تململ في إسرائيل حول «صفقة غزة» بعد «قائمة الـ34» المثيرة للجدل

تعليق رحلة رئيس «الموساد» إلى الدوحة... وبلينكن يتوقع اتفاقاً خلال أسبوعين

فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

تململ في إسرائيل حول «صفقة غزة» بعد «قائمة الـ34» المثيرة للجدل

فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

يبدو أن الزخم الذي أخذته «مفاوضات الدوحة» الرامية إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والأسرى، تراجع قليلاً مع قرار إسرائيل إرجاء رحلة رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع، إلى العاصمة القطرية بانتظار إجابات من حركة «حماس» حول مصير المختطفين في القائمة التي تضم 34 اسماً، وكانت قدمتها إسرائيل لـ«حماس» في وقت سابق، ووافقت عليها الحركة أخيراً لإطلاق سراحهم. لكن في المقابل، عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، عن توقعات بإتمام الصفقة خلال الأسبوعين المقبلين، أي قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، الاثنين، إنه تقرر تأخير رحلة برنياع إلى وقت غير محدد بانتظار إحراز تقدم، وذلك في إشارة إلى انتظار تفاصيل حول وضع كل شخص في القائمة التي نشرت الاثنين، في وسائل الإعلام عبر «حماس»، إذا كان حياً أو ميتاً مريضاً أو مصاباً.

وأكد مصدر إسرائيلي رفيع الاثنين، أن إسرائيل تلقت قائمة بأسماء المختطفين الذين وافقت «حماس» على إطلاق سراحهم؛ وهي القائمة التي كانت قدمتها إسرائيل للحركة الفلسطينية قبل أشهر. وفي البداية قالت «حماس» إنها سلمت قائمة أسرى، ثم نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأمر، ثم تم نشر الأسماء، وأعلن مكتب نتنياهو أنها قائمة إسرائيلية بالأساس قدمتها إسرائيل لـ«حماس»، وأن الحركة لم تقدم أي تأكيد أو إشارة حول وضع المحتجزين.

وذكر مكتب نتنياهو أن «قائمة المختطفين المنشورة في وسائل الإعلام لم يتم نقلها إلى إسرائيل من قبل (حماس)، بل تم نقلها في الأصل من إسرائيل إلى وسطاء في وقت مبكر من يوليو (تموز) 2024. وحتى الآن، لم تتلقَّ إسرائيل أي تأكيد أو إشارة من (حماس) حول وضع الرهائن الواردة أسماؤهم في القائمة». وأكد مصدر كبير لهيئة البث الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل تلقت القائمة من «حماس»، في نفي واضح لما جاء بمكتب نتنياهو، واتضح لاحقاً أن المشكلة بحسب وسائل إعلام إسرائيلية ليست متعلقة بالقائمة نفسها، بل بمصير الأسماء التي ضمتها القائمة.

متظاهرون إسرائيليون خارج مكتب رئيس الوزراء يحملون صور المحتجزين ويطالبون بالإفراج عنهم (أ.ب)

ثمن مناسب

وأوضح المصدر الإسرائيلي أن «حماس» لم تقدم أي معلومات عن المختطفين أو وضعهم الحالي. وأفاد موقع «واللا» الإخباري، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير لم يسمه، بأن «حماس» وافقت على القائمة مقابل «ثمن مناسب»، أي عدد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم بوصفهم جزءاً من الصفقة، لكنها رفضت أن تقول من منهم على قيد الحياة ومن منهم لم يعد كذلك، مما يجعل من المستحيل تحديد الثمن المناسب. وبانتظار مثل هذه المعلومات تقرر تعليق زيارة برنياع.

