ورشة إصلاحية في «جهاز أمن الدولة» اللبناني

استعاد عشرات العناصر والسيارات من سياسيين ونافذين

مدير عام «أمن الدولة» اللواء إدغار لاوندس (إعلام أمن الدولة)
مدير عام «أمن الدولة» اللواء إدغار لاوندس (إعلام أمن الدولة)
TT
20

ورشة إصلاحية في «جهاز أمن الدولة» اللبناني

مدير عام «أمن الدولة» اللواء إدغار لاوندس (إعلام أمن الدولة)
مدير عام «أمن الدولة» اللواء إدغار لاوندس (إعلام أمن الدولة)

استعاد «جهاز أمن الدولة» اللبناني مئات العناصر الموزعين على سياسيين من رؤساء جمهورية سابقين ورؤساء أحزاب ونواب ووزراء حاليين، بالإضافة إلى قضاة وسيدات ورجال أعمال، وذلك بهدف «سدّ النقص» لديه، وتعزيز الدور الأمني للجهاز.

وعينت الحكومة اللبنانية قبل أسبوعين، اللواء إدغار لاوندس، مديراً عاماً لـ«أمن الدولة». واستهل عمله باستعادة مئات العناصر الموزعين على سياسيين وحزبيين ورجال أعمال، بالإضافة إلى عشرات السيارات التابعة للجهاز، التي وُضعت تحت تصرّف نافذين في السلطة وشخصيات مقرّبة منهم.

وأفاد أمني متابع هذه الإجراءات بأن الجهاز «تمكن حتى الآن من سحب نحو 300 عنصر للاستفادة منهم في المهام الأمنية، وأكثر من 150 سيارة وُضعت بتصرف هذه الشخصيات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن المدير العام الجديد «منصرف الآن إلى معالجة هذا الملفّ بصمت ومن دون إحداث ضجّة».

وقال المصدر إن «العناصر الذين استعادهم الجهاز بدأوا الالتحاق بالمديرية العامة لأمن الدولة، وينتظرون تشكليهم وتوزيعهم على المراكز التابعة للجهاز، للتفرغ للعمل الأمني الذي من أجله جرى تعيينهم في (أمن الدولة)»، مشيراً إلى أن «هذا التدبير سيساعد في سدّ النقص في (العديد) الذي يعانيه الجهاز وضبط الوضع الأمني بشكل أفضل، في انتظار فتح دورات لتطويع عناصر ورتباء».

إعادة نظر في هيكلية الجهاز

التدابير المتخذة لا تقتصر على العناصر والرتباء، وفق المصدر الأمني، «بل تشمل الضبّاط بجميع الرتب، خصوصاً ممن كانوا مقرّبين من المدير العام السابق أو الذين عملوا من سياسيين ورؤساء أحزاب؛ إذ بدأت عملية تقييم أداء الضباط كافة في المرحلة الماضية، وعلى أساسها سيجري وضع كلّ منهم في الموقع المناسب»، عادّاً أن «هناك ما تُشبه إعادة نظر في وضع الجهاز أو هيكلته من جديد، وبما يتناسب مع المسؤوليات التي يتولاها كلّ ضابط، خصوصاً أصحاب الرتب العالية».

دورية لـ«أمن الدولة» توقف متهماً بسرقة دراجة نارية في عام 2023 (إعلام أمن الدولة)
دورية لـ«أمن الدولة» توقف متهماً بسرقة دراجة نارية في عام 2023 (إعلام أمن الدولة)

«وحدة حماية الشخصيات»

وعزّز جهاز أمن الدولة عديده بفتح دورة في ربيع العام الماضي، وإلحاق 254 عنصراً جديداً بصفوفه، إلّا إن مصادر مطلعة أكدت أن «أغلب متخرجي هذه الدورة أُلحقوا بـ(وحدة حماية الشخصيات) ووُزعوا على شخصيات نافذة تابعة للأطراف السياسية كافة، وليس لطرف واحد». وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي «وجه 3 مذكرات إلى (جهاز أمن الدولة) الذي يخضع مباشرة لسلطة رئيس مجلس الوزراء، طلب فيها سحب هذه العناصر، لكن رئيس الجهاز السابق لم ينفّذ طلبه، وذلك بغطاء ودعم من الرئيس ميشال عون، لا سيما أن أغلب الوزراء والسياسيين المحسوبين على ميشال عون كان لديهم عدد كبير من عناصر (أمن الدولة)، خصوصاً صهره النائب جبران باسيل الذي وضع بتصرفه ضابطاً وأكثر من 20 عنصراً».

