مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: لم نلتزم مع أي طرف بنزع سلاحنا

توقعت استمرار المباحثات مع واشنطن... وقالت إن إدارة ترمب أظهرت انفتاحاً على إنهاء الحرب

TT

مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: لم نلتزم مع أي طرف بنزع سلاحنا

مقاتلون من «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في خان يونس فبراير الماضي (إ.ب.أ)
مقاتلون من «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في خان يونس فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وصفت مصادر مطلعة من حركة «حماس»، محادثات أجرتها مع ممثلين للإدارة الأميركية جرت في العاصمة القطرية «الدوحة» مؤخراً، بأنها «إيجابية»، لكنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنجح، موضحة أنها «جاءت بطلب أميركي».

وأفادت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن قيادات «حماس» هي التي طرحت على المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر فكرة الاتفاق على هدنة لا تقل عن 5 سنوات وتمتد لأكثر وتصل لـ10 سنوات وربما لأكثر، مضيفة أن «الحركة مُنفتحة تماماً على مثل هذا الخيار وكان مطروحاً في سنوات سابقة، لكن إسرائيل هي من كانت ترفضه».

وعادت المصادر من «حماس» وقالت إن «الحركة لم تلتزم لأي طرف بأنها ستقبل بنزع سلاحها، وتعدّ هذا الأمر شأناً فلسطينياً» مضيفة أنه «يمكن القبول بنزع السلاح فقط بحالة واحدة؛ وهي أن يكون هناك مسار سياسي واضح يسمح بإقامة دولة فلسطينية».

وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت عن بوهلر قوله إن «حماس» اقترحت هدنة طويلة وتبادلاً لجميع الأسرى (الإسرائيليين والفلسطينيين) على أن تتضمن «تخلي الحركة عن كل أسلحتها» وفق ضمانات دولية. لكن المصادر من «حماس» نفت.

مسلحون من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في مخيم النصيرات وسط غزة 22 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وأجرى بوهلر، مباحثات هي الأولى من نوعها بين واشنطن و«حماس»، وأعرب طرفاها عن تفاؤل بشأن مخرجاتها، بينما أبدت إسرائيل انزعاجاً كبيراً حيالها.

ومع ذلك، توقعت المصادر في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» استمرار المباحثات في الأيام المقبلة سواء من خلال جلسات بشكل مباشر أو عبر اتصالات من خلال الوسطاء.

وقالت المصادر إن قرار «حماس» بالانخراط في المحادثات جاء «التزاماً بتقديم كل مرونة ممكنة للتوصل لاتفاق يفضي بحل كل الخلافات، خصوصاً فيما يتعلق بإنهاء الحرب بشكل كامل، والانسحاب الإسرائيلي من كل مناطق القطاع، بما في ذلك محور فيلادلفيا (على الحدود بين غزة ومصر)، وضمان إعادة إعمار القطاع».

ماذا تضمنت المباحثات؟

وبشأن جدول المباحثات بين «حماس» والمبعوث الأميركي، قالت المصادر إن اللقاء «ركز بشكل أساسي على الإفراج عن رهائن إسرائيليين يحملون الجنسية الأميركية»، مؤكدةً أن قيادة الحركة «لم تقدم معلومات حول ما إذا كانوا أحياء أو أمواتاً، وأبدت استعدادها للإفراج عنهم مقابل أن تفرج إسرائيل مقابل كل أسير حي منهم عن 200 أسير فلسطيني من المؤبدات والمحكوميات العالية، والمئات من الأسرى من ذوي الأحكام المنخفضة».

فلسطينيون يرحّبون بأسرى محررين في خان يونس الشهر الماضي (أ.ف.ب)

وتذهب التقديرات الإسرائيلية والأميركية إلى أن هناك رهينة واحدة تحمل الجنسية الأميركية على قيد الحياة، بينما هناك 4 آخرون موتى.

ورفضت المصادر التعاطي مع تلك التقديرات، لكنها ألمحت لصحتها جزئياً دون أن تفصح عن مصيرهم، مبينةً أن «الأمر من اختصاص (كتائب القسام) الجناح العسكري لـ(حماس)، وأنه لا أحد يستطيع تقديم تأكيدات سوى قيادتها».

وبدا لافتاً أن المصادر قالت إن «ما تم الاتفاق عليه من جزئيات في بعض الاجتماعات والاتصالات، تراجعت عنه الولايات المتحدة وطلبت الإفراج عن هؤلاء الرهائن من دون أي مقابل، وهو ما رفضته الحركة تماماً، وتمسكت بموقفها، قبل أن يعاود المسؤولون الأميركيون التواصل مع قيادة الحركة وطلبوا إجراء مزيد من المناقشات».