وتنقسم القائمة المنشورة إلى 4 فئات: الأولى، 7 نساء وأطفال، والثانية هي من المراقبات الخمس اللاتي تم اختطافهن من موقع ناحال عوز الاستيطاني، بينما ضمت الفئة الثالثة 11 اسماً لرجال تتراوح أعمارهم بين 50 و85 عاماً، والفئة الرابعة ضمت 11 مختطفاً آخرين، من بينهم 2 دخلا إلى قطاع غزة عام 2014؛ وهما هشام السيد، وأفراهام منغيستو. وبحسب موقع «واي نت» الإسرائيلي، طلبت «حماس» وقف إطلاق النار لمدة أسبوع كي تجيب عن حالة كل شخص منهم، لكن في إسرائيل لا يعتقدون أن «حماس» صادقة، ويطالبون بإطلاق سراح بعض المختطفين دفعة تثبت جدية «حماس» قبل بدء الهدنة، وبعد ذلك تستطيع «حماس» التحقق من حالة المختطفين الآخرين بموجب شروط وقف إطلاق النار.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة الإسرائيلية إجابات حول وضع 34 محتجزاً، رفض أهالي المحتجزين صفقة جزئية، وقال منتدى العائلات إنه صدم من القائمة وإنه حان الوقت لاتفاق شامل يعيد جميع المختطفين، الأحياء لإعادة التأهيل، والقتلى من أجل تكريمهم ودفنهم بشكل لائق. وقالت عائلة أحد المختطفين المدرجين في القائمة وترغب في عدم الكشف عن هويتها: «إذا لم يكن حبيبنا على قيد الحياة، نطلب منهم تركه وإخراج شخص حي. الأموات لم يعودوا يعانون، الأحياء يعانون كثيراً وتجب إعادتهم إلى منازلهم». وشبّه أفراد عائلات أولئك الذين لم يرد ذكرهم في القائمة هذه العملية بعملية «الاختيار» التي جرت بمعسكرات الموت في «الهولوكوست».

خدمة

وهاجم متحدث باسم نتنياهو تسريبات «حماس» عن المحادثات التي استؤنفت مؤخراً في الدوحة والتي تشير إلى إحراز تقدم، وقال إنها تمثل «خدعة» من قبل الحركة، وحث وسائل الإعلام على تجاهل «الدعاية والإرهاب النفسي» الذي تمارسه «حماس».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي في سيول الاثنين (إ.ب.أ)

وأعرب وزير الخارجية الأميركي بلينكن، خلال مؤتمر صحافي في سيول الاثنين، عن أمله «في أن تعبر (الصفقة نحو) خط النهاية خلال الأسبوعين المقبلين». وأضاف: «إذا لم نعبر فأنا واثق من أنه سيتم إنجاز الأمر في نهاية المطاف، وسيكون على أساس الخطة التي طرحها الرئيس بايدن (في مايو/أيار 2023، وتشمل 3 مراحل ولم تلقَ قبولاً وقتها)». وأضاف بلينكن الذي قام بـ12 زيارة إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لإنهاء الحرب دون جدوى، أن «حماس تتعاون بشكل مكثف» من أجل التوصل إلى اتفاق، غير أن الأمر لم يتم بعد. وتابع قائلاً: «نريد من (حماس) أن تتخذ القرارات الأخيرة الضرورية لإنجاز الاتفاق، وأن تغير الوضع بصورة جوهرية بالنسبة للرهائن، وأن تطلق سراحهم، ولسكان غزة، أن تدخل لهم المساعدات، وللمنطقة ككل، أن توجد فرصة للمضي قدماً عملياً باتجاه شيء أفضل».

في غضون ذلك، رأى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن فرص نجاح الجولة الحالية من المفاوضات ترتبط بموقف ترمب وحسمه لإبرام هدنة، مرجحين أن «يعبر الاتفاق المتعثر على مدار أكثر من عام، النهاية قبيل أو مع وصول الرئيس الأميركي المنتخب شريطة ألا يعيد استنساخ استراتيجية إدارة جو بايدن التي لم تضغط بشكل حقيقي على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

وباعتقاد سفير فلسطين السابق لدى مصر، بركات الفرا، فإن أهمية الجولة الحالية تكمن في أنها تأتي قبيل أيام من تنصيب ترمب الذي حذر أكثر من مرة من تعطيل الصفقة، «غير أن ذلك يستوجب إرادة من نتنياهو لتنفيذها خاصة، وهو يهمه فقط كسب الوقت لتستمر حكومته ومكاسبه الشخصية والسياسية».

