«حزب الله» مرتبك وخطابه السياسي دون التحولات في لبنان

«أمل» تتمايز عن حليفها وبري «إطفائي» لتنفيس الاحتقان في الشارع

متظاهرون يرفعون أعلام «حزب الله» وصورة أمين عام الحزب السابق حسن نصر الله خلال اعتصام على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
متظاهرون يرفعون أعلام «حزب الله» وصورة أمين عام الحزب السابق حسن نصر الله خلال اعتصام على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
TT

«حزب الله» مرتبك وخطابه السياسي دون التحولات في لبنان

متظاهرون يرفعون أعلام «حزب الله» وصورة أمين عام الحزب السابق حسن نصر الله خلال اعتصام على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
متظاهرون يرفعون أعلام «حزب الله» وصورة أمين عام الحزب السابق حسن نصر الله خلال اعتصام على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)

يعرف أصدقاء «حزب الله» في لبنان قبل خصومه أن قيادته لم تتمكن حتى الساعة من الخروج من الصدمة التي حلت به باغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، وتواجه صعوبة في إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية. وهذا ما أوقعها في حالة من الارتباك لم تعد خافية على حاضنته الشعبية، وبدأت تظهر للعيان من خلال تعاطيها مع تسارع الأحداث، وكان آخرها الصدام الذي حصل بين مجموعات، قيل: إنها «غير منضبطة» تدين بالولاء له، والجيش اللبناني قامت بتنظيم تجمُّع على طول الطريق المؤدي إلى مطار رفيق الحريري الدولي احتجاجاً على منع طائرة إيرانية من الهبوط على أرضه.

فـ«حزب الله» الذي يقف حالياً على رأس قيادته أمينه العام الشيخ نعيم قاسم لا يزال يمر بحالة من الارتباك، وهو يحاول ملء الفراغ الذي أحدثه اغتيال نصر الله لأنه لم يقرر حتى الساعة التكيف مع التحولات التي شهدتها المنطقة وكان لها وقعها على المشهد السياسي في لبنان بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام، ما يعني حكماً أنه يدخل في مرحلة سياسية جديدة تستدعي من الحزب الانصراف إلى تقييم علاقاته بشركائه في الوطن لتحديد أين أصاب وأين أخطأ عندما قرر منفرداً إسناده لغزة، وما ترتب عليه من جر البلد إلى مواجهة غير متوازنة مع إسرائيل ناجمة عن سوء تقديره لرد فعلها.

ومع أن الحزب بلسان قاسم بادر إلى تطويق ذيول الندوب السياسية التي أصابته من جراء الصدام الذي وقع بين مجموعات «غير منضبطة» والجيش اللبناني، وخلّف اعتداء على قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل»، فإنه في المقابل لم يكن مضطراً للهجوم على الحكومة واتهامها بتنفيذ أوامر أميركية بمنع الطائرة الإيرانية من الهبوط في المطار.

نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني خلال إلقاء خطاب تلفزيوني (لقطة من فيديو)

وفي هذا السياق، يقول صديق مقرب من الحزب، فضّل عدم ذكر اسمه: إنه لم يكن مضطراً للهجوم على الحكومة والجيش. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن هجومه ليس في محله، وإلا لماذا لم يبادر إلى سحب الوزيرين المحسوبين عليه من الحكومة وهي تستعد للمثول أمام البرلمان طلباً لثقته؟

ويلفت الصديق المقرب إلى أن مشكلة الحزب تكمن في عدم إطلالته على جمهوره واللبنانيين بخطاب سياسي يأخذ في الاعتبار التحولات التي يشهدها لبنان استعداداً للدخول في مرحلة سياسية جديدة، خصوصاً أن أحداً من خصومه لا يتنكر لحجمه السياسي، شرط أن يعترف بأن استثناء سلاحه لتطبيق القرار 1701 لم يعد قابلاً للصرف بالمفهوم السياسي للكلمة، وأن المطلوب منه أن يتموضع تحت سقف حصر احتكار السلاح بالدولة.

ويؤكد أنه لم يعد من خيار أمام الحزب سوى الإقلاع عن المكابرة والعناد لإنتاج خطاب سياسي يكون على مستوى التحديات التي تفرض نفسها على الداخل اللبناني، ويقول: إن الحزب يقف حالياً أمام استرداد معظم حلفائه وأصدقائه الذين نأوا بأنفسهم للدفاع عن إسناده لغزة، ولم يحرك ساكناً لفتح نافذة سياسية للحوار مع خصومه.

