كم عدد القتلى الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية على غزة؟

فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الذي قُتل في قصف إسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الذي قُتل في قصف إسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ب)
TT
20

كم عدد القتلى الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية على غزة؟

فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الذي قُتل في قصف إسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الذي قُتل في قصف إسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ب)

تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة التي استأنفتها الأسبوع الماضي أدت إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص، نحو ثلثهم أقل سن 18 عاماً.

وبعد وقف إطلاق نار اتسم بهدوء نسبي على مدار شهرين في الحرب التي استمرت ثمانية عشر شهراً، استأنفت إسرائيل حملة جوية وبرية شاملة على حركة «حماس»، الثلاثاء الماضي، ويقول مسؤولون صحيون فلسطينيون إن نحو 700 شخص قُتلوا منذ ذلك الحين، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وبدأت الحرب بعد هجوم شنته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2023 تقول إسرائيل إنه تسبب في مقتل أكثر من 1200 معظمهم من المدنيين واحتجاز 253 رهينة.

وأصدرت وزارة الصحة الفلسطينية قائمة جديدة تتضمن أسماء وأعمار ونوع القتلى حتى 22 مارس (آذار)، وتضمنت 50021 شخصاً، أعمارهم بين حديثي الولادة و110 سنوات. ومن بين هؤلاء، 15613، أي 31 في المائة، أعمارهم أقل من 18 سنة.

وتشير بيانات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) إلى أن عدد القتلى الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية يتجاوز بكثير الذين سقطوا في جولات القتال السابقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة منذ 2005.

وتتناول هذه النظرة الفاحصة طريقة إحصاء القتلى الفلسطينيين، ومدى مصداقية هذه الأعداد، وتفاصيل حول الخسائر البشرية في صفوف المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب، بحسب وكالة «رويترز».

كيف تحسب السلطات الصحية في غزة عدد القتلى؟

في الأشهر الأولى من الحرب، كان يُجرى حساب أعداد القتلى بالكامل من خلال إحصاء الجثث التي تصل إلى المستشفيات. وكانت البيانات تتضمن أسماء معظم من لقوا حتفهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم.

وفي ظل احتدام الصراع وقلة عدد المستشفيات والمشارح التي لا تزال تعمل، بدأت السلطات في اتباع أساليب أخرى.

وبداية من أوائل مايو (أيار) 2024، حدّثت وزارة الصحة بياناتها حول إجمالي حصيلة الوفيات لتشمل الجثث مجهولة الهوية، التي تمثل نحو ثلث العدد الإجمالي للقتلى. وتعمل السلطات الصحية منذ ذلك الحين على تحديد هوياتهم، ولم يُدرج أي منهم في عدد الوفيات.

وقال زاهر الوحيدي، مدير وحدة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الصحة في غزة، إن السبب في إحراز تقدم بشأن تحديد هويات أصحاب الجثث هو استعادة قاعدة بيانات مركزية من مستشفى الشفاء وتطبيق نظام جديد يسمح للعائلات بتقديم معلومات يتحقق منها الأطباء والشرطة بعد ذلك عن القتلى.

وأضاف أن العمل تسارع خلال الشهرين اللذين شهدا هدوءاً نسبياً خلال وقف إطلاق النار الذي بدأ في يناير (كانون الثاني) 2025.

وأظهر فحص أجرته «رويترز» لقائمة سابقة أصدرتها وزارة الصحة في غزة لعدد القتلى، أن أكثر من 1200 أسرة قُتل جميع أفرادها، إحداها تتكون من 14 فرداً.

تصاعد الدخان جراء القصف الإسرائيلي غرب بيت لاهيا في شمال قطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء القصف الإسرائيلي غرب بيت لاهيا في شمال قطاع غزة 24 مارس 2025 (أ.ف.ب)

هل أحصي جميع القتلى؟

تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأعداد لا تعكس بالضرورة جميع من لقوا حتفهم؛ لأن جثثاً كثيرة ما زالت الأنقاض تطمرها. وقدّرت الوزارة أن نحو 10 آلاف جثة لم يتم إحصاؤها ضمن الأعداد الرسمية، ولم يُنتشل منها سوى بضع عشرات منذ وقف إطلاق النار.

