واشنطن تؤكد صمود وقف إطلاق النار بين تركيا و«قسد»

إردوغان شدد على دعم «سوريا الجديدة» ويتوقع زيادة في عودة اللاجئين

قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شرق حلب (غيتي)
قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شرق حلب (غيتي)
TT

واشنطن تؤكد صمود وقف إطلاق النار بين تركيا و«قسد»

قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شرق حلب (غيتي)
قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شرق حلب (غيتي)

بينما تتواصل الاشتباكات بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» السوري الموالية لأنقرة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن وقف إطلاق النار بين تركيا و«قسد» في مدينة منبج ومحيطها في شرق حلب بشمال سوريا ما زال صامداً.

وفيما تنفي تركيا أي اتفاق مع «قسد»، وأنها لا يمكن أن تكون مخاطباً مع أي «تنظيم إرهابي»، قالت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، في تصريحات ليل الاثنين – الثلاثاء، إن «وقف إطلاق النار صامد في ذلك الجزء الشمالي من سوريا».

في المقابل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، باستمرار الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» في المنطقة. وذكر أن اشتباكات عنيفة اندلعت، فجر الثلاثاء، على محور أبو قلقل بريف حلب الشرقي، إثر عملية تسلل نفذتها «قسد» إلى مواقع الفصائل، إذ تمكنت من التقدم والسيطرة مؤقتاً على قرية شاش البوبنا.

وفي رد فوري، شنت القوات التركية قصفاً مدفعياً مكثفاً استهدف مواقع في قرية بير حسو ومنطقة المجبل قرب جسر قرقوزاق في ريف منبج، ما خلّف أضراراً مادية وأثار حالة من الذعر بين السكان.

عناصر من «قسد» أثناء عملية تسلل في شرق حلب (المرصد السوري)

واندلعت اشتباكات عنيفة بين «قسد» وفصائل «الجيش الوطني» إثر تسلل مجموعة من الأولى إلى الأحياء الشرقية لمدينة منبج، وقتل وأصيب 8 من عناصر الفصائل خلال الاشتباكات.

وشهد محور سد تشرين قصفاً مدفعياً متبادلاً واشتباكات عنيفة إثر محاولة تسلل للفصائل إلى قرية السعيدين، ما أدى إلى سقوط 3 قتلى وعدد من الجرحى.

وتتواصل الاشتباكات العنيفة منذ 3 أسابيع في ريف حلب الشرقي بين «قسد» والتشكيلات العسكرية التابعة لها، والفصائل الموالية لتركيا، ضمن عملية «فجر الحرية»، على محوري سد تشرين وجسر قرقوزاق، حيث تُستخدم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مع تبادل كثيف للقصف الصاروخي والمدفعي بين الطرفين، وضربات جوية مكثفة للطيران المسير التركي، ما أجبر آلاف العائلات على النزوح بحثاً عن مناطق أكثر أماناً، في وقت يزيد فصل الشتاء والبرد القارس معاناتهم، لا سيما مع محدودية الموارد وصعوبة الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بحسب المرصد السوري.

تباين تركي - أميركي

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع قبل الماضي، أن واشنطن توسطت في وقف لإطلاق النار بين تركيا و«قسد»، مع تقدم فصائل الجيش الوطني في مناطق «قسد»، عقب تقدم «هيئة تحرير الشام» والفصائل الداعمة لها في حلب وحماة قبل أن تسيطر على دمشق لاحقاً.

لكن مسؤولاً بوزارة الدفاع التركية، قال في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إنه لا يوجد حديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين أنقرة و«قسد»، وإن تركيا لا يمكن أن تجلس إلى طاولة مفاوضات مع تنظيم إرهابي.

عناصر من فصائل الجيش الوطني السوري في منبج (أ.ف.ب)

وشدد على أن تترك «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تقود «قسد» وتدعمها أميركا بادعاء أنها حليف في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، سلاحها وتعلن حل نفسها وأن يغادر مقاتلوها الذين جاؤوا من دول أخرى في المنطقة مثل تركيا والعراق وإيران، الأراضي السورية.

وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدفن مقاتلي «الوحدات الكردية» أحياء في الأراضي السورية، إذا لم يتركوا أسلحتهم.

وتعتبر تركيا حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب و«قوات سوريا الديمقراطية» تنظيمات إرهابية، وتصنف الولايات المتحدة وحلفاء تركيا الغربيون حزب العمال الكردستاني، منظمة إرهابية، لكن وحدات حماية الشعب و«قوات سوريا الديمقراطية» غير مشمولتين بالتصنيف نفسه، وتسعى تركيا لإنهاء وجود «الوحدات الكردية» على حدودها الجنوبية، وإبعادها إلى عمق 40 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وفي رسالة متلفزة موجهة إلى الشعب التركي بمناسبة العام الجديد، قال إردوغان، الثلاثاء: «سنتخذ خطوات حاسمة لجعل رؤيتنا لتركيا ومنطقتنا خالية من الإرهاب حقيقة واقعة في الفترة المقبلة».