لبننة الحزب

ويسأل: ما الذي يمنع الحزب من لبننة مواقفه أسوة بحليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تمايز عنه في عدد من المواقف، رغم أنه كان فوّضه للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701، خصوصاً أنه قام بدور الإطفائي لتنفيس الاحتقان في الشارع، وخفض منسوب التوتر الذي تسبب به الحزب في أبرز المحطات السياسية التي مر بها البلد منذ أن انخرط منفرداً في مواجهة طاحنة مع إسرائيل على خلفية إسناده لغزة؟

ويقول: إن التمايز بين الحزب وحركة «أمل» بقيادة بري أطل برأسه من الحرب المشتعلة في الجنوب، ليس من خلال تصديهما المشترك للعدوان الإسرائيلي، وإنما في نعيها للذين سقطوا طوال فترات الحرب، حيث إن الحزب يستخدم في نعيه لمقاتليه عبارة «ارتقوا شهداء على طريق القدس» بخلاف «أمل» في نعيها لمقاتليها بأنهم «ارتقوا شهداء على طريق الدفاع عن لبنان».

ويضيف الصديق المشترك أن «أمل» تجنبت في مواقفها الإشارة إلى إسناد غزة وربط الجنوب بها، بخلاف الحزب. ويؤكد أن بري لعب دوراً رئيساً في تطويق ذيول ردود الفعل على قيام مجموعات «غير منضبطة» من الحزب بتسيير مسيرات بدراجات نارية في أحياء بيروت احتفالاً بدخول الجنوبيين إلى بلداتهم، مع أن بعضها كان لا يزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى سقوط نحو 30 شهيداً.

كما أن بري، بحسب الصديق المشترك، لم يتردد في اتخاذ موقف حاسم من خلال «أمل» رداً على الاعتداء الذي استهدف عناصر من «يونيفيل» وهم في طريقهم إلى المطار، وتعاطت معه على أنه اعتداء على الجنوب، داعيةً للضرب بيد من حديد على المعتدين، وإحالتهم للقضاء، ومحاكمتهم.

فـ«أمل» لم تتردد في رفع الغطاء السياسي عن المعتدين، فيما رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري النائب هاني قبيسي أن «أزمة الطائرة الإيرانية لا تحل في الشارع، ولا بالفوضى، ولا تعبّر عن رأينا».

الجيش اللبناني يطلق الغاز المسيل للدموع بعد الاعتداء عليه في الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (أ.ف.ب)

لذلك فإن «أمل» أرادت التمايز عن الحزب في تعاطيها مع حادثة الطائرة الإيرانية، انطلاقاً من حرصها على توفير الحماية السياسية لـ«يونيفيل» التي تؤازر الجيش اللبناني لتطبيق القرار 1701، وهذا ما يدعو الحزب لتحسين سلوكه حيالها مع وقوف الجنوب على مشارف انسحاب إسرائيل محتفظةً باحتلالها لعدد من المواقع التي تشكل انتكاسة للحكومة في انطلاقتها، كما أبلغ بري رئيس لجنة الرقابة المشرفة على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز.

ويبقى على «حزب الله» أن يقرأ جيداً التحولات التي أدت إلى تفكيك محور الممانعة بقيادة إيران، ومحاصرته، وشل قدرته على التأثير في المنطقة، وأن يحذو حذو بري ويبادر إلى تجنب أي تحرك من شأنه أن يؤدي إلى تطييف الشارع واحتقانه مذهبياً إفساحاً في المجال أمام حكومة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تستغل قيود «حزب الله» وتطبّق حرباً أمنية وحزاماً عازلاً

المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تستغل قيود «حزب الله» وتطبّق حرباً أمنية وحزاماً عازلاً

تمضي إسرائيل في حرب أمنية ضد «حزب الله» في لبنان، حددت فيها حزاماً أمنياً جديداً تفرضه بالنار، وتنفذ الاغتيالات في جنوب الليطاني وشماله

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي مناصرو «التقدمي الاشتراكي» يشاركون في ذكرى اغتيال كمال جنبلاط العام الماضي (إعلام الاشتراكي)

جنبلاط يحيي ذكرى اغتيال والده بالحشود وسط تحولات خطيرة

تحلّ الذكرى الثامنة والأربعون لاغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان والمنطقة.

