العراق... خريطة تحالفات محتملة للانتخابات العامة المقبلة

مفوضية الانتخابات تتحدث عن وجود 28 مليون ناخب

أحد أفراد القوات الأمنية في انتخابات مجالس المحافظات داخل مركز اقتراع ببغداد ديسمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
أحد أفراد القوات الأمنية في انتخابات مجالس المحافظات داخل مركز اقتراع ببغداد ديسمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

العراق... خريطة تحالفات محتملة للانتخابات العامة المقبلة

أحد أفراد القوات الأمنية في انتخابات مجالس المحافظات داخل مركز اقتراع ببغداد ديسمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
أحد أفراد القوات الأمنية في انتخابات مجالس المحافظات داخل مركز اقتراع ببغداد ديسمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

رغم أن القوى والأحزاب السياسية في العراق لا تزال تفصلها نحو 7 أشهر عن موعد الانتخابات البرلمانية العامة المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن الحديث عن تحالفات محتملة بدأ مبكراً، وأصبح متداولاً في الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية.

ورغم أن هذه الأحاديث لا تزال غير نهائية ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل، فإنها ليست مستبعدة، وقد تكشف عن ملامح تحالفات تضع في الحسبان التحولات السياسية العميقة في المنطقة بشكل عام، والتغيرات المحتملة في العراق بشكل خاص.

يأتي هذا في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية تأثر العراق بتحولات المنطقة، خصوصاً مع استمرار الضغوط الأميركية على طهران. ويميل الكثير من المراقبين المحليين إلى الاعتقاد أن أي «هزة» أو تصدع قد يصيب المؤسسة الحاكمة في إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة سيكون له تأثير واضح على طبيعة التحالفات السياسية العراقية، وربما على شكل النظام السياسي نفسه. وذلك لأن مثل هذا التطور سيترك بالضرورة أثره المباشر على حلفاء إيران، وعلى رأسهم قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي هيمنت على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد أن أجبرت مقتدى الصدر وتياره على الانسحاب من البرلمان رغم فوزهم بأكبر عدد من المقاعد النيابية في انتخابات 2022، حيث حصلوا على 73 مقعداً.

وتشير معظم المؤشرات إلى رغبة الصدر في المشاركة في الانتخابات المقبلة، لكن الغموض لا يزال يلف موقفه فيما يتعلق بالتحالف مع أحزاب وقوى أخرى؛ ما يترك الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات متعددة قد تؤثر على المشهد السياسي العراقي في الفترة المقبلة.

وتُرجح مصادر سياسية أن يعمل رئيس الوزراء محمد السوداني على نسج تحالف مع ثلاثة من محافظي البصرة وكربلاء وواسط، الذين حصلوا على أعلى الأصوات في الانتخابات المحلية التي أُجريت نهاية عام 2023. كما تشير المصادر إلى احتمال انضمام ثلاثة وزراء بارزين في الحكومة الحالية إلى هذا التحالف، بينهم وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، الذي يُقال إنه يعتزم الانخراط في العمل السياسي خلال الدورة البرلمانية المقبلة.

وفي سياق موازٍ، تُطرح احتمالات أخرى تشير إلى إمكانية تحالف السوداني مع «تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، وكذلك مع تحالف «النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. بالإضافة إلى ذلك، تفيد مصادر مقربة من السوداني بأنه يسعى منذ فترة إلى استقطاب النواب المستقلين في البرلمان الحالي؛ تمهيداً لتشكيل تحالف معهم في الانتخابات المقبلة.

من جهة أخرى، أعلن وزير التعليم العالي نعيم العبودي، القيادي في حركة «عصائب أهل الحق»، أن «الحركة تميل إلى خوض الانتخابات بقائمة منفردة، مع إبقاء الباب مفتوحاً لتحالفات محدودة مع بعض الكتل والشخصيات». إلا أن مراقبين يرون أن الحركة قد لا تخاطر بالمشاركة دون حلفاء؛ «نظراً لعدم امتلاكها الشعبية الكافية لضمان فوز مريح بمقاعد برلمانية».

وفي إطار آخر، تُعد إمكانية عودة الحزبين الكرديين الرئيسيين، «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، إلى صيغة «التحالف الكردستاني» من أقوى الترجيحات التي برزت مؤخراً. وكان هذا التحالف سائداً في الدورات الانتخابية التي تلت عام 2003، قبل أن تتفكك خيوطه بسبب الخلافات الداخلية؛ ما دفع كل طرف إلى التحالف مع قوى عربية سنية وشيعية. ويبدو أن إدراك قادة الحزبين للتغيرات المحتملة في المشهد السياسي العراقي هو الدافع وراء هذا التحالف المرتقب.