ووفقاً لدراسة خضعت لمراجعة الأقران ونُشرت في دورية «ذا لانسيت» في يناير، فمن المرجح أن تكون الإحصاءات الفلسطينية الرسمية للوفيات المباشرة في حرب غزة أقل من عدد الضحايا بنحو 40 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من الحرب وسط تدهور البنية التحتية لمرافق الرعاية الصحية في القطاع.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية ربما تكون أقل من الواقع. وذكرت أن أرقامها في الصراعات السابقة بين إسرائيل و«حماس» كانت تتجاوز أحياناً أرقام السلطات الفلسطينية.

وأكدت المفوضية لوكالة «رويترز» أن الوفيات التي تحققت منها حتى الآن تظهر أن 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

ما مدى مصداقية عدد القتلى في غزة؟

قال خبراء الصحة العامة لوكالة «رويترز» إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة في أغلب دول الشرق الأوسط.

ووجدت دراسة أجرتها منظمة «إير وورز» غير الربحية، التي تتخذ من لندن مقراً لها وتجمع قوائم تفصيلية عن القتلى من جميع المصادر، أن هناك تطابقاً بنسبة 75 في المائة على الأقل بين قوائمها وقوائم السلطات في غزة التي تتضمن آلاف الأشخاص الذين قُتلوا خلال الفترة الأولى من الحرب.

وتعتمد الأمم المتحدة غالباً على أعداد حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة وعبّرت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها الكاملة بهذه الأعداد.

صورة ملتقطة 21 فبراير 2025 في خان يونس بقطاع غزة تظهِر منظراً للدمار الذي خلّفته هجمات الجيش الإسرائيلي على المدينة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 21 فبراير 2025 في خان يونس بقطاع غزة تظهِر منظراً للدمار الذي خلّفته هجمات الجيش الإسرائيلي على المدينة (د.ب.أ)

هل تتحكم «حماس» في الأرقام؟

رغم أن «حماس» تدير غزة منذ عام 2007، تقع وزارة الصحة في القطاع تحت إدارة وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.

وتدفع حكومة «حماس» في غزة رواتب كل الموظفين المُعينين في الدوائر الحكومية، ومن بينها وزارة الصحة، منذ عام 2007. ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين المٌعينين قبل ذلك التاريخ.

ماذا تقول إسرائيل؟

قال مسؤولون إسرائيليون إن هذه الأرقام مشكوك فيها بسبب سيطرة «حماس» على الحكومة في غزة.

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، أورين مامورشتاين، أن هذه الأرقام تم التلاعب فيها و«لا تعكس الواقع على الأرض».

غير أن الجيش الإسرائيلي أقرَّ أيضاً في إفاداته بأن أعداد القتلى الإجمالية في غزة موثوقة إلى حد كبير.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن 407 من جنوده قُتلوا منذ بدء عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر 2023.

كما يقول إنه بذل قصارى جهده لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين. ويقول إن «حماس» تستخدم المدنيين في غزة دروعاً بشرية من خلال العمل داخل المناطق المكتظة بالسكان والمناطق الإنسانية والمدارس والمستشفيات، وهو ما تنفيه الحركة.

كم عدد القتلى من المسلحين؟

لا تفرق وزارة الصحة بين المدنيين ومقاتلي «حماس»، الذين لا يرتدون زياً رسمياً أو يحملون بطاقات هوية مختلفة، في إحصاء أرقام القتلى.

وتصدر إسرائيل تقديرات دورية لعدد مقاتلي «حماس» الذين تعتقد أنهم قُتلوا. وجاء في تقديراتها في الآونة الأخيرة أن عدد القتلى الفلسطينيين من المسلحين يبلغ 20 ألفاً. وتقول إسرائيل إن مدنياً واحداً فقط قُتل مقابل كل مسلح، وتحمّل «حماس» المسؤولية عن ذلك لاستخدامها منشآت مدنية.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه تم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال مزيج من إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات «حماس»، وتقييمات المخابرات للأفراد الذين كانوا موجودين داخل الأهداف التي تم تدميرها.

وتقول «حماس» إن التقديرات الإسرائيلية لخسائرها مبالَغ فيها، لكنها لم تذكر عدد القتلى في صفوف مقاتليها.


