كيف تعاطت البيانات الوزارية اللبنانية مع بند «المقاومة»؟

الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ24 وزيراً أمام قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ24 وزيراً أمام قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
TT
20

كيف تعاطت البيانات الوزارية اللبنانية مع بند «المقاومة»؟

الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ24 وزيراً أمام قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ24 وزيراً أمام قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)

تعكس مضامينُ البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 2000 (تاريخ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان وبروز دور «حزب الله»)، وبالتحديد طريقة مقاربة البند المتعلق بـ«مقاومة» إسرائيل وتحرير الأراضي التي لا تزال محتلة، الأحوالَ والظروفَ التي كان يمر بها لبنان، وميلَ ميزان القوى إما إلى جهة «حزب الله» وحلفائه، وإما لجهة أخصامه.

وبعد مرحلة طويلة من سيطرة «الحزب» على القرار السياسي في البلد، وهو ما تجلى بوضوح في كيفية صياغة بند «التحرير» في الحكومات السابقة، يُنتظر أن يكون هناك تغيير جذري في البيان الذي تعمل عليه اللجنة الوزارية المنبثقة عن الحكومة التي شُكلت حديثاً، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية التي أدت لتقليص قدرات «حزب الله» إلى حد كبير، والتي أكدت ألا توازن ردع يتولاه «الحزب» من الجهة اللبنانية، مما يوجب صياغة سياسة دفاعية تقودها الدولة.

البيان الجديد

وفي حين أعلن رئيس الحكومة المكلف، نواف سلام، السبت، إنجاز البيان الوزاري للحكومة على أن يُقرّ الاثنين، يتكتم مقربون منه، كما أعضاء اللجنة الوزارية، على الصيغة التي ستُعتمد بشأن الدفاع عن لبنان، ويبدو محسوماً أنه لن يلحظ مصطلح «مقاومة»، وأنه سيكون منسجماً مع ما ورد في خطاب قسم رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، لجهة تأكيده على «حق الدولة في احتكار حمل السلاح».

جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)

وتشدد مصادر قيادية قي «القوات اللبنانية» على وجوب انطلاق واعتماد البيان الوزاري أولاً على خطاب قسم رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، واحتكار الدولة السلاح، كما كلمة رئيس الحكومة، نواف سلام، بعد تكليفه؛ لجهة حديثه عما ورد في «اتفاق الطائف» بشأن وجوب بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية بواسطة قواها الذاتية وحل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم سلاحها إلى الدولة.

وترى المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «البيان يفترض أن يتحدث بوضوح عن تنفيذ القرارات الدولية (1559) و(1680) و(1701)، والابتعاد عن كل ما من شأنه ترك أي التباس؛ إنْ في الكلام عن حق الشعب، أو حق اللبنانيين»، مضيفة: «كما يجب أن يكون هناك كلام واضح عن حق الدولة حصراً في حماية السيادة اللبنانية، وبالتالي طيّ صفحة الانقلاب على الدستور من خلال بيانات وزارية ارتكزت على سياسة الأمر الواقع في تلك المرحلة».

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري»... (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري»... (الوكالة الوطنية للإعلام)

البيانات المتعاقبة

ومنذ عام 2000 حتى 2005 (مرحلة الوجود السوري في لبنان)، تحدثت كل البيانات الوزارية عن «الحق المشروع في (المقاومة) حتى تحرير كامل الأرض» وعن «وحدة المسار والمصير التي تربط لبنان وسوريا، والتي تشكل قوة دافعة أساسية لجهة مساعدة لبنان على استكمال تحرير أرضه وأسراه، وعلى الرفض الفعلي للتوطين».

وبعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005، وانسحاب الجيش السوري من لبنان، اعتُمدت صياغة جديدة لهذا البند. فتحدث بيان الحكومة الأولى للرئيس نجيب ميقاتي في عام 2005 عن «حق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها، وعن الحق المشروع في (مقاومة) الاحتلال».

كما تحدث بيان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام نفسه عن «الحفاظ على مقاومتنا الباسلة».

وبعد اتفاق الدوحة الذي وُقّع عام 2008، تحدث بيان حكومة السنيورة عن «حق لبنان؛ بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء، والتمسّك بحقّه في مياهه، وذلك بكافة الوسائل المشروعة والمتاحة».

وكان البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري في عام 2009 شبيهاً إلى حد كبير ببيان الحكومة السابقة، فأشار إلى «حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من قرية الغجر».

صيغة حكومة ميقاتي

وشهدت عملية صياغة البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام عام 2014 مداً وجزراً، وانتهت إلى «تأكيد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في (المقاومة) للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».

واعتمدت حكومتا الحريري في عامي 2016 و2019 هذه الصيغة نفسها، وصولاً إلى حكومة الرئيس حسان دياب عام 2020 التي ورد في بيانها التالي: «لن نألو جهداً ولن نوفّر (مقاومة) في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانيّة محتلّة. وتؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتّى الوسائل المشروعة. مع التّأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في (المقاومة) للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».