يوسف دياب (بيروت)
خاص كمال جنبلاط وياسر عرفات وتوفيق سلطان (أرشيف توفيق سلطان) play-circle 02:07

خاص نائب كمال جنبلاط: خدام فاجأنا بالقول «ياسر عرفات جاسوس إسرائيلي»

السياسي اللبناني توفيق سلطان، نائب الزعيم الدرزي التاريخي كمال جنبلاط، يروي لـ«الشرق الأوسط» قصة الكراهية المتبادلة بين حافظ الأسد وياسر عرفات.

غسان شربل (بيروت)
المشرق العربي تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

امتناع كامل لـ«حزب الله» عن الرد على الخروقات الإسرائيلية... وتمسك بالسلاح

ينتهج «حزب الله» سياسة «الفصل بين الخطابين»؛ خطاب موجّه إلى بيئته، وخطاب موجّه إلى الدولة اللبنانية ومن خلفها الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائبة السابقة بهية الحريري إلى جانب مفتي طرابلس والشمال (مكتب ميقاتي الإعلامي)

«إعلان طرابلس» يحذر اللبنانيين والسوريين من التورط في مواجهات أهلية عنيفة

دعا الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية لإعادة النازحين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تستغل قيود «حزب الله» وتطبّق حرباً أمنية وحزاماً عازلاً

عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستغل قيود «حزب الله» وتطبّق حرباً أمنية وحزاماً عازلاً

عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تمضي إسرائيل في حرب أمنية ضد «حزب الله» في لبنان، حدَّدت فيها حزاماً أمنياً جديداً تفرضه بالنار، وتنفذ الاغتيالات في جنوب الليطاني وشماله، وفي البقاع بشرق لبنان، في وقت جمّد «حزب الله» العمليات العسكرية ضد القوات الإسرائيلية، ويبدو «مكبلاً بالتغيرات الأخيرة»، ويترك مسؤولية معالجة ما تقوم به إسرائيل، للدولة اللبنانية.

ولا يخلو يوم من «انتهاكات» إسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي كان يُفترض أن يبدأ تطبيقه بالكامل في 18 فبراير (شباط) الماضي، ولاحقت طائراتها المسيرة، السبت، سيارة في بلدة برج الملوك التي تبعد نحو 4 كيلومترات عن الشريط الحدودية، واستهدفتها بصواريخ، مما أدى إلى مقتل شخص، حسبما أفادت به وزارة الصحة العامة، وتبين لاحقاً أنه يتحدر من بلدة كفركلا. كما أدى القصف إلى إصابة شخص آخر بإصابة خطيرة، حسبما أفادت به وسائل إعلام لبنانية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني أن الهجوم في جنوب لبنان استهدف عناصر من «حزب الله». وقال الجيش الإسرائيلي: «هاجمنا عنصراً في (حزب الله) كان يشارك في نشاط إرهابي في كفركلا جنوب لبنان».

حرب أمنية

وأظهرت الملاحقات والاغتيالات التي تكثَّفت في الأسبوع الماضي أن إسرائيل «تطبّق الآن حرباً أمنية على (حزب الله)»، بعد الحرب العسكرية التي وضعت أوزارها في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إثر اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، ورَعَته واشنطن، لوقف إطلاق النار. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل «فرضت منطقة عازلة بالنار في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان تخلو إلى حد كبير أيضاً من المدنيين في هذا الوقت، بالنظر إلى حجم الدمار، وتتسع هذه المنطقة شيئاً فشيئاً إلى خطوط القرى الثانية عبر ملاحقات أمنية إسرائيلية لأشخاص يُشتبه في كونهم أعضاء أو عناصر أو حتى مناصرين لـ(حزب الله)، ويتحدرون أصلاً من تلك القرى في الجنوب».

الدخان يتصاعد من بلدة كفركلا جراء قصف إسرائيلي الصيف الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)

ويسري اعتقاد لدى المقربين من «حزب الله» وخصومه بأن إسرائيل «تستغل الاندفاعة الدولية التي منحتها غطاء كبيراً في سوريا وغزة وجنوب لبنان»، لتنفيذ اغتيالات في لبنان، وارتكاب خروقات لاتفاقية وقف إطلاق النار والقرار الدولي «1701». كما «تستغل القيود التي تكبّل أيدي (حزب الله) عن الرد»، وهي قيود «سياسية داخلية متصلة بوضعية الحزب الجديدة، وأخرى دولية، وأخرى متصلة ببيئته».