وقال المصدر: «حتى بعد مغادرة عون القصر الجمهوري، وجه ميقاتي ما يشبه التحذير إلى (الرئيس السابق لجهاز أمن الدولة) اللواء طوني صليبا، لسحب عناصر الجهاز من السياسيين، تحت طائلة تحميله مسؤولية الإجراء الذي سيُتخذ بحقّه، إلّا إن صليبا تجاهل هذه التحذير مجدداً. واشتداد التصعيد الإسرائيلي على لبنان صرف الاهتمام عن هذه الموضوع».

حملة سياسية

وعدّ مصدر مقرّب من اللواء صليبا أن «الأرقام التي يجري تداولها عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مبالغ فيها، وتأتي في سياق حملة سياسية غايتها إثارة الشكوك بشأن مسيرة اللواء صليبا على رأس الجهاز». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: إن «فزر عناصر من أمن الدولة على الشخصيات السياسية والقضاة يأتي ضمن القانون، وليس عملاً مزاجياً أو استنسابياً»، مذكراً بأن «هذه المسؤولية كانت ضمن اختصاص قوى الأمن الداخلي، لكنّها انتقلت إلى (جهاز أمن الدولة)، وشُكلت وحدة تسمّى (وحدة حماية الشخصيات)، ومن خلالها جرى فرز عناصر على رؤساء ووزراء ونواب وقضاة بما يتناسب مع القانون، ويتلاءم مع الوضعية الأمنية لكل منهم».


مقالات ذات صلة

القوى السياسية اللبنانية ترفض تأجيل الانتخابات البلدية

المشرق العربي ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

القوى السياسية اللبنانية ترفض تأجيل الانتخابات البلدية

لا يبدو أن معظم القوى السياسية اللبنانية ستسير باقتراح القانون الذي تقدم به النائبان وضاح الصادق ومارك ضو، لتأجيل تقني للانتخابات البلدية لـ5 أشهر.

بولا أسطيح (بيروت)
الخليج نائب أمير منطقة مكة المكرمة مستقبلاً رئيس الوزراء اللبناني لدى وصوله إلى جدة (واس)

رئيس الوزراء اللبناني يصل جدة

وصل إلى جدة، فجر الأحد، رئيس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي قائد الجيش العماد رودولف هيكل في ثكنة بنوا بركات في صور (قيادة الجيش)

قائد الجيش اللبناني يتفقد الحدود: إسرائيل عائق وحيد أمام انتشارنا

أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل على الالتزام بتنفيذ القرار 1701 عادّاً عمليات إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية تخدم إسرائيل

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليسار) رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوناكيس والرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس في الإليزيه الجمعة (أ.ب)

«قمة باريس» تعطي الشرع تعهداً مشروطاً بدعم مطلب رفع العقوبات

الشرع حصل من القمة الخماسية في باريس على تعهد مشروط بدعم مطلب رفع العقوبات عن سوريا، وفرنسا تعرض مساعدتها لترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص مواطنون يهربون من منازلهم يوم الخميس إثر تهديدات إسرائيلية قبيل قصف استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

خاص أجواء العيد تغيب عن جنوب لبنان: حزن وقلق من عودة الحرب

تغيب مظاهر العيد في غالبيّة قرى وبلدات الجنوب، حيث لا يزال يعيش الأهالي حالة الحرب في ظل استمرار القصف الإسرائيلي بين الحين والآخر والتهديدات التي لا تتوقف

حنان حمدان (جنوب لبنان)

القوى السياسية اللبنانية ترفض تأجيل الانتخابات البلدية

ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)
ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

القوى السياسية اللبنانية ترفض تأجيل الانتخابات البلدية

ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)
ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

لا يبدو أن معظم القوى السياسية اللبنانية ستسير باقتراح القانون الذي تقدم به النائبان وضاح الصادق ومارك ضو، لتأجيل تقني للانتخابات البلدية لـ5 أشهر، تحت مبرر إنجاز عدد من الإصلاحات.

ويُفترض أن تُجرى هذه الانتخابات في شهر مايو (أيار) المقبل، في حين أكدت وزارة الداخلية والبلديات مراراً استعدادها وجهوزيتها لتنظيم هذا الاستحقاق وإدارته، مع ترقب دعوتها الهيئات الناخبة هذا الأسبوع.

وبرَّر النائبان صادق وضو، المقربان من رئيس الحكومة نواف سلام، اقتراحهما تأجيل الاستحقاق بإنجاز «مجموعة من الإصلاحات الضرورية والطارئة على قانون الانتخاب، لتدعيم مسار الإنقاذ وضمان حسن التمثيل والمشاركة الفاعلة والممارسة الديمقراطية والمساواة بين المواطنين».

وأبرز الإصلاحات التي تحدث عنها اقتراح القانون: اللوائح المغلقة في المدن الكبرى، ووجوب أن تضم اللوائح ما لا يقل عن ثلث أعضائها من النساء أو الرجال، واعتماد الميغاسنتر في القرى والبلدات الجنوبية التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها.

