استحقاقات ترسم مستقبل لبنان في عام 2025

أبرزها انتخاب رئيس وتحديد مصير «حزب الله»

عناصر في الجيش اللبناني أمام مقر مجلس النواب في وسط بيروت (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني أمام مقر مجلس النواب في وسط بيروت (د.ب.أ)
TT

استحقاقات ترسم مستقبل لبنان في عام 2025

عناصر في الجيش اللبناني أمام مقر مجلس النواب في وسط بيروت (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني أمام مقر مجلس النواب في وسط بيروت (د.ب.أ)

يبني اللبنانيون على ما انتهى إليه عام 2024 ليتحدثوا عن تفاؤل حذر بالعام الجديد. فرغم الحرب التدميرية التي شنتها إسرائيل لنحو 65 يوماً، والتي أدت لمقتل وجرح الآلاف وتشريد مئات الآلاف، فإن التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ نهاية الصيف، وبالتحديد لجهة تقلص نفوذ إيران أولاً من خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على «حماس»، ثم في لبنان بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها «حزب الله»، وصولاً لسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وقطع طريق طهران – بيروت؛ أي طريق إمداد «حزب الله» بالسلاح، تجعل كثيرين يعتقدون أن كل ذلك سيصب لصالح بناء دولة فعلية بعد سنوات طويلة من بسط الدويلة سيطرتها عليها.

الانتخابات الرئاسية

ويمكن الحديث عن مجموعة استحقاقات ينتظرها اللبنانيون خلال هذا العام، ولعل أبرزها انتخاب رئيس للجمهورية بعد أكثر من عامين على الشغور المتواصل في سدة الرئاسة الأولى.

ولم يشهد العام الماضي أي جلسة انتخاب بعد إعطاء «الثنائي الشيعي» المتمثل بحركة «أمل» و«حزب الله» الأولوية للقتال لدعم غزة في النصف الأول من العام، وللتصدي للحرب الموسعة التي شنتها إسرائيل على لبنان في النصف الثاني منه.

وتتجه الأنظار إلى الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من يناير (كانون الثاني) لانتخاب رئيس بعد 12 جلسة عقدت لهذا الغرض منذ عام 2023 ولم تأت بنتيجة؛ بسبب الانقسام العمودي داخل المجلس والتوازنات البرلمانية الحالية.

إلا أن البعض يعوّل على أن تقوم بعض الكتل بمراجعة موقفها في هذا الملف مع تراجع نفوذ «حزب الله»، ما يؤدي لانتخاب رئيس في الأسابيع المقبلة.

مهام الحكومة

وبعد الانتخابات الرئاسية يفترض أن يتم تعيين رئيس لمجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة المرحلة المقبلة، سواء مالياً أو اقتصادياً أو سياسياً.

ومن أبرز الاستحقاقات التي تنتظر هذه الحكومة ضمان تنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ العمل فيه في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل قرى وبلدات لبنانية حدودية، كحد أقصى في 26 يناير المقبل، خاصة في ظل وجود خشية لدى كثيرين من عدم التزام إسرائيل بالمهلة الزمنية الموضوعة (60 يوماً) بعد أكثر من 800 خرق قامت به للاتفاق، ما قد يؤدي لتجدد الحرب بشكل أو بآخر.

وبعد تثبيت وقف النار، سيكون على الحكومة التعامل مع ملف إعادة الإعمار الذي حتى الساعة لا يزال يراوح مكانه بانتظار مساعدات دولية يُرجّح أن يتم ربطها بتنازلات سياسية يقدمها «الثنائي الشيعي».

وبات محسوماً أن مصير سلاح «حزب الله» سيعود إلى طاولة البحث بعد سنوات من رفض الحزب أي نقاش في هذا المجال. وهو أرسل إشارات مؤخراً باستعداده للتوصل لتفاهم حول استراتيجية دفاعية وطنية يكون سلاحه جزءاً منها، فيما باتت القوى التي تعارضه تطالب بنزع هذا السلاح بالكامل وتسليمه للجيش اللبناني.

كما سيكون على لبنان فتح صفحة جديدة من العلاقات مع «سوريا الجديدة»، وإعادة النظر بالاتفاقات والمعاهدات الموقعة بين البلدين، والأهم حسم ملف النازحين السوريين الذين يوجدون بمئات الآلاف في الداخل اللبناني منذ عام 2011.