تموضع الحزب

وأنجز «حزب الله» بعد انتهاء الحرب في 26 نوفمبر الماضي، تموضعاً جديداً باتجاه العمل السياسي، وتجميد العمل العسكري، من دون التنازل عنه، وذلك بضغط سياسي لبناني، وبضغط دولي على الدولة اللبنانية، وبضغط الاندفاعة الإسرائيلية لتنفيذ ضربات في أي موقع في لبنان، ومن ضمنها في قلب بيروت.

وأكد أمينه العام، نعيم قاسم، قبل أيام في مقابلة تلفزيونية: «إننا التزمنا كحزب في اتفاق وقف إطلاق النار، ولا نعطي ذرائع لإسرائيل لانتهاك الاتفاق، وقد خرجنا من جنوب نهر الليطاني، وتسلم الجيش اللبناني مواقعنا»، مضيفاً: «إسرائيل ليست بحاجة لذريعة».

وإذ أكد أن «العمل المقاوم من الثوابت ولا يمكن أن ينعدم»، قال إن «الإسرائيليين يعرفون اليوم جيداً أنهم إذا لم يخرجوا من الأرض، فسوف يُواجهون مقاومة، ليس الآن، بل لاحقاً»، مضيفاً: «نحن صابرون، لأنّ الدولة الآن مسؤولة، ولكن هذا لا يعني أنّ الأمور ستظل على هذا النحو دائماً، يجب أن يدركوا ذلك».

عناصر من الصليب الأحمر ينتشلون مصابين جراء استهداف إسرائيلي لبلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

القيود على الحزب

وبينما لا يخفي الحزب أن المعادلات العسكرية السابقة التي كانت قائمة قبل الحرب لم تعد موجودة الآن، يقول خصومه إنه تعرض لنكسات عسكرية وضربات في الحرب، مما قوَّض قدراته العسكرية. وإضافة إلى ذلك: «يبدو الحزب اليوم مقيداً أولاً بالضغوط السياسية اللبنانية في ظل عهد جديد، وحكومة جديدة، إذ يتجنب الحزب مواجهة هذا العهد أو إحراجه»، حسبما تقول مصادر لبنانية معارضة لـ«حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، لذلك «يضع أوراقه لدى الدولة».

وفي حال لم تنجح الدولة في وقف الاعتداءات، فإنه سيقول إن الدولة عجزت بالدبلوماسية، وعليه، فإنه على الدولة أن تمضي في مناقشة استراتيجية دفاعية يكون الحزب في عدادها، علماً بأن مناقشة الاستراتيجية الأمنية أو الخطة الدفاعية، مؤجلة، رغم تعهد الرئاسة اللبنانية بإنجازها.

أما القيود الثانية على الحزب، فهي قيود تمويل إعادة الأعمار التي وضعها أيضاً الحزب بعهدة الدولة. وتقول المصادر: «إذا اخترق الحزب الاتفاق، فسيعطي ذلك ذريعة دولية لاعتبار المنطقة غير آمنة، وأن الحزب لا يلتزم باتفاق إطلاق النار، مما يؤجل تمويل إعادة الإعمار التي تبدو مشروطة بانسحاب الحزب وفق القرار (1701)، وتثبيت الاستقرار الأمني في المنطقة الحدودية».

وتتوسع القيود إلى بيئته؛ إذ بدا خلال الحرب أن إسرائيل وضعت خطة عنيفة في التعامل مع مقدرات الطائفة الشيعية خلال حربها مع «حزب الله»، وطبَّقتها بقصف هائل في الجنوب والضاحية والبقاع وفي قلب بيروت، وهذا يعني أن «أي تجدد للمعركة، سيدفع مليون نازح مرة أخرى إلى أنحاء البلاد، وسيهدد المؤسسات الإنتاجية والحيوية والأبنية السكنية، مما يرفع فاتورة إعادة الإعمار المتأخرة أصلاً الآن»، حيث اهتم «حزب الله» بدفع بدلات إيواء وإصلاح للأضرار، لكنه لم يدفع لإعادة الإعمار، وترك الأمر للدولة.

وبالتالي، فإن «الضغوط الشعبية ستكون كبيرة، وهو ما يدفعه لتجنبها ويترك أمور التفاوض للدولة والدبلوماسية».