أما آخر البيانات الوزارية، فهو بيان حكومة ميقاتي عام 2021 الذي تحدث عن «التمسك باتفاقية الهدنة، والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في (المقاومة) للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تضغط على لبنان بغطاء أميركي

تحليل إخباري آليات لـ«اليونيفيل» تقوم بدورية عسكرية في منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل (د.ب.أ)

إسرائيل تضغط على لبنان بغطاء أميركي

تطرح مصادر لبنانية، على تقاطع مع جهات رسمية نافذة، مجموعة من الأسئلة تتعلق بغياب الولايات المتحدة الأميركية عن المشهد السياسي والدبلوماسي في لبنان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

لا يملك لبنان خيارات كثيرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، سوى الخيار السياسي والدبلوماسي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي مركبة للجيش اللبناني تسير في بلدة الخيام بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان 12 يوليو 2023 (رويترز)

الجيش اللبناني: القوات الإسرائيلية أطلقت النار قرب إحدى وحداتنا بالجنوب

قال الجيش اللبناني إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مقربة من وحدة تابعة له أثناء عملها على إزالة سواتر ترابية في بلدة بجنوب البلاد لإجبارها على الانسحاب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيتان تقفان قرب سيارات تضررت جراء الاستهداف الإسرائيلي لضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

إسرائيل تفتتح مرحلة الاغتيالات بالضاحية الجنوبية لبيروت بعد وقف القتال

افتتحت إسرائيل، الثلاثاء، مرحلة جديدة من المعركة ضد «حزب الله» في لبنان، تمثلت في تطبيق سياسة ملاحقة كوادره بالضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

ذهبت إسرائيل بقصفها الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء، أبعد من إطار ردود الفعل على إطلاق صواريخ باتجاهها.

بولا أسطيح (بيروت)

إسرائيل تضغط على لبنان بغطاء أميركي

آليات لـ«اليونيفيل» تقوم بدورية عسكرية في منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل (د.ب.أ)
آليات لـ«اليونيفيل» تقوم بدورية عسكرية في منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل (د.ب.أ)
TT
20

إسرائيل تضغط على لبنان بغطاء أميركي

آليات لـ«اليونيفيل» تقوم بدورية عسكرية في منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل (د.ب.أ)
آليات لـ«اليونيفيل» تقوم بدورية عسكرية في منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل (د.ب.أ)

تطرح مصادر لبنانية، على تقاطع مع جهات رسمية نافذة، مجموعة من الأسئلة تتعلق بغياب الولايات المتحدة الأميركية عن المشهد السياسي والدبلوماسي في لبنان، الذي كان وراء إطلاق يد إسرائيل في مواصلة خرقها لوقف النار وتحريرها من الالتزام بما نص عليه الاتفاق الذي وضعته بالشراكة مع فرنسا، ما أتاح لها تماديها في اغتيال قيادات وكوادر من «حزب الله» وآخرها اغتيال حسن بدير في منطقة نفوذ الحزب في الضاحية الجنوبية، ومواصلتها الإغارة على عدد من البلدات الواقعة شمال الليطاني.

فغياب الولايات المتحدة تزامن مع تعليق لجنة الرقابة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار، ريثما توافق الحكومة على تشكيل ثلاث لجان، بناء على طلب نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغن أورتاغوس، المخصصة لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وانسحابها من النقاط التي تحتفظ بها، وترسيم الحدود بين البلدين على أن تشمل النقاط الـ13 التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها ويطالب بإعادتها لسيادته.

لبنانية تسير إلى جانب حطام تسببت به غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)
لبنانية تسير إلى جانب حطام تسببت به غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء (أ.ف.ب)

ويأتي تعليق اجتماعات لجنة الرقابة بقرار أميركي في سياق الضغط على لبنان لإلزامه بالتفاوض المباشر مع إسرائيل، فيما يترقب الوسط السياسي مجيء أورتاغوس إلى بيروت، الجمعة المقبل، حيث تلتقي بالرؤساء عون وبري وسلام، استناداً إلى ما كانت تبلغته المراجع الرسمية العليا في هذا الخصوص.

تطبيق 1701 بالنار

ومع أن إسرائيل تضغط عسكرياً على لبنان، وتتصرف كأنها قادرة على استباحة كل المناطق، مستقوية بدعم أميركي لا حدود له، فإن مصادر لبنانية تسأل ما إذا كان إصرارها على رفع السقوف بتطبيق القرار 1701 بالنار، وصولاً لاستدراج لبنان للدخول في مفاوضات تتطلع من خلالها إلى تطبيع العلاقة بين البلدين، يأتي في سياق تحسين شروطها على نحوٍ يسمح بمقايضة التطبيع بإلحاق شمال الليطاني بجنوبه وتحويله إلى منطقة تخلو من أي بنى ومنشآت عسكرية لـ«حزب الله»، مع أن شمال الليطاني سيبقى مشمولاً بالاستراتيجية الدفاعية التي تناولها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، والتي يراد منها ترجمة ما تعهد به باحتكار الدولة للسلاح إلى خطوات ملموسة تشمل كل لبنان.