28 مليون ناخب

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن عدد العراقيين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة قد تجاوز 28 مليون ناخب. وأظهرت إحصائية نشرتها المفوضية أن أعداد الناخبين شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تصدرت منطقة الرصافة في بغداد قائمة المناطق الأكثر مشاركة، تليها منطقة الكرخ، ثم محافظات نينوى والأنبار وذي قار.

وناهز عدد سكان العراق 46 مليون نسمة، وفقاً لآخر إحصاء سكاني أُعلنت نتائجه الشهر الماضي. وتنعكس هذه الزيادة السكانية على عدد المقاعد البرلمانية، حيث يُتوقع أن يتجاوز العدد الإجمالي للمقاعد 460 مقعداً، وذلك استناداً إلى الدستور العراقي الذي يُحدد نائباً واحداً عن كل 100 ألف مواطن. وهذا يعني زيادة نحو 100 مقعد عن الدورة الحالية التي تضم 329 نائباً. وتواجه هذه الزيادة انتقادات شعبية واسعة، مع مطالبات بتعديل الدستور ليصبح نائب واحد عن كل 200 ألف نسمة.

وفي وقت سابق، كشفت المفوضية عن وجود قرابة مليون ناخب من مواليد عام 2007، الذين بلغوا سن 18 عاماً، وهو السن القانونية التي تؤهلهم للمشاركة في الانتخابات. وكان عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في انتخابات عام 2021 قد بلغ 25 مليوناً و139 ألفاً و375 ناخباً، إلا أن الإحصاء السكاني الأخير أظهر أن هذه الأرقام لم تكن دقيقة.


مقالات ذات صلة

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

المشرق العربي سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

كشف وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عن إبلاغ بلاده واشنطن بأن طهران تستخدم وثائق عراقية مزورة لتصدير نفطها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، السفير دانيال روبنستاين، الأحد، «أهمية دور العراق المحوري بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عبد المهدي خلال كلمة له في مؤتمر اليمن (مواقع التواصل)

تحليل إخباري ما «مضمون» زيارة عادل عبد المهدي اليمن؟

ما زال الظهور الأخير لرئيس وزراء العراق الأسبق، عادل عبد المهدي، في اليمن رفقة بعض القيادات الحوثية يثير مزيداً من التكهنات والجدل بشأن طبيعة الزيارة وأهدافها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (إعلام البرلمان)

العراق: شعبية السوداني ودخول الصدر يربكان خطط القوى السياسية للانتخابات البرلمانية المقبلة

مع أن موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، في نسختها السادسة، لا يزال بعيداً نسبياً (نهاية السنة الحالية)، فإن الاستعدادات لها بدأت مبكراً...

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

حثّ مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، إقليم كردستان على الإسراع بتشكيل الحكومة واستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

فاضل النشمي (بغداد)

بعد مقتل عديدين... من تبقى من أعضاء المكتب السياسي لـ«حماس»؟

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (إعلام تابع لحماس)
من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (إعلام تابع لحماس)
TT

بعد مقتل عديدين... من تبقى من أعضاء المكتب السياسي لـ«حماس»؟

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (إعلام تابع لحماس)
من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (إعلام تابع لحماس)

كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة من عمليات الاغتيال التي تستهدف قيادات بالمكتب السياسي لحركة «حماس» داخل قطاع غزة، الأمر الذي يُصعب على الحركة كثيراً سد الفراغ التنظيمي في ظل ظروف أمنية معقدة وملاحقة إسرائيلية مستمرة.

واغتالت إسرائيل هذا الأسبوع عضوين بارزين من أعضاء المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة، هما صلاح البردويل وإسماعيل برهوم، ليرتفع بذلك عدد أعضاء المكتب الذين قُتلوا منذ استأنف الجيش الإسرائيلي قصفه للقطاع يوم الثلاثاء الماضي إلى خمسة.

فمن قبل البردويل وبرهوم اللذين اغتيلا في غضون 24 ساعة في قصف استهدف خان يونس بجنوب قطاع غزة، اغتيل من أعضاء المكتب محمد الجماصي، وعصام الدعاليس، وياسر حرب، في ثلاث عمليات منفصلة طالتهم في وقت واحد عند استئناف إسرائيل الحرب فجر الثامن عشر من مارس (آذار) الجاري.

فلسطينيون يحملون نعش إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لـ«حماس» بقطاع غزة في 24 مارس 2025 (أ.ب)

وكان البردويل ضمن مكتب العلاقات الوطنية، بينما كان برهوم مسؤولاً عن الشؤون المالية، فيما كان الجماصي ضمن الدائرة القانونية وعضواً عاماً، وكان الدعاليس عضواً عن غزة مسؤولاً عن الدائرة الاقتصادية ثم أصبح مسؤولاً عن إدارة الشأن الحكومي، في حين كان حرب ضمن مكتب غزة ومسؤولاً عن الإدارة التنظيمية لشمال القطاع.

