«محور فيلادلفيا»... كيف تواجه مصر احتمالية الرفض الإسرائيلي للانسحاب؟

مصادر تتحدث عن نية حكومة نتنياهو البقاء حتى «القضاء على حماس»

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT
20

«محور فيلادلفيا»... كيف تواجه مصر احتمالية الرفض الإسرائيلي للانسحاب؟

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

تسريبات إسرائيلية جديدة تتحدث عن احتمال عدم التزام بلادها بتنفيذ بند الانسحاب من «محور فيلادلفيا» الحدودي مع مصر، ضمن اتفاق «هدنة غزة»، تفتح تساؤلات عن كيفية مواجهة القاهرة لتلك الخطوة، خصوصاً مع رفض متكرر منها لحدوث ذلك على مدار نحو عام.

الاحتمال الإسرائيلي يستند إلى «عدم القضاء على (حماس) بعد»، غير أن خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يعدونه خطوة استباقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يزور واشنطن حالياً، بهدف تعزيز مطالبه خلال النقاش في البيت الأبيض، ليعود رابحاً بأي قدر ممكن، وخطاباً للأصوات التي تهدد بانهيار حكومته لو مضى للمرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، متوقعين أن يكون لقاء نتنياهو مع الرئيس دونالد ترمب الثلاثاء حاسماً في هذه المسألة.

وحال استمر نتنياهو في المحور ومخالفة بنود اتفاق الهدنة واتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، «قد تحرك مصر قواتها بالمثل بسيناء»، وتتمركز بشكل أكثر عدداً وتسليحاً، بعد استنفاد سبل الضغوط الأميركية والدولية لتنفيذ الاتفاق «بشكل كامل»، بحسب تقديرات الخبراء.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية السفير علي الحفني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إسرائيل ملزمة بتنفيذ الاتفاق كاملاً، وهناك غرفة عمليات مشتركة بالقاهرة تتابع وتضغط مع واشنطن لتنفيذه، مشدداً على أن مصر تتحرك برصانة وحكمة خاصة في مقابلة ما يتم تسريبه لا سيما إسرائيلياً، وستتمسك بتحقيق الاتفاق بشكل كامل، مؤكداً أن «أي تصريحات تؤخذ بجدية؛ لكن ندرك أنها ضمن لعبة الضغوط ومحاولة التأثير على تنفيذ اتفاق الهدنة».

ضغوط إعلامية

يتفق معه أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري النائب محمد عبد الرحمن راضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، في أن «تلك ضغوط إعلامية إسرائيلية، لا يجب أن نمضي خلفها ولا نستبق الأحداث بتكهنات، حتى تتضح المرحلة الثانية ونية إسرائيل تجاه الاتفاق»، مشدداً على أن «نتنياهو ملزم بتنفيذ الاتفاق كاملاً، وأي شيء عكس ذلك سيرد عليه في حينه».

و«محور فيلادلفيا» المعروف أيضاً باسم «محور صلاح الدين»، هو شريط حدودي يمتد بطول 14.5 كيلومتر من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على الأراضي الفلسطينية، بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية كامب ديفيد» الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، واحتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي.

وبحسب اتفاق الهدنة الذي بدأ في 19 يناير (كانون الثاني)، فإنه «بعد إطلاق سراح آخر رهينة من المرحلة الأولى في اليوم الـ42، تبدأ القوات الإسرائيلية انسحابها وتستكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ50».

وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، نقلاً عن مصدر يرافق نتنياهو في رحلته لواشنطن، بأن الأخير يسعى عبر لقائه بترمب، إلى أن «يحصل على الدعم الأميركي الكامل لمواصلة القضاء على حركة حماس»، لافتة إلى أن إسرائيل «قد لا تلتزم في المرحلة الثانية بالانسحاب الكامل من غزة ومحور فيلادلفيا، دون تحقيق هذا الهدف».

مساعي مصر

بينما تواصل القاهرة مساعيها لاستكمال الاتفاق، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي جرى مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب للشرق الأوسط وأحد صناع الاتفاق بمرحلته الأولى، «آخر مستجدات تنفيذ الهدنة والعمل على تنفيذ مراحلها الثلاث بشكل كامل»، مشدداً على «ضرورة استدامة وتثبيت الاتفاق»، و«الدور الأميركي المهم لضمان تنفيذه»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية» المصرية الاثنين.

مخالفة «السلام»

الخبير الاستراتيجي، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، اللواء محمد الغباري، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن استمرار الوجود الإسرائيلي بالمحور يعد مخالفة لاتفاقية السلام، لافتاً إلى أن نتنياهو يفضل التصعيد في المواقف والمطالب حتى لا يبدو أنه مستسلم أمام استعراض «حماس» بقوتها أثناء تسليم الأسرى، بجانب احتواء المهددين له بانهيار حكومته.

وباعتقاد الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فإن لقاء نتنياهو وترمب، سيكون حاسماً في مسألة البقاء بالمحور، مشيراً إلى أن التسريبات جزء من مساعٍ إسرائيلية لإرسال رسائل داخلية وأخرى لكسب مساحات تفاوضية، خصوصاً أن مشاهد تسليم «حماس» للأسرى فيها استعراض كبير يكذب ادعاء نتنياهو بأنه قضى عليها، مما يزيد ضعفه أمام خصومه المهددين بإسقاط حكومته.

