سجال انتخابي حاد يسبق القمة العربية في بغداد

السوداني قال إن حكومته تعتمد «سياسة متزنة وليس العواطف»

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال إطلاق مبادرة تشجع على المشاركة في الانتخابات (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال إطلاق مبادرة تشجع على المشاركة في الانتخابات (إعلام حكومي)
TT

سجال انتخابي حاد يسبق القمة العربية في بغداد

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال إطلاق مبادرة تشجع على المشاركة في الانتخابات (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال إطلاق مبادرة تشجع على المشاركة في الانتخابات (إعلام حكومي)

رداً على انتقادات وجهتها أحزاب معارضة لانعقاد القمة العربية في بغداد، قال رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إنه «يعمل وفق سياسة متزنة لا تكترث للانفعالات والعواطف»، على حد تعبيره، في حين أعلن رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي تأييده لجهود استضافة القادة والزعماء العرب.

وتستضيف بغداد في 17 مايو (أيار) 2025 اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الـ34 على مستوى القمة، وسط انقسام سياسي حاد، لا سيما داخل تحالف «الإطار التنسيقي» الحاكم.

وكانت أحزاب عارضت حضور الرئيس السوري أحمد الشرع، لكن هذا الصوت تراجع في مقابل انتقادات لاذعة وُجهت للحكومة على خلفية مزاعم بصرفها أموالاً طائلة على ضيافة الوفود العربية.

وكان النائب السابق وائل عبد اللطيف قد زعم بأن الحكومة صرفت ملايين الدولارات لشراء أدوات مطبخ كجزء من تجهيزات الضيافة بالقمة العربية، شملت ملاعق ذهبية.

ومن الصعب التحقق من هذه المزاعم، كما أن المؤسسات الحكومية العراقية لم تعلق عليها حتى اليوم، خصوصاً أنها تتزامن مع موسم انتخابي انطلق مبكراً، تمهيداً للاقتراع العام في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

السوداني قال إن حكومته تعتمد سياسة متزنة (إعلام حكومي)

«انفعالات وعواطف»

وقال السوداني، خلال مؤتمر انتخابي، السبت، إن حكومته «لا تعمل بالعواطف والانفعالات، بل بسياسة متزنة». وتابع: «لن يزايد أحد على مواقفنا المبدئية، وأساسنا الحفاظ على بلدنا وشبابنا».

واعتبر السوداني أن «الانتخابات هي العامل الأساس لاستمرار الشرعية السياسية في البلاد»، مشيراً إلى أن «الاستحقاق المقبل يترتب عليه حاضر البلد ومستقبله».

وفهم مراقبون من تصريحات السوداني أنها تأتي رداً على قوى سياسية تشن حملة عدائية على الحكومة، وسحبت ملف «القمة العربية» إلى حلبة التنافس. لكن تياراً سياسياً يتخوف بالفعل من أن يستغل السوداني منصبه الحكومي في حملته الانتخابية، الأمر الذي يذكي صداماً سياسياً بين حلفاء وخصوم في «الإطار التنسيقي».

ورغم أن «الإطار التنسيقي» أظهر دعمه السياسي بشكل علني لانعقاد القمة، فإن قوى بارزة تتجنب إظهار مواقف من الحدث العربي المقبل، لا سيما ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي.

مع ذلك، اتسعت رقعة الجدل حول القمة العربية إلى دوائر اجتماعية وشعبية؛ إذ بات كثيرون ينتقدون تخصيص أموال طائلة يمكن صرفها لقطاعات حيوية في البلاد، في حين يدافع ناشطون عن إظهار بغداد بالمستوى الذي يليق بالحدث الدبلوماسي العربي.

تحديات عربية

بدوره، أعلن رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي تأييده لعقد القمة. وأعرب في تدوينة على «إكس» عن أمله أن تكون «مخرجاتها تتلاءم مع تحديات المرحلة الراهنة، وتلبِّي تطلُّعات الشعب العربي».

