بدء تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان الشهر المقبل... و«حماس» تنتقد استبعادها

الرئيسان عباس وسلام في شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)
الرئيسان عباس وسلام في شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)
TT

بدء تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان الشهر المقبل... و«حماس» تنتقد استبعادها

الرئيسان عباس وسلام في شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)
الرئيسان عباس وسلام في شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)

بدأ مسار تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان عبر عقد أول اجتماع للجنة المشتركة، حيث تم الاتفاق على بدء الخطوات العملية في منتصف يونيو (حزيران) المقبل، في وقت لا يبدو فيه أن حركة «حماس» والفصائل الإسلامية تبدي تجاوباً مع هذا القرار، اعتراضاً منها على أمور عدة شكلية وعملية مرتبطة بزيارة الرئيس الفلسطيني إلى بيروت، وما اعتبرته تفرداً بالقرار.

وأعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية، الجمعة، عن انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، بدعوةٍ من رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، وحضور رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، الذي أكد تمسُّك لبنان بثوابته الوطنية، وأعطى توجيهاته بضرورة الإسراع بالخطوات العملية عبر وضع آلية تنفيذية واضحة ووفق جدول زمني محدد.

وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إنه تم «الاتفاق في الاجتماع على بدء الخطوات العملية لسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية في النصف الثاني من يونيو المقبل، على أن يقوم الجيش اللبناني بهذه المهمة بدءاً من بيروت، وتحديداً من المخيمات التي لا وجود أساسياً فيها لحركة (حماس) والفصائل الإسلامية، على غرار مخيمي مار إلياس وشاتيلا».

سبل تنفيذ التوجيهات

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً الاجتماع الأول للجنة اللبنانية - الفلسطينية (رئاسة الحكومة)

وكان قد استهل سلام اجتماع اللجنة الأول مرحباً بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجهة تسوية مسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات، مشيراً إلى «الأثر الإيجابي لهذا القرار في تعزيز العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين».

وأفاد بيان صادر عن لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني بأن النقاش انتقل إلى «سبل تنفيذ التوجيهات الواردة في البيان المشترك الصادر عن لقاء رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أكّد حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية واحترام سيادتها، إلى جانب تعزيز التنسيق بين السلطات اللبنانية والفلسطينية لضمان استقرار المخيمات ومحيطها.

وقد اتفق المجتمعون على إطلاق مسار لتسليم السلاح وفق جدولٍ زمنيّ محدد، مصاحباً ذلك بخطوات عملية لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين»، كما تقرر تكثيف الاجتماعات المشتركة والتواصل لوضع الترتيبات اللازمة للشروع فوراً في تنفيذ هذه التوجيهات على كافة المستويات.

وكان عون وعباس قد أكدا، الأربعاء، في بيان مشترك بعد اجتماع بينهما في بيروت، التزامهما بمبدأ حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية. وبحسب البيان المشترك، أبدى الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات عسكرية، وتعزيز التعاون لضمان عدم تحوّل المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى «ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة».

ويتوزع الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان على 12 مخيماً رئيسياً، معظمها خارج سيطرة الدولة اللبنانية، وتسيطر عليها فصائل أبرزها «فتح»، و«حماس»، و«الجهاد الإسلامي»، و«الجبهة الشعبية». أما خارج المخيمات فتنشط فصائل تاريخية مدعومة من النظام السوري، أبرزها «القيادة العامة» و«الصاعقة»، التي فقدت معظم مواقعها وتراجع نفوذها بعد سقوط النظام السوري، حيث عمد الجيش اللبناني إلى تفكيك جميع القواعد العسكرية خارج المخيمات.