شد العصب

وتطرقت المصادر إلى موقف «حزب الله»، وقالت إنه يتوجب على قيادته أن تتعاطى بمرونة وواقعية بعيداً عن الإنكار والمكابرة، على نحو يؤمن الدعم للدولة باعتمادها الخيار الدبلوماسي للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب وتطبيق الـ1701، وقالت إن أمينه العام، نعيم قاسم، توجّه في خطابه الأخير إلى جمهوره ومحازبيه لرفع معنوياتهم وشد عصبهم باستعادته لبعض الطروحات، سواء بقوله إن المقاومة باقية ومستمرة ولديها من الخيارات المفتوحة، عندما يتقرر في لحظة معينة، الخروج من الدبلوماسية، مع أنه يدرك جيداً أن مواقفه تتعارض مع استدارة الحزب نحو تغليب الخيار الدبلوماسي على الحلول العسكرية، في ظل افتقاد الحزب لتوازن الردع وقواعد الاشتباك التي أصبحت بيد إسرائيل، وتتصرف بها للضغط على لبنان للتسليم بشروطها.

حركة عون وسلام

وفي المقابل، لم يتوقف رئيسا الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام عن مطالبة الولايات المتحدة بأن تفي بتعهدها بإلزام إسرائيل الانسحاب من الجنوب للشروع بتطبيق الـ1701، خصوصاً أن احتلالها عدداً من النقاط أعاق انتشار الجيش بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «يونيفيل» حتى الحدود الدولية، وبالتالي من غير الجائز تحميل لبنان مسؤولية عدم التزامه بالقرارات الدولية، فيما تتمادى إسرائيل في خروقها لوقف النار وتواصل اعتداءاتها بذريعة تدمير ما تبقى للحزب من منشآت عسكرية في جنوب الليطاني، رغم أن لجنة الرقابة، بشخص رئيسها جيفرز، لم تترك مناسبة إلا وأشادت فيها بالتعاون القائم مع الجيش لتطبيق الاتفاق.

تمرد إسرائيل

وفي هذا السياق، استغربت مصادر رسمية كل ما يُقال أو يشاع بأن واشنطن تضع اللوم على رئيسي الجمهورية والحكومة بذريعة أن الأول لم يلتزم بخطاب القسم، وأن الثاني أخذ يتصرف بخلاف ما نص عليه البيان الوزاري، وقالت إن الاستغراب ليس في محله لأن المشكلة أولاً وأخيراً تتعلق بإسرائيل بتمردها على اتفاق وقف النار. وسألت: أين الخلل في موقفهما ما دام أنهما على التزامهما بحصر السلاح بيد الدولة تطبيقاً لاتفاق الطائف والـ1701 بكل مندرجاته، فاللوم يجب أن يقع أولاً على إسرائيل، وإلا فماذا تقول واشنطن عن قول الرئيس سلام بطي صفحة السلاح غير الشرعي، وبأن ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» أصبحت من الماضي، وهي كانت في طليعة الدول التي أبدت ارتياحاً حيال ما قاله، والذي قوبل برد فعل سلبي من «حزب الله» الذي لم ينفك عن التمسك بهذه الثلاثية التي لم تعد قابلة للصرف سياسياً، وأن استحضارها ما هو إلا لرفع معنويات حاضنته الشعبية؟

رفض التطبيع

كما سألت: أين الخلل في مواقف الرئيس عون، إلا إذا كان المطلوب منه مفاوضات تؤدي لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، وهذا ما يرفضه، بتأييد أركان الدولة وبإجماع المكونات السياسية والطائفية في لبنان، علماً بأن عون كان قد طالب في أثناء زيارته لباريس واجتماعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحصر التفاوض بترسيم الحدود على قاعدة اتباع الأصول الدبلوماسية التي كانت اتُّبعت سابقاً في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. أما أن يؤخذ على الرئيس عون بأنه أشار إلى تعاون «حزب الله» مع الجيش في جنوب الليطاني واستبعاد أن يكون له مصلحة بضلوعه في إطلاق الصواريخ على مستعمرة المطلة، فإنه لم يهدف إلى تبرئته، بمقدار ما أنه استند إلى ما لديه من معطيات أولية أحيط بها من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني المولجة بالتحقيق مع الموقوفين المشتبه بهم، خصوصاً أنها أوشكت على الانتهاء من التحقيقات تمهيداً لإحالة المتهمين ممن يثبت ضلوعهم بوقوفهم وراء الصواريخ على القضاء المختص لمحاكمتهم.

وكان لافتاً إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن القوى العسكرية والأمنية والقضائية أوشكت على كشف ملابسات الحوادث المشبوهة الأخيرة في الجنوب، والتي تحمل بصمات إسرائيلية في توقيتها وأهدافها وأسلوبها، في إشارة إلى إطلاق الصواريخ على المطلة وكريات شمونة، ما اعتبرته مصادر نيابية بأنه مؤشر على استبعاد وقوف «حزب الله» وراء إطلاقها، بناءً على أقوال عدد من الموقوفين قيد التحقيق، المشتبه بهم، من لبنانيين وفلسطينيين، بإطلاق الصواريخ.