تمسك «حزب الله» بلدياً ببنت جبيل يقلق مغتربيها الأميركيين

منازلة «كسر عظم» في مدينة صيدا لاختبار الأحجام الانتخابية

مدخل بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وبدء عودة الأهالي إليها (إ.ب.أ)
مدخل بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وبدء عودة الأهالي إليها (إ.ب.أ)
TT

تمسك «حزب الله» بلدياً ببنت جبيل يقلق مغتربيها الأميركيين

مدخل بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وبدء عودة الأهالي إليها (إ.ب.أ)
مدخل بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وبدء عودة الأهالي إليها (إ.ب.أ)

اتُّخذت كل الاستعدادات اللوجيستية والإدارية والأمنية ليكتمل عقد المجالس البلدية والاختيارية، السبت، 24 مايو (أيار)، لإنجاز المرحلة الأخيرة من السباق البلدي في محافظتي الجنوب والنبطية التي تشهد منافسة تكاد تكون أشدها سخونة في صيدا، وتتسم بطابع «كسر عظم»، بالمفهوم السياسي للكلمة، لاختبار الأحجام الانتخابية استعداداً لخوض «النيابية» في ربيع 2026، فيما تغيب، إلى حد كبير، المواجهات البلدية في البلدات والقرى الخاضعة لنفوذ تحالف «حزب الله» وحركة «أمل» الذي قطع شوطاً على طريق تأمين فوز مجالسها بالتزكية، وتحديداً في تلك الواقعة على الحافة الأمامية قبالة إسرائيل ولم يبقَ منها سوى قلة من المجالس تدفع بـ«الثنائي الشيعي» للنزول بكل ثقله لإقناع مرشحين منفردين بإخلاء الساحة لتفادي حصول مبارزة لن تبدّل من واقع الحال بإحداث مفاجآت تهدد لوائح «التنمية والوفاء» المدعومة منه بغطاء من العائلات.

لكن الهدوء البلدي على محور «الثنائي الشيعي» مرجّح ألا يحضر في قضاء جزين وقراه في حال أن الجهود التوافقية لم تتوصل إلى نتائج ملموسة تبعد عنها المواجهة البلدية.

ومع أن الاستحقاق البلدي الجنوبي يجري على وقع استمرار الخروق الإسرائيلية باستهداف عناصر من «حزب الله»، فإنها لن تؤدي إلى تعطيل اليوم الانتخابي في ظل إصرار الحكومة على إنجازه بدعم من «الثنائي الشيعي» والقوى والتيارات السياسية على اختلافها في الجنوب عموماً، حتى بغياب الضمانات بإلزام إسرائيل أميركياً بصرف النظر عن خروقها ولو ليوم واحد لمنعها من تعطيلها بتقطيعها لأوصال الجنوب التي تعيق حركة الإقبال على صناديق الاقتراع، وبالأخص في البلدات التي تشهد منافسة.

لكن الطريق، وإن كانت معبّدة سياسياً أمام إحكام سيطرة «الثنائي الشيعي» على البلديات، التي هي من لون واحد في محافظتي الجنوب والنبطية لتجديد شرعيته الشعبية في ظل الحملات التي تستهدف «حزب الله»، فإنه يقف أمام مشكلة، كما علمت «الشرق الأوسط»، تكمن في إصرار الحزب على ترشيح أحد مسؤوليه، محمد ناظم بزي، لرئاسة المجلس البلدي لمدينة بنت جبيل، المؤلف من 21 عضواً تتمثل فيه «أمل» بـ6 أعضاء يدور معظمهم في فلكها، وتشكل مركزاً للقضاء الذي يحمل اسمها.