وقال الحلبوسي: «نقدِّر ونثمِّن جهود رئيس مجلس الوزراء وجميع المعنيين معه في السعي والعمل الدؤوب لاستضافة القمة العربية والأشقاء بكامل الاستعدادات والجهوزية من أجل إنجاح هذا المؤتمر».

من جهته، أكد الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، السبت، أن السلطات «أكملت الاستعدادات للقمة، والوفود الإعلامية ستصل من اليوم إلى العاصمة بغداد»، مؤكداً عدم صدور قرار بـ«فرض حظر التجوال حتى الآن».

ووصف العوادي القمة العربية بأنها «حدث تاريخي» لبغداد، متوقعاً «مقررات مهمة ستنعكس على العراق والمنطقة».


مقالات ذات صلة

الحرارة تصل إلى 49 درجة مئوية في جنوب العراق

المشرق العربي عراقي يلطف الحرارة المرتفعة بمياه نهر شط العراق جنوب البصرة (أ.ف.ب)

الحرارة تصل إلى 49 درجة مئوية في جنوب العراق

سجلت الحرارة أعلى معدلاتها في العراق لهذا العام؛ إذ بلغت 49 درجة مئوية في محافظتين جنوبيتين، وفق هيئة الأنواء الجوية العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي عناصر من قوات «الناتو» في قاعدة عسكرية شمال الموصل بالعراق (رويترز - أرشيفية)

فرنسا تتسلم قيادة مهمة حلف الناتو في العراق

تولى لواء فرنسي الخميس قيادة مهمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق ما يسلط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين باريس وبغداد في وقت تتفاقم التوترات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الفريق المقال ناصر الغنام في أحد لقاءاته مع طلاب بالكلية العسكرية (موقع الكلية العسكرية)

وفاة طالبين في الكلية العسكرية العراقية تتحول إلى قضية رأي عام

في حين تناقضت الآراء بشأن أسلوب التدريب الذي تتبعه الكلية العسكرية العراقية، توفي طالبان في يومهما الأول بها.

حمزه مصطفى (بغداد)
الخليج تنظيم متسلسل عبر منفذ جديدة عرعر لقوافل الحجاج العراقيين (جمعية خدمات الحجاج والمعتمرين) play-circle 01:11

24 ألف حاج عراقي يعبرون المنفذ البري في جديدة عرعر

شهدت حركة حجاج البر لموسم هذا العام تنظيماً متسلسلاً عبر منفذ جديدة عرعر، وتوزعت قوافل الحجاج الآتين من العراق على أيام عدة، بدأت في منتصف مايو (أيار) الحالي.

أسماء الغابري (جدة)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (مكتب رئيس الوزراء)

السوداني يعلن أكبر تحالف انتخابي في العراق

على الرغم من أن دخول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في تحالف انتخابي كبير لم يعد سراً، فإن المفاجأة جاءت في إعلان التوقيت وبعض الشخصيات

حمزة مصطفى (بغداد)

السلاح الفلسطيني في لبنان... مِن «اتفاق القاهرة» إلى سقوط الأسد

مدخل مخيم برج البراجنة... وتظهر صورة عملاقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
مدخل مخيم برج البراجنة... وتظهر صورة عملاقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
TT

السلاح الفلسطيني في لبنان... مِن «اتفاق القاهرة» إلى سقوط الأسد

مدخل مخيم برج البراجنة... وتظهر صورة عملاقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
مدخل مخيم برج البراجنة... وتظهر صورة عملاقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)

يتجدد الجدل في لبنان حول ملف السلاح الفلسطيني، ليس فقط باعتباره مسألة أمنية، بل كمأزق مركّب يمسّ السيادة الوطنية، ويعكس التشابك بين حق العودة وتراكمات اللجوء، وبين التنظيمات المسلحة والدولة الغائبة؛ فقد تحولت المخيمات إلى جيوب شبه مستقلة، تسرح فيها الفصائل بسلاحها، في حين تراقب الدولة من بعيد، وتنظر لمعالجة المشكلة بالسياسة والدبلوماسية، وكانت آخرها «محكومة بهواجس الحروب الأهلية ومحاذير الانفجار».