عودة اللاجئين

وأكد إردوغان أن تركيا ستقدم «كل الدعم لتحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار الاقتصادي في سوريا خلال المرحلة المقبلة»، مضيفاً أنه خلال الأسابيع الأخيرة من عام 2024 تشكلت شرارة لمرحلة جديدة في سوريا، التي تتمتع بتاريخ طويل وعلاقات جوار وعلاقات إنسانية عميقة مع تركيا.

وتابع: «أعتقد أنه كلما ترسخ الاستقرار في سوريا، فإن العودة الطوعية للاجئين السوريين الذين يشعرون بالحنين إلى الوطن منذ 13 عاماً، ستصبح أسهل».

السوريون في تركيا يواصلون التدفق على البوابات الحدودية للعودة إلى بلادهم (أ.ب)

في السياق ذاته، قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إن 1672 شخصاً يعودون إلى سوريا يومياً منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإن عدد السوريين الذين عادوا إلى سوريا خلال 21 يوماً (بين 9 و28 ديسمبر) بلغ 35 ألفاً و114 شخصاً، عاد معظمهم إلى حلب.

وأضاف يرلي كايا، خلال مقابلة تلفزيونية، الثلاثاء، أن 30 في المائة من السوريين المقيمين في تركيا والبالغ عددهم نحو مليونين و805 آلاف حالياً، هم أطفال ولدوا في تركيا، ولم يتم منحهم الجنسية (المولود في تركيا لا يحمل الجنسية التركية ويقيم تحت بند الحماية المؤقتة، وبمجرد مغادرته إلى سوريا تنتهي حمايته المؤقتة).

وتابع الوزير التركي أنه سيتم فتح مكتب للهجرة في دمشق، لتقديم المساعدة التعليمية للمؤسسات في دمشق، وستزداد عمليات العودة عند انتهاء العام الدراسي في الصيف.

دعم الطاقة

من ناحية أخرى، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن فريقاً من خبراء الوزارة موجود حالياً في سوريا لبحث معالجة أزماتها في قطاع الطاقة.

وزير الطاقة والموارد الطبية التركي ألب أرسلان بيرقدار (من حسابه في إكس)

وأكد بيرقدار، في تصريحات، الثلاثاء، أنه «من الممكن تلبية احتياجات سوريا ولبنان من الكهرباء في المرحلة الأولى عبر التصدير من تركيا، وسنتمكن من تقييم الوضع بشكل أفضل بعد دراسة شبكة النقل الكهربائي في سوريا».

ولفت إلى أن الطاقة الكهربائية في سوريا قبل الحرب كانت تبلغ 8500 ميغاوات، لكنها تراجعت حالياً إلى نحو 3500 ميغاوات، وأن معظم السوريين يعتمدون على المولدات لتلبية احتياجاتهم اليومية من الكهرباء، ما يجعل الحاجة إلى الكهرباء أمراً بالغ الأهمية.

وأشار إلى أن فريق الخبراء الأتراك الموجود في سوريا حالياً يعمل على درس إمكانيات استخدام الموارد المحلية، مثل النفط والغاز الطبيعي، لتحسين وضع قطاع الطاقة.


مقالات ذات صلة

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

ماكرون يطرح مقاربة بلاده لحروب ومسائل الشرق الأوسط ويرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع السلطات السورية في دمشق ويؤكد أن فرنسا لن تتخلى عن الأكراد.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تتمركز في شمال شرقي منبج (أ.ف.ب)

100 قتيل في يومين من الاشتباكات بين الأكراد والفصائل الموالية لتركيا

أسفرت الاشتباكات المتواصلة بين الفصائل الموالية لتركيا و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في ريف منبج، شمال سوريا، عن أكثر من مائة قتيل خلال يومين حتى فجر الأحد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تتمركز في شمال شرقي منبج (أ.ف.ب)

اشتعال محاور القتال بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على أطراف منبج

تشهد محاور القتال بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» في سد تشرين وجنوب شرقي منبج، اشتباكات عنيفة، وسط قصف تركي وتعزيزات أميركية في عين العرب والحسكة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هوكستين يقر في بيروت بـ«صعوبة» وقف النار

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)
TT

هوكستين يقر في بيروت بـ«صعوبة» وقف النار

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

أقر المبعوث الأميركي آموس هوكستين بأن تنفيذ اتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله» ليس سهلاً، معلناً أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية.

وبعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، شدد هوكستين على «ضرورة التوصل إلى توافقات، والتركيز على إعادة بناء الاقتصاد والإعمار».

وتزامنت زيارة هوكستين إلى بيروت مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من بلدة الناقورة ليدخلها الجيش اللبناني. وأفادت مصادر مواكبة لجولة هوكستين بأن الأخير «أبلغ الجانب اللبناني بأن الولايات المتحدة لم تتلق أي رسالة من إسرائيل عن نيتها البقاء في لبنان».

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث الأميركي أعلن أن بلاده «ستمارس الضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان، في مهلة أقصاها 27 يناير (كانون الثاني) الحالي، كما ستضغط على الجانب اللبناني للوفاء بالتزاماته في نشر الجيش اللبناني في المواقع التي تخليها إسرائيل، وعدم السماح لمقاتلي (حزب الله) بالعودة إليها، وتفكيك جميع قدرات الحزب العسكرية في جنوب الليطاني».