بعض التقدّم خلال الأسابيع الأخيرة. وأضاف المصدر أنّ إسرائيل تفضّل السماح بوجود روسي على حساب محاولة تركيا ترسيخ وجودها وتمركزها في الجنوب السوري أيضاً.

في سياق متصل، حددت سوريا مطلع يناير (كانون الثاني) 2026 موعداً لإطلاق عملتها الجديدة، وبدء إبدال العملة القديمة، وفق ما أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، مؤكداً أن العملية ستكون سلسة، ومنظمة، وشفافة.

ووصف حاكم مصرف سوريا المركزي العملة السورية الجديدة بأنها «رمز للسيادة المالية بعد التحرير».


إجماع «رئاسي» لبناني على إجراء الانتخابات في موعدها

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)
TT

إجماع «رئاسي» لبناني على إجراء الانتخابات في موعدها

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

يُجمع الرؤساء اللبنانيون الثلاثة، الجمهورية جوزيف عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة نواف سلام، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في مايو (أيار) المقبل.

وقالت مصادر الرؤساء الثلاثة، لـ«الشرق الأوسط»، إن السجال الدائر في لبنان حول مصير الانتخابات، مع ارتفاع منسوب الترويج للتمديد للبرلمان الحالي لسنتين، يصطدم بحائط مسدود يتمثل في إصرارهم على إنجازها في موعدها، احتراماً للاستحقاقات الدستورية، وإن تأجيل إنجازها، في حال حصوله، يعود لأسباب تقنية، وبحدود شهرين، أو ثلاثة أشهر على الأكثر، لتفادي انقضاء المهل.

وإذ ربطت المصادر احتمال التأجيل التقني بالأوضاع الأمنية وعدم توسعة إسرائيل الحرب على لبنان، أعلن عون، أمس، أن الاتصالات الدبلوماسية أسهمت في إبعاد «شبح الحرب».

وبالتزامن مع ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل «حسين محمود مرشد الجوهري، وهو من أبرز المنتمين إلى وحدة العمليات التابعة لـ(فيلق القدس)» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، في ضربة نفّذها في شمال شرقي لبنان، متهماً إياه بالتخطيط لشن هجمات ضد الدولة العبرية.