«حل شامل»

وأشارت المصادر إلى أن «المناقشات التي جرت منذ أيام تركز على محاولات إيجاد حل شامل يخدم شروط الحركة المتعلقة بإنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار»، وقدّرت أن «إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكثر انفتاحاً على التعامل مع إنهاء الحرب والإعمار والانسحاب الإسرائيلي على العكس من بداية الحوارات».

وخلصت المصادر إلى أن «الأمر الذي أصبح أكثر إيجابية ما يضعنا على بداية وضع أقدامنا نحو إمكانية التوصل لاتفاق، لكن ذلك سيحتاج إلى بعض الوقت».

وكشفت المصادر عن أن هناك طرحاً يتعلق أيضاً بإمكانية «إجراء تبادل الكل مقابل الكل، ووقف الحرب، وانسحاب إسرائيل، وأن الولايات المتحدة قد تقبل بمثل هذا الخيار، رغم مواقفها العلنية المعارضة للكثير من السيناريوهات والأطروحات التي تم وضعها على الطاولة في الآونة الأخيرة».

أطفال فلسطينيون نازحون ينتظرون الحصول على حصة من الطعام من مطبخ خيري ببيت لاهيا شمال غزة الأحد (أ.ف.ب)

ويبدو أن حركة «حماس» تعوّل كثيراً على موقف الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل بالقبول بأي اتفاق سيتم التوصل إليه بينها وبين المسؤولين الأميركيين.

ويتوقع أن يكون هذا الأسبوع حاسماً بالنسبة لكل الأطراف نحو إمكانية التوصل لاتفاق أو اشتعال الأوضاع مجدداً في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية استئناف الحرب.

وفي السياق، أدانت حركة «حماس»، خرق الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار بعدم الالتزام بجدول الانسحاب المتفق عليه، مشيرةً إلى أنه لم يتم الالتزام بالخفض التدريجي للقوات الإسرائيلي في محور صلاح الدين (فيلادلفيا) خلال المرحلة الأولى، ولم يلتزم ببدء الانسحاب منه في اليوم الثاني والأربعين حسب ما ورد في الاتفاق.

وفقاً للاتفاق، كان من المقرر اكتمال الانسحاب بحلول اليوم الخمسين للاتفاق، الذي كان يفترض أن يتم الأحد، وهو ما لم يحدث حتى الآن، كما قالت «حماس»، معتبرةً ذلك «انتهاكاً صارخاً للاتفاق، ومحاولة مكشوفة لإفشاله وتفريغه من مضمونه»، وتأكيداً على نهجه في عدم احترام الاتفاقيات والتلاعب بها.

وقالت: «تضع هذه الانتهاكات الوسطاء أمام مسؤولياتهم في الضغط على الاحتلال للوفاء بتعهداته وإنهاء وجوده في محور صلاح الدين (فيلادلفيا) فوراً»، مطالبةً إياهم والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لضمان انسحاب الاحتلال واستئناف مفاوضات المرحلة الثانية دون تأخير.


مقالات ذات صلة

إيطاليا تعتقل 9 للاشتباه في تمويلهم «حماس» عبر جمعيات خيرية

أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

إيطاليا تعتقل 9 للاشتباه في تمويلهم «حماس» عبر جمعيات خيرية

قال الادعاء العام الإيطالي إن السلطات ألقت القبض على تسعة أشخاص للاشتباه في تمويلهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (​حماس) عبر جمعيات خيرية مقرها إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا أفراد من الشرطة الإيطالية خارج مقر جمعية داعمة للفلسطينيين في مدينة ميلانو (أ.ب)

الشرطة الإيطالية توقف 7 أشخاص للاشتباه بتمويلهم «حماس»

أعلنت الشرطة الإيطالية، اليوم السبت، توقيف سبعة أشخاص للاشتباه بتورطهم في تمويل حركة «حماس».

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي رجل بزي «سانتا كلوز» يشارك في مبادرة خيرية لتوزيع وجبات طعام لنازحين فلسطينيين بخان يونس الجمعة (إ.ب.أ)

غزة: «عصابة رامي حلس» توسع اعتداءاتها شرق غزة

قُتل الفتى أحمد أبو الكاس (13 عاماً) برصاصة أطلقها مسلحون يتبعون لعصابة رامي حلس في شارع مشتهى بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي، الأحد، 5 شبان من محافظة درعا جنوب سوريا أثناء قيامهم بالبحث عن الفطر البري الذي يطلق عليه «لحم الفقراء» في الأراضي الزراعية القريبة من بلدة كودنة في ريف القنيطرة الجنوبي.

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوات الاحتلال نقلت المعتقلين إلى قاعدة تل الأحمر الغربي، دون ورود معلومات عن أسباب الاعتقال أو مصير الشبان.