من «اتفاق القاهرة» إلى واقع خارج السيطرة

مشكلة السلاح الفلسطيني لم تبدأ فصولها مع تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان عام 1948، وإن كان المنعطف الحاسم جاء عام 1969 حين وقّعت «منظمة التحرير» الفلسطينية «اتفاق القاهرة» مع الدولة اللبنانية بوساطة مصرية. منح الاتفاق الفصائل حرية التحرك العسكري جنوباً، وصلاحيات أمنية داخل المخيمات؛ فأسّس عملياً لـ«دولة داخل الدولة»، بحسب ما يقول معارضو الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان.

وعلى الرغم من أن البرلمان اللبناني ألغى الاتفاق عام 1987، فلم يتغير الواقع كثيراً. فقد ظلّت المخيمات خارج سلطة الدولة، وبقي الجيش اللبناني ممنوعاً من دخولها؛ ما كرّس وضعاً قانونياً شاذاً لا يزال قائماً حتى اليوم.

صراع وتوازنات

لم يبقَ السلاح الفلسطيني بمنأى عن الساحة اللبنانية، بل شارك بفاعلية كبيرة في الحرب الأهلية، وكان هدفاً مباشراً للهجمات الإسرائيلية، خصوصاً في اجتياحَي 1978 و1982. وفي 2007، خاض الجيش اللبناني معركة دامية ضد تنظيم «فتح الإسلام» داخل مخيم نهر البارد، انتهت بانتصار عسكري مكلف للجيش اللبناني. وما بين هذا وذاك، استُخدم السلاح الفلسطيني في معارك متفرقة في محيط المخيمات وداخلها.

مخيم نهر البارد... الندبة الأمنية المفتوحة

على الساحل الشمالي للبنان، بالقرب من مدينة طرابلس، يقبع مخيم نهر البارد كجرح لم يندمل في الذاكرة الأمنية اللبنانية، بعدما شهد واحدة من أعنف المعارك التي خاضها الجيش اللبناني منذ نهاية الحرب الأهلية. ففي مايو (أيار) 2007، دخل الجيش في مواجهة مفتوحة مع تنظيم «فتح الإسلام» الذي انشق عن تنظيم «فتح الانتفاضة» وتحصّن داخل المخيم، مدعياً الانتماء للسلفية الجهادية. وعمل التنظيم وتسلّح بدعم ورعاية من النظام السوري السابق. وكان التنظيم بدأ «نشاطه» بارتكاب مقتلة بحق جنود لبنانيين نائمين في ثكنتهم عند تخوم المخيم.

المعركة التي استمرت أكثر من 100 يوم أسفرت عن تدمير شبه كامل للمخيم، ومقتل أكثر من 170 جندياً لبنانياً، إضافة إلى مئات القتلى من المقاتلين المتشددين والمدنيين.

وعلى الرغم من أن الدولة تعهدت بإعادة إعمار المخيم، فإن إعادة البناء تحوّلت إلى مشروع بطيء ومثقل بالبيروقراطية والتجاذبات السياسية. وحتى عام 2025، يعيش أكثر من ألفَي عائلة في مساكن مؤقتة قرب المخيم الذي سُوّي بالأرض، في حين يشكو السكان من غياب الخدمات، وضعف البنية التحتية، وانعدام الأمن الاجتماعي.

مواقع خارجة عن القانون

يتوزع الوجود المسلح الفلسطيني على 12 مخيماً رئيسياً، معظمها خارج سيطرة الدولة اللبنانية. تتصدّر المشهد فصائل مثل «فتح»، و«حماس»، و«الجهاد الإسلامي»، و«الجبهة الشعبية». أما خارج المخيمات، فتنشط فصائل تاريخية مدعومة من النظام السوري، أبرزها «القيادة العامة» و«الصاعقة» التي فقدت معظم مواقعها بعد سقوط نظام بشار الأسد، أو تقلص نفوذها، مطلع 2025، وذلك بتحرك من الجيش اللبناني الذي فكك جميع القواعد العسكرية خارج المخيمات.

