«القرض الحسن» تعلّق دفع التعويضات: أسباب تقنية أم عجز مالي؟

«حزب الله» يعاني من نقص في السيولة وصعوبة تمرير الأموال

تمثال لقائد «فيلق القدس» الإيراني الراحل قاسم سليماني أمام مركز لـ«القرض الحسن» استهدفه القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)
تمثال لقائد «فيلق القدس» الإيراني الراحل قاسم سليماني أمام مركز لـ«القرض الحسن» استهدفه القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)
TT
20

«القرض الحسن» تعلّق دفع التعويضات: أسباب تقنية أم عجز مالي؟

تمثال لقائد «فيلق القدس» الإيراني الراحل قاسم سليماني أمام مركز لـ«القرض الحسن» استهدفه القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)
تمثال لقائد «فيلق القدس» الإيراني الراحل قاسم سليماني أمام مركز لـ«القرض الحسن» استهدفه القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

علّقت «مؤسسة القرض الحسن»، التي تعدّ «البنك المركزي» لـ«حزب الله»، دفع التعويضات المخصصة لإيواء النازحين جرّاء الحرب وترميم المنازل المتضررة جزئياً، وذلك حتى 10 فبراير (شباط) المقبل، وعزت الأمر إلى «أسباب تقنية»، فيما أعلنت أن أعمالها الأخرى «ستبقى قائمة؛ ومنها صرف القروض والسحب والإيداع في الحسابات... وغيرها من الأعمال المالية».

ويعزو متابعو أوضاع «حزب الله» هذه الخطوة إلى «الخسائر المالية الكبيرة التي مُني بها نتيجة الحرب، ونجاح إسرائيل في تدمير معظم فروع ومقرّات وخزنات (القرض الحسن) وإتلاف محتوياتها من أموال ومجوهرات، وهو ما وضع (الحزب) في عجز مالي لم يستطع معه تحمّل سداد تكاليف التعويضات، خلافاً لما حدث في حرب عام 2006».

إلّا إن مصدراً مطلعاً على المداولات التي تجري ضمن «البيئة الحاضنة للمقاومة»، عزا الأمر إلى «النقص الهائل في السيولة، والعجز عن توفير الأموال التي حُدّدت للتعويض؛ سواء لبدلات الإيجار للعائلات النازحة، ولترميم البيوت المتضررة جزئياً». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحزب) التزم أمام جمهوره بتسديد بدلات الإيواء والترميم البسيط على مدى عام كامل، إلى حين تأمين أموال الإعمار، لكنه فوجئ بحجم الأضرار وأعداد العائلات المنكوبة نتيجة (حرب الإسناد)، وأن الأعباء أكبر بكثير من قدرته على تحملها».

وكان «حزب الله» أعلن؛ بعد أيام قليلة من دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أن «مؤسسة القرض الحسن» ستسلّم كلّ عائلة مبلغ 14 ألف دولار سنوياً؛ 8 آلاف دولار منها تخصص بدلاً للأثاث ويدفع لمرة واحدة، و6 آلاف بدل إيجار سكني لمدة سنة للمقيمين في بيروت وضواحيها، و4 آلاف بدل إيجار للمقيمين في الجنوب والبقاع وغيرهما.

وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «خلال الأيام الأولى لوقف الحرب، زوّدت إيران (الحزب) بنحو مليار دولار، وهذا المبلغ جرى صرفه، ومع نفاد السيولة، بات يبحث عن مورد آخر».

وتحدث عن «تناقض في إعلان (القرض الحسن) بقولها إن توقفها عن دفع التعويضات يعود لأسباب تقنية، بينما تستمر في باقي الأعمال المالية لجهة القروض والسحب والإيداع».

وتخوّف من أن «تلجأ إلى الاستفادة من ودائع الناس للإنفاق منها على التعويضات؛ أي استغلال قروض الناس»، لافتاً إلى «وجود رهان على تأمين طرق الإمداد من إيران، بعد التطورات التي حدثت في سوريا، والرقابة المشددة التي تفرضها الدولة اللبنانية في (مطار رفيق الحريري الدولي) ومرفأ بيروت، ووضع حدّ نهائي لتمرير الطرود التي كانت تأتي إلى (الحزب) من دون أن تخضع للتفتيش».

أحد فروع «القرض الحسن» بعد تدميره (الشرق الأوسط)
أحد فروع «القرض الحسن» بعد تدميره (الشرق الأوسط)

ويشكو كثير من أصحاب البيوت المتضررة من عدم المساواة في تقييم الأضرار الجزئية اللاحقة بالوحدات السكنية القابلة للترميم، ويعدّون أن «المبالغ المرتفعة تُسدَّد للمحظيين»، عادّين أن «(عمليات التخمين) تشمل بالنسبة إلى البعض التعويض فقط على الضرر في وضعية المنزل؛ أي الزجاج المحطم والجدران المتشققة، فيما يجري تجاهل إتلاف الأثاث الذي تفوق قيمته ثمن إصلاح الضرر في المنزل».