وكشفت مصادر جنوبية وثيقة الصلة بـ«الثنائي الشيعي» عن أن الاتصالات بـ«حزب الله» لم تنقطع لإقناع أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، باستبداله بمرشح آخر غير حزبي يحظى بتأييد مباشر منهما، وقالت إن الاعتراض على ترؤس بزي للائحة «التنمية والوفاء» لا يعود لأسباب شخصية، وإنما لضرورات سياسية تتطلب التحسُّب منذ الآن للمحاذير التي يمكن أن تترتب على رئاسته للمجلس البلدي وردود فعلها على العدد الأكبر من سكان البلدة المنتشرين بالألوف في ولاية ميتشيغن الأميركية، ولفتت إلى أن للبلدة امتداداً سكانياً لا يستهان به في هذه الولاية يفوق تعداده عدد المقيمين بداخلها، وهم يساعدون أقاربهم للتغلب على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمرون بها، وهذا يمكن أن يعرّضهم للملاحقة في حال تحويلهم المساعدات النقدية إلى أقاربهم في ظل الحصار المالي المفروض أميركياً على «حزب الله» وأصوله، المُدرج على لائحة العقوبات الأميركية، وهذا ما يشغل بالهم ويقلقهم في حال لم تتجاوب قيادة الحزب مع رغبتهم، بصرف النظر عن ترشيح حزبي معروف لرئاسة البلدية. وقالت إنها ما زالت تأمل في تجاوب قيادة الحزب باستبداله، آخذة بعين الاعتبار مخاوف أبناء البلدة المنتشرين في الولاية الأميركية، وبالتالي التجاوب مع رغبتهم لتجنُّب أي ارتدادات سلبية على مصالحهم حيث يقيمون.

فأبناء البلدة، كما تقول المصادر، المنتشرين في ميتشيغن، هم في طليعة المهاجرين منذ عقود طويلة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهم من الجيل الثالث، ويتراوح عددهم بين 30 و35 ألفاً، هذا عدا أبناء بلدة تبنين، مسقط رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذين يوجدون في الولاية نفسها بأعداد كبيرة، وهم إلى جانب مغتربي بنت جبيل على تواصل دائم مع أقاربهم في الجنوب، ويمضون عطلهم في الربوع اللبنانية، ما يؤدي إلى تحريك العجلة الاقتصادية في الجنوب امتداداً إلى مناطق أخرى.

لبنانيون يلقون بحبات الأرز على «جيب» تتبع الجيش اللبناني في بنت جبيل بينما تظهر رايات «حزب الله» خلفه (د.ب.أ)

وبالنسبة للانتخابات البلدية في صيدا عاصمة الجنوب، فهي جامعة للعدد الأكبر من الطوائف اللبنانية، ويتوقع بأن تشهد أشد المنازلات البلدية بغياب التوافق بين نائبيها أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، وأنصار تيار «المستقبل»، رغم عزوف رئيسه سعد الحريري عن خوض الانتخابات ومعهم المجموعات التي تدور في فلك الحريرية السياسية، إضافة إلى «الجماعة الإسلامية» التي تخوضها منفردة، فيما بدأ يتراجع نفوذ «قوى التغيير» على اختلافها، وأبرزها مَنْ شارك في الانتفاضة على المنظومة الحاكمة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ولن يكون وضعها أفضل حالاً من الصعوبات التي واجهتها في خوضها للمراحل الثلاث من الانتخابات.

ويبدو من خلال مواكبة «الشرق الأوسط» للحراك البلدي الصيداوي أن المنافسة، بعد تعذُّر التوافق على لائحة جامعة، تدور بين ثلاث لوائح مكتملة، الأولى تحمل اسم «نبض البلد» برئاسة محمد دندشلي ومدعومة من سعد. والثانية «صيدا بدا ونحن قدا» يتزعمها عمر مرجان ويرعاها البزري. أما الثالثة فتحمل اسم «سوا لصيدا» برئاسة مصطفى حجازي، وتحظى بتأييد جمهور «المستقبل» وتدور في فلكه ويدعمها الرئيس السابق للمجلس البلدي محمد السعودي ورجل الأعمال مرعي أبو مرعي والمرشح السابق للنيابة يوسف النقيب، وكان خرج من تيار «المستقبل» ليعود حالياً إلى هواه الحريريّ بعد أن تصالح مع النائبة بهية الحريري بوساطة تولاها رجل الأعمال مصطفى الحريري.

وفي المقابل تخوض «الجماعة الإسلامية» المنافسة في لائحة غير مكتملة تضم 16 عضواً من 21 يتشكل منهم المجلس البلدي، وتحمل اسم «صيدا بتستاهل» ويغيب عنها أي تمثيل للشيعة والمسيحيين وهما يتساويان بعضوين لكل منهما في البلدية، فيما يحاول المرشح مازن البزري تشكيل لائحة تجمع المرشحين المنفردين وتحمل اسم «صيدا تستحق». ولدى السؤال عن موقف الثنائي الشيعي حيال المنافسة الصيداوية، أكدت مصادره لـ«الشرق الأوسط» بأنه قرر الاقتراع للائحة خاصة به، وهو يعد حالياً تشكيلة مكتملة من 21 عضواً تتوزع على اللوائح الثلاث المتنافسة من دون أن تستبعد احتمال مبادرة «حزب الله» إلى مراعاته لـ«الجماعة الإسلامية» كونها كانت شريكته بإسناده لغزة.