«حماس» : للفصائل رأيها

مسلّح فلسطيني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (أ.ب)

في المقابل، أبدت مصادر في حركة «حماس» امتعاضها من مسار الأمور منذ وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت ولقائه المسؤولين اللبنانيين والإعلان عن تسليم سلاح الفصائل، قائلة: «للفصائل رأيها في هذا القرار ولم يتم التواصل معها».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «أبو مازن لا يملك القرار الفلسطيني الكامل، بل هو طرف من أطراف السلطة، ويعرف أنه لا يمكنه التفرد بالقرارات، والتجارب السابقة أثبتت ذلك». وأكدت المصادر أن «الاستقواء لا يوصل إلى نتيجة بل إلى تعقيد الأمور أكثر، وكان يجب بحث هذا الأمر مع كل الفصائل المعنية، وعقد طاولة حوار للتباحث في كل الأمور».

وأضافت: «الموضوع ليس أن هناك أوامر واجبة التنفيذ، هذا الأمر دقيق، والقضية الفلسطينية ليست فقط بندقية، بل يجب معالجة كل الأمور، وعلى رأسها الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين».

وفيما تنتقد المصادر «عدم لقاء الرئيس الفلسطيني أبناء بلده في لبنان أو زيارة المخيمات»، فهي تؤكد أيضاً أنه لن يحصل صدام في المخيمات، ولا مع السلطات اللبنانية على خلفية قرار سحب السلاح. وقالت في هذا الصدد: «حريصون على ألا يقع أي صدام، لا في المخيمات الفلسطينية ولا مع السلطة اللبنانية والجيش اللبناني».

وعن كيفية تعاطي «حماس» والفصائل مع هذا القرار، قالت المصادر: «لنرَ ماذا سيحصل في الأيام المقبلة، ويُبنى عندها على الشيء مقتضاه»، طارحةً أسئلة عدة حول الجهة التي ستتسلّم السلاح، والآلية التي ستُعتمد، ومن سيدير المخيمات وغيرها؟

وكان قد مثّل الجانب الفلسطيني في الاجتماع، بحسب بيان اللجنة، كل من: ياسر عباس مستشار الرئيس الفلسطيني، وعزام الأحمد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووائل لافي مستشار الرئيس الفلسطيني.

ومثّل الجانب اللبناني كل من: السفير رامز دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، واللواء حسن شقير المدير العام للأمن العام، والعميد محمد السبع رئيس شعبة الفلسطينيين في الأمن العام، والعميد وجدي دميان رئيس فرع الأمن القومي في مديرية المخابرات، والعقيد جوزيف الغربي رئيس قسم اللاجئين والأجانب في فرع الأمن القومي، إلى جانب فريق عمل لجنة الحوار.


مقالات ذات صلة

خبراء يستبعدون مساندة «حزب الله» لإيران

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يستقبل وفداً نيابياً من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد (رئاسة الحكومة)

خبراء يستبعدون مساندة «حزب الله» لإيران

يجمع متابعون لمواقف «حزب الله»، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، على أن الحزب سيكتفي بالإدانة الشفهية، ولن يحاول جرّ لبنان إلى حرب جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي مسافرون ينتظرون في مطار بيروت بعد تأخير رحلاتهم إثر الهجوم الإسرائيلي على إيران 13 يونيو 2025 (إ.ب.أ)

الهجوم الإسرائيلي على إيران يُربك لبنان

أرخت الضربات الإسرائيلية على إيران بثقلها على الوضع اللبناني، وخلقت حالة إرباك واسعة في المطار، كما انعكست سلباً على مؤسسات مدنية في مناطق نفوذ «حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مترئساً جلسة الحكومة (رئاسة الجمهورية)

قرار لبناني حاسم بتحييد البلاد... وعلى «حزب الله» الالتزام

أجمعت مواقف المسؤولين اللبنانيين على إدانة الضربات الإسرائيلية لإيران في وقت نشطت فيه الاتصالات على أكثر من مستوى لتحييد لبنان وتجنيبه أي تداعيات سلبية.