لا تقف الأمور عند شح التمويل، وفق تقدير خبير مالي؛ إذ رأى أن سبب توقف الدفع «ليس مرتبطاً بـ(أسباب تقنية) كما تدعي (المؤسسة)؛ بل هناك عوامل عدّة داخلية وخارجية تقف خلف هذا القرار». وتحدث لـ«الشرق الأوسط»، عن «وجود مشكلة لوجيستية لدى إيران بشأن نقل الأموال من طهران إلى لبنان، خصوصاً بعد إقفال الشريان الحيوي في سوريا، والرقابة المشددة على الطائرات التي تأتي من إيران».

وأكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن «هناك عقبة قانونية لدى الذين يتقاضون التعويضات من (القرض الحسن) وخوفاً حقيقياً من إمكانية إدراجهم على قائمة العقوبات الأميركية». وقال إن «(الحزب) يعطي الأولوية الآن لدفع الرواتب لمقاتليه وعائلات الشهداء الذين سقطوا في الحرب وللجرحى والمعوقين، وهذا سبب إضافي لشحّ الأموال لدى مؤسسته المالية».


مقالات ذات صلة

من هو محمد شاهين الذي اغتالته إسرائيل في صيدا؟

المشرق العربي مواطنون يتجمعون أمام السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في مدينة صيدا وأدت إلى مقتل القيادي في «حماس» محمد شاهين (رويترز)

من هو محمد شاهين الذي اغتالته إسرائيل في صيدا؟

يندرج اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمد شاهين في إطار سلسلة من عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في الداخل اللبناني بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول). 

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون متوسطاً سفراء «اللجنة الخماسية» خلال استقبالهم في قصر بعبدا (رئاسة الجمهورية)

«الخماسية» تؤكد التزامها دعم لبنان والعمل على تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار

أكد سفراء «اللجنة الخماسية» الالتزام بدعم لبنان والعمل على دفع إسرائيل إلى الانسحاب في الموعد المحدّد يوم 18 فبراير (شباط) الحالي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ24 وزيراً أمام قصر بعبدا الثلاثاء (الرئاسة اللبنانية - إ.ب.أ)

خاص الحكومة اللبنانية تُسقط بند «المقاومة» من بيانها الوزاري

أسقطت الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، من مسودة بيانها الوزاري البند المتعلق بـ«المقاومة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية دورية راجلة للجيش الإسرائيلي في بلدة كفرشوبا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: قواتنا ستبقى في 5 مواقع استراتيجية بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن قواته ستبقى في 5 «نقاط استراتيجية» في لبنان بعد انتهاء مهلة انسحاب قواته من الجنوب اللبناني، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري متظاهرون يرفعون أعلام «حزب الله» وصورة أمين عام الحزب السابق حسن نصر الله خلال اعتصام على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ) play-circle

تحليل إخباري «حزب الله» مرتبك وخطابه السياسي دون التحولات في لبنان

يعرف أصدقاء «حزب الله» قبل خصومه أن قيادته لم تتمكن حتى الساعة من الخروج من الصدمة التي حلت به باغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله.

محمد شقير (بيروت)

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
TT
20

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أرولدو لازارو، اليوم (الاثنين)، إنه اجتمع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، لبحث التطورات الأخيرة في لبنان.

وأضاف لازارو أنه اتفق مع عون وسلام على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب اللبناني في الموعد المحدد طبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتابع قائلاً: «اتفقت مع الرئيس عون ورئيس الحكومة على نشر الجيش اللبناني لفرض الحظر على الأسلحة غير القانونية في الجنوب».

وبموجب هدنة جرى التوصل إليها في نوفمبر (تشرين الثاني)، مُنحت القوات الإسرائيلية 60 يوماً للانسحاب من جنوب لبنان بعد حرب استمرت لأكثر من عام مع جماعة «حزب الله».

وتم تمديد الموعد النهائي إلى 18 فبراير (شباط)، غير أن الجيش الإسرائيلي أعلن، الاثنين، أنه سيبقى في 5 «نقاط استراتيجية» في جنوب لبنان، عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحابه.

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي ناداف شوشاني للصحافيين: «بناءً على الوضع الراهن، سنترك قوات محدودة منتشرة مؤقتاً في 5 نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان، بحيث نواصل الدفاع عن سكاننا ونتأكد من عدم وجود تهديد فوري».

جاء ذلك بعد تأكيد مسؤولين لبنانيين رفضهم احتفاظ القوات الإسرائيلية بنقاط في جنوب لبنان، بعد انتهاء مهلة انسحابها.

وفي سياقٍ آخر، أكد قائد اليونيفيل أن الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء تعهدا بتقديم مرتكبي الهجوم على موكب اليونيفيل إلى العدالة.

كانت قيادة الجيش اللبناني قد قالت، يوم الجمعة، إن مناطق عدة، خاصة محيط مطار رفيق الحريري الدولي شهدت احتجاجات تخللتها أعمال شغب، بما في ذلك مهاجمة آليات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) ومحاولة إغلاق طريق المطار.