وأفاد مصدر محلي لموقع «درعا 24»، بأن الشبان الذين اعتقلتهم دورية لقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب سد بلدة كودنة بريف القنيطرة أثناء بحثهم عن الفطر، ينحدرون من مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي، منهم: محمود أحمد الصلخدي، وداوود سليمان الصلخدي، ومحمد أحمد الصلخدي، وعبد الباسط سليمان الصلخدي، وحسب المصدر، أقدم جنود الاحتلال على تكسير الدراجات النارية الخاصة بالشبان قبل اعتقالهم.

واعتدت قوات الجيش الإسرائيلي في 24 الحالي على أطفال ونساء أثناء جمعهم الفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك عبر إطلاق قنابل دخانية تجاههم.

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (أرشيفية - سانا)

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوة الاحتلال مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية، أطلقت قنابل دخانية تجاه الأطفال والنساء أثناء قيامهم بجمع الفطر في المنطقة الواقعة بين القريتين.

ويتحدث تقرير سابق لموقع «اقتصاد» عن رحلة جمع الفطر في المنطقة وأهميتها للسكان، بقوله، إن «أجواء محافظة القنيطرة مناسبة جداً لنمو الفطر البري، فأمطار المحافظة غزيرة، وغالباً ما تترافق مع البرق والرعد. وعلى الرغم من أن عادة جمع الفطر ليست بالجديدة، لكنها تحولت إلى مصدر رزق مؤقت لعدد كبير من الأهالي، خصوصاً النازحين المقيمين في المحافظة الذين لا يملكون عملاً أو مردودهم المادي ضئيل».

قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي (أرشيفية - سانا)

في السياق نفسه، أفاد مراسل «درعا 24»، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت من قرية صيدا الحانوت (الجولان) بريف القنيطرة الجنوبي، إبراهيم غازي الشنور، ويعمل راعي أغنام.

وكانت القوات الإسرائيلية قد توغلت، السبت، في قرية طرنجة، وصولاً إلى أطراف بلدة جباثا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي.


نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم، الأحد، إن لبنان أمام «مفصل تاريخي حاسم» يكون فيه إما «تحت الوصاية الأميركية الإسرائيلية، وإما النهوض واستعادة السيادة والأرض».

وأضاف قاسم، في خطاب خلال حفل للحزب، «من يطالب بحصرية السلاح رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يعمل لمصلحة البلاد»، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه، العام الماضي.

وتابع: «نزع السلاح مشروع إسرائيلي أميركي حتى لو جرى تسويقه تحت عنوان حصرية السلاح»، مؤكداً أن نزع السلاح «جزء من مشروع لإنهاء القدرة العسكرية للبنان، وزرع الشقاق مع (حركة أمل)».

وأوضح الأمين العام للحزب أنه «لم يعد مطلوباً من لبنان أي إجراء، على أي صعيد، قبل أن يلتزم العدوّ الإسرائيلي بما عليه من التزامات».

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام مؤخراً قرب الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة جنوب نهر الليطاني.

وازدادت الضغوط على «حزب الله» اللبناني للتخلي عن سلاحه بعد أن تعرض لضربة قوية في حربه مع إسرائيل، العام الماضي، حيث لقي العديد من كبار قادته حتفهم، ومنهم الأمين العام حسن نصر الله، قبل التوصل إلى هدنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة أميركية.

وألزم اتفاق الهدنة لبنان بحصر حيازة الأسلحة على 6 أجهزة أمن حكومية، ونص على منع إعادة تسليح الجماعات غير الحكومية.


أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
TT

أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

تنشط المساعي الأوروبية لبلورة بديل عن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) التي يُفترض أن تبدأ انسحابها من لبنان مع نهاية عام 2026، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

وحتى الساعة، لا يزال غير واضح تحت أي مسمّى سيبقى بعض هذه القوات؛ إذ أعلنت فرنسا وإيطاليا عن رغبتهما في بقاء قواتهما، وما إذا كانت ستخضع لحكومات دول الاتحاد الأوروبي أم ستعود مجدداً لتكون تحت مظلة مجلس الأمن.

وهذا ما يطرح علامات استفهام حول جدوى استبدالها بـ«اليونيفيل»، وما إذا كانت إسرائيل، التي ضغطت بقوة لإنهاء دور «اليونيفيل»، ستقبل أصلاً بتشكيل قوة من هذا النوع.

وكانت فرنسا أعربت أكثر من مرة عن اهتمامها بإبقاء قواتها في جنوب لبنان لمساعدة الجيش في مهامه على الحدود، تلتها إيطاليا التي خرج وزير دفاعها غيدو كروسيتو ليعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الأسبوع الماضي، رغبة بلاده في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه.

وأوضح أن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب؛ لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

قوات «اليونيفيل»

وقرر مجلس الأمن الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة، مع وضع برنامج لانسحابها عام 2027، بعدما طالبت إسرائيل والولايات المتحدة بذلك.

ونص قرار المجلس، الذي تم تبنّيه بالإجماع، على «تمديد تفويض (اليونيفيل) مرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2026، والبدء بعملية تقليص وانسحاب منسقة وآمنة بدءاً من 31 ديسمبر 2026 ضمن مهلة عام واحد».

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويبلغ عدد الدول التي تتألف منها «اليونيفيل» 49 دولة، تشارك بما مجموعه 9923 جندياً لحفظ السلام، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية بالعديد؛ إذ بلغ عدد الجنود المشاركين 1099 جندياً، في حين يبلغ عدد الجنود الإسبان في البعثة 824 جندياً، و762 فرنسياً، و414 آيرلندياً، و217 بولندياً، و221 ألمانياً. أما كبرى البعثات، فهي من إندونيسيا بـ1232 جندياً.

مصلحة لبنانية

ويبدو لبنان الرسمي متحمساً لاستمرار وجود قوات دولية على حدوده مع إسرائيل، وهو ما عبّر عنه الرئيس اللبناني مؤخراً، لافتاً إلى أن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، موضحاً أن ذلك يأتي لـ«مساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأشارت مصادر وزارية إلى أن «التداول بطرح القوة البديلة لـ(اليونيفيل) بدأ فور الإعلان عن انتهاء مهام هذه الأخيرة مع نهاية عام 2027»، لافتة إلى أن «الفرنسيين والإيطاليين والإسبان أعربوا في وقتها عن رغبتهم في إبقاء قواتهم في الجنوب، وإن كان بعديد أقل من عديدها الحالي، وهم عادوا وأكدوا ذلك مؤخراً»، مرجحة انضمام دول أخرى لهذه القوة كألمانيا ودول أفريقية.

وشرحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من وجود هذه القوات هو تثبيت حضور دولي على الحدود يساعد في انتشار الجيش بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي والتلال المحتلة»، مشيرة إلى أنه «حتى الساعة، من غير الواضح تحت أي مسمى أو مظلة قد يحصل ذلك؛ تحت مظلة الاتحاد الأوروبي أو تحت مظلة دولية أخرى، باعتبار أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لبلورة الأمور (نحو عامين)».

جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

وأوضحت المصادر أن «بقاء هذه القوات يُفترض أن يحصل في إطار اتفاق يتم بين الحكومة اللبنانية وحكومات هذه الدول لشرعنة وجودها»، مضيفة: «الدولة اللبنانية رحبت بهذا التوجه، وتحصل راهناً دراسة ونقاشات جدية في هذا الخصوص؛ لأن للبنان مصلحة بوجود قوات دولية في المنطقة الحدودية مع إسرائيل للتصدي لأي مخططات توسعية أو غيرها».

قوة غير خاضعة للأمم المتحدة؟

ويرجح مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن تكون القوة الدولية الجديدة المنوي تشكيلها «غير خاضعة للأمم المتحدة، سواء كالتي في العراق أو غزة، ما يجعلها لا تصطدم بفيتوات وبيروقراطية الأمم المتحدة، وتكون برعاية وإدارة أميركية وتضم بلداناً متحالفة»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هدفها سيكون التأكد من تنفيذ الجيش اللبناني المهام الموكلة إليه، إضافة إلى مؤازرة العناصر والضباط في عملية (حصرية السلاح)».

خلفية الاندفاعة الفرنسية

بدوره، يكشف العميد المتقاعد منير شحادة أن «فرنسا في الاجتماع الأخير الذي حصل في باريس وضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، بالإضافة إلى قائد الجيش اللبناني، اقترحت أن يحصل توثيق دولي لما يقوم به الجيش، وأنها مستعدة إلى أن تكون ضمن الفريق الذي يقوم بذلك لدحض ادعاءات إسرائيل بأنه لا يقوم بما هو مطلوب منه في جنوب الليطاني».

ولفت شحادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الهدف من الاندفاعة الفرنسية في هذا المجال هو تجنب أي تصعيد إسرائيلي، كذلك كي يبقى لباريس موطئ قدم في لبنان، ودور لها في الأمن والسياسة عندما تنتهي مهام قوات (اليونيفيل). أضف أن الثروات النفطية الموعودة تشكل عاملاً جاذباً ليس فقط للفرنسيين، إنما أيضاً للإيطاليين». ويضيف: «لكن أميركا تسعى إلى أن يكون أي وجود لقوات أجنبية في لبنان تحت مظلة مجلس الأمن، وبالتالي وجود مقونن دولياً».