«التيار» لا يمانع

وبينما يؤكد مصدر نيابي أن موقف الأكثرية النيابية السُّنية متمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، يبدو أن «التيار الوطني الحر» قد لا يمانع هذا الطرح. وتقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نطالب بالتأجيل، ولكن نتفهمه إذا كانت لدى الوزارة أسباب تقنية بحتة، ونحن مع تعديلات على قانون البلديات، منها اللائحة المقفلة».

«القوات» يرفض

في المقابل، يبدو موقف «القوات اللبنانية» حاسماً برفض التأجيل. وتقول مصادر «القوات»: «نحن مع إجراء الانتخابات البلدية في موعدها الدستوري ونرفض أي تأجيل، وقد حُدِّدت بالفعل تواريخ هذه الانتخابات في المحافظات اللبنانية». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أما مسألة الإصلاحات، فهي مهمة ولكن يجب أن تُبحث وتُناقش بعد الانتخابات، وليس قبلها. يمكن بعد إنجاز الاستحقاق فتح ورشة عمل لمناقشة التعديلات والإصلاحات المطلوبة... أما تأجيل الاستحقاقات الدستورية بشكل متكرر فأمر غير مقبول».

عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيف - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيف - أ.ف.ب)

موقف «الثنائي الشيعي»

كذلك لا يبدو أن «الثنائي الشيعي» بصدد السير بالتأجيل. ويقول عضو كتلة «التنمية والتحرير» قاسم هاشم لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية، وحتى قبل أن تعلن وزارة الداخلية عن جهوزيتها لإجراء الانتخابات، كان موقفنا واضحاً بشأن انتخابات البلديات بإصرارنا على إجرائها في موعدها المحدد، من دون أي تأجيل، رغم كل التحديات، خصوصاً في المناطق الحدودية»، مضيفاً: «بالنسبة لنا، الإصرار على إجراء الانتخابات في القرى والبلدات الحدودية هو بمثابة تحدٍّ للعدو (الإسرائيلي)، الذي يسعى إلى تفريغ هذه المناطق من سكانها وجعلها خالية من الحياة. لذلك، فإن إعادة إحياء البلديات في هذه المناطق هو بمثابة زرع للحياة فيها من جديد».

أما فيما يتعلق بآليات إجراء الانتخابات، فيوضح هاشم أن «وزارة الداخلية ستعتمد إجراءات تضمن تأمين العملية الانتخابية، سواء من خلال إعداد مراكز اقتراع جاهزة في حال عدم توفر أماكن صالحة للاقتراع في بعض القرى، كما يمكن نقل الانتخابات إلى القرى المجاورة مباشرة عند الضرورة». ويضيف: «نحن مع تطوير كل ما يمكن أن يسهّل العملية الانتخابية، لكننا نؤكد ضرورة إجرائها في موعدها المحدد. أما الحديث عن الميغاسنتر، فهو يحتاج إلى وقت. لذلك، من الأفضل أن يتم ذلك بعد استكمال إصدار البطاقات الممغنطة، مما يضمن عملية انتخابية أكثر تنظيماً وأماناً».

ويرجّح هاشم أن تقوم وزارة الداخلية بدعوة الهيئة الناخبة خلال الأسبوع القادم، وفق الجدول الزمني الذي حددته ضمن الأطر القانونية.

«التقدمي»: تعديل دون تأجيل

أما الحزب «التقدمي الاشتراكي» فيرى أن «الاقتراح قابل للنقاش، ليس على قاعدة التأجيل، وإنما على قاعدة اعتماد اللائحة المقفلة». وفي هذا الإطار يقول النائب عن الحزب الدكتور بلال عبد الله: «هناك كثير من الأمور في القانون التي تحتاج إلى تعديل. على سبيل المثال، نحن مع انتخاب الرئيس ونائب الرئيس مباشرةً من الشعب، ونحن نؤيد وجود أعضاء رديفين، إلى جانب تعديلات أخرى ضرورية في هذه المرحلة الانتخابية».

ويشير عبد الله إلى أن حزبه لا يمانع إجراء تعديل مرتبط باعتماد اللائحة المقفلة، «وهو تعديل يمكن إنجازه من دون تأجيل الاستحقاق. ورغم أن هذا التعديل وحيداً ليس الحل الوحيد، فإنه يساعد على حل كثير من الإشكاليات»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموضوع مرتبط بالحفاظ على التوازن في المدن الكبرى والعاصمة. وهو توازن كان يتم ضمانه عبر مساعٍ سياسية، وإذا نظرنا إلى الوضع الحالي يمكن القول إن التوازن السياسي أصبح أكثر تعقيداً، ولا نعرف إذا كانت هناك جهة سياسية قادرة على ضبط هذه المسائل».