عين الحلوة... مختبر دائم للفوضى

في جنوب صيدا، تتشابك الأزقة الضيقة والأبنية المتأكّلة في مخيم عين الحلوة لتكوّن خريطة بشرية وأمنية يصعب فكها. المخيم الذي يؤوي أكثر من 80 ألف نسمة ليس مجرد تجمع للاجئين، بل مسرح دائم للاشتباك بين الواقع واللادولة، وبين الفصائل الفلسطينية والجماعات المتشددة، وبين السلاح والناس.

هنا، في المخيم، تذوب السيادة اللبنانية عند مداخل المخيم، لتبدأ سلطة الفصائل وأمزجة المجموعات المسلحة، في ظل «اتفاق غير مكتوب» يمنع الجيش اللبناني من الدخول، ويمنح الفصائل إدارة أمنية داخلية مشوبة بالفوضى.

وأبرز الفصائل الإسلامية في المخيم: «عصبة الأنصار» التي تأسست في التسعينات، وهي جماعة متشددة كانت نشطة جداً حتى عام 2010، ولها وجود قوي في مخيم عين الحلوة. أما «جند الشام»، فهي جماعة إسلامية متشددة، تأسست في عام 1991، وتعارض حركة «فتح»؛ إذ خاضت معها معركة في عام 2006.

صورة عملاقة للمتحدث باسم «حماس» أبو عبيدة في مخيم برج البراجنة (أ.ف.ب)

ولطالما كان مخيم عين الحلوة مسرحاً للاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة. وفي حين أن بعض المخيمات الفلسطينية غير مسلحة، فإن عين الحلوة يعتبر ملاذاً للعديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة التي تتغير تحالفاتها أحياناً، وتتناقض مصالحها.

وخلال صيف 2023، انفجرت سلسلة من المعارك الدامية داخل المخيم، كانت أبرزها تلك التي اندلعت في يوليو (تموز) 2023 بين «فتح» ومجموعات إسلامية متطرفة محسوبة على «جند الشام» و«أنصار الله». امتدت الاشتباكات لأيام، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم قياديون بارزون، وتسببت في نزوح آلاف المدنيين. كانت تلك المواجهات الأشد منذ معارك 2017، لكنها لم تكن الأخيرة.

ويصف أحد سكان المخيم ما يحدث في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «حرب صغيرة تتكرر كل عام»؛ إذ «تتداخل الحسابات السياسية بالفصائلية، وتتحول الخلافات إلى اقتتال شوارع». ويضيف: «ما إن تُقتل شخصية حتى تبدأ معركة جديدة، وتُرسم خطوط تماس جديدة». ويشير الرجل الخمسيني إلى أن «المخيم صار سجناً بلا جدران».

ورغم محاولات التهدئة التي قادها مسؤولون من «فتح» و«حماس» وممثلون عن السفارة الفلسطينية في بيروت، فإن جذور الأزمة أعمق من اتفاقات هدنة هشّة.

ووفقاً لمصادر لبنانية، فإن عين الحلوة يضم خلايا نائمة وأسلحة ثقيلة تتجاوز إمكانات الأمن الفلسطيني المشترك. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المجموعات تملك راجمات، وأخرى تدير اقتصاداً خفياً قائماً على التهريب والجباية. ويؤكد أحد تلك المصادر أن المخيم «تحول إلى نقطة جذب لكل الهاربين من العدالة في لبنان وفلسطين وسوريا»، مضيفاً: «إنه قنبلة مؤجلة لا أحد يريد تفجيرها... لكن لا أحد يستطيع تفكيكها أيضاً».

ثنائية السلاح والفصائل

شهد شهر ديسمبر (كانون الأول) 2024 تطوراً ميدانياً لافتاً حين تمكن الجيش اللبناني من دخول مواقع لـ«الجبهة الشعبية - القيادة العامة» في شرق لبنان، وصادر مخازن سلاح ضخمة ضمن اتفاق مع السلطات اللبنانية. كما صادر الجيش صواريخ وأعتدة في شمال لبنان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2025، انتُخب قائد الجيش السابق جوزيف عون رئيساً للجمهورية، معلناً أن «احتكار الدولة للسلاح» هدفٌ غير قابل للتفاوض.