مقالات ذات صلة

أوروبا فتاة فلسطينية تركض بين أنقاض المباني المدمَّرة على طول ساحل مدينة غزة (أ.ب) play-circle

دراسة: عام 2024 شهد أعلى عدد نزاعات مسلحة منذ 1946

سجّل العام الماضي 61 نزاعاً في 36 دولة يشهد بعضها نزاعات عدة في آنٍ.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي أشخاص يتفقدون الحطام خارج مبنى متضرر بشدة في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية في قرية عين قانا بجنوب لبنان 6 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

قتيلان بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل شخصان، الثلاثاء، في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، بحسب ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية، في وقت تواصل فيه الدولة العبرية غاراتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

سلام: حريصون على التجديد ﻟ«يونيفيل» حفاظاً على أمن واستقرار الحدود الجنوبية

قال رئيس وزراء لبنان نواف سلام، في بيان، اليوم (الثلاثاء)، إن بلاده حريصة على التجديد لقوات «يونيفيل» بما يضمن المضيّ قدماً في تطبيق القرار «1701».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي آليات «يونيفيل»... (رويترز)

بعد «صفع» أحد جنودها... «يونيفيل» تعدّ تقييد حرية حركتها انتهاكاً لـ«1701»

أعلنت قوات «يونيفيل» في لبنان اليوم (الثلاثاء)، أن مجموعة من الأفراد بملابس مدنية بجنوب لبنان حاولوا عرقلة قوة تابعة لها تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ضبط مستودع صواريخ غراد في جنوب سوريا

انتشار قوى الأمن الداخلي خلال الحملة الأمنية في مدينة جاسم شمالي درعا (محافظة درعا تلغرام)
انتشار قوى الأمن الداخلي خلال الحملة الأمنية في مدينة جاسم شمالي درعا (محافظة درعا تلغرام)
TT

ضبط مستودع صواريخ غراد في جنوب سوريا

انتشار قوى الأمن الداخلي خلال الحملة الأمنية في مدينة جاسم شمالي درعا (محافظة درعا تلغرام)
انتشار قوى الأمن الداخلي خلال الحملة الأمنية في مدينة جاسم شمالي درعا (محافظة درعا تلغرام)

أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم الاثنين، ضبط مستودع يحتوي على صواريخ من طراز «غراد» بريف درعا الغربي في جنوب البلاد.

وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة درعا، العميد شاهر عمران، في بيان صحافي نشرته الداخلية على مواقعها، إنه «في إطار الجهود التي تبذلها قيادة الأمن الداخلي لتعزيز الأمن والاستقرار في محافظة درعا، وبعد عملية رصد ومتابعة دقيقة، تمكنت دوريات مديرية الأمن الداخلي في مدينة نوى من ضبط مستودع يحتوي على صواريخ من طراز غراد، كانت مخبأة داخل إحدى المزارع في ريف درعا الغربي».

حملة أمنية واسعة بريف درعا الشمالي في بلدتَي إزرع وإنخل يناير الماضي (درعا 24)

وأضاف أنه «جرى التعامل مع المستودع وفق الإجراءات القانونية المعتمدة، وتمت مصادرة الصواريخ أصولاً». وأكد عمران أن قيادة الأمن الداخلي لديها عزم ثابت على أداء الواجب الوطني بكل مسؤولية، حتى تحقيق الأمن والاستقرار الكامل في جميع أرجاء المحافظة.

وكانت مديرية الأمن الداخلي في منطقة نوى بريف درعا قد نفّذت عملية مداهمة في 27 مايو (أيار)، وضبطت كمية من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وأشار المسؤول الأمني في نوى، النقيب محمد مولود العلي، إلى توقيف الأشخاص المتورّطين في التخزين والتهريب.

وأوضح أن العملية جاءت بعد ورود معلومات دقيقة حول نشاطات تهريب سلاح في المنطقة، وبالتنسيق مع مفرزة الأمن العام لتنفيذ المداهمة التي جرت فجراً بمشاركة عدّة دوريات.

ولفت العلي إلى أنّ الأسلحة المصادَرة كانت معدّة للبيع لأشخاص من ذوي السوابق ومن المطلوبين للعدالة.

وأكد استمرار العمل لضبط كل من يعبث بأمن المنطقة أو يسعى لنشر الفوضى عبر السلاح غير الشرعي.