نزع السلاح شرط لإعادة الإعمار؟

ويبدو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان متفائلاً بأن «عام 2025 في لبنان سيكون أفضل بكثير من الأعوام التي مضت»، موضحاً أن «(حزب الله) خسر ولم يعد لديه خيار إلا تسليم سلاحه بالكامل. وفي حال رفض قد تضطر إسرائيل للقيام بجولة جديدة من الحرب».

ويرى خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لن يكون هناك إعادة أعمار إلا إذا تم نزع سلاح (حزب الله)، وتم انتخاب رئيس وفق مواصفات معينة»، مرجحاً أن «يتم انتخاب رئيس للبلاد هذا العام، والأرجح خلال شهر يناير 2025»، مضيفاً: «كما سيحصل إصلاح مالي باعتبار أنه لا يمكن النهوض بالبلد من دون نظام مصرفي قابل للحياة. أما الإصلاح السياسي والإداري فمستبعد تماماً، ما دام النظام اللبناني نظاماً طائفياً، والسياسيون يحتمون بطوائفهم، إلا إذا كان هناك نظام جديد قد يكون فيدرالياً باعتبار أن سوريا تتجه لنظام فيدرالي، كما أن المفهوم الفيدرالي سيُعمم في المنطقة».

عناصر من «حزب الله» في صورة تعود إلى 22 أكتوبر 2023 في جنوب لبنان (أ.ب)

الاستحقاقات المالية - الاقتصادية

أما على الصعيد المالي - الاقتصادي، فيَدخل لبنان عام 2025 مُثقلاً بِتَداعيات عام 2024 المُتشعبة، خاصة بعدما دَفَعَ قَرارُ إسناد غزة بالبَلَد الغارِق في الانهيار إلى مزيد من الانهيارات المتواصلة والمتوارثة مُنذ عام 2019.

ويشير البروفسور مارون خاطر، الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة، إلى أن «لبنان بات يرزح تحت خسائر الحرب الأخيرة التي لم تُقررها حكومته، والتي نَتَجَ عَنها خَسائِر بَشَرية وماديَّة كَبيرة»، لافتاً إلى أن «هذه الحرب أدَّت إلى تَغيير قائِمَة الأولويات ليَتَقَدَّم مِلَف الحرب وإعادة الإعمار على غَيره من المَلفات العالِقَة».

ويوضح خاطر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان في عام 2025 سَيَكون أمام عَدَد كبير من الاستحقاقات الاقتصادية التي لَن يَكون أولُّها تَحديدَ الخسائر وتوزيعها وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ولن يكون آخرها العمل على إرساء استقرار حقيقي لسعر الصَّرف. استقرارٌ يَحِلُّ مكان التَّثبيت الذي تُرسيه السياسة مع تَكريس المَصرِف المركزي اللاعبَ الأوحَد في السوق، والمُتحكم بالكتلة النقدية من خارج سياسة نقديَّة واضِحَة». ويضيف: «إلا أن أهم وأبرَز الاستحقاقات يبقى تحديد ساعة صفر اقتصادية لإقرار سياسة مالية واضحة لا تُشبه الهرطقات التي سادَت في السَّنوات السَّابقة».

وعن الاستحقاقات المُستَجدة، يوضح خاطر أنها تتمثل بـ«إعادة النَّظر بالاتفاقات مع سوريا بَعدَ سُقوط نظام الأسد، وإعادة الحرارة للاتفاقيات العربية. كذلك، لا مَفَرّ من استئناف التفاوض على أسس جديدة مع الجِهات المانِحَة لا سيَّما مع صُندوق النَّقد الدولي».


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (إكس)

لبنان يقرر تسليم القرضاوي للإمارات ويكلّف الأمن العام بالتنفيذ

يتصدّر ملف الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، اهتمام القضاء اللبناني.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)

زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

رغم تكثيف اللقاءات والمشاورات، بين الأفرقاء اللبنانيين فيما بينهم ومع الموفدين الدوليين، قبل ساعات حاسمة على جلسة انتخاب رئيس لبناني، لا تزال الأجواء ضبابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي يعتزم زيارة دمشق قريباً

يعتزم رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي زيارة دمشق في وقت قريب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدستور اللبناني لا يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية تقديم ترشيح رسمي (رويترز) play-circle 02:13

بعد أكثر من عامين على الشغور... جلسة برلمانية الخميس لانتخاب رئيس لبناني

يجتمع مجلس النواب اللبناني الخميس لاختيار رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من عامين على شغور المنصب وحرب مدمّرة أضعفت لاعبا أساسيا هو «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

لقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في العاصمة الأردنية عمان (سانا)
لقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في العاصمة الأردنية عمان (سانا)
TT

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

لقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في العاصمة الأردنية عمان (سانا)
لقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في العاصمة الأردنية عمان (سانا)

يبحث الأردن عن فرص واقعية تمكنه من المشاركة في مشروع إعادة بناء «سوريا الجديدة»، كما وصفها وزير خارجية الإدارة المؤقتة أسعد الشيباني، الذي كان على رأس وفد رسمي يضم وزير الدفاع ومدير المخابرات ووزراء فنيين، الثلاثاء، في عمان.

وإن كان من ارتباط بين «إيجابية المباحثات» التي جرت في مقر وزارة الخارجية بحضور الوزير أيمن الصفدي وقائد الجيش اللواء يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة أحمد حسني، ووزير الطاقة صالح الخرابشة، فإن المصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن ارتباط ذلك بـ«إيجابية الموقف التركي» خلال زيارة وفد أردني رفيع لأنقرة، الاثنين.

واثارت زيارة وفد سياسي عسكري أمني برئاسة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى أنقرة، جانبا من تعليقات المحللين بعيدا عن الإعلام الرسمي، فزيارة تركيا قبل استقبال الوفد السوري في عمان، الثلاثاء، وجد فيها بعض المتابعين «اعترافا أردنيا رسميا بتبعية القرار السوري لتركيا»، في حين وجد آخرون أن «التنسيق مع الدول المؤثرة في القرار السوري أمنيا واقتصاديا، مدخله أنقرة، وهو أمر واقعي تفرضه المجريات على الأرض»، ما يستدعي التنسيق والتشاور والتعاون المستمر.

هنا تبدو عمان منفتحة على أي دور إيجابي في استقرار سوريا انطلاقا من سلامة أمن البلدين، لذلك فإن رأيا داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي، للبحث في تخفيف العقوبات على الشعب السوري، و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية في سوريا». ليكون هذا الانفتاح منطلقا «لاجتماعات فنية ثنائية مثمرة بين الوفدين المجتمعين في مقر وزارة الخارجية»، بحسب تصريحات وزيري الخارجية الأردني والسوري.

وتعاملت عمان منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الإدارة السورية المؤقتة كـ«أمر واقع» لا يمكن تجاهله حتى تستقر هوية النظام السوري الجديد المرتبط بنماذج من الإسلام السياسي المتشددة، وهو ما يخشاه ساسة أردنيون، وانسحاب ذلك على المشهد السياسي الداخلي، في ظل وجود كتلة وازنة تمثل «الإخوان المسلمين» غير المرخصة في البلاد في مجلس النواب (ذراعها الحزبية «جبهة العمل الإسلامي»).

فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

وتعترف عمان بـ«الدور التركي» في المرحلة الانتقالية التي تشهدها الجارة الشمالية سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة «هيئة تحرير الشام» على دمشق ليلة السابع/الثامن من ديسمبر الماضي. وتأمل عمان أن تشارك في دور عربي يعيد بناء «سوريا واحدة موحدة تمثل جميع مكونات الشعب السوري، وتضمن استمرارية عمل المؤسسات والخدمات» بحسب أكثر من تصريح لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.

مصالح استراتيجية

يُعرّف الأردن مصالحه الاستراتيجية وأولوياته في العلاقة مع سوريا ما بعد هروب الأسد، كما يلي: أولا: ضمان العودة الآمنة و«الطوعية» للاجئين السوريين إلى بلداتهم بعد ضمان استقرار الأمن في الداخل السوري، ثانيا: الالتزام بجهود مكافحة الإرهاب وبالتحديد خلايا تنظيم «داعش» التي تسعى لإعادة نشاطها الإرهابي ضد أكثر من هدف، ثالثا: ضمان تكامل جهود مكافحة صناعة وتهريب المخدرات من سوريا عبر الحدود الشمالية مع الأردن، رابعا: ضمان وحدة الأراضي السورية وعودة عمل المؤسسات.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتوسط القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته لدمشق (سانا)

وفي هذا السياق، فإن الأردن لا يستطيع تجاوز مخاوفه من عودة الفوضى «في أي لحظة» إلى سوريا، وعودة أسباب التوتر الأمني والعسكري على جبهتها الشمالية. غير أن عمان تمتلك أسبابها في البحث عن فرص لتسوية سياسية شاملة تعيد سوريا الجديدة لعمق عربي بعيد عن تأثير دول إقليمية على قرار دمشق.