كارولين عاكوم (بيروت)
العالم العربي فرق الإنقاذ تزيل الأنقاض أمام مبنى استهدفه هجوم إسرائيلي في العاصمة الإيرانية (أ.ف.ب) play-circle

«يعرقل جهود خفض التصعيد»... إدانات عربية وإسلامية لـ«العدوان» الإسرائيلي على إيران

ندَّدت دول عربية عدة، بينها السعودية والإمارات وعمان ومصر، بالضربات الإسرائيلية التي طالت، الجمعة، أماكن مختلفة من إيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نار ودخان يتصاعدان عقب غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 5 يونيو (حزيران) 2025 (أ.ب)

قتيل في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان

قالت وزارة الصحة اللبنانية إن غارة شنتها طائرة مسيّرة إسرائيلية على دراجة نارية في بلدة النبطية الفوقا أدت إلى سقوط قتيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل وإيران في مرمى الصواريخ والغارات

 دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل وإيران في مرمى الصواريخ والغارات

 دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)

أصبحت إسرائيل وإيران، أمس، في مرمى الصواريخ والغارات المتبادلة، في تصعيد جديد ينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة في خطوة أثارت ردود فعل دولية وعربية وإقليمية. وبحث الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في اتصال أجراه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التطورات التي تشهدها المنطقة، وسبل تخفيض التصعيد وضرورة ضبط النفس، وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية. وأكد ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي أهمية استمرار العمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

بدأت المواجهة بهجوم عنيف شنّته إسرائيل على قلب البنية التحتية النووية والعسكرية لإيران، مستخدمة طائرات حربية ومسيّرات {تم تهريبها إلى داخل البلاد}، استهدفت كبار جنرالات «الحرس الثوري»، وعلماء بارزين في البرنامج النووي. وأفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود بوقوع انفجارات، بما في ذلك ضربات في منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، ولاحقاً سماع دوي انفجارين قويين في منطقة موقع فوردو النووي في قم، جنوب طهران. وأشارت إلى ضربات في أكثر من 40 موقعاً عسكريّاً، كان أبرزها مقر قيادة «الحرس الثوري»، ومقر هيئة الأركان في شرق طهران.

وسجّلت إيران واحدة من أكبر خسائرها على مستوى القيادة العسكرية والعلماء النوويين أمس، إذ سقط جنرالات كبار، على رأسهم رئيس الأركان محمد باقري، وقائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، والعقل المدبر للبرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زاده، وقائد العمليات الإيرانية غلام علي رشيد. كما أصيب علي شمخاني بجروح بالغة، ودخل في غيبوبة، فيما تباينت الردود بشأن مصير إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس». كما طالت الضربات 6 علماء نوويين في مقرّ إقامتهم، أبرزهم فريدون عباسي، رئيس «هيئة الطاقة الذرية» الإيرانية في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني، مساء أمس، عن شنّ ضربات صاروخية على عشرات الأهداف في إسرائيل. وجاء في بيان: «نفّذ (حرس الثورة الإسلامية)... ردّه الحازم والدقيق ضد عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية للنظام الصهيوني الغاصب في الأراضي المحتلة».

وندّدت دول الخليج بالعملية الإسرائيلية، وشدّدت في بيانات منفصلة على ضرورة تجنيب المنطقة المخاطر، وحلّ الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية. وجاء في بيان للخارجية السعودية أن المملكة تدين وتستنكر بشدة هذه الاعتداءات الشنيعة، وتؤكد أن على المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولية كبيرة تجاه وقف هذا العدوان بشكل فوري.

من جانبه، اكتفى ترمب بتوجيه تحذير شديد اللهجة للمسؤولين الإيرانيين من مغبة مواصلة سياساتهم السابقة، متوقعاً أن تكون الهجمات الإسرائيلية اللاحقة «أكثر عنفاً». ووصف الهجوم الإسرائيلي بـ«الممتاز»، نافياً أي دور أميركي في العملية.

ودعا قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا «كل الأطراف إلى الامتناع عن مزيد من التصعيد». وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن ستارمرأجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، بشأن الوضع. وأضاف في بيان: «ناقش الزعماء المخاوف الشديدة القائمة منذ فترة طويلة بشأن برنامج إيران النووي، ودعوا جميع الأطراف إلى الامتناع عن مزيد من التصعيد، الذي يمكن أن يزيد زعزعة استقرار المنطقة».