ويؤكد مدير مركز «تطوير» للدراسات، هشام دبسي، أن السلاح الفلسطيني في لبنان ينقسم إلى ثلاث فئات، هي: «سلاح (منظمة التحرير)، وهو الأكثر انضباطاً، ويعمل ضمن جهاز الأمن الوطني الفلسطيني بتنسيق مع الدولة»، و«السلاح المرتبط سابقاً بالنظام السوري، والذي فقد قاعدته الشعبية وسلّم مواقعه بهدوء»، إضافة إلى «السلاح الإسلامي والمتطرف، وهو الأخطر، ويتوزع بين (حماس)، و(الجهاد)، وكيانات مثل (فتح الإسلام)، و(جند الشام)، و(أنصار الله)».

ويشدد دبسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «(منظمة التحرير) مستعدة للتجاوب مع أي خطة لبنانية جدية لضبط السلاح»، ويضيف: «بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية خطة واضحة، سيلتزم بها الرئيس محمود عباس وكل المؤسسات الفلسطينية».

ويصف دبسي الفصائل المرتبطة بالنظام السوري، مثل «القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة»، بأنها «أيتام النظام السوري». ويشير إلى أن هذه المجموعات فقدت نفوذها بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتسعى الآن إلى التكيّف أو العودة إلى المظلة الفلسطينية الرسمية، في ظل غياب أي امتداد شعبي فعلي لها.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتباحث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القصر الجمهوري في بيروت (إ.ب.أ)

من الأنفاق إلى التطرف

يوضح العميد المتقاعد منير شحادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الفصائل التي كانت تتمركز على الحدود الشرقية وفي الدامور، قامت بتسليم مواقعها بعد تحذيرات من النظام السوري الجديد. ويشير إلى وجود أنفاق حدودية استُخدمت في التهريب؛ ما شكّل تهديداً مضاعفاً استوجب التنسيق مع الجيش اللبناني لنزع هذا السلاح. لكن الخطر الأكبر برأيه «يكمن داخل المخيمات، حيث تنتشر جماعات متشددة خارجة عن سيطرة السلطة الفلسطينية». ويضيف: «حتى لو أصدر محمود عباس أمراً بنزع السلاح، فإن التنفيذ على الأرض مستحيل دون توافقات أمنية دقيقة».

ويؤكّد شحادة أن الجيش اللبناني لا يدخل عمق المخيمات، ليس من باب التقصير، بل لحماية الاستقرار الداخلي. ويضيف: «أي تدخل مباشر للجيش قد يفجّر الوضع؛ لذا تبقى المسؤولية الأمنية داخل المخيمات في يد الفصائل نفسها». ويقترح شحادة «حلاً يقوم على مفاوضات مباشرة بين الدولة اللبنانية، والسلطة الفلسطينية، وقيادات الفصائل، بهدف الوصول إلى صيغة تُخرج السلاح تدريجياً دون تصعيد».

شروط التوافق

وعلى الرغم من تصريحات الطرفين اللبناني والفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى بيروت ولقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون بضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ونزعه من المخيمات، فإن المسألة لم تتحول إلى قرار ناجز بعد. وتتعدد العوائق بين ذاكرة دموية (صبرا وشاتيلا، ونهر البارد)، وانقسام فلسطيني داخلي، ووجود نموذج لبناني مسلح هو «حزب الله»... تجعل من أي نقاش حول نزع السلاح الفلسطيني بوابةً محتملة لنقاش أشمل ومحرج.

وتشير المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الشرط الأساسي لأي تقدم «هو رسم خريطة طريق لبنانية واضحة»، في حين يقول دبسي إن «الكرة في ملعب الدولة اللبنانية»، مشيراً إلى أن «التحدي لم يعد فقط في إزالة السلاح، بل في إعادة الاعتبار لسلطة الدولة، وفي حماية المخيمات من التحول إلى منصات للفوضى، أو واجهات لصراعات إقليمية لا تنتهي».