ولم تعلق القاهرة رسمياً على التسريبات الإسرائيلية الجديدة، غير أن مصدراً في غرفة العمليات المشتركة بالقاهرة، لمتابعة تنفيذ إجراءات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» كشف سابقاً لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماعاً مصرياً - إسرائيلياً أواخر يناير الماضي، شهد «خلافاً» فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا، موضحاً أن «الخلافات تقنية لوجيستية وستُحل، حيث اقترحت إسرائيل أن تنفذ انسحابات جزئية من هذا المحور، لكن مصر لم تتقبل الفكرة وتصرّ على الانسحاب الكامل وعودة الوضع لما كان عليه قبل الحرب».

وكان «أشد رد مصري» بحسب وسائل إعلام إسرائيلية بشأن خلاف محور فيلادلفيا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بزيارة مفاجئة لرئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة، للحدود مع قطاع غزة، مع نشر دبابات مصرية بالقرب من معبر رفح.

ويؤكد اللواء الغباري أن الموقف المصري ثابت ومسؤول ولن يتراجع عن انسحاب إسرائيل من المحور، بينما يستبعد اللواء فرج، حدوث تصعيد مصري إسرائيلي بسبب المحور، مرجحاً أنه في حالة عدم التزام إسرائيل بالانسحاب من المحور، سيكون من حق القاهرة أن تدخل قوات أيضاً أكبر عدداً وتسليحاً داخل سيناء، وأن تعاملها بالمثل، مستدركاً: «لكن نتنياهو يتلكأ فقط لأسباب داخلية لديه، وسينفذ الانسحاب عاجلاً أم آجلاً».


مقالات ذات صلة

السلطة الفلسطينية: نعطي الأولوية لتولي الدولة مسؤولياتها في قطاع غزة

المشرق العربي فلسطيني يسير بين حطام المنازل في مخيم جباليا بقطاع غزة (أ.ب) play-circle

السلطة الفلسطينية: نعطي الأولوية لتولي الدولة مسؤولياتها في قطاع غزة

أعلنت السلطة الفلسطينية تمسكها بحل الدولتين، وقالت إن الأولوية الآن هي لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتدفق المساعدات، وتولي السلطة مسؤولياتها في غزة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
خاص آدم بوهلر المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن (رويترز)

خاص مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: آدم بوهلر يواصل عمله على ملف الرهائن

قال مسؤول أميركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر لا يزال يواصل عمله بالملف.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف (أ.ب)

واشنطن: على «حماس» الالتزام بموعد الإفراج عن الرهائن وإلا سنرد «بما يتناسب»

قال البيت الأبيض، في بيان، اليوم (الجمعة)، إن الولايات المتحدة تقترح خطة «لتضييق الفجوات»، بهدف تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى أبريل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع غزة (رويترز) play-circle

إسرائيل ترفض عرض «حماس» الإفراج عن رهينة... وتعدّه «حرباً نفسية»

أعلنت «حماس» موافقتها على إطلاق سراح رهينة أميركي - إسرائيلي إذا ما بدأت إسرائيل محادثات المرحلة الثانية، لكن إسرائيل رفضت العرض ووصفته بأنه «حرب نفسية».

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال المقابلة play-circle 00:52

وزير الخارجية المصري: لجنة إدارة غزة محل توافق... والأمن ستتولاه السلطة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أن اللجنة المقترحة لإدارة غزة «محل توافق»، كاشفاً عن تدريب مجندين جدد من السلطة «لنشرهم وملء الفراغ الأمني» في القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لبنان يتجاهل «عروض التطبيع» الإسرائيلية

 دورية لقوات «اليونيفيل» الأممية في بلدة رامية الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» الأممية في بلدة رامية الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT
20

لبنان يتجاهل «عروض التطبيع» الإسرائيلية

 دورية لقوات «اليونيفيل» الأممية في بلدة رامية الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» الأممية في بلدة رامية الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تجاهل لبنان عروضاً إسرائيلية لتطبيع العلاقات وتطوير المحادثات التقنية المعنية بالتثبت من الانسحاب الإسرائيلي من أراضيه إلى محادثات سياسية؛ إذ تضغط تل أبيب على بيروت بإعلانها أن جيشها سيبقى في النقاط اللبنانية المحتلة لـ«فترة طويلة وغير محددة»، حسبما أعلن وزير دفاعها يسرائيل كاتس، أمس الجمعة.

وتمضي إسرائيل في تطبيق سياسة الضغوط على المفاوض اللبناني، بهدف استدراجه إلى اتفاق سياسي يتخطى المباحثات التقنية المحصورة عبر اللجنة الخماسية بثلاث مهام أساسية، هي: الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس التي احتلتها في الحرب الأخيرة، وتحديد الحدود البرية العالقة منذ عام 2006، وهي 13 نقطة حدودية، وإطلاق المحتجزين اللبنانيين لدى إسرائيل.

ويرفض لبنان الرسمي هذه الطروحات، ويؤكد أنها غير مطروحة بالنسبة له ويصر على الانسحاب الإسرائيلي من النقاط التي تم احتلالها.