مقالات ذات صلة

«شائعات التهجير ودعم إسرائيل»... نفي مصري متكرر وتساؤلات حول مروجيها

شمال افريقيا نازحون من غزة تجمعوا في وقت سابق في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم بالجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)

«شائعات التهجير ودعم إسرائيل»... نفي مصري متكرر وتساؤلات حول مروجيها

نفت القاهرة، مساء الثلاثاء، أنباء انتشرت خلال الآونة الأخيرة بشأن تقديم مصر «مساعدات عسكرية لإسرائيل»، وقالت إنها ادعاءات «مختلقة وكاذبة».

هشام المياني (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً يتنقلون مع أمتعتهم وهم يتجهون نحو وسط المدينة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في شمال غزة (إ.ب.أ) play-circle

الأمم المتحدة: 142 ألف نازح في غزة خلال أسبوع

كشف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم الأربعاء بأن استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تسبب بنزوح 142 ألف شخص خلال أسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صورة نشرها سلاح الجو الإسرائيلي بتاريخ 26 مارس 2025 على موقع «إكس» تظهر طائرة عسكرية إسرائيلية (إكس)

الجيش الإسرائيلي: هاجمنا مئات الأهداف في غزة وسوريا ولبنان على مدى أسبوع

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، إنه هاجم مئات الأهداف في قطاع غزة وسوريا ولبنان خلال الأسبوع المنصرم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يظهر أثناء زيارة لقوات بلاده (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تهدد بالتحرك «بكامل قوتها» في مناطق إضافية من غزة

توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأربعاء، بالتحرك «بأقصى قدر من القوة» في مناطق إضافية من قطاع غزة حيث انتهت الهدنة في 18 مارس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري طفل يحمل لافتة مكتوباً عليها «أطفال فلسطين: بدنا نعيش» خلال مظاهرة تدعو لإنهاء الحرب في بيت لاهيا (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة» أمام «ساعات حاسمة» لاستئناف المفاوضات

محاولات الوسطاء لاستئناف الهدنة في قطاع غزة التي انهارت قبل نحو أسبوع، تقف في مفترق طرق، قبيل أيام من حلول عيد الفطر، بخاصة مع اجتماع أميركي إسرائيلي بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الأمم المتحدة: 142 ألف نازح في غزة خلال أسبوع

فلسطينيون نازحون داخلياً يتنقلون مع أمتعتهم وهم يتجهون نحو وسط المدينة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في شمال غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون داخلياً يتنقلون مع أمتعتهم وهم يتجهون نحو وسط المدينة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في شمال غزة (إ.ب.أ)
TT
20

الأمم المتحدة: 142 ألف نازح في غزة خلال أسبوع

فلسطينيون نازحون داخلياً يتنقلون مع أمتعتهم وهم يتجهون نحو وسط المدينة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في شمال غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون داخلياً يتنقلون مع أمتعتهم وهم يتجهون نحو وسط المدينة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في شمال غزة (إ.ب.أ)

كشف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم الأربعاء، بأن استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تسبب بنزوح 142 ألف شخص خلال أسبوع، مبدياً قلقه أيضاً حيال مخزون المساعدات الإنسانية الذي يوشك أن ينفد.

وقال دوجاريك: «خلال أسبوع فقط، نزح 142 ألف شخص، وهذا العدد مرشح للارتفاع»، مذكراً بأن 90 في المائة من سكان القطاع سبق أن نزحوا مرة واحدة على الأقل بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وبدء تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في يناير (كانون الثاني) 2025.

وأضاف أمام الصحافيين في نيويورك أن «المساحات الموجودة لبقاء العائلات تتقلص»، مشيراً إلى أن 17 في المائة من قطاع غزة شمله أمر بالإخلاء أصدرته السلطات الإسرائيلية.

وأكد دوجاريك أن «القصف المتواصل والأوامر اليومية بالإخلاء، إضافة إلى استمرار منع دخول» المساعدات الإنسانية منذ شهر و«الرفض المنهجي للأنشطة الإنسانية داخل القطاع؛ جميعها لها تأثير مدمر على مجموع السكان البالغ عددهم مليونين»، مشدداً على أن جميع الموارد في غزة «في طور النفاد».

وأورد أن «شركاءنا الإنسانيين يحذرون من تراجع خطير للمخزونات الطبية و(لكميات) غاز الطهو، والوقود الضروري لتشغيل المخابز وسيارات الإسعاف».