من هو نواف سلام... «قاضي حكومة» عهد جوزيف عون الأولى؟

TT

من هو نواف سلام... «قاضي حكومة» عهد جوزيف عون الأولى؟

رئيس الحكومة المكلف رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام (إكس)
رئيس الحكومة المكلف رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام (إكس)

بعد سنوات من بروز اسمه مرشحاً من قِبل المعارضة لترؤس حكومة لبنان، سيتم تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزيف عون، بناء على الاستشارات النيابية التي حصل بموجبها على أكبر عدد من أصوات النواب.

فسلام (مواليد بيروت 15 ديسمبر (كانون الأول) 1953) الذي انتخب رئيساً لمحكمة العدل الدولية، في فبراير (شباط) 2024، قد ظهر اسمه بشكل كبير إبان «الانتفاضة الشعبية» عام 2019، وتحديداً بعد استقالة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من رئاسة الحكومة. ويومذاك طرح أفرقاء في المعارضة اسمه على أنه مرشح تسوية حيادي - تكنوقراط، إلا أن «الفيتو» الحاسم من قِبل «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) الذي عدّه «مرشّح الولايات المتحدة»، حال دون وصوله إلى رئاسة الحكومة، وأدى إلى تكليف حسان دياب ترؤس الحكومة.

ثم بعد استقالة حكومة دياب إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2019، طرح اسم سلام لرئاسة الحكومة مجدداً، لكن التوافق بين معظم الكتل النيابية، أدى إلى تسمية السفير مصطفى أديب بحصوله على 90 صوتاً من النواب، لكن أديب اعتذر عن المهمة في وقت لاحق بعد اصطدام اتصالاته لتشكيل الحكومة بحائط مسدود.

وكان نواف سلام الذي التزم طوال تلك المرحلة الصمت قد عبّر عن تأثره بالثقة التي أولاها إياه عدد من النواب في الاستشارات النيابية الأولى، مؤكداً أن «حملة التشهير لا تستند أصلاً إلى أي دليل، فضلاً عن التزامي مبدأ التحفّظ؛ لكوني اليوم قاضياً في محكمة العدل الدولية».

برنامج حكومي

وفيما يشبه «البرنامج الحكومي»، شدد سلام على أن الهم الأساس هو «إنقاذ لبنان من محنته، وهذا يتطلب التغيير في مقاربة الأزمة نهجاً وممارسة، بدءاً بالإصلاح في السياسات المالية، والإصلاح السياسي الذي يبقى عنوانه الأول التصدي لعقلية الزبائنية وثقافة المحاصصة».

كذلك، شدد على أهمية «تحقيق استقلالية القضاء وتحصين مؤسسات الدولة ضد آفات الطائفية والمحسوبية... ولا معنى لأي من هذه الإصلاحات إن لم تكن مرتكزة على أهداف ومبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية وصيانة الحقوق والحريات العامة والخاصة». وتعهد بأنه سيبقى دائماً «يعمل إلى جانب كل الملتزمين قضية التغيير من أجل إصلاح الدولة وبسط سيادتها على كامل أراضيها واستعادة بلدنا موقعه ودوره العربي وثقة العالم به».

نواف سلام ورئاسة المحكمة الدولية

وكان تعيين سلام على رأس أعلى سلطة قضائية في العالم، شكَّل قلقاً لإسرائيل، التي عبّر إعلامها بشكل واضح عن هذا الأمر انطلاقاً من مواقفه المعلنة المساندة للقضية الفلسطينية. إذ عدّت صحيفة «الجيروزاليم بوست» أن سلام صاحب تاريخ طويل بمناهضة إسرائيل عبر تصريحاته ومواقفه، مذكّرة بموقف له على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كتب عام 2015 متوجهاً إلى إسرائيل بالقول: «عيد ميلاد غير سعيد لك، 48 عاماً من الاحتلال».

ويتحدّر سلام من عائلة سياسية بيروتية معروفة. إذ كان جده لأبيه «أبو علي» سليم علي سلام (1868 – 1938) أحد أبرز زعماء المدينة في مطلع القرن العشرين، وأحد نوابها في البرلمان العثماني (مجلس المبعوثان)، كما تولى رئاسة بلديتها (عام 1908).