وهنا، فإن الشرع بحسب حديث مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، طلب من الأردن رسميا خلال زيارة وزير الخارجية الصفدي إلى دمشق في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي، ثلاث قضايا تمكنه من تنفيذ خطته ضمن المرحلة الانتقالية التي حددها بسقف زمني لا يتجاوز شهر مارس (آذار) المقبل. وهي: شطبه من قوائم الإرهاب الدولي، دعم حكمه الجديد من خلال رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، دعم خطته في إعادة إعمار سوريا ضمن مسارات سياسية ضامنة وآمنة.

يأتي ذلك مع تحفظ المصادر على إجابة سؤال «الشرق الأوسط»، عن حقيقة طلب الشرع من الأردن دورا «أمنيا وسيطا» مع بعض الجماعات في مناطق جنوب سوريا، وهي مجموعات تعاملت معها الأجهزة العسكرية والأمنية الأردنية خلال سنوات الأزمة السورية، حفاظا على أمن الحدود بين البلدين، وتراجع ذلك التنسيق مع دخول مرحلة خفض التصعيد عام 2018.

مشاريع ومصالح حيوية للبلدين

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الأردن استقرار سوريا على هوية سياسية جديدة بعد نظام الأسد، ومعالجة الملفات الأمنية المُكلفة على الحدود بين البلدين، فإن ما يبحث عنه صنّاع القرار محليا هو عودة الحديث عن مشاريع اقتصادية مشتركة تعيد إنعاش الاقتصاد الأردني الذي عانى طويلا من الحرب في سوريا.

عنصران من القوات المسلحة الأردنية خلال عملية مراقبة لشبكات التهريب عبر الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

وفي ظل مساعي الإدارة السورية الجديدة لرفع العقوبات الاقتصادية، والسعي لدعم الشعب السوري بعد تغيير النظام وخروج إيران من معادلة القرار السوري، فإن من جملة ما سمحت به الإدارة الأمريكية لصالح تخفيف العقوبات على دمشق هو ملف الطاقة، إذ يبحث الأردن عن فرص إعادة إحياء مشروع الربط الكهربائي من عمان إلى سوريا وصولا إلى لبنان، ما يشكل دخلا إضافيا للموازنة العامة قد يصب لصالح خفض عجز الموازنة العامة المتفاقم.

كما أن بين عمان ودمشق اتفاقات مبرمة لا تزال سارية الأثر والمفعول، حول حقوق الأردن المائية في مياه نهر اليرموك وسد الوحدة، وهي الاتفاقيات التي ظلت مجمدة في عهد النظام السوري السابق. كما أن دمشق قامت ببناء سدود وحفر آبار حالت دون امتلاء سد الوحدة ومنح الأردن حقوقه المائية منذ عام 2006.

وبينما كان الوفد السوري الرسمي قد بدأ مباحثاته في عمان، أعلنت سلطة الطيران المدني في البلاد، وصول أول طائرة تابعة للملكية الأردنية لمطار دمشق الدولي، وعلى متنها فريق فني للكشف على جاهزية المطار لاستقبال الرحلات الجوية بين العاصمتين، والتي كانت متعددة الأوقات قبل بدء الأزمة السورية، وتم تعليقها بسبب الأحداث.

قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

وعلى ما يبدو فإن الملف الأهم في المصالح الحيوية اليوم بين الأردن وسوريا، جاء في خبر رسمي حول استقبال قائد الجيش اللواء يوسف الحنيطي، الثلاثاء، في مكتبه بالقيادة العامة، وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة. وأكد الحنيطي استعداد القوات المسلحة الأردنية لتسخير مختلف الإمكانات والقدرات التي تمتلكها وتوظيفها بشكل يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة و«تعزيز الأمن الوطني للبلدين الشقيقين».

يأتي ذلك في وقت لمحت فيه مصادر أردنية مطلعة لدور أردني محتمل في إعادة بناء الجيش السوري وتدريبه، ما يفتح على شكل جديد من العلاقات الثنائية على المستوى الأمني والعسكري، وهي قناة مهمة من شكل العلاقات بين البلدين لها أهميتها وأولويتها على الأقل في المرحلة المقبلة أو المدى المنظور.