أكّد فلسطينيون من سكّان غزة، اليوم الثلاثاء، رفضهم فكرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهجيرهم من القطاع، مشدّدين على أنّهم باقون في أرضهم حتى لو تأخّرت عملية إعادة إعمار القطاع المدمّر من جرّاء الحرب.
وقال إيهاب أبو أحمد (30 عاماً) من سكّان مدينة غزة، إنه لن يرحل «حتى لو بقينا في الخيام وفي الشوارع ومن دون إعمار. سنظلّ متشبّثين بالأرض ولن نغادر من هنا كما حدث في عام 1948» عندما هُجّر مئات آلاف الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم عند قيام دولة إسرائيل.
وأضاف متسائلاً: «ألم يفهموا أن الشعب الفلسطيني لن يرحل عن أرضه، وسيبقى متمسكاً بها رغم حجم التدمير الضخم؟»، لافتاً إلى أن الخيام التي نصبها مئات آلاف النازحين عندما عادوا من جنوب القطاع إلى مدينة غزة وسائر أنحاء شمال القطاع هي بمثابة «رسالة يقولون فيها إنهم لن يرحلوا حتى لو لم يتم إعمار غزة».
وشدّد أبو أحمد على أن ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «يراهنان على أنه لن يتمّ إعمار غزة».
وبعد أيام عديدة على بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل، تمكّن مئات آلاف النازحين من مناطق جنوب القطاع ووسطه من العودة إلى مناطقهم المدمّرة.
ويقول الإعلام الحكومي التابع لـ«حماس» إن العائدين إلى ديارهم في شمال القطاع يحتاجون إلى 135 ألف خيمة وبيت متنقل (كرفان) لم تكن إسرائيل حتى الاثنين قد سمحت بإدخالها.
وتقول «حماس» إن البروتوكول الإنساني في اتفاق وقف النار ينصّ على إدخال 200 ألف خيمة و60 ألف كرفان للقطاع، خلال المرحلة الأولى ومدتها ستة أسابيع.
وإثر عودته إلى البيت الأبيض، اقترح ترمب «تنظيف» غزة ونقل الفلسطينيين إلى أماكن «أكثر أماناً» مثل مصر أو الأردن، ما أثار احتجاجات دولية.
«لن نهاجر»
رفض حاتم عزام (34 عاماً)، وهو من سكان حي الجنينة في مخيم رفح جنوبي القطاع، مقترح الرئيس الأميركي.
وقال: «إذا كانت لدى ترمب نوايا طيبة لماذا لا يعلن استعداد بلاده، أميركا الغنية والكبيرة، لاستقبال سكان غزة» في شكل تدريجي.
وأضاف: «فلتستقبل أميركا مثلاً مائة ألف فلسطيني مؤقتاً ثم يعود هؤلاء بعد إعمار منطقتهم (في غزة)، ثم يسافر مائة ألف آخرون حتى تعمير منطقتهم».
وتابع مدرس مادة التاريخ في مدرسة أساسية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في رفح: «لقد وُلدنا هنا في غزة وسنموت فيها».
واعتبر عزام أنّ الرئيس الأميركي «يعتقد أنّ غزة كومة قمامة، لا وألف لا، تصريحاته تعبّر عن عنجهية وظلم لشعبنا»، مشيراً إلى أنّ ترمب «يريد أن يفرض على مصر والأردن استقبال المهاجرين... هو واهم، هذه خديعة مثل خديعة تهجير الناس في عام 1948، أوهموهم بأنّهم سيعودون بعد الحرب، وكذبوا».
وتابع: «يجب أن يفهم ترمب ونتنياهو حقيقة شعب فلسطين وشعب غزة، الشعب متجذر بأرضه، لن نرحل ولن نهاجر تحت أيّ مسميات وخدع كاذبة».
والتشبّث بالأرض مبدأ يتمسّك به أيضاً أبو محمد القرعان (63 عاماً) الذي يقيم حالياً في خيمة بمدينة غزة.
وقال: «ليس من حقّ نتنياهو تهجير سكان غزة (...) هو يريد بقوته تهجير أصحاب الأرض والقضية».
وأضاف: «العالم مع نتنياهو، أما نحن فمعنا ربّنا، وربّنا لن يخذلنا لأنّنا على حق وهو على باطل». ويواجه اتفاق وقف النار العديد من التحديات.
وقال الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، في بيان اليوم، إن «الاحتلال يواصل مراوغته في تنفيذ المسار الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار، ويتعمّد تأخير وإعاقة دخول المتطلبات الأكثر أهمية وإلحاحاً، وخصوصاً الخيام والبيوت الجاهزة، والوقود والمعدات الثقيلة لرفع الأنقاض».
ودعا البيان الوسيطين المصري والقطري إلى «التدخل ومعالجة الخلل».
من جهته، أوضح مسؤول في وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في غزة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الدفعة الرابعة من الجرحى ومرافقيهم وعددهم 50 مريضاً ومصاباً و50 من مرافقيهم، «لم يتمكنوا من السفر، الثلاثاء، عبر معبر رفح وفق الآلية الإنسانية الطارئة بسبب عدم وصول الموافقة الإسرائيلية على كشف أسماء المرضى والمصابين».
وأوضح أن لدى وزارة الصحة قائمة بـ«أسماء ستة آلاف مريض جاهزين للسفر فوراً، ويجري إعداد قائمة بـ12 ألف مصاب ومريض يحتاجون للعلاج العاجل في مشافٍ بالخارج».
وأعيد فتح معبر رفح استثنائياً، السبت الماضي. وبناء على اتفاق وقف النار، من المقرر أن تسمح إسرائيل يومياً بسفر عشرات الغزاويين ممن يعانون حالات إنسانية طارئة.
وأعلن ترمب، الاثنين، أن «لا ضمانات» على أنّ وقف إطلاق النار الساري في القطاع سيظلّ صامداً.
وعشيّة لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «ليس لديّ أيّ ضمان بأنّ السلام سيصمد»، قبل أن يتولى الكلام مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي كان جالساً إلى جانبه ليقول إنّ الهدنة «صامدة حتى الآن، ونحن بالتالي نأمل حتماً (...) بأن نُخرج الرهائن وننقذ أرواحاً ونتوصّل، كما نأمل، إلى تسوية سلمية للوضع برمّته».