أما والد نواف سلام، عبد الله سلام، فكان رجل أعمال بارزاً وأحد مؤسسي شركة «طيران الشرق الأوسط». ومن أعمامه رئيس الوزراء اللبناني السابق صائب سلام، الذي تولى رئاسة حكومة لبنان أربع مرات، ما بين عامي 1952 و1973، والوزير السابق المهندس مالك سلام. ومن أبناء أعمامه تمام صائب سلام رئيس الحكومة السابق (بين عامي 2014 و2016).

ويحمل نواف سلام شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية (سيانس بو) في باريس، ودكتوراه في التاريخ من جامعة باريس - السوربون، وماجستير في القوانين من جامعة هارفارد، وله مؤلفات عدّة في السياسة والتاريخ والقانون.

وعلى الصعيد العملي، مارس سلام المحاماة، كما عمل أستاذاً محاضراً في التاريخ المعاصر في السوربون، كما درّس العلاقات الدولية والقانون الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت؛ حيث ترأس دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة فيها من 2005 إلى 2007.

وبالنسبة للمؤلفات والأبحاث، كان بين أحدث مؤلفات سلام «لبنان بين الأمس والغد» الصادر في بيروت عام 2021. ونشير إلى أنه قبل تعيينه رئيساً لمحكمة العدل الدولية، كان قد شغل قبل ذلك منصب سفير لبنان لدى الأمم المتحدة بين 2007 و2017. ومثّله في مجلس الأمن خلال ولايته فيه عامي 2010 و2011 وترأس أعمال هذا المجلس في شهري مايو (أيار) 2010 وسبتمبر (أيلول) 2011.


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني الجديد نواف سلام (رويترز)

«العدل الدولية»: نواف سلام يستقيل من عضوية المحكمة

أعلنت محكمة العدل الدولية اليوم أن القاضي نواف سلام، الذي عُين رئيساً لوزراء لبنان، استقال من عضوية المحكمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت - لاهاي)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون يزور لبنان الجمعة

يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة لبنان على ما أعلن البلدان الثلاثاء في أول زيارة لرئيس دولة لبيروت منذ وصول جوزيف عون إلى سدّة الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لافروف يحمّل الأسد مسؤولية الانهيار

جنود يوقفون سيارة عند نقطة تفتيش بعد السيطرة على ميناء طرطوس في وقت سابق هذا الشهر (أ.ف.ب)
جنود يوقفون سيارة عند نقطة تفتيش بعد السيطرة على ميناء طرطوس في وقت سابق هذا الشهر (أ.ف.ب)
TT

لافروف يحمّل الأسد مسؤولية الانهيار

جنود يوقفون سيارة عند نقطة تفتيش بعد السيطرة على ميناء طرطوس في وقت سابق هذا الشهر (أ.ف.ب)
جنود يوقفون سيارة عند نقطة تفتيش بعد السيطرة على ميناء طرطوس في وقت سابق هذا الشهر (أ.ف.ب)

حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس (الثلاثاء)، بشار الأسد، المسؤولية عن تدهور الوضع وانهيار نظامه السابق في سوريا. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو إن «عدم رغبته في تغيير أي شيء وتقاسم السلطة مع المعارضة كان من أهم أسباب انهياره». وأضاف أنه «على مدار السنوات العشر الماضية بعد أن طلب الرئيس السوري السابق بشار الأسد من روسيا التدخل، وبعد إطلاق صيغة آستانة، ورغم المساعدة التي برزت من جانب الدول العربية، أبدت السلطات في دمشق مماطلة في العملية السياسية ورغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه».

ووفقاً للافروف، فإن هذه المماطلة رافقتها مشكلات ناجمة عن العقوبات الاقتصادية التي خنقت الاقتصاد السوري، «بينما تعرض الجزء الشرقي من سوريا الغني بالنفط للاحتلال من الولايات المتحدة، وتم استغلال الموارد المستخرجة هناك لصالح دعم الروح الانفصالية في شمال شرقي سوريا».

وكشف لافروف عن جانب من الحوارات التي أجرتها موسكو في وقت سابق مع الجانب الكردي في سوريا، وقال: «تحدثت معهم عن ضرورة وجود سلطة مركزية، لكنهم قالوا إن الولايات المتحدة ستساعدهم على إنشاء حكومتهم، فقلنا لهم إن تركيا وإيران لن تسمحا بقيام دولة خاصة بكم».