ضغط العامل الأميركي

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني المختص بالشؤون الإسرائيلية، عماد أبو عواد، بأن «الجدية في تلك المفاوضات الحالية مرتبطة بمسألة مهمة، وهي وجود ضغط داخلي إسرائيلي كبير يزداد تجاه إبرام الصفقة»، مستدركاً: «لكن هذا الضغط مرتبط بعامل مهم وسيحدد المشهد وهو العامل الأميركي وضغوطه».

وباعتقاد أبو عواد، فإنه «إذا أراد ترمب بالفعل السير نحو صفقة فسنجد توقيعاً قريباً، وترتيبات قبل أو مع وصوله، أما إذا تعامل باستراتيجية بايدن بعدم ممارسة ضغوط على نتنياهو فأتوقع أن الحرب ستزداد شراسة وتتسع بالمنطقة». ويذهب أبو عواد إلى أن جهود الوسطاء «في مرحلة حاسمة ومهمة تقترب من الاتفاق، لكن الموقف الأكثر حسماً سيكون بانتظار ترمب».


مقالات ذات صلة

ترمب ينشر مقطع فيديو يتضمن شتائم نابية بحق نتنياهو

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

ترمب ينشر مقطع فيديو يتضمن شتائم نابية بحق نتنياهو

نشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مقطع فيديو مثيراً للجدل تضمَّن شتائم نابية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجدداً إن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية نتنياهو يلتقي مجندين حريديم في جيش الدفاع الإسرائيلي (إكس)

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، بشأن امتناع اليهود المتشددين عن الخدمة في الجيش مشادات وشغباً بينما قالت الحكومة إنها يمكنها استيعابهم في 2026.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج السعودية شدّدت على ضرورة احترام سيادة الدول وحدودها (الشرق الأوسط)

السعودية ترفض خريطة مزعومة لإسرائيل تضم أراضي عربية

أعربت السعودية عن رفضها ادعاءات إسرائيل الباطلة حيال خريطة نشرتها حسابات رسمية تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
TT

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم، متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع دون جدوى.

وتضم مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» أكثر من 800 من أهالي جنود ومجندين وقوات احتياط يخدمون في وحدات قتالية في غزة، وبينهم مَن يواصل القتال من دون توقف تقريباً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومنذ أشهر، يتعرض نتنياهو لاتهامات من منتقديه بإطالة أمد الحرب ضد حركة «حماس» لأسباب سياسية ومن دون جدوى. وشنّت الدولة العبرية هذه الحرب رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

وفي رسالة وجّهتها مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» إلى نتنياهو كررت المجموعة هذه الاتهامات.

وجاء في الرسالة «نتّهمك بحرب بلا أفق، غير مسبوقة في تاريخ بلادنا. وهذا فقط لأسباب تتعلق ببقائك السياسي الشخصي».

وأضافت الرسالة «نتّهمك بالتخلي عن الرهائن والجنود! ونناشدك: أَنهِ الحرب!».

واعتبر أهالي الجنود أنّ «الجميع يعلمون، بمن فيهم هم (الجنود)، أن الحرب مستمرة بلا هدف وأن الرهائن لن يعودوا إلا في إطار اتفاق» يجري التفاوض عليه حالياً في قطر وهي إحدى الدول الثلاث الوسيطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر في محادثات السلام.

جنود إسرائيليون يقتحمون مقر «الأونروا» في غزة (أ.ب)

وتابعت مجموعة أهالي الجنود «لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي أيّ سبب للبقاء في غزة، سوى لتحقيق الرغبات المسيحانية (لبعض أعضاء اليمين المتطرف) في الاستيطان هناك».

واختتم الأهالي رسالتهم بالقول لنتنياهو «لن نسمح لك بمواصلة التضحية بأبنائنا كبارود للمدافع».

ولم يعلّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرسالة بشكل فوري.

منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 قُتل 399 جندياً في قطاع غزة.