أبرز الاغتيالات

في بداية الحرب الإسرائيلية في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واجهت إسرائيل صعوبات في الوصول إلى قادة «حماس»، لكن بعد عدة أشهر بدأت سلسلة من الاغتيالات، كانت في بعض الأحيان متقاربة زمنياً.

ومن أبرز الأسماء، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، الذي اغتيل في نهاية يوليو (تموز) 2024 بالعاصمة الإيرانية طهران؛ وسبقه بأشهر نائبه صالح العاروري، الذي اغتيل في بيروت في يناير (كانون الثاني) من العام ذاته.

ولحق بهما يحيى السنوار، الذي كان رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس» في قطاع غزة، ثم أصبح رئيساً عاماً للحركة خلفاً لهنية، والذي قُتل خلال اشتباكات مع قوة إسرائيلية لم تتعرف عليه إلا بعد رحيله في حي تل السلطان في رفح بجنوب القطاع في السادس عشر من أكتوبر 2024.

إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

وسبق هذه الأسماء، زكريا أبو معمر، وجواد أبو شمالة، اللذان قُتلا في العاشر من أكتوبر 2023، بعد ثلاثة أيام فقط من هجوم «حماس» على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة، حيث قُتلا في قصف استهدف بناية كانا بها في خان يونس بجنوب القطاع.

وكان أبو معمر مسؤول ملف العلاقات الوطنية في المكتب السياسي لحركة «حماس» داخل قطاع غزة، وعضواً في المكتب العام، بينما كان جواد أبو شمالة عضواً بالمكتب السياسي بغزة فقط، وكان يدير ملفات أمنية.

وفي التاسع عشر من ذات الشهر، اغتالت إسرائيل جميلة الشنطي، عضوة المكتب السياسي بغزة وكذلك المكتب العام، إثر قصف استهدفها شمال مدينة غزة. كما اغتيل في ذات اليوم أسامة المزيني، عضو المكتب السياسي عن قطاع غزة ورئيس مجلس الشورى العام في القطاع، إثر قصف شقة سكنية كان بداخلها في حي تل الهوى.

وفي مارس 2024، اغتالت إسرائيل مروان عيسى، عضو المكتب السياسي عن غزة، وكذلك العام، بعد ضربة استهدفته في نفق بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وكان عيسى، المصاب بالسرطان، بمثابة حلقة الوصل بين المستويين السياسي والعسكري بصفته نائباً لقائد «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس».

وفي أغسطس (آب) 2024، اغتيل روحي مشتهى، وسامح السراج، العضوان بالمكتب السياسي عن غزة، بعد قصف نفق كانا بداخله في منطقة الصناعة جنوب مدينة غزة.

روحي مشتهى (وسائل إعلام فلسطينية)

وكان مشتهى مقرباً جداً من السنوار، وكانت له مهام سياسية وإدارية بالحركة، فيما كان السراج مسؤولاً عن ملفات أمنية.

تشكيلة المكتب السياسي

في الأقاليم الثلاثة المتعارف عليها، قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، تنتخب «حماس» في العادة أعضاء مكتب سياسي عام، وأعضاء مكتب لكل إقليم؛ ويكون قِسم من هؤلاء أعضاء بالمكتب العام وفق التصويت الذي يحصلون عليه.

وخلال فترات، كان عدد أعضاء المكتب السياسي العام يبلغ 17 عضواً فقط، لكنه رُفع خلال الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين إلى 24، في حين حافظ كل إقليم على عدد معين من أعضاء المكتب بما لا يقل عن 10 وفق ما يحدده الوضع الميداني مثل إقليم الضفة الغربية.

وبعد هذه الاغتيالات، يبقى من أعضاء المكتب السياسي العام من سكان قطاع غزة، خليل الحية، ونزار عوض الله، ومحمود الزهار، وغازي حمد، وفتحي حماد، وسهيل الهندي، فيما يتبقى من أعضاء المكتب عن غزة، إبراهيم صبرة، وكمال أبو عون.

يحيى السنوار مع خليل الحية في صورة تعود لعام 2017 (أ.ف.ب)

ومن بين هؤلاء، يعيش الحية وعوض الله وحمد وحماد والهندي خارج القطاع منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية.

ويوجد أيضاً من أعضاء المكتب السياسي العام خالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، ومحمد نزال، وعزت الرشق، وزاهر جبارين، ومحمود مرداوي، وشخصيات أخرى غير معلنة لأسباب تراها «حماس» أمنية.

ويُعتبر المكتب السياسي أعلى هيئة تنفيذية في «حماس»، وهو مَن يأخذ القرارات النهائية داخل الحركة، في حين تكون القرارات المصيرية بالإجماع ما بينه وبين مجلس الشورى